اذهب الي المحتوي

مقالات من المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير - متجدد


Recommended Posts

بسم الله الرحمن الرحيم

 

لن يصلح الزمان ما أفسدته الرأسمالية

وحان وقت إسدال الستار على فصولها الأخيرة

 

عيّن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الرئيسَ التنفيذي لشركة تسلا إيلون ماسك، ورجلَ الأعمال في مجال التكنولوجيا الحيوية والمرشح الرئاسي السابق فيفيك راماسوامي، لقيادة مبادرة جديدة تسمى "وزارة كفاية الحكومة"، هدفها خفض البيروقراطية، والحد من الهدر، وخفض إنفاق الحكومة الفيدرالية البالغ 6.5 تريليون دولار، ومن المقرر أن تركز هذه الخطة التي شبهها ترامب بـ"مشروع مانهاتن"، على الإصلاحات البنيوية لتبسيط العمليات الحكومية بحلول عام 2026م.

 

مع ذلك، فإن اقتصاد أمريكا في ورطة عميقة، حيث تجاوز دين الحكومة الفيدرالية الآن حاجز 33 تريليون دولار، وتستهلك مدفوعات العوائد الربوية وحدها جزءاً كبيراً من الميزانية الوطنية، ما يحرم الاستثمارات الحيوية في المدارس والرعاية الصحية والبنية الأساسية، وفي عام 2023م، أنفقت أمريكا 6.75 تريليون دولار، كان معظمها مخصصاً لسداد الديون القديمة. يمكن تشبيه الممارسات المالية لأمريكا باستنفاد أسرة لرصيد بطاقتها الائتمانية مراراً وتكراراً دونما سداد للرصيد، وفي كل عام تقوم الأسرة باقتراض المزيد من المال لتغطية مستلزماتها، في حين تتراكم الأقساط الربوية عليها، وهذا يخلق حلقة مفرغة ذاتية التجدد حين يتم تحويل الموارد التي يجب أن تكون لسدّ الحاجات الأساسية إلى سداد الديون.

 

كما أن الاحتيال والإهدار وعدم الكفاية في الإنفاق الحكومي يكلف مليارات الدولارات، ولكن حتى القضاء على هذه المشاكل لن يؤثر إلا بالكاد على الدين، واقتراح الساسة المتكرر لتخفيض الميزانية وتقليص الإنفاق كحل لا يمكنه علاج العيوب الرئيسية في النظام.

 

إن المشكلة تكمن في بنية النظام المالي نفسه، الذي بُنيَ على مبادئ الرأسمالية القائمة على الديون الربوية، التي تضاعف مكاسب نخبة صغيرة من الرأسماليين بشكل جنوني، على حساب الملايين الذين يكافحون يومياً من أجل تلبية احتياجاتهم. إن حل هذه الأزمة يتطلب فكراً جريئا يتجاوز الإصلاحات التدريجية، وبديلاً ناجعاً، وهذا البديل هو الاقتصاد الإسلامي، فهو نظام شامل يحقق تطبيقه العدالة والاستقرار والازدهار.

 

لن تنجح الرأسمالية في تحقيق نتائج عادلة، فهي تعمل على أمرين رئيسيين يعملان على إدامة التناقضات وعدم الاستقرار؛ الأول: تقوم المؤسسات المالية على الإقراض القائم على الربا، الذي يضمن نمو الدين بشكل مستمر ويوسع فائض الأثرياء أصحاب رؤوس الأموال. والثاني: تعطي الشركات والحكومات الأولوية للمكاسب قصيرة الأجل على الاستدامة طويلة الأجل، ما يؤدي إلى الانهيار الاقتصادي، والتدهور البيئي، واتساع الفجوة بين طبقات المجتمع.

 

كانت هذه المبادئ واضحة خلال الأزمة المالية عام 2008م، عندما فقد ملايين الأمريكيين منازلهم ووظائفهم ومدخراتهم - ليس بسبب إخفاقات شخصية بل بسبب عيوب في النظام - وسرعان ما تعافى الأثرياء من الأزمة، في حين واجه عامة الناس صعوبات اقتصادية طويلة الأجل، ومنذ ذلك الحين، لم يتغير الكثير بشكل أساسي.

 

في ظل النظام الاقتصادي الرأسمالي تتسع الفجوة بين الثروات أكثر فأكثر، وشخصيات مثل إيلون ماسك وغيره كدست أموالاً طائلة، مع ربط المليارات بالأسهم والمشاريع الاحتكارية والتوسعات المؤسسية، في الوقت نفسه الذي يكابد فيه العديد من الأمريكيين لدفع الإيجار أو تكاليف الرعاية الطبية. إن مطالبة شخص مثل ماسك بحل النظام ذاته الذي أغدقه بالمال، يشبه مطالبة الذئب برعي الأغنام، فقد ضاعف ماسك والعديد من أمثاله من ثرواتهم بسبب هذا النظام الفاشل، في حين يتحمل عامة الناس عواقبه.

 

إن تشبيه هذا المسعى بـ"مشروع مانهاتن" أمر مثير للسخرية حقاً، فمثله كمثل المشروع الذي يحمل الاسم نفسه، والذي قضى على المدن والحياة تحت ستار التقدم. يَعِدُ هذا المشروع بـ"إصلاح" الاقتصاد مع ضمان خروج المشتبه بهم المعتادين (النخبة الأكثر ثراءً)، ليدفع عامة الناس الثمن، كما هو الحال دائماً، مع التضحية بسبل عيشهم ومستقبلهم، وسوف يستمتع مهندسو هذا "الحل" العظيم بوهج نجاحهم، تاركين الجميع يتحملون تداعيات المشروع.

 

إن البديل لهذا المشروع هو النظام الاقتصادي الإسلامي الذي يقدّم نهجاً مختلفاً تماماً، فهو على عكس الرأسمالية ليس مصمماً ليكون مجزأً أو قابلاً للتكيف في إطار مدفوعات الديون الربوية، بل هو نموذج كامل متكامل، يؤكد على العدالة والمسؤولية المشتركة والحوكمة الأخلاقية، يشمل أحكاماً شرعية مثل تحريم الربا وإعادة توزيع الثروة وفرض القيود على الممارسات المضاربة والإنفاق الشرعي...

 

إن المعاملات القائمة على الربا محرمة في الإسلام، وبدلاً من استغلال حاجة الناس للديون، تنطوي العلاقات المالية في ظل الإسلام على مخاطرة ومكافأة مشتركة، وعلى سبيل المثال، فإنه بدلاً من منح قرض تجاري تقليدي يجمع من خلاله البنك نسبة ربوية ثابتة بغض النظر عن استفادة المقترض، فإن الناس في ظل الإسلام يستثمرون في المشاريع كشركاء، يتقاسمون الأرباح بينهم، وإذا كان أداء المشروع أقل من المتوقع، يتحمل الممول جزءاً من الخسارة، وهذا النهج يضمن أن يبذل كلا الطرفين وسعهم في سبيل نجاح الشركة، ويضمن تعزيز العدالة والحدّ من الممارسات المالية الاستغلالية.

 

في الإسلام تضمن أحكام تقاسم الثروة الإلزامية؛ كالزكاة، الحدَّ من الفقر والتفاوت مع تلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية للجميع، فهي تعمل على إعادة توزيع جزء صغير من ثروة الفرد على الفقراء والغارمين وغيرهم، وعلى النقيض من أنظمة الرعاية المجتمعية العلمانية فإن الزكاة ليست سياسة تقديرية، بل هي جزء لا يتجزأ من النظام الاقتصادي الإسلامي.

 

إنّ الاحتكار في التجارة والمضاربة والأنشطة المالية الشبيهة بالمقامرة محرّمة في النظام الاقتصادي الإسلامي، فالاستثمارات يجب أن ترتبط بأصول حقيقية ملموسة مثل الشركات أو البنية الأساسية أو العقارات، وهذا من شأنه أن يعمل على استقرار الاقتصاد، ويقلل من احتمال حدوث فقاعات وانهيارات تزعزع استقرار مجتمعات بأكملها.

 

إن النظام الاقتصادي الإسلامي يعطي الأولوية للإنفاق لرفع المستوى المعيشي والرفاهية المجتمعية بدلاً من تحقيق الربح الخالص، ويخصص موارد للقطاعات الحيوية مثل الرعاية الصحية والتعليم والبنية الأساسية المستدامة، بدلاً من عمليات الإنقاذ المسرفة للشركات.

 

إن عواقب النظام الرأسمالي الحالي واضحة، فالدين الوطني المتزايد يؤدي إلى ارتفاع الضرائب، وتقليص الخدمات العامة، وعدم الاستقرار الاقتصادي، وفي الوقت نفسه، يتسع التفاوت في الثروة، بينما يقدّم النظام الاقتصادي الإسلامي بديلاً مُرضياً، قائماً على مبادئ يمكنها معالجة هذه القضايا النظامية بشكل مباشر.

 

إن الثمار الرئيسية للنظام الاقتصادي الإسلامي تشمل خفض الديون من خلال تحريم الربا، واستقرار الاقتصاد من خلال الاستثمارات الملموسة، وضمان العدالة والإنصاف من خلال أحكام مثل الزكاة، ومواءمة القرارات الاقتصادية مع تحقيق الرفاه المجتمعي بدلاً من دوافع الربح قصيرة الأجل.

 

إن إصلاح الاقتصاد الأمريكي يتطلب أكثر من مجرد حلول مؤقتة، وصحيح أن النموذج الاقتصادي الإسلامي يقدم إطاراً شاملاً لمعالجة الأسباب الجذرية لعدم المساواة، والاعتماد على الديون، وعدم الاستقرار، مع ذلك فإن هذا النموذج لن يتناسب مع الأنظمة الرأسمالية العلمانية كحلٍّ هجين، فمبادئه مترابطة ويجب تبنيها بالكامل لقطف ثمار قدرته على التغيير.

 

السؤال المُلحّ هو ما إذا كان المجتمع قادراً على تبنّي التحول بعيداً عن قبضة الرأسمالية الاستغلالية الجشعة. بالنسبة للمسلمين، فإن إقامة الخلافة هو أكثر من مجرد طموح، بل إنه واجب منبثق عن العقيدة الإسلامية، وتأثيره يمتد إلى ما هو أبعد من الالتزام الديني، فهو يوفر للإنسانية مساراً للتحرر من دورات الديون وعدم المساواة التي تحرسها الرأسمالية. إن نموذج الخلافة، الذي يرتكز على العدالة والمسؤولية الجماعية، يمكن أن يكون بمثابة منارة عالمية للعدالة واستعادة التوازن وتعزيز المساواة الاقتصادية للجميع.

 

﴿شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللهِ فَإِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

علي خان – ولاية باكستان

رابط هذا التعليق
شارك

  • الردود 103
  • Created
  • اخر رد

Top Posters In This Topic

  • الناقد الإعلامي 2

    104

بسم الله الرحمن الرحيم 

السياسة الخارجية الأمريكية تجاه المسلمين ثابتة

ولا يستطيع ترامب ولا غيره تغييرها مطلقا

 

 

بعد الحملات الانتخابية الأمريكية التي تخللتها الدعاية الانتخابية المضادة والمناكفات السياسية الخبيثة والمناظرات الثنائية بين المرشحين، فاز مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب في ٥/١١/٢٠٢٤م على منافسته كامالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي، وبفوز ترامب للمرة الثانية في هذه الدورة الانتخابية السابعة والأربعين في سلسلة الانتخابات الأمريكية منذ جورج واشنطن أول رئيس لأمريكا وحتى عودة ترامب للرئاسة يكون عدد الرؤساء الذين حكموا أمريكا ٤٧ رئيسا مع تكرار بعضهم مرتين كأوباما وترامب وغيرهما، ولم يترشح للمرة الثالثة سوى روزفلت، وقد كان للحرب الصليبية الوحشية على قطاع غزة التي تقودها أمريكا وحلفاؤها وينفذها كيان يهود بوحشية قل نظيرها في التاريخ الأثر الأكبر في سير الانتخابات ونتائجها.

 

فقد أسرع بايدن فزعا مرعوبا من عملية طوفان الأقصى لكي يطمئن يهود الذين امتلأت قلوبهم رعبا من أبطال الأمة المجاهدين، فوقف بشكل واضح وصريح وهمجي مع كيان يهود ومده بالأسلحة والجنود وفرق الكوماندوز كونه شريكاً له في كل جرائمه ومجازره التي طالت البشر والشجر والحجر، وقد خرجت المظاهرات من الجامعات الأمريكية والأوروبية منددة بجرائم كيان يهود وانحياز الإدارة الأمريكية إلى صفهم وكان لهذا أثر كبير في خسارة مرشحة الحزب الديمقراطي. كذلك رشح كثير من المسلمين ترامب الذي وعدهم بوقف الحرب في غزة وإحلال السلام في الشرق الأوسط. وقد كان المسلمون في الانتخابات السابقة يقفون ضد ترامب بسبب إظهار عداوته للإسلام والمسلمين بشكل صريح ودون مواربة أو نفاق بعكس مرشح الحزب الديمقراطي الذي كان يتقن فن الدجل والنفاق والخداع فيكسب أصوات المسلمين.

 

أما في هذه الانتخابات فقد أتقن ترامب فن الدجل والخداع والوعود الكاذبة وهو يعلم قبل غيره أنه لا يوجد في قاموسه الصدق أو الوفاء بالوعد أو صداقة المسلمين أو معاداة اليهود، فالحفاظ على كيان يهود من ثوابت السياسة الخارجية الأمريكية لا يستطيع أي رئيس أمريكي تغييرها، وصلاحيته تكمن فقط في استخدام الأساليب والوسائل المناسبة للحفاظ على كيان يهود ليكون خنجرا مسموما بيد أمريكا لتقتل به المسلمين وهذه حقيقة لا تقبل النقاش، ومعلوم أن الحقيقة هي مطابقة الفكر للواقع، وعداوة أمريكا للمسلمين وحفاظها على الابن المدلل كيان يهود حقيقة لا تقبل النقاش، فمن يأمل في ترامب خيرا فهو واهم. ألا يتذكر أن ترامب في رئاسته الأولى كان شديد العداوة للمسلمين وصديقاً حميماً لكيان يهود؟ فقد قام بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس ليبرهن بشكل واضح أنه مع يهود قلبا وقالبا وأنه لن يتخلى عنهم أبدا، وهذه سياسة ثابتة لديه لا تتغير.

 

فعلى صعيد الحرب الفكرية سخرت أمريكا العملاء والعلماء والأموال ومراكز الأبحاث ووسائل الإعلام في بث سمومها وأفكارها لتمييع أفكار الإسلام وحرف المسلمين عنها وإقناعهم بالأفكار الغربية الدخيلة وإلباسها ثوب الإسلام لتضليل المسلمين وإقناعهم بها.

 

أما على الصعيد السياسي فهي تحارب عودة الخلافة المنقذة للبشرية من ظلم وظلمات الرأسمالية بكل ما أوتيت من قوة، وقد استخدمت لذلك فكرة استراتيجية كإلصاق الإرهاب بالمسلمين واتخاذ ذريعة مكافحة الإرهاب كسلاح فتاك للحرب الشعواء على الإسلام والمسلمين وتشويه صورة الإسلام، وإلصاق جرائم الذبح والقتل الهمجي به، وتكتيل دول العالم حتى الدول القائمة في بلاد المسلمين لمحاربة الإسلام تحت مسمى مكافحة الإرهاب. والحقيقة هي أن أمريكا هي دولة الإرهاب وصانعته وزعيمة الدول الاستعمارية والتابعة لها في محاربة الإسلام، فهي تسعى بكل قوة مع حلفائها وعملائها لمنع عودة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، واستمرار تبعية حكام المسلمين للغرب وحكم المسلمين بالقوانين الوضعية التي جاءت من الغرب المنبثقة من عقيدته الرأسمالية فصل الدين عن الحياة.

 

أما على الصعيد الاقتصادي فقد ربطت أمريكا دول العالم وخاصة المسلمين بصندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التجارة العالمية، وهو الثالوث الخبيث الذي تمكنت من خلاله من الهيمنة الاقتصادية على مقدرات المسلمين وثرواتهم وإجبار الدول القائمة في بلاد المسلمين للدخول في مصيدة الديون عن طريق القروض الربوية لتتحكم بالاقتصاد في بلدانهم وتغزو أسواقهم بمنتجاتها فتضرب الصناعات المحلية وتربط عجلة النمو الاقتصادي بها لاستمرار التحكم بهم.

 

أما على الصعيد الإعلامي فقد احتكرت أمريكا وأوروبا وروسيا المعلومات وربطت وسائل الإعلام بمخابراتها لكي لا يوجد إعلام موضوعي صادق، وإن وجد تحاربه بشدة حتى لا يصل إلى الناس إلا بشكل بسيط فيكون تأثيره محدوداً. فهم يسيطرون على أكثر من ٩٠% من المحطات الإذاعية والتلفزيونية والصحافة ومواقع التواصل الإلكتروني، وهذا يمكنهم من السيطرة على الإعلام والتحكم في الأخبار وقلب الحقائق والتكتيم الإعلامي على كل خبر ينشد نهضة الأمة وانعتاقها من القبضة الغربية الاستعمارية.

 

أما على صعيد المنظمات التي تلبس ثوب الإنسانية وهي بالآلاف ومهمتها نشر الثقافة الغربية الفاسدة في أوساط المسلمين، فعملها مكمل لعمل الأنظمة التي تحكم بالثقافة الغربية، فقد تزايدت موجة الإلحاد والفساد الأخلاقي والشذوذ الجنسي، فهي تعمل على هدم الثقافة الإسلامية لتحل مكانها الثقافة الغربية الفاسدة التي تخرج البشر من دائرة الإنسانية إلى درك الحيوان.

 

أما على الصعيد العسكري فقد تبنت أمريكا ولا تزال إشعال الحروب في كل بلاد المسلمين وحربهم مباشرة كما فعلت في أفغانستان والعراق والصومال، أو عن طريق حرب الوكالة كما فعلت في باكستان حيث سلطت النظام لحرب القبائل التي رفضت القوانين الوضعية الغربية وتاقت إلى الاحتكام للشريعة الإسلامية، فكانت المجازر والدماء تنفيذا للأجندة الأمريكية، وكذلك خوض إيران حرب الوكالة عن أمريكا في الشام لإجهاض ثورة الأمة فيها، وأيضا خوض أردوغان حرب الوكالة عن أمريكا في ليبيا والشام لحرف مسار الثورة فيها، أو تشعل الاحتراب الداخلي تنفيذا لأجندتها كما فعلت في العراق واليمن وليبيا والسودان، أو تحتضن جسما غريبا في الأمة صنعه حلفاؤها الإنجليز كما هو الحال في كيان يهود الذي تمده بالأسلحة الفتاكة التي قتل بها خلال عام من بعد عملية طوفان الأقصى إلى اليوم عشرات الآلاف من المسلمين.

 

وأخيرا من أهم بنود السياسة الخارجية الأمريكية دعم كيان يهود والحفاظ عليه ليكون خنجراً مسموما بيد أمريكا في قلب الأمة الإسلامية لقتل المسلمين ومنع تحرك الجيوش لنصرة إخوانهم في غزة لأن في ذلك خطراً عليهم وعلى كيان يهود. فالطريقة العملية لإزالة كيان يهود هو الجهاد؛ إما بتحريك الجيوش فجيش الكنانة وحده قادر على إزالة كيان يهود لو لم يكن في يد الخائن العميل لأمريكا عبد الفتاح السيسي، وإما بإسقاط العروش وإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة فهي التي تحرك الجيوش وتقضي على كيان يهود المسخ وتحرر فلسطين وأخواتها وتوحد بلاد المسلمين كلها في دولة واحدة وتعيد نهضة الأمة من جديد لتعود كما كانت خير أمة أخرجت للناس، وتعود دولة الخلافة هي الدولة الأولى في العالم وتكون لها القيادة والريادة وزمام المبادرة لتنشر الإسلام في الأرض فتملأها عدلا بعدما ملأتها الرأسمالية كفرا وظلما.

 

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

حاشد قاسم – ولاية اليمن

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

لم تقدم ثقافة الغرب للمرأة سوى التيه والضياع

 

لم تعرف المرأة طوال حكم الإسلام ما يعرف اليوم بالمساواة ولم تدخل في نقاشات ولم يخطر ببالها قط أنّ للأمر أهمية حتى تطرحه على نفسها أو في مجتمعها، ولم يكن هذا لما تجهله عن نفسها أو لما هو غائب عن وعيها، ولذلك نطرح هذه الأسئلة:

 

أولا: ما سبب هذا التداخل بين الماضي والحاضر في حياة المرأة المسلمة؟

 

ثانيا: هل من ضحالة فكرها أن تغيب عن وعيها سنين طويلة حقيقة كينونتها؟

 

لقد كانت المرأة في الإسلام تعيش بما جُبلت عليه من فطرة فطرها الله عليها، وهذه سنة من سنن الله أن جعل للناس هذه الفطرة، يقول عز من قائل: ﴿فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ﴾ ولم تر قط نقيصة في نفسها بل كانت تعيش وهي تدرك أنها أكرم مخلوق خلقه الله فلم تقلل أو يقلل من دورها في الحياة بل كانت تفتخر بأصلها أنها أم وربة بيت وعرض يجب أن يصان، فكانت ناجحة في كل ميدان تخوضه وهي معتزة بأنوثتها التي جبلت عليها حتى جاء الغرب الكافر المستعمر بمنظماته النسوية وطعنها في فطرتها.

 

لقد عملت المنظمات النسوية على خلق اضطرابات ومنازعات حول كينونة المرأة ومن أنها منتقصة ومهضوم حقها لأنها امرأة، وجعل هذا الكافر الحاقد على الإسلام والأسرة المسلمة ميدان الحرب والصراع هو الأسرة لعلمه أن المرأة هي صانعة تلك الأسرة، وهو يُدرك أنّ المرأة المسلمة إن بقيت على طبيعتها فلن يتمكن من تغيير نمط المجتمع الإسلامي فما كان منه إلا أن سعى جاهدا بخبثه ومكره لتغيير هذا النمط الطبيعي الذي جُبلت عليه المرأة، فهو قد فهم جيدا أين تكمن قوة المرأة المسلمة فإن استطاع أن يغير طبيعتها فقد نجح في حربه عليها وفتحت كل الأبواب أمامه في هذه الحرب التي لم تدرك المرأة أنها حرب ضارية عليها وعلى أسرتها ومجتمعها، بل لبّس عليها أنه جاء لإنقاذها من اضطهاد الذكورية وللأسف الشديد نجح في ضياع المرأة المسلمة.

 

لقد سمم الغرب الكافر الأجواء بأفكاره النسوية حتى تتنفس كل النساء هذه الأفكار بل أصبحت رأيا عاما عند جميع النساء إلا من رحم ربّي، فأصبح ما يُطلق على النسوية الإسلامية مصطلحات خبيثة ظاهرها بريق يلمع وباطنها شقاء وتعاسة؛ فمصطلح النسوية بحد ذاته دعوة للتفرقة بين المرأة وزوجها ووالدها وأخيها رغم أن الله سبحانه يقول في كتابه الكريم: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾. فآدم وحواء في الأصل نفس واحدة فلماذا هذه التفرقة؟

 

لقد أصبحت المرأة في ضياع وتيه فلم تعد تعي عن واقع حياتها شيئا، ممزقة بين فطرتها وما تحمله من أفكار مسمومة، فهي من جهة تريد أن تكون أماً وتنجب الأبناء، ومن جهة أخرى ترفض تربيتهم وتلقي بهم في دور الحضانة لأنهم يقيدون حريتها! فتخرج للعمل حتى بدون حاجة لكي تحقق ذاتها ولا تكون تحت رعاية زوجها، كما أنها تطالب وبشدة أن يعاملها الرجل على أنها أنثى وهي بعيدة كل البعد عن أنوثتها! نعم، هذا ما فعل العدو الكافر بعقل المرأة التي سلبها الطمأنينة والراحة.

 

إنّ ما تعيشه المرأة المسلمة اليوم لم يكن من صنيعها بل كان من مكر الغرب بها، فقد قيل لنابليون: أي حُصون الشرق الإسلامي أمنع على فرنسا؟! قال: "الأمهات الصالحات".

 

لذا كانت معركتهم الأولى إفساد المرأة المسلمة، لذلك يجب على عليها أن تعي ما حيك لها من مؤامرات وترفض أن تعيش بفصل بين فكرها وفطرتها التي فطرها الله عليها وتعلم علم اليقين أنّ معركتها الحقيقية هي معركة وعي لحقيقة وجودها في هذه الدنيا وأن تربط صلتها بمن خلقها حتى تنال رضوان الله وتفوز بالجنة.

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

سعاد خشارم

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الديمقراطية هي السبب الجذري للعنف الأسري

 

سجلت وزارة الداخلية في قرغيزستان 14293 حالة عنف أسري خلال 10 أشهر من هذا العام 2024. وهذا يمثل زيادة بنسبة 37% أو 3877 حالة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023. وكانت حوادث العنف العام الماضي أعلى بنسبة 32% عما كانت عليه في عام 2022. ووفقا للتقارير، فقد صدر 12001 أمر حماية لضحايا العنف، منها 11227 للنساء و529 للرجال. كما صدرت أوامر حماية لـ245 طفلاً. وأعد 3288 بلاغاً تحت مادة "العنف الأسري" وأحالها إلى الجهات القضائية من أجل مراجعتها. ونتيجة لذلك، اعتقل 1623 شخصا، وانخرط 1189 شخصا في العمل الاجتماعي.

 

ونظراً لأن العنف المنزلي المسجل ينتهي أحياناً بالقتل، فإن هذه القضية تكون موضع نقاش عام من حين لآخر. ورغم أن القضاء على هذه المشكلة من واجب الدولة، إلا أن البيانات الرسمية تؤكد أن العنف يتزايد كل عام. وقد تم تقديم عدد من المقترحات لمنع مثل هذه الانتهاكات، وهناك آراء كثيرة مختلفة حول عدم حماية حقوق المرأة. على سبيل المثال، كانت المنظمات غير الحكومية تؤكد أن حقوق المرأة لا تحظى بالحماية الكافية وتقترح قوانين اختبرت في الغرب. لكن الغرب نفسه عالق في دوامة هذه المشكلة ولا يستطيع إيجاد طريقة للتخلص منها. لأن نظام الديمقراطية التي تأتي من العقل البشري تسود في الدول الغربية، كما كان في قرغيزستان. ولذلك فإن العنف ضد المرأة يتزايد بدلا من أن يتناقص. على سبيل المثال، أفادت صحيفة "ذا ديبلومات" أن حوالي 35% من النساء في العالم يتعرضن للعنف الجنسي وأنواع أخرى من العنف. ولا يشمل هذا الرقم إحصائيات حول التحرش الجنسي. كلَّ دقيقة يتعرض 20 شخصاً للعنف المنزلي في أمريكا، و1900 فتاة تتعرض للاغتصاب كل يوم. أما في فرنسا، فقد قالت 4 ملايين امرأة، أي 12% من الفرنسيات، إنهن تعرضن للاغتصاب مرة واحدة على الأقل في حياتهن. وكل ثلاثة أيام تُقتل امرأة على يد شريكها. وكل 5 دقائق تتعرض امرأة واحدة على الأقل للاعتداء الجنسي أو غيره من أشكال الاعتداء في ألمانيا. وكل ثلاثة أيام، تموت امرأة واحدة بسبب العنف، على يد زوجها أو أحد أقاربها أو زميلها في العمل.

 

ومن المعروف أن السبب الرئيسي للعنف ضد المرأة هو القوانين الرأسمالية. ففي نهاية المطاف، أعطت الديمقراطية المسؤولية نفسها التي يتحملها الرجل للنساء الضعيفات بطبيعتهن تحت ذريعة المساواة بين الرجل والمرأة. وجلبتها إلى مجالات لا تناسبها، بحجة تمكينها واستقلالها عن الرجل. نتيجة لذلك، فقدَ الاستقرارُ في الأسرة وتزايدت الصراعات داخلها، لأن الرجال والنساء نسوا واجباتهم. ولذلك، فإن النظام الرأسمالي لا يستطيع القضاء على العنف الذي تواجهه المرأة. بل على العكس من ذلك، فإن هذه المشاكل تنشأ بسبب هذا المبدأ، والمرأة تحتاج إلى الحماية من "حرية" الغرب هذه. هذا ما تؤكده أيضاً تصريحات المسؤولين الغربيين. فوفقاً لوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون، فإن "النساء يشكلن 40% من إجمالي القوى العاملة، و43% من القوى العاملة الزراعية، ونصف طلاب العالم. ولذلك فإن قمع الإمكانات الاقتصادية للمرأة يعادل التنازل عن النقود الجاهزة، وهو أمر لا تقبله أي دولة". إن كلمات كلينتون هذه تعكس بوضوح واقع الرأسمالية. وبعبارة أخرى، وفقا للنظرة العالمية للرأسمالية، فإن المرأة ليست ربة منزل، بل هي عاملة في قوة العمل.

 

وفي المقابل، فإن العنف يظهر نادرا في المجتمع الإسلامي الحق. وعلى وجه الخصوص، فإن العنف ضد النساء والأطفال جريمة غير مقبولة في الإسلام. قال اللهُ عز وجل: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾، وقد حذر رسول الله ﷺ المسلمين من العنف ضد المرأة فقال: «لَا يَجْلِدُ أحدُكم امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ ثُمَّ يُجَامِعُهَا في آخِرِ الْيَوْمِ» رواه البخاري

 

أولى الإسلام المرأة اهتماما كبيرا ونظر إليها على أنها ربة بيت يجب حمايتها. وبناء على هذه النظرة العالمية فإن الرجل يحمي زوجته ومحارمه. بالإضافة إلى ذلك، حددت الشريعة حقوق الرجل والمرأة وواجباتهما في الأسرة حسب طبيعتهما. وتقوم المرأة بواجبها الطبيعي في الأسرة، مثل ولادة الطفل، وإرضاعه، وتربيته. وتقضي معظم وقتها وجهدها في الوفاء بهذه المسؤولية، وتدرس أحكام الإسلام في هذا الشأن وتحاول اتباعها قدر استطاعتها. وتصبر على الصعوبات التي تأتي في اتباع هذه الأحكام. ومن ناحية أخرى فإن الرجل لكونه قويا وقادرا على العمل بطبيعته، هو المسؤول عن توفير الاحتياجات اليومية لأفراد أسرته. ومن السنة أيضاً أن يساعد الرجل زوجته في أعمال المنزل إذا كان لديه وقت أكثر من واجباته. ولذلك فإن تحميل مسؤوليات الرجل على المرأة بحجة المساواة بين الجنسين لن يؤدي إلا إلى مزيد من الصعوبات والمشاكل كما هو الحال اليوم. على سبيل المثال، لا يمكن للمرأة أن تكون ربة منزل أثناء مشاركتها في العمل الإداري، لأن كل وظيفة لها خصائصها الخاصة. وفي هذا الصدد يأتي قول رسول الله ﷺ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا» وقد وعد الله تعالى كل واحد منهما بمكافأة حسب قيامهما بهذه المسؤولية. روي عن عبد الرحمن بن عوف: «إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ».

 

وعلى الرغم من أن الواجب الرئيسي للمرأة هو كونها ربة منزل ومسؤولية الأمومة، إلا أن الشريعة تفرض عليها طلب العلم، وإعطاء الزكاة من مالها، والدعوة إلى الإسلام. كما يجوز لها العمل والتسوق وما إلى ذلك لنفسها في الأماكن الخاصة والعامة. ولا يحرم الشرع على المرأة هذه الأنشطة، وهذه لا تمنعها من أن تكون ربة منزل أو تقوم بواجباتها كأم. الإسلام لا يجعل المنفعة مقياسا للحياة كما هو اليوم، بل الحلال والحرام. ولذلك تتاح للمرأة الراغبة في العمل فرصة العمل في ساعات مناسبة. فمن المعروف على سبيل المثال أن المرأة شاركت بفعالية في المجال الاقتصادي في عهد الخلافة العثمانية. وتظهر السجلات التاريخية أن النساء امتلكن الأراضي الزراعية والبستانية والعقارات واستخدمن الدخل الذي حصلن عليه من خلالها. ووفقاً لسجلات المحكمة في حلب، كانت النساء يمثلن 63% من القضايا المتعلقة ببيع الممتلكات، في القرن الثامن عشر. ومن المعروف أن نظرة الإسلام للمرأة على أنها أم وربةُ بيت وعِرضٌ يجب أن يصان، لا تتعارض مع نشاطها الاقتصادي. على العكس من ذلك، فهو يضمن حياة مزدهرة في أي حالة. كما أن الإسلام يبني الحياة الأسرية على الحب. قال الله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾.

 

وفي الختام، لقد أولى الإسلام دائما اهتماما خاصا لقوة الأسرة من أجل رفاهية المجتمع. وبالتالي فإن رفاهية المرأة والمجتمع بشكل عام يعتمد على تطبيق الإسلام في الحياة.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

ممتاز ما وراء النهري

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

السيادة الوهمية

 

 

 

حينما تسمع أحاديث عن السيادة، وعن الحرية والكرامة، ومحاولة توظيف هذه الكلمة لا بد أنّك ستصاب بحيرة ودهشة؛ لأن الواقع شيء والتحدث عن مفهوم السيادة شيء آخر.

 

إن الحديث عن حكايات السيادة وقصصها لا نجده إلا في الدول التي تشعر بعقدة النقص، فالكلام عن سيادة مزعومة لا تسمعه إلا في الدول ذات الحدود المستباحة، لأنك لا يمكن أن تسمع عن هذه الكلمة في الدول التي تتمتع بقوة تستطيع من خلالها أن تحافظ على أرضها وحدودها.

 

واليوم للأسف ما زال الحديث عن السيادة في بلد مستباح تتصارع على أرضه أجهزة العالم المخابراتية والتجسسية، فأية سيادة يمكن الحديث عنها؟!

 

فالعراق منهوب وضائع بين طامع وطامح، وبقية من شعب مهزوم خائف، أنهكته عاديات الأيام، يعيش أيامه مرتبكاً تتحكم به قوى سياسية متعددة، يتوزع ولاؤها بين سيادات دول إقليمية ودولية، فما هو مفهوم السيادة التي يتبجحون به وفق هذه الولاءات؟!

 

الحال لا يختلف عن بقية البلاد الإسلامية، فهل العراق دولة بدون سيادة، أم بسيادة شكلية بدون دولة؟ ربما من الصعب وجود حل لهذه الشفرة عند من يدّعون أنهم قادة البلد وأنهم النخبة المسؤولة عن أمنه، وسيادته، أحزاب وكتل تمارس السلطة والطغيان على أبناء جلدتها فقط، بينما هي عاجزة أمام دول إقليمية تفرض عليها سياسات مذلة؛ فدولة تستخدم سياسة تجفيف منابع الأنهار، وأخرى تغرقهم بالمخدرات، وثالثة تسعى لخنقهم اقتصادياً...

 

فالحقيقة التي لا مناص منها هي أن السيادة فقدت منذ أن ضاع إرث المسلمين، يوم أن تخلينا عن عزنا ودولتنا وراعي حدودنا وكرامتنا، حتى أصبحنا مستباحي الحمى بين حقبة جديدة من القرارات الأممية الصادرة عن الأمم المجرمة التي لم تنشأ إلا من أجل خنق الشعوب والتآمر على نهب ثرواتها، ووضعها تحت الوصاية الدولية المجرمة باسم الاتفاقيات والمعاهدات المشبوهة التي جعلت من بلادنا الإسلامية كرتونات هزيلة تفصلها عن بعضها حدود مصطنعة ليقف التاريخ بعدها عند حقبة جديدة من احتلالات سياسية، وعسكرية مبرقعة، بين سيادة فعلية وأخرى شكلية حتى صارت أكثر البلاد الاسلامية تترنح مسلوبة الإرادة.

 

ربما نعود لنتحدث عن بلدٍ كان في يوم ما عاصمة الدولة الإسلامية، بلد الرشيد، وكان الشعراء والأدباء يتغنون بأمجاده الزاخرة، واليوم مع الأسف أصبح دولة خاضعة لإرادات دولية، لا تسمح للقرار السيادي أن يمر أو يأخذ طريقه إلا بعد أن يمر بعديدٍ من القنوات المخابراتية الدولية، ليتحول أخيراً إلى قرار خادم للأهواء الخارجية بعد أن نزعت عنه صفة السيادة.

 

هل العراق دولة بدون سيادة، أم سيادة شكلية بدون دولة؟

 

ربما تكون إجابة هذا السؤال صعبة على عامة الناس لأن شفرته ضاعت ما بين الإعلام المضلل، والقائمين على سلطة البلد وتصريحاتهم النارية التي تتحدث عن سيادته التي توهم الآخرين بأن العراق يسير في الطريق الصحيح، وأنه في طريقه لتحقيق الرفاهية للشعب المسكين.

 

إن حدود العراق التي تستباح بين طامع بأرضه ونفطه، ومياهه لا تجد فرقاً بين الطامعين مع اختلاف جنسياتهم، فاليوم مع تعالي صوت وسائل الإعلام بأن كيان يهود يريد أن يقوم بتوجيه ضربة إلى الفصائل العراقية داخل العراق بحجج عارية واهية ليس لها واقع، لتسارع حكومة العراق بطلب النجدة من أمريكا أن تحميه من تهديدات يهود، فعن أية سيادة يتحدثون؟! وسياسيو العراق يبحثون علناً وبدون خجل عن اتفاقيات استراتيجية للدفاع المشترك لحماية البلد بينهم وبين من أوجدهم (أمريكا). فأي دليل أكبر من هذا الدليل الصريح الخطير الذي يبرر ويشرعن بقاء القوات الأمريكية في العراق لتجعل من بلدنا ولاية أمريكية بلا منازع.

 

أين تصريحاتهم السابقة التي كانت تتحدث عن إنهاء الوجود الأمريكي وحق السيادة؟! أي سيادة يا سادة؟!

 

إنه بات واضحاً أن الاحتلال الأمريكي سعى إلى تشكيل نظام سياسي في العراق يحافظ على نفوذ أمريكا في البلد، مع الأسف إن النظام الديمقراطي في العراق وضع تحت الوصايا الأمريكية.

 

والحقيقة أن العراق فاقد للسيادة، وهو في الوقت نفسه دولة ضائعة قد تعددت فيها مراكز القوة وغابت السيادة خلالها فأصبحت شكلية.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مؤنس حميد – ولاية العراق

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

الحداثة الإسلامية: هجوم على السنة النبوية

 

 

الحداثة الإسلامية تشير إلى فكرة تسعى إلى إعادة تفسير الإسلام ليتوافق مع القيم والأطر للنظام العالمي الليبرالي الغربي. نشأت هذه الفكرة في القرن التاسع عشر، وكانت هذه الموجة من الإصلاح مدفوعة بشخصيات مؤثرة مثل جمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده، ورشيد رضا، وسيد أحمد خان. وكانت جهودهم تهدف إلى التوفيق بين الإسلام والأنظمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية المتطورة. ومع ذلك، كانت هذه الإعادة للتفسير تتضمن في كثير من الأحيان تشويه المبادئ الإسلامية لتتناسب مع الأعراف المتطورة في العالم الحديث، بما في ذلك المفاهيم الغربية مثل القومية، والرأسمالية، والتشريع البشري، وحقوق الإنسان، والمساواة بين الجنسين، والتعايش بين الأديان.

 

أحد التحديات المركزية التي تطرحها الحداثة هو محاولة إعادة تشكيل الإسلام لتبرير المفاهيم الغربية مثل غزو البلاد الإسلامية، وخصخصة الموارد العامة، والاقتصاد القائم على الربا، وإنشاء الدول القومية، وهي أفكار غريبة عن الفكر الإسلامي. وبالتالي فإن الأجندة الحداثية تتضمن تعديل أحكام الإسلام لجعلها تبدو متوافقة مع المبادئ والأنظمة الغربية.

 

وتهدف الحداثة إلى إيجاد مساحة داخل القرآن الكريم والسنة النبوية لقيم النظام العالمي الغربي. وتتضمن هذه العملية تحريف تفسير النصوص الإسلامية من أجل استيعاب أفكار مثل الاحتلال، والاستغلال الاقتصادي، وتعزيز الحريات الفردية، وكلها تتعارض مع الثوابت الإسلامية. يزعم أنصار الحداثة أن الإسلام لا بد أن يتكيف مع العالم الحديث، إلا أنهم كثيراً ما يتجاهلون حقيقة مفادها أن حاجات الإنسان الأساسية لم تتغير. ولا يزال البشر بحاجة إلى التجارة، وامتلاك الأموال، وتعيين الحكام، وتنظيم العلاقات الاجتماعية، وما إلى ذلك. ولكن ما تغير هو الوسائل والأساليب التي تتم بها تلبية هذه الاحتياجات، وذلك بفضل التقدم التكنولوجي.

 

أحد الحجج الرئيسية التي يقدمها الحداثيون هو الادعاء بأن الإسلام لا يوفر إرشادات مفصلة لأنظمة مختلفة، مثل الحكم، والاقتصاد، أو الإطار القانوني للمجتمع. ومع ذلك، فإن هذا الادعاء يفشل في الاعتراف بالتقليد الفكري الغني في الإسلام، الذي يقدم توضيحات واسعة حول هذه المسائل.

 

على سبيل المثال، كتب علماء المسلمين القدامى مثل الماوردي، وابن تيمية، وأبي يوسف، مؤلفات شاملة حول الحكم والاقتصاد وتنظيم المجتمع. يتناول كتاب الأحكام السلطانية للماوردي تفاصيل الحكم، بما في ذلك مؤهلات الحكام وقواعد القيادة في الدولة الإسلامية. ويقدم كتاب السياسة الشرعية لابن تيمية رؤى حول دور الدولة وعلاقتها بالمحكومين. أما كتاب الخراج لأبي يوسف، تلميذ العالم الشهير أبي حنيفة، فيوفر بحثاً مفصلاً للأنشطة الاقتصادية، لا سيما فيما يتعلق بضريبة الأراضي والمالية العامة.

 

بالإضافة إلى ذلك، فإن مؤلفات الحديث، وهي سجلات لأقوال وأفعال وتقارير نبينا الحبيب محمد ﷺ، تقدم إرشادات مفصلة حول الحكم والاقتصاد والعلاقات الاجتماعية، وحتى السلوك الفردي. فهناك أحاديث تقدم تعليمات محددة في مسائل الحكم، مثل وضع شرط الذكورة للحكام في الحديث: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهَمُ امْرَأَةً»، وتفرد الحكم في الحديث الذي يقول: «إِذَا بُويِعَ لِخَلِيفَتَيْنِ، فَاقْتُلُوا الآخِرَ مِنْهُمَا»، وكذلك في تفويض السلطة في أمور الدولة كما في الحديث: «بَعَثَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عُمَرَ عَلَى الصَّدَقَةِ». وبالمثل، نجد تفاصيل في مسائل الاقتصاد، مثل كيفية ملكية الأرض وتوزيعها، وكيفية تنظيم الأسواق والتجارة. فعلى سبيل المثال، قال النبي ﷺ «النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: الْمَاءِ، وَالْكَلَأِ، وَالنَّارِ». هذا الحديث يوضح مفهوم الموارد العامة المشتركة، وهو جانب أساسي من سياسة الحكم والاقتصاد في الإسلام.

 

تتناول السنة النبوية أيضاً مسائل مثل تحريم الاحتكار كما في الحديث: «مَنِ احْتَكَرَ فَهُوَ خَاطِئٌ»، ما يشير إلى أن الممارسات الاحتكارية محرمة في الإسلام، وفي مسألة تحديد الأسعار كما في الحديث: «بَلِ اللهُ یَخْفِضُ وَیَرْفَعُ»، وفي مسألة النقود كما في الحديث: «الْوَزْنُ وَزْنُ أَهْلِ مَكَّةَ وَالْمِكْيَالُ مِكْيَالُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ»، الذي يحدد معيار العملة الثنائية المعدن من درهم فضي بوزن 2.975 جرام ودينار ذهبي بوزن 4.25 جرام. وبالمثل، قام النبي ﷺ بتوجيه الأمة في مسائل مثل ملكية الأراضي كما في الحديث: «مَنْ أَحْيَا أَرْضاً مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ»، والضرائب الظالمة كما في الحديث: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ صَاحِبُ مَکْسٍ»، ما يوضح الإرشاد الشامل الذي يقدمه الإسلام في الأنظمة السياسية للحياة.

 

إن التحدي الكبير الذي يواجه إعادة تفسير الحداثة للإسلام هو معاملتها للحديث. حيث يرى بعض الحداثيين أنه على الرغم من أن القرآن محفوظ من الله، إلا أنه لا يمكن وضع الحديث في الفئة نفسها، لأنه مجرد مجموعة من الروايات البشرية. ومع ذلك، فإن هذا الرأي يتجاهل الدور المركزي الذي يلعبه الحديث في شرح النص القرآني وتوضيحه.

 

القرآن الكريم نفسه يثبت السنة. فقد ثبت بشكل قاطع أن السنة وحي، قاطع في النص (الثبوت) وقاطع في الدلالة. قال الله تعالى: ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى [النجم: 3]. في تفسيره، قال ابن كثير عن هذه الآية: (ما يقول قولاً عن هوى وغرض). وقال الإمام القرطبي في تفسيره: (ما يخرج نطقه عن رأيه، إنما هو يوحى من الله عز وجل). وقال الله عز وجل: ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [النجم: 4]. قال ابن كثير: إنما يقول ما أمر به، يبلغه إلى الناس كاملاً موفراً من غير زيادة ولا نقصان. وبدون السنة، ستظل العديد من التفاصيل العملية للأحكام الإسلامية، بما في ذلك العبادات مثل كيفية الصلاة والصوم وغيرها من الأحكام، غير واضحة.

 

علاوة على ذلك، فقد تم الحفاظ على الأحاديث وفقاً لمنهجية مشابهة لتلك التي اتبعت في حفظ آيات القرآن الكريم. فقد تم نقل كليهما شفویاً ثم توثيقهما. فقد اشتملت عملية جمع الأحاديث على عمليات تحقق دقيقة لضمان صحتها. فقد طور المحدثون، وهم علماء الحديث مثل الإمام البخاري، والإمام مسلم وغيرهما، منهجيات شاملة للتحقق من موثوقية الرواة ودقة المحتوى. وهذا النظام من التوثيق ضمن الحفاظ على الأحاديث الصحيحة فقط.

 

على الرغم من الحجة الحداثية التي تقول إن الأحاديث لم تُحفظ بدقة حفظ القرآن الكريم نفسها، إلا أن الأدلة التاريخية تظهر أن جمع الأحاديث وحفظها تم بعناية فائقة. فقد كانت العملية لا تقتصر على نقل الروايات فقط، بل شملت أيضاً فحصاً دقيقاً لسمعة الرواة وذاكرتهم وموثوقيتهم. على سبيل المثال، يُظهر الحديث عن أبي موسى الذي سأله فيه عمر بن الخطاب، العناية التي كانت تُعطى لفحص الأحاديث، حتى في زمن الصحابة رضوان الله عليهم.

 

فقد روى الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال: سَلَّمَ عَبْدُ اللهِ بْنُ قَيْسٍ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَرَجَعَ، فَأَرْسَلَ عُمَرُ فِي أَثَرِهِ لِمَ رَجَعْتَ؟ قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ ﷺ: «إِذَا سَلَّمَ أَحَدُكُمْ ثَلَاثاً فَلَمَ يُجَبْ، فَلْيَرْجِعْ» [أحمد]. فقال عمر رضي الله عنه: "لَتَأْتِيَنِّي عَلَى مَا تَقُولُ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ لَأَفْعَلَنَّ بِكَ كَذَا". فَجَاءَ أَبُو مُوسَى مُنْتَقِعًا لَوْنُهُ وَأَنَا فِي حَلْقَةٍ جَالِسٌ، فَقُلْنَا: مَا شَأْنُكَ، فَقَالَ: سَلَّمْتُ عَلَى عُمَرَ - فَأَخْبَرَنَا خَبَرَهُ - فَهَلْ سَمِعَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالُوا: نَعَمْ، كُلُّنَا قَدْ سَمِعَهُ، قَالَ: فَأَرْسَلُوا مَعَهُ رَجُلًا مِنْهُمْ حَتَّى أَتَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ. وكذلك قال علي رضي الله عنه: "كُنْتُ إِذَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَدِيثًا، نَفَعَنِي اللهُ بِمَا شَاءَ مِنْهُ، وَإِذَا حَدَّثَنِي عَنْهُ مُحَدِّثٌ، اسْتَحْلَفْتُهُ، فَإِنْ حَلَفَ لِي صَدَّقْتُهُ".

 

علاوة على ذلك، يمكن رؤية الجهود المبذولة لحفظ الحديث في أفعال أصحاب النبي محمد ﷺ. فعلى سبيل المثال، قال أبو هريرة، وهو أحد أكثر رواة الحديث، في عبارته الشهيرة: "مَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ أَحَدٌ أَكْثَرَ حَدِيثًا عَنْهُ مِنِّي، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، فَإِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ وَلاَ أَكْتُبُ"، وهذا يبرز الجهود الدقيقة في التوثيق التي تم بذلها للحفاظ على أحاديث رسول الله ﷺ للأجيال القادمة.

 

الجهود الحداثية لتقويض سلطة الحديث تتجاهل حقيقة أن الحديث هو مصدر شرعي أصيل في الإسلام، وهو في مرتبة القرآن الكريم نفسها. والعديد من الآيات القرآنية تؤكد أهمية طاعة النبي محمد ﷺ واتباع تعاليمه. فعلى سبيل المثال، قال الله تعالى: ﴿وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [الحشر: 7]. وبالمثل، قال الله سبحانه وتعالى في آية أخرى: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِن هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ [النجم: 3-4]. وتؤكد هذه الآيات أن أفعال النبي وأقواله ليست مجرد إرشادات، بل هي وحي إلهي.

 

تتناول السنة أيضاً مسائل قانونية واجتماعية مهمة تعتبر ملزمة مثل الأحكام القرآنية. فعلى سبيل المثال، الأحكام المتعلقة بتحريم اختلاط الجنسين، وتنظيم المعاملات الاقتصادية، والسلوك الصحيح لعقود الزواج كلها مستمدة من السنة. وبالمثل، تقدم السنة أحكاما مفصلة لتنصيب الحكام، وتنظيم الحروب، وإدارة شؤون العامة. كل هذه الأمور أساسية لعمل الدولة الإسلامية العادلة والفعّالة.

 

غالباً ما يسعى التيار الحداثي إلى تقويض سلطة الحديث، مبرراً ذلك بأن التعاليم الإسلامية التقليدية قديمة وغير متوافقة مع الحياة المعاصرة. ويتجسد هذا الجدل في تقرير "الإسلام المدني الديمقراطي" الذي نشرته مؤسسة راند في عام 2004، والذي ينص في الملحق (A) بعنوان "حروب الحديث"، على أنه ينبغي إنشاء مجموعة من "الحديث المضاد" لدعم التفسيرات الأكثر ليبرالية ومساواة وديمقراطية للإسلام. تعكس هذه الجهود رغبة الغرب في تشكيل الإسلام بما يتماشى مع قيمه وأنظمته، وخاصة التزامه بالديمقراطية الليبرالية والعلمانية.

 

ومع ذلك، فإن مثل هذه الجهود تفشل في إدراك أن الإسلام هو نظام كامل من الهداية، قادر على تلبية احتياجات البشرية، سواء في الماضي أو الحاضر. وتبقى الاحتياجات الأساسية للبشر - مثل الحاجة إلى العدالة، والاستقرار الاقتصادي، والحكم، والصحة، والأمن، والتعليم، والتماسك الاجتماعي - دون تغيير. الشيء الوحيد الذي تطور هو الوسائل والأساليب التي تتم من خلالها تلبية هذه الاحتياجات. سواء من خلال الأنظمة المصرفية الحديثة، أو تقنيات الاتصال المتقدمة، أو الحروب المعاصرة، يظل الإسلام قابلاً للتكيف مع الوسائل والأدوات الجديدة التي تواكب العصر. ويستمر النظام الإسلامي التقليدي، القائم على القرآن والسنة، في تقديم حلول ذات صلة وشاملة للمجتمع المعاصر.

 

إن محاولة الحداثة الإسلامية لإعادة تفسير الإسلام في ضوء الليبرالية الغربية تشكل تحدياً مباشراً لصدق وسلطة الحديث. فمن خلال تقويض أهمية السنة، يسعى الحداثيون إلى تجريد الإسلام من هدايته الشاملة في جميع جوانب الحياة. ومع ذلك، يظل النظام الإسلامي التقليدي، القائم على القرآن الكريم والسنة النبوية، إطاراً كاملاً وقابلاً للتطبيق لتلبية احتياجات الإنسان. إن إعادة تفسير الإسلام ليتناسب مع المثل العليا الغربية الحديثة ليس فقط خطأً، بل إنه أيضاً يفشل في إدراك الأهمية الزمنية لتعاليم الإسلام. من خلال عملية دقيقة للحفظ والتوثيق، يظل الحديث صالحاً وذا صلة وسلطة اليوم كما كان في زمن النبي ﷺ، مقدماً حلولاً خالدة لتحديات العالم المعاصر.

 

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

إدريس باشا – ولاية باكستان

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

إسقاط الطاغية بشار نصرٌ من الله وبداية التغيير لا كله

 

 

عمت الفرحة أرجاء الشام بسقوط الطاغية بشار وتحرير العاصمة دمشق بعد أن تم تحرير كامل إدلب وحلب وحماة وحمص، وارتفعت أصوات التكبيرات من المساجد وباحات الساحات العامة والشوارع ومن أمام السجون التي أطلق الثوار سراح كل من فيها، نساء ورجالا، فظنوا أنهم في حلم لا علم، وكادت الأرض تهتز من تحت أرجل المجاهدين والثوار والناس سُرّوا بإسقاط نظام الطاغية الذي أمعن القتل والفساد والإجرام في أهل الشام، عقودا طويلة مديدة، في مشاهد لم تطقها الأنفس من قسوتها ووحشيتها بحق كل من خرج على النظام وأراد التحرر من طغيانه، ولكن كما قال الله تعالى: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾. فهنيئا لأهل الشام هذا النصر العظيم والفتح المبين.

 

وبعيدا عن التحليلات السياسية فيما دفع هيئة تحرير الشام والجيش الوطني والفصائل للتحرك بعد طول إعراض وعدم استجابة لنداءات فتح الجبهات وتحرير الشام المتواصلة على يد المخلصين وحملة الدعوة في الشام منذ سنوات، وإن كان التحليل لازما لفهم سرعة ما حدث، إذ خلال عشرة أيام تمكن الثوار والمجاهدون من تحقيق هذا الإنجاز العظيم، إلا أن الأهم من ذلك هو ما بعد إسقاط بشار ونظامه.

 

فلا شك أن أمريكا وأدواتها في المنطقة، كتركيا أردوغان، سوف يحرصون كل الحرص على عدم تحرر الشام من قبضة الاستعمار، وسيسعون بكل ما لديهم من خيوط وإمكانيات للتحايل على الثوار بدفعهم إلى القبول بتغيير لا يمس جوهر الدولة وعلمانية النظام، على غرار ما تمكنت أمريكا بمعونة حكام باكستان وقطر من صنعه مع حركة طالبان في أفغانستان. وهو ما يوجب على الثوار والمجاهدين الحذر الشديد من المكائد والمخططات التي يرسمها هؤلاء لإحباط عملية التغيير الحقيقية في الشام.

 

فالتغيير الحقيقي الذي من شأنه أن يغير واقع الشام برمته، هو التغيير الجذري بخلع النظام بكامل أركانه ورجالاته وبنيته ودستوره، ووضع نظام الحكم في الإسلام مكانه، وإعلانها خلافة راشدة على منهاج النبوة، تكون فيها الدولة من ألفها إلى يائها إسلامية صرفة، بلا دخن ولا شوائب، ويكون الحكام فيها من أولياء الله وعباده المتقين.

 

أما القبول بدولة علمانية، أو دولة هجينة من الإسلام والعلمانية، فهو يعني بقاء الحال على ما هو عليه، وإضافة كيان آخر للمسلمين إلى جانب الـ56 كياناً الموجودة، وهو يعني بقاء الاستعمار وعلى رأسه أمريكا، مهيمنا على بلادنا وثرواتنا وقراراتنا، ويعني بقاء الظلم والفساد والضنك.

 

إن أمريكا ومن معها، وخاصة أردوغان، يظنون أنه يمكنهم بما يملكون من أدوات وعلاقات نسجوها طوال السنوات الماضية وخاصة ما بعد الثورة، مع قادة الفصائل، أن يجعلوا التغيير مقتصرا على بعض التفاصيل والجزئيات في النظام السابق دون المساس بجوهر الدولة أو نظام الحكم العلماني، حتى لو اضطروا لجعله بمسحة إسلامية. وهذا ما يوجب على الثوار والمخلصين والمجاهدين أن يحذروا منه كل الحذر.

 

فما قدمه الثوار وأهل الشام من تضحيات عز نظيرها، وما عانوه من ظلم وقسوة وإجرام فاق التصور، لا يصح أن يذهب أدراج الرياح، ويضيع في أتون تغييرات لا تمس جوهر مصيبة أهل الشام والمسلمين جميعا، إذ ما أصاب المسلمين ما أصابهم من ظلم وذل وصغار وعذاب إلا بعد أن هدمت دولة الخلافة وغاب الإسلام عن الحياة. فمصيبة الأمة ومآسيها سببها عدم وجود دولة لها؛ دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.

 

فعلى الثوار والمخلصين أن يعزموا أمرهم ألا يستقر لهم قرار ولا يهدأ لهم بال حتى يعلنوها خلافة راشدة ثانية على منهاج النبوة، ولا يكون ذلك دون قطع كل العلاقات مع النظام التركي والممول الأجنبي وباقي حكام المنطقة وعملاء الاستعمار، والاعتماد بدلا من ذلك على الأيادي الطاهرة والقلوب النقية من أبناء الأمة ومجاهديها، ولله در ذلك المجاهد الذي صدح قائلا بعد تحرير حمص: "رح نكمل حتى نصل غزة ونعلنها خلافة راشدة على منهاج النبوة"، ومثله الكثير الذين تزخر بهم الشام.

 

﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

المهندس باهر صالح

عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

سد النهضة وفرية النجاح الباهر وإخفاء الوجه الخطير منه

 

 

 

أعلن الرئيسي الإثيوبي آبي أحمد رسميا اكتمال بناء سد النهضة بنسبة 100%، وأنه تم حجز مياه كافية دون إلحاق ضرر بدولتي المصب، السودان ومصر. وتعهد أمام مجلس نواب الشعب الإثيوبي في كلمة له بأن إثيوبيا ستعزز تدفقات المياه إلى السودان ومصر، في حالة شح في إمداد المياه جراء سد النهضة. وقال آبي أحمد في تصريحات نقلتها هيئة البث الإثيوبية إن سد النهضة يمثل فرصة مهمة لكل من السودان ومصر، مبدياً ثقته في عدم وجود أي مشكلات تتعلق بدولتي المصب. (وكالة العالم العربي).

 

بادئ القول إن سد النهضة هو من أكبر المشاريع في قارة أفريقيا، وكان من المفترض أن يتم تنفيذه في ستينات القرن المنصرم، ونسبة لدواعي الواقع السياسي آنذاك لم يبدأ العمل به. ومن المعلوم بأن أمريكا هي من وراء بنائه، وهي التي خططت ووضعت له المكان والخرائط، بل وضعت له حجر الأساس عبر شركة واي بليد، التي دفعت 4.8 مليار دولار. ومن إصرارها الكبير، باشرت الشركة أعمالها دون انتظار التوقيع على اتفاق المبادئ في 23 آذار/مارس 2015 الذي خالف نصوص اتفاق عنتيبي للمياه، المبرم في خمسينات القرن المنصرم، ما يؤكد أن بناء السد فوقي، ويعتمد على أوامر عليا من أمريكا لتنفيذه. وهذا ما أكدته الوقائع والأحداث التي تجاوزت كل الخطوط الحمر.

 

لقد فشلت كل جولات التفاوض التي عقدت في السودان ومصر وإثيوبيا، بالإضافة لجلسة مجلس الأمن بناء على طلب من مصر والسودان في تموز/يوليو 2021م، حيث دعت مندوبة أمريكا ليندا توماس، إلى استئناف المفاوضات تحت مظلة الاتحاد الأفريقي، يعني تمرير ما تحتاجه إثيوبيا لملء السد والبناء، دون التفات إلى أي انتقاد للمشروع.

 

لقد حمل خطاب آبي أحمد تناقضات في طياته، حيث قال بأنه "سيعزز تدفقات المياه في حالة شح في إمدادات المياه جراء سد النهضة". ثم أردف مبديا ثقته "في عدم وجود أي مشكلات تتعلق بدولتي المصب". وفي الوقت نفسه قال "إن إثيوبيا لن تسمح بأي تهديد لسيادتها"، وهذا تناقض في الأقوال، وقد جاء بصيغة دبلوماسية، وفي الوقت نفسه حجز من المياه ما يقارب 60 مليار متر مكعب، مبديا ثقته بعدم وجود مشكلات، مع أن آبي أحمد ليس رجل اختصاص حتى يبت في هذه الأمور، فهو يقول الكلام ثم ينقضه، متخذا موقفه كرئيس وزراء، الأمر الذي يجعله يقول بوجود مشكلات حقيقة، ثم يعقبه بتهديد علني.

 

لقد أكد الخبراء منذ بداية هذا المشروع أنه أخطر مشروع على الإطلاق يمر على المنطقة منذ وجودها، إذ يمثل أكبر تهديد مائي كارثي، فبحدوث خلل في جسم السد، لا سمح الله، جراء حادث طبيعي مثل الزلازل، أو حالة تصدع، أو أي تلف يقع على جسم السد، فإن تدفق المياه الضخمة بعد الملء الخامس إذ تبلغ مياهه ما بين 72 إلى 74 مليار متر مكعب، يعني قنبلة مائية ضخمة، تدمر كل شيء أمامها. أكد الأستاذ عباس شراقي أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة عن كارثة سد النهضة، في أيلول/سبتمبر 2024 أن زلزالا وقع في إثيوبيا الساعة 7.36 صباحا بتوقيت القاهرة الجمعة 27 أيلول/سبتمبر بقوة 4.8 ريختر على عمق 10كلم ويبعد 570 كلم شرق سد النهضة، ويقع مركز الزلزال في منطقة الأخدود الأفريقي العظيم، ولقد وقعت عدة زلازل بالقوة نفسها، لكن لبعد المسافة كان التأثير ضعيفا، لكن ربما يكون الزلزال القادم أقوى.

 

من المعلوم أن حصة مياه مصر من النيل وفق اتفاقية مياه النيل عنتيبي هي 55.5 مليار متر مكعب. وتغطي هذه النسبة 50% فقط من احتياطي الاستهلاك السنوي لأهل مصر، إذ يحصل الفرد على 500 متر مكعب من احتياجاته في السنة، بينما الأصل أن يحصل على 1000 متر مكعب في السنة، وهذا يعني أن هناك فقرا مائيا في مصر. (الحرة).

 

إن مخاطر سد النهضة على السودان ومصر كبيرة، علما بأن السد يبعد عن الحدود السودانية 20 كلم فقط نهاية النيل الأزرق في منطقة بني شنقول وقريبة من سد الرصيرص، ذلك السد الذي يعتمد عليه السودان في توليد الكهرباء المائية التي تغذي ست ولايات في السودان. وإن النيل الأزرق يجدد الطمي عندما يكون فيضانه طبيعيا، وهذا الأمر لم يكن متاحا بعد بناء سد النهضة.

 

أما ردود الأفعال من الحكومة المصرية فلا تخرج عن سياق تخدير الناس وامتصاص غضبهم تجاه تصرف السيسي وحكومته، وما أعلنه آبي أحمد من اكتمال السد. أوردت قناة الشروق تصريحات وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أن مصر متمسكة بحقوقها المائية في نهر النيل، وأنها قضية لا تفريط فيها، ولا تهاون. وأضاف وزير الخارجية المصري في لقاء مع قناة الشروق في أيلول/سبتمبر المنصرم أن المياه قضية وجودية، وقضية حياة أو موت، وأن القاهرة قادرة على الدفاع عن مصالحها وأمنها المائي في قضية سد النهضة. علما بأن مصر وجهت خطاباً لمجلس الأمن بشأن تطورات سد النهضة، وأكدت فيه استعدادها لجميع التدابير للدفاع عن وجودها ومصالحها ومقدرات شعبها. وقال إن سياسات أديس أبابا ستكون لها آثار سلبية لدولتي المصب مصر والسودان. (وكالات)

 

إن المتتبع لتصريحات الحكومة المصرية منذ توقيع اتفاق المبادئ في 23 آذار/مارس 2015 لا يجد إلا التباكي والتصريحات النارية من عبد الفتاح السيسي وحكومته عندما قال نحن لن نتهاون ولو في قطرة (ميه)، وغيرها من تصريحات الحكومة المصرية وإعلام مصر وخبراء مصر، الذين يحذرون من خطورة سد النهضة، ولكن لا شيء غير النفيخ الأجوف!

 

إن قضية سد النهضة تشبه قضية فلسطين وقدسها، حيث وضعت بريطانيا حجر الأساس لدولة يهود، وجاءت بالحكومات العميلة لتحرسها، حكومات تضحك على شعوبها وكل همها كراسيهم المعوجة قوائمها، فهم لا يرقبون في الأمة الإسلامية إلا ولا ذمة.

 

إن الحكومة المصرية تدرك خطورة السد، وتعرف تناقص حصة مصر والسودان من المياه، وتعرف احتمال انهيار السد، فتجدها تمارس عملية ملء الفراغ الإعلامي نفاقا وهي لا تحرك ساكنا! وإذا سمعت التصريحات القوية المهددة لأديس أبابا فكأنك تهيئ نفسك لضربة قوية تهد السد منذ اللحظات الأولى قبل ملئه!

 

إن مستوى الإجرام التاريخي الذي ارتكب في حق السودان ومصر من هؤلاء الحكام، وتركهم إكمال السد ليصل مراحله الأخيرة، ليكون قنبلة مائية مدمرة للبلاد هو أمر واضح لكل ذي بصر وبصيرة. وإن ما تحوكه أمريكا عبر عملائها في المنطقة يؤكد مدى حقدها الدفين تجاه أمة محمد ﷺ. فلم تكتف بصناعة الحروب بل هي الآن تصنع التدمير الممنهج للأجيال القادمة، وهلاك كل من يريد الانعتاق من ربقتها ولو بعد حين. إن تصرف أمريكا في صناعة السد وحمايته من أي مساءلة قانونية أو إعطاء الضوء الأخضر لملء السد في كل مراحله، دون رقيب، تاركة لإثيوبيا الحبل على الغارب، ليؤكد عنجهيتها وغطرستها، وهو السقوط المدوي لقيم الإنسانية التي تتشدق بها تجاه العالم. وإن الإجراء الوحيد تجاه هذا السد هو أن يتم إيقافه الآن قبل الغد. والذي يقوم بهذا الإجراء إنما هو دولة مبدئية تتقي الله في رعاياها، وتخاف من غضب القوي الجبار، قبل مساءلة الرعية، وهذا سوف يتحقق في دولة الخلافة القائمة قريبا بإذن الله.

 

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

الشيخ محمد السماني – نيالا – ولاية السودان

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

ما بين عملية طوفان الأقصى وسقوط فاجر الشام دعوة للتأمل

 

 

منذ عملية طوفان الأقصى وحتى فرار المجرم بشار تكثر التحليلات السياسية، والتوصيفات المتطاولة البنيان من هنا وهناك، حتّى إن القراء يفقدون شغف القراءة لكثرة ما يكتبه أصحاب الأقلام الحرة منها والمستأجرة، وأصناف ما يلقيه المتكلمون، أصحاب الرؤية الواحدة أو الأمزجة المتقلبة.

 

ثمَّ في سيل تلك التحليلات، وما إن تتخبط في قراءتها أو سماعها، وتلقي شباك الحيرة والبحث عن فرص النجاة للإنسان من واقعه المأسوف عليه، وحاله المشكو منه، حتَّى تلقي بك أمواج تلك التحليلات خالي اليدين، فلا تجدُ فيها حلاً مطروحاً للأمة يخرجها من نكبتها، ودواءً لجراح جسدها المُقعَد، فالشام تنزفُ، والعراقُ محتل، وعلا لطائفة الكلابِ نباحُ، والقُدس مأسورة ومصر مقيدة، وأحاط بالحرم الشريف سِفاحُ، فالمسلمون مكبلون، وحولهم شيد سياجٌ، وطغى عليهم حاكمٌ سَفَّاحُ.

 

فيكاد يكونُ سبب البلاء هو هذه العقول التي تنظر ولا تبصر، وتقول ولا تتدبّر، فما دامت النظرة سطحية بأن يُنظَر للأحداث من الزاوية التي صنعها لهم النظام العالمي الجديد، زاوية الفردية الأنانية، والتفرقة والتقسيم مقيد بقيود سايكس بيكو، واللهث وراء المنافع والمصالح، وما دامت الفكرة وثنيةً جاهليةً باسمها المزخرف بالوطنية، والرضا بتسلّط حُكم العقول الضَّالة ودساتير الكُفر القادمة من مستنقعات الليبرالية الغربية، فضلاً عن تسلّط قوى الاستعمار على المسلمين عبر حكام الارتزاق والخنوع لرغبات ما يسمى بالنظام الدولي، وما دامت الرابطة منحطَّة بأن ينظر المسلم لنظيره خارج الحدود التي رسمها الكافر المستعمر على أنه أجنبي دمهُ مهدورٌ إن هو تجاوز تلك الشباك؛ فلن تنهض الأمة مما وصلت إليه من انحطاطٍ وذلٍّ وهوانٍ ليس لها يدٌ فيه إلا أنها رضيت به، ولا يمنعها من النهضة لتغيير واقعها إلا التفافُها حول قيادةٍ مخلصةٍ لربها وواعيةٍ على دينها ومبدئها، وبصيرةٍ بشؤون ومصالح أمّتها.

 

إنَّ النظرة العميقة المستنيرة للأحداث تظهر تفوّق أمة الإسلام في كل المجالات، لكن ما ينقصها هو إقامة كيانٍ تنفيذي يحمل عقيدتها ومبدأها، وتستعيد سلطانها، وتعود كلها جسداً واحداً، تمتثل أمر ربها، وتطبق أحكام دينها، فتعود مهيمنةً على العالم بخيرها، وتنشر رسالة الإسلام إلى الناس كافة بالدعوة والجهاد.

 

وإنَّ الفكر الإسلامي جاء ليحل مشاكل الإنسان، فجاءَ الإنسانُ بالفكر الليبرالي المتحرر من القيود، والنظام الرأسمالي الاستعماري، وفصل الدين عن الحياة؛ لإشقاء الإنسان، وجعله عبداً لإنسانٍ مثله، يشرّع له الأنظمة ويسن له القوانين من دون الله سبحانه، واسترخص عقله وبدنه مقابل المال، في حين خلقه الله وكرمه بالعقل وجعل له مهمةً هي الاستخلاف في الأرض، وعمارتها بالإسلام، وعبادة الله وحده، والدعوة إليه ونشر الإسلام ليعم أصقاع الأرض، وغايته من ذلك هي رضا الله وحده جل في علاه.

 

وإنَّ الرابطة التي تربط أبناء الأمة هي رابطة العقيدة الإسلامية، وهي وحدها التي تجعلهم كالجسد الواحد «الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ»، فالوطنية والقومية متى عششت في الرؤوس جعلتها كالبيت الخرِب، ومتى سكنت القلوب قلبتها جوفاء مظلمة، ومتى حطّت في الإنسان انحطّت به حتى تصير البهائم خيراً منه.

 

فتأمل أخي المسلم في هذه الأحداث التي تمر بها الأمة اليوم؛ مشاهد حية أيقظتها بمجموعها ولفتت انتباهها وأصبح الصغير قبل الكبير يفكر بالحلول بالرغم من الظروف القاهرة التي حشرت بها الأمة والتي أشغلتها عن التفكير بالحلول الجذرية لواقعها؛ فأحداث غزة ولبنان وسوريا كسائر بلاد المسلمين، خَلاصُها من مصائبها هو باقتلاع العملاء وقطع أيدي الكفر والطاغوت المسلطة على الأمة، والتحرر من هيمنة قوى الكفر، وقطع الحبل الممدود ليهود ﴿وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ﴾ ومن ثم إقامة حكم الإسلام العادل، حينها، وفقط حينها، تسعد الأمة بفوزها برضا الله أولاً، واستعادة المجد بإقامة فروض العزة الثلاثة: الخلافة، والدعوة، والجهاد، ثم إخراج البشرية من كدر الرأسمالية، وضلال العلمانية، وظلمات الكفر والفقر، إلى نور الإيمان، وهدى الإسلام، وعيش حياة كريمة بعيداً عن فساد الليبرالية وضَلال الأهواء، وشقاء الجاهلية الشعواء، قريباً من رضا رب الأرض والسماء، فكن من العاملين لإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، وعد الله سبحانه وبشرى رسوله ﷺ، والتحق بصفوف العاملين لها مع حزب التحرير، الرائد الذي لا يكذب أهله، ولتقومن الخلافة، وليتمَّن الله هذا الأمر، ولينصرن الله من ينصره، إن الله لقوي عزيز. ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

م. بكر الورافي – ولاية اليمن

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

رجل الدولة والتغيير

 

يتطلع كثير من الناس إلى نظام عادل أو حكم يلمسون من خلاله أمانا واستقرارا سياسيا واقتصاديا يصون حقوقهم، وعيشا كريما يصون كرامتهم.

 

وهذا الأمر يطمع فيه كل إنسان بغض النظر عن دينه ولونه وجنسه وهو إحساس وشعور قد لا يفصحون عنه ولكن في المقابل لا يدركون حقيقة الأفكار الناهضة وما هي الخطوط أي الطريقة العملية للوصول إلى حالة الاستقرار والأمان؛ ذلك أن فوضى الأفكار وما يعتري الشعوب من أزمات وأحداث تمر بهم عبر سياسات الأنظمة الحاكمة والتي تسعى دائما في إشغالها واحتواء حركتها، ويملؤون أي فراغ قد تنفذ منه ومع سيناريوهات معدة مسبقا تخدم أسيادهم ومن نصبوهم على رقاب الشعوب وعلى رأسهم امريكا التي ما برحت تشعل الحروب والصراعات دوليا وإقليميا ومحليا، والعمل على زياده الطين بلة من خلال سياسات الدائن والمدين عن طريق البنك وصندوق النقد الدوليين وربط التعاملات التجارية بالدولار والتلاعب به صعودا وانخفاضا، وتوفير المخدرات وانتشارها في مجتمعاتنا، والفساد المستشري داخل أروقة ومؤسسات الدولة من ربا ورشاوى وابتزاز وغيرها الكثير.

 

وما فعله الغزو الفكري الغربي من طمس كثير من الأفكار الإسلامية وتشويه للإسلام وإزالة حكمه ليس بالأمر الهين من خلال المدارس والمعاهد والجامعات والبعثات والأحزاب العلمانية.

 

إن الأمة الإسلامية اليوم بأمس الحاجة إلى رجال قياديين قادرين على قيادتها، وسحب البساط وفك الارتباط بالاستعمار والاحتلال، وما جاء به من أفكار ومفاهيم، وما أنتجه من فساد في هذا الواقع الذي نراه.

 

فهم أي الرجال القياديون يجب أن يكونوا على مستوى وقدر من المسؤولية تجاه عملية التغيير المنشودة نحو حياة ترضي الله، لينالوا عز الدنيا والآخرة، ويجب أن يكونوا سياسيين ومفكرين مبدعين لا يعتريهم اليأس والملل، وأن يبينوا للناس أصالة الفكر الإسلامي ونظرته للإنسان والحياة ورعايتها، فالأمة تواقة إلى رجل الدولة الذي يتمتع بعقلية الحكم وله القدرة على إدارة شؤون الدولة، فوجوده ضرورة شرعية وعقلية، فكان لا بد من توعية الناس وتعبئتهم عقديا وثقافيا من أجل أخذ قيادتهم حيث إن سياسات الدول الغربية ساهمت كثيرا في كشف خداعها للشعوب ودجلها وتضليلها وزيف ادعائها وتشدقها بأفكارها النتنة من ديمقراطية وحقوق الإنسان والإثنيات الصغيرة، وما يسمى بالمحكمة الدولية والأمم المتحدة والقانون الدولي والوطنية والقومية...

 

فها هي أمريكا وكيان يهود يمارسون القتل المستمر وهدم المنازل على رؤوس أهلها وتهجير الناس من أرضهم والعمل على تخريب المؤسسات الخدمية والإنسانية والمؤسسات الصحية، فسقط قناعهم وأصبحت الشعوب على عمومها تدرك أن من يحكمها هم أراذل القوم وأنهم عملاء لأسيادهم الغربيين فهم يحاولون جعل الشعوب عبيدا لسياستهم القذرة.

إن نهب البلاد واستغلالها لمصلحة أوروبا وأمريكا عبر الاتفاقيات المشتركة والعقود المبرمة ليست إلا لإحكام السيطرة وديمومة عدم انعتاق الأمة الإسلامية من الهيمنة الغربية.

 

إن مفهوم أن (الإسلام هو وحده القادر على انتشال الشعوب مما تعانيه)، أمر لا بد من أن يُعطى مركزا من خلال إظهاره عبر بيان أحكامه التي من خلالها ساد الأمان والاستقرار، وأنه الوحيد الذي فيه العدل، فهو يحمل في طياته الطمأنينة، ونيل رضوان الله من خلال سياسته في الدولة وعلى المجتمع.

 

إن من الأهمية بمكان على أولئك الذين يريدون أن يغيروا هذا الواقع السيئ أن يكونوا رجال دولة مفعمين بالإحساس المرهف والتفكير المستنير، وأن يجتهدوا ويبدعوا في تبليغ دعوتهم والأفكار التي تبنوها لإيصالها إلى أقصى ما يمكن، فيبرئوا ذمتهم.

 

إن مجموع الناس يحتاجون إلى إثارة مشاعرهم وإنارة عقولهم وبيان حاجتهم إلى ما يرفع من شأنهم وأن لا يبقوا مستعبدين إلا لله عز وجل وحده.

إن من صفات رجل الدولة أن يكون لديه القدرة على إدارة الحوار، وتغليب المصلحة العامة، وأن يوازن بين الإيجابيات، ويبتعد عن السلبيات، ففي الحديث الشريف قال ﷺ: «إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْراً».

 

وأن يتجنب كل ما يثير الفتن، وكل ما من شأنه التضييق على الناس على أساس مذهبي أو قومي، وأن ينوع في عرض الفكرة والقضية التي يريد إثارتها من خلال الإبداع في أساليبه، وأن يجعل من ضرب الأمثلة حافزا وتشويقا للفكرة من خلال ضرب الأمثلة العملية والواقعية، والواقع مليء بها.

 

وأن يتجدد على الدوام في خطابه مع الناس لكي لا يملّوه، وأن يجتهد ويبذل الوسع في بيان واستيضاح الآراء والأفكار والمفاهيم التي يريد زرعها في عقول الناس، وتحميلهم مسؤولية عدم حملها وجعلها قناعات لديهم، وإثارة روح النقاش، وأن لديه مستجدات، فهذه تحتاج باستمرار إلى متابعة الموقف الدولي وتقلباته ومتابعة الأحداث السياسية والعسكرية، وللاتفاقيات سواء أكانت اتفاقيات اقتصادية أم أمنية، وتحليلها وفق زاوية خاصة، وأن يظهر عليه من خلال حواراته ونقاشه مع الناس أنه سياسي يحمل همومهم، ويسعى إلى حل مشاكلهم، ويقدم لهم المساعدة ما أمكن، وأن يسع الناس ما أمكنه إلى ذلك من سبيل.

 

إن الاستحضار الدائم لدى العاملين للتغيير يجب أن يكون على مستوى عال في عقلياتهم ونفسياتهم، فيكونوا على قدر عال من تحمل المسؤولية، وأن يتسابقوا في إيجاد الأفكار والمفاهيم التي تبنوها وإظهارها وإيجادها في المجتمع والتي غاب كثير منها عن المسلمين، وأن يصارعوا على الدوام الأفكار والمفاهيم المضللة، وأن لا ييأسوا مهما طال الزمن، وأن يكافحوا في سبيل تحقيق غايتهم، وأن يكونوا سافرين متحدين أقوياء في طروحاتهم ثابتين غير آبهين لما يقال عنهم.

 

وأن يكونوا كاشفين موضحين مخططات أعداء الإسلام من خلال ما يمر على الأمة الإسلامية من الوقائع والأحداث ومآلات الاتفاقيات والندوات والمؤتمرات والزيارات المستمرة من قبل الغرب وعلى رأسه أمريكا صاحبة الإرهاب وخلق الأزمات والفتن والصراعات الدولية والمحلية، وما تحمله من قدرات سياسية وأعمال شيطانية في سبيل الإبقاء على نفوذها وتمدده ونهب خيرات البلاد وحرمان المسلمين منها حتى أصبح المسلمون يستجدون لقمه العيش الكريم والأمان.

 

ومع هذا وذاك لا بد لحملة الدعوة من بيان مصالح الأمة في تطبيق شرع الله عز وجل والتزام أحكامه فهي الناجية والمنجية، وليس مع ما يجبرها عليه الاحتلال أو الاستعمار بأسماء ومسميات خبيثة مثل حق تقرير المصير والوطنية والاستثمار وإدخال الشركات الرأسمالية ومسائل العولمة والخصخصة، حتى يأتي الكثير من جيل الشباب في واقعنا يلهث وراء كل ما يمكنه من أسباب الحصول على المال من دون الاهتمام بمصدر المال حلالا كان أم حراما!

 

إن كل ما يجري على أمتنا الإسلامية يستدعي منا وجوبا أن نكون مصارعين ومكافحين وكاشفين ومتبنين قضايانا المصيرية للخلاص مما يعتلينا اليوم.

 

 قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد الله مصطفى – ولاية العراق

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا أوان أن يعود الشرق الأوسط إلى سابق عهده

في ظل حكم الإسلام

 

 

شكل فرار بشار الأسد فجر الأحد 8 كانون الأول/ديسمبر الجاري حدثاً غير مسبوق، فاجأ العالم، بعد أن رفض دعوة وجهها له أردوغان حيث طلب من بوتين بتاريخ 25 تشرين الأول/أكتوبر المنصرم "العمل على دفع محادثات التطبيع بين أنقرة ودمشق وأن يقبل بشار الدعوة التي وجهها إليه للقائه"، لكن بشار لم يستجب بل طلب سحب القوات التركية واشترط وماطل.

 

سقط الطاغية بعد أن ضغطت قوى الثورة لفتح الجبهات التي جمدتها الدول الاستعمارية الغربية لسنوات، وهي التي أغمضت عينيها عن مقتل واعتقال وتهجير 11 مليون شخص. وساندت كل من طهران وأنقرة، الدول الغربية، في الحفاظ على بشار ونظامه القابع فوق صدر الشام منذ عام 2000م. وقد أفشل فتح الجبهات مخططات الدوائر الاستعمارية لصناعة خلف لبشار وتسليم السلطة إليه، خوفاً من أن يفلت زمام الأمور من بين أيديها، ومنعاً لعودة الشام إلى سابق عهدها، في قيادة الأمة الإسلامية.

 

هل يُعْقَلُ أن يسقط نظام علماني، ليستبدل به نظامٌ علمانيٌ آخر؟! أم يسقط النظام القائم على حدود سايكس بيكو، ليواصل نظام الإسلام الذي انقطع منذ قرن من الزمان مسيرته؟! لقد عانى الشرق الأوسط الويلات بعد أن استبدلت بالإسلام ودولته الواحدة حدود مصطنعة ما أنزل الله بها من سلطان، وأنظمة حكم ضرار، خنعت للكافر المستعمر.

 

إننا في هذا المقام لا نريد سوى العمل سوياً إلى جانب ثورة الشام التي نصرها الله، وأوصلها دمشق، بالرغم من قمع النظام الوحشي لها، ممدوداً بعشرات آلاف المقاتلين من هنا وهناك، بمؤازرة وتآمر من دول الغرب الاستعمارية لوأدها، وأن نحمده ونشكره، لا أن نقابل نصره بالعصيان، وتنحية حكمه! ولتقطف الأمة الإسلامية جمعاء ثمار ثورتها، فهي من يوم أن قامت "هي لله هي لله"، "قائدنا للأبد سيدنا محمد". لقد فَلَتَ العيار من يد الدول الاستعمارية الغربية، منذ أن سمتها هيلاري كلينتون "المعضلة الشريرة" في كتابها "خيارات صعبة"، وصار زمام المبادرة اليوم بأيدي المسلمين الذين تنادوا من تونس إلى مصر وليبيا واليمن والجزائر والمغرب، يريدون عودة حكم الإسلام بعد غيابه عنهم، وبعد معاناة ذاقوا خلالها الأمرَّين من تسلط حكام وقفت وراءهم دول الغرب الاستعمارية دون مواربة، وطبقوا في بلادنا أنظمة الكفر. يريد المسلمون إعادة سيرة الشرق الأوسط إلى ما كان عليه منذ أن هاجر رسول الله ﷺ إلى المدينة المنورة مؤذناً بقيام دولة الإسلام، وحتى إسطنبول آخر حواضر الخلافة.

 

لقد نُهِبَتْ ثروات المسلمين من جزيرة العرب، وباتت أساطيل الكفر مقراً لها، وأضحت هدفاً لإقامة معابد الوثنيين الهندوس والكُنُس والكنائس والتماثيل! إن وسطية الأمة هي رشادها من بين جميع الأمم؛ أن تحتكم إلى ربها، وتذل له في جميع شؤون الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية...الخ، وأن تتعظ بما قصه الله علينا من أخبار الأمم السابقة التي خالفت أمره سبحانه، فحل بها العذاب، فقد جعلنا الله أمة الرسالة الخاتمة التي تحكم الأرض بحكم الإسلام دون تغيير أو تبديل، بعد أن سادتها وحشية الرأسمالية بعد سقوط دولة الخلافة.

 

إننا نقول للبنك الدولي ومن خلفه صندوق الغذاء العالمي وغيرهما من المنظمات الغربية، أن يكفُّوا عن عروض تقديم القروض والمساعدات، فتلك حبائل الشيطان، يهدف إلى تكبيلنا بها، وجرنا خلف عربته. وأن نبدأ بزراعة الأرض في الشام، لتوفير ما يسد رمق الناس فيه. ونعاود التصنيع، بأيدي علماء أفذاذ كتقي الدين الشامي صاحب الاختراعات الميكانيكية المذهلة. إنه الوقت لينادي أهل الشرق الأوسط، لإقامة حكم الإسلام فيه، ومواجهة الحروب الصليبية وهزيمتها، كما هزمت من قبل.

 

إن كيان يهود المذعور من سقوط بشار، وفشله الاستخباري في استباق الحدث، هو ما جعله يتقدم في بلاد الشام، ويأتي إلى حتفه، ومهما قام من أعمال، وبالنظر إلى هزيمته العسكرية المدوية لأكثر من عام في 360 كم2 هي مساحة غزة، فإنه مهزوم بأيدي المسلمين، وجنوده يخافون لقاءنا، قال تعالى: ﴿لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَ يَفْقَهُونَ * لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأنَّهُمْ قَوْمٌ لاَ يَعْقِلُونَ * كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم﴾.

 

فلينفض المسلمون غبار الذل تحت حكم أنظمة الكفر الذي جثم على كواهلهم ما يزيد عن قرن من الزمان، وأن يتوجوا دخول دمشق برفع راية العقاب خفاقة في ربوع الشام وبقية بلاد المسلمين، ليعودوا أمة واحدة كما أراد الله لها أن تكون. قال تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا﴾ وقال سبحانه: ﴿وَكَذلِكَ جَعَلْنَاكُمْ اُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً﴾، فهذا أوان وضع حجر الزاوية لإعادة تشكيل الشرق الأوسط على ما كان عليه من حكم الإسلام، بضم بلاد الشام أولاً، ثم الأقرب فالأقرب، وإبطال اتفاقيات سايكس بيكو وسيفر وسان ريمو، وإزالة تقسيم السوء لبلاد المسلمين الواحدة.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

المهندس شفيق خميس - ولاية اليمن

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

نبئونا بعلم إن كنتم صادقين!

كيف لِسَجَّان المؤمنين والعافي عن الطغاة المجرمين

أن يقيم دولة الإسلام العظيم؟!

 

 

 

هي سُنَنُ الثورات دوما وأبدا تتنازعها دماء أبنائها الثائرين ومكر أعدائها المتربصين، والشام اليوم ترجمتها، فلكل ثورة أبناؤها ثوارها ومخلصوها ومفكروها وساستها، وفي المقابل هناك أعداؤها الماكرون لها وبها وخونتها ومرتزقتها ولصوصها. فلكل ثورة في بلادنا الإسلامية المغتصب سلطانها أعداؤها، طاغية حكمها ومنظومة طاغوته والذي كانت الثورة ضده، فهو النظام القائم الجاثم طاغوته على رقاب العباد، ثم العدو الأصيل الغرب الكافر المستعمر سبب وجود الطاغية ومنظومته، فما الطاغية ومنظومته إلا أداة ووسيلة للكافر المستعمر لبقاء استعماره وتحقيق أهدافه وغايته في سحق الإسلام وأمته وتحقيق الغلبة للكفر ودوله.

 

فكان من أبجديات أي ثورة أن يُعْلَم حقيق الثوار ومعدن الثائرين والمشروع والهدف والغاية، ويكشف عن حقيق الأعداء والخونة والمتربصين وخفي الكيد وخبيث المكر وخيوط الخيانة. والشام وهي قلب بلاد المسلمين وعقر دار إسلامها وخطورتها الاستراتيجية تفوق كل الأخطار والمخاطر، كانت ولا تزال في صلب الكيد والمكر الغربي الكافر، وعلى رأس أولويات سياسة الغرب واستراتيجياته الاستعمارية وحربه الصليبية العالمية ضد الإسلام وأمته، فثورتها المباركة كانت تحت مجهر استخبارات الغرب الكافر وشديد كيده ومكره، وكانت إيران وحزبها ومليشياتها المجرمة وروسيا وسفاحها بوتين ودجال أنقرة أردوغان أدوات ووسائل الغرب الكافر المستعمر وتحديدا رأس الشر والإرهاب أمريكا لحرق الثائرين وصناعة العملاء الخائنين ودس المنافقين وحرف الثورة انتهاء بوأدها.

 

علما أن الأخطر في كل قضايا الأمة الإسلامية ومنها قضية الشام هو الشق السياسي، وهذا يستلزم وعيا سياسيا مبدئيا على الإسلام فكرة وطريقة وعلى واقع الكفر منظومة ودولا. واليوم كل الكيد والمكر السياسي الخبيث بثورة الشام المباركة أوكلته أمريكا لدجال أنقرة أردوغان فهو صاحب المهمة القذرة في الشام، فهو مَن أنكى وأدمى ثورة الشام وحَوَّل فصائلها إلى أوراق في ملف الحل الأمريكي، وهذا الشق السياسي في مكره وخبثه هو الفاعل اليوم في المعادلة الشامية وقد تعاظم بعد فرار سفاح الشام وتصدر المشهد في دمشق أدوات دجال أنقرة ومن ورائه أمريكا، وعلى رأسهم الجولاني الذي تم تصييره أحمد الشرع بعد أن تخفف من عمامة الجهاد وارتدى بدلة السياسة.

 

وعلاقة الجولاني بالنظام التركي العلماني أشهر من أن تخفى على أحد فهو وسيلة وأداة حرف الثورة ووأدها فهو رصاصة أمريكا الموجهة للثورة وثوارها، فسجونه في إدلب الملأى بالمجاهدين المخلصين الذين لم يستجيبوا لخيانته وحملة دعوة الإسلام العظيم العاملين لتحكيم شرع رب العالمين، الذين تصدوا للجولاني وتركيا وأمريكا وكشفوا خبيث مكرهم وكبير كيدهم بالشام وأهله، ولا يزالون يقبعون في سجونه تحت نير ظلمه، علما أن أبواب باقي سجون الشام قد كسرت وقلعت إلا سجونه، وهو لعمرك ما ينبئ عن خبيث الطينة وشر الطوية وسواد المكر والمكيدة.

 

ثم ها هو قد أتى بأشنع المنكر عبر محاولة تدوير النظام المجرم الكافر والإبقاء على حظيرة الاستعمار، فكان ذلك اللقاء الآثم الذي جمعه بغازي الجلالي رئيس وزراء سفاح الشام الأسد، لتنسيق نقل السلطة أي لتنسيق استمرارية النظام المجرم الكافر ومنظومته وأجهزته، وقبلها إعلان عفوه الآثم عن عتاة السفاحين المجرمين طغاة الشام الملاعين!

 

وكأنك به يسمع آيات الله ولا يعقلها ويتلوها ولا يفهمها! يقول المنتقم الجبار فيمن سبق سفاح الشام وبطانته ومنظومته الطاغوتية في كفر صنيعهم: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ﴾. أخبر المنتقم الجبار العدل الحكم بإحصاء أعمال قوم استفحل واستشرى فسادهم وإفسادهم وظلمهم وطغيانهم، فصب عليهم سوط عذابه، ومن عظيم إعجاز أسلوب كلام رب العالمين أن ذكر الصب مع سوط العذاب أي عذابا غليظا شديدا يغمرهم!

 

بعد هذا البيان في مصرع الطغاة المفسدين وانتقام الجبار لعباده المؤمنين، يأتيك الجولاني ليصب على عتاة المجرمين المفسدين في أرض الشام الذين عاثوا فيها فسادا وإفسادا وخرابا ودمارا وقتلا وتنكيلا وعذابا، فيض عفوه ويغمرهم بتسامحه ويشفع لهم في أنهار دماء أهل الشام المسفوكة المسفوحة وأعراضهم المغتصبة وأموالهم المسلوبة وديارهم المخربة المدمرة فوق رؤوسهم ومعذبيهم المدفونين أحياء الذين سامهم السفاح وزبانيته أهوالا من العذاب مِن سلخ للجلود وسمل للعيون وبتر للأعضاء وسحق للعظام وحرق وتذويب وغازات سامة وبراميل متفجرة وهتك للأعراض واغتصاب للحرائر، حتى فاق إجرامهم كل إجرام حتى جمعوا على أهل الشام طغيان عاد وثمود وفرعون.

 

أبعد كل هذه الهمجية والوحشية الملعونة وهذه الأنكال والعذابات لأهل الشام المقهورين المعذبين والتي جاوزت سنونها الخمسين والتي لو صبت على الجبال لأذابتها ونسفتها ولانهَدَّت السماوات والأرض من حملها، والتي لو وزعت على أهل الأرض لاستغرقتهم وفاضت، أبعد كل هذا الإجرام الملعون عفو وشفاعة؟! لعمرك هي الخيانة وقبيح الجناية وشنيع الظلم، شتان بين قصاص المنتقم الديان ومن التزم غرز الإسلام، وإفك العفو الآثم.

 

أما ثالثة الأثافي والجناية التي لا تغفر فهي السعي لتدوير النظام العميل والإبقاء على منظومته وأجهزته وزبانيته خدمة لدولة الشر والإرهاب أمريكا، وهو لعمرك الخسران المبين؛ أن يكون ثمن كل هذا الدم المسفوك بأرض الشام الطاهرة دولة مدنية علمانية كافرة فاجرة يعصى الله فيها وتنتهك حرماته ويحكم فيها بغير شريعته!

 

أبناء الشام الثائرين المؤمنين ومجاهديها المخلصين: ها هي الشواهد بين أيديكم ماثلة لا تحتاج إلى انتزاع، وهي على صاحبكم شاهدة فلم يبق في أمره نزاع، فلينبئكم إن كان صادقا كيف لسجان المؤمنين والعافي عن الطغاة المجرمين والساعي في ركاب دجال أنقرة سمسار أمريكا في إعادة تدوير نظام السفاح ومنظومة طاغوته بوجوه كالحة بديلة، أن يقيم لكم دولة الإسلام العظيم؟!

 

أبناء الشام الثائرين المؤمنين ومجاهديها المخلصين: هو دين وشرع مالك نواصيكم ووصية إمامكم ونبيكم ﷺ «كَلَّا، وَاللهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَتَنْهَوُنَّ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَلَتَأْخُذُنَّ عَلَى يَدَيْ الظَّالِمِ، وَلَتَأْطُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْراً، وَلَتَقْصُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ قَصْراً، أَوْ لَيَضْرِبَنَّ اللهُ بِقُلُوبِ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ، ثُمَّ لَيَلْعَنَنَّكُمْ كَمَا لَعَنَهُمْ». والله ما أبقى صاحبكم لمسلم من عذر فكيف بثائر ومجاهد؟! كيف تكون الدينونة لله وحده لا شريك له وكيف يكون حقيق عهدكم ووعدكم "هي لله هي لله" والعبودية له وحده بدون منازع في دولة مدنية كافرة يحادّ فيها الله ويعصى وتنفى بها شريعته ويحارب شرعه وإسلامه؟! لعمرك كيف يكون إيمان المرء وهو يحيا حياة تناقض إيمانه ويحكم بقوانين وضعية كافرة يعصى بها وفي دولتها الله؟! يرحم الله صاحب الظلال إذ يقول: "الإسلام هو تلك الحركة المصاحبة للنطق بالشهادتين، هو الانخلاع من المجتمع الجاهلي وتصوراته وقيمه وقيادته وسلطانه وشرائعه".

 

أبناء الشام الثائرين المؤمنين ومجاهديها المخلصين: لا يعذر الثائر في جهل أعدائه المتربصين به وبثورته، ففي جهله بكيدهم ومكرهم انتحاره وهلاكه. أن يسقط الطاغية اللعين عن عرش طغيانه فتلك مكرمة من الله تحسب للثورة وحقيق ثوارها ومجاهديها المخلصين، فهي حصاد بذر روته شلالات الدماء الزكية التي سفكت لأكثر من عقد من الزمن، أن يحاول لصوص الثورة سرقة تلك التضحيات وتزييف تلك الجهود لمآرب الاستعمار فذلك هو صنيعهم مع كل ثورة وذلك هو المكر الخبيث للغرب الكافر المستعمر وأذنابه وأشياعه، أن يتم التغافل عن كل هذا المكر الكافر أو الدعوة للتغافل عن العدو وأدواته بحجة سقوط الطاغية فهنا السقوط في هاوية الاستعمار وأول خطوة للانتحار.

 

لِخُلَّص المجاهدين لأصحاب الحلقة والراية: ما رُفِعَت راية رسول الله ﷺ لِتُنَكَّس، وما علت في سماء الشام على أيديكم لتعلوها خرقة الكفرة الملاعين سايكس وبيكو، فقضيتكم اليوم هي في إتمام ثورتكم بإسقاط نظام الطاغية ومنظومته وأجهزته والقصاص من مجرميه، وكشف وفضح لصوص الثورة وقطع حبال الغرب الكافر وأذرعه الخائنة الآثمة عن شامنا المبارك، وعلى أنقاض الكفر كله إقامة دولة الإسلام وتحكيم شرع الديان خلافة راشدة على منهاج النبوة.

 

﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوْقِنُونَ

 

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مُناجي محمد

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

الخلافة الطريق الوحيد للنهضة والعزة

 

 

في زمننا هذا، تتردد عبارات مثل "عاد بنو أمية"، عندما يسمعون أن هناك دعوة لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة دولة الخلافة، في إشارة إلى الحقبة الأموية التي يظن بعض الناس أنها كانت ذروة المجد الإسلامي بفضل حكم بني أمية. لكن هذه النظرة السطحية تغفل عن الحقيقة الجوهرية: أن القوة والازدهار لم يكن مصدرها الأفراد أو الأنساب، بل النظام الذي حكم به بنو أمية، وهو نظام الخلافة.

 

لقد كانت الخلافة الأموية جزءاً من منظومة الحكم الإسلامي، حيث كان الحكم لله وحده. لم يكن بنو أمية يحكمون بصفاتهم العائلية، بل كانوا يمثلون دولة الخلافة التي اتبعت الشريعة الإسلامية بوصفها نظام حكم شاملاً. كان للمسلمين إمام واحد، هو الخليفة، الذي يجمع شمل الأمة ويوحد صفوفها تحت راية الإسلام. وكان هذا النظام هو الذي منح المسلمين هيبتهم ومكانتهم بين الأمم، ودفعهم نحو الفتوحات التي نشرت الإسلام في أنحاء العالم. نعم كانت هناك إساءة في أخذ البيعة ولكنهم بشكل عام كانوا يحكمون الناس بالإسلام في باقي مناحي الحياة.

 

أما اليوم أيها المسلمون:

 

- كنا أمة واحدة، فأصبحنا دويلات متفرقة!

- كان لنا إمام واحد، فأصبح لكنا حكام متعددون متحكمون في رقابنا!

- كان نظامنا الإسلام، فاستبدلت به أنظمة وضعية غربية!

- كنا ترفع شعار "الحكم لله"، والآن من أبناء جلدتنا من يردد "الحكم للشعب"!

 

إن التراجع الذي نعيشه اليوم هو نتيجة الابتعاد عن نظام الخلافة، وتبني الأفكار المستوردة مثل القومية والديمقراطية التي فرقتنا وأضعفت شوكتنا. لن يعود للإسلام مجده ولن نستعيد قوتنا إلا بالوحدة تحت راية الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.

 

لماذا نرضى بالتفرق والضعف؟ فلنتخلّ عن العصبيات الجاهلية، ونلتحق بركب الأبطال الذين يسعون لإقامة دولة الخلافة التي تُعيد لنا مجدنا، وتحفظ كرامتنا. إن خلاصنا ليس في القومية أو الطائفية، بل في العودة إلى حكم الله وشريعته.

 

فلننهض ونتخلص من غبار التبعية والضعف، ولنستجب لدعوة الحق، ونقيم دولتنا التي تضمن لنا العزة والنصر. يقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾.

 

إن إقامة الخلافة الراشدة هي السبيل الوحيد لاستعادة ما ضاع من عزنا وكرامتنا، وهي الكفيلة بتحقيق النصر والتمكين لنا في الأرض. فلنبادر جميعاً إلى العمل الجاد من أجل هذا الهدف العظيم.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

أكرم ناجي – ولاية اليمن

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

السر وراء اعتقال الحوثيين شباب حزب التحرير

 

 

إن الأمة الإسلامية تمر اليوم بمرحلة حرجة من التحديات السياسية والاقتصادية، التي سببها تدهور الأوضاع على كافة الأصعدة نتيجة السياسات الفاشلة التي اتبعت في بلاد المسلمين على مدى عقود طويلة. منذ أن هدمت الأم الحاضنة لهم كانت هذه السياسات سبباً رئيساً في كل الأزمات ومنها الاقتصادية التي تعاني منها معظم البلاد الإسلامية، وفي خضم هذه الأزمة الاقتصادية، بدأ العديد من شباب الأمة يتوجهون للحل الصحيح وللاستماع إلى شباب حزب التحرير الذين قدموا حلولاً إسلامية حقيقية لمعالجة هذه الأزمات، وفي مقدمتها الركود الاقتصادي. ولم تقتصر الأزمة على الركود الاقتصادي، بل امتدت إلى الجانب السياسي والأمني، حيث بدأت الأنظمة الحاكمة في بلادنا تتخذ إجراءات قمعية ضد كل من يطالب بتطبيق شرع الله وبالتغيير الجذري. وفي هذا السياق، فإن ما حدث في اليمن بعد نجاح ثورة سوريا في إسقاط المجرم بشار وهروبه من سوريا، وما تبعها من حملة اعتقالات واسعة قام بها الحوثيون، يعد مثالاً صارخاً على ذلك. فقد شعر الحوثيون، كما شعر غيرهم من الحكام المستبدين في المنطقة، بالخوف من أن تمتد روح الثورة إليهم. وكان حزب التحرير، الذي كان له دور بارز في تحفيز الشعوب الإسلامية على النهوض ضد الأنظمة الظالمة، هو المستهدف الرئيس في هذه الحملة الأمنية.

 

لقد كان شباب حزب التحرير في المنطقة واضحين في بيان الأسباب التي أدت إلى هذا الركود الاقتصادي، ولم يقتصروا على التشخيص السطحي للأزمة، بل قدموا حلولاً إسلامية جذرية تهدف إلى إعادة بناء الدولة على أسس سليمة تحقق العدالة والرخاء لجميع أفراد الأمة. وبدلاً من أن تُستثمر هذه الحلول لمصلحة الأمة، لجأ النظام الحاكم إلى القمع والتضييق على هذه الدعوات والحلول الصحيحة والمقنعة.

 

ولا يخفى على الجميع أن حكام المسلمين جعلوا من حثالة الناس، الذين لا قيمة لهم في المجتمع، أدوات لتنفيذ أجنداتهم الخبيثة، وجعلوا منهم جواسيس على الأمة، يبيعون أنفسهم بثمن بخس من أجل الحصول على فتات زائل! هؤلاء الذين يساهمون في تعزيز الظلم والاستبداد، هم أول من سيعانون في الدنيا قبل الآخرة، لأنهم يساهمون في إطالة معاناة الأمة ويزيدون من فساد الوضع. إنهم لا يدركون أن إعانتهم للظالم على ظلمه ستعجل بعقابهم في الدنيا قبل الآخرة. هؤلاء الجواسيس، الذين يظنون أنهم يخدمون مصالحهم الشخصية على حساب الأمة، هم في الحقيقة يعينون على خراب المجتمع وتدمير قيمه الأصيلة.

 

إن النظام الحاكم الذي يعتمد على هذه الأدوات الحقيرة لن يستطيع إيقاف المد الإسلامي أو تحجيمه. فالظلم مهما طال لا بد أن يزول، ومن يساعد الظالم على إدامة ظلمه سيتحمل وزر هذا الظلم في الدنيا والآخرة.

 

أما الحكام الجائرون ومنهم الحوثيون في اليمن، فإننا نقول لهم: آن لكم أن توقفوا محاولاتكم الفاشلة في حجب نور الإسلام عن الأمة. آن لكم أن تدركوا أنه لا يمكنكم إيقاف شمس الحق مهما فعلتم. فالإسلام جاء ليبني مجتمعاً إسلامياً قوياً وعادلاً. وإننا اليوم نرى علامات صحوة جديدة بين صفوف الأمة، وهي بداية لمرحلة جديدة من النهوض والعودة إلى الدين.

 

ورغم أن الحلول التي يقدمها حزب التحرير هي حلول إسلامية حقيقية، قائمة على الكتاب والسنة، وتهدف إلى المعالجات في كل المجالات التي تعاني منها الأمة، إلا أن الحوثيين، لم يتعاملوا مع هذه الحلول بمسؤولية. بل على العكس، لجأوا إلى القمع والتضييق، مستخدمين الإرهاب والتكثيفات الأمنية لاحتواء التحركات الشعبية المطالبة بالتغيير. ولم يفتحوا أبواب الحوار مع الشباب الذين قدموا الحلول الإسلامية، بل فضلوا اعتقالهم وتهديدهم، بدلاً من الاستفادة من معالجاتهم السليمة.

إن هذه الممارسات تكشف حقيقة واحدة: أن الأنظمة الحاكمة في المنطقة لا تملك حلولاً حقيقية لتجاوز الأزمات التي تعيشها الأمة. بل إن هذه الأنظمة، التي فشلت في إدارة شؤون الأمة، لا تتوانى في استخدام أساليب القمع والظلم بدلاً من أن تعترف بعجزها وتبحث عن حلول جادة تخرج الأمة من أزماتها.

 

إن الحل الذي يقدمه حزب التحرير ليس مجرد فكرة نظرية أو خيالية، بل هو حل عملي مستمد من الكتاب والسنة، وهو جزء من عملنا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. إن هذا الحل موجه إلى جميع الناس، ولكنه في المقام الأول موجه إلى الحكام الذين يتربعون على عروش الحكم في بلاد المسلمين. فمشكلتهم الأساسية تكمن في أنهم حكموا الناس بغير ما أنزل الله، وأداروا شؤون الأمة استناداً إلى أنظمة وقوانين ودساتير مستوردة من الغرب الكافر، لا تمت إلى ديننا الحنيف بصلة.

 

إن السر وراء إقدام الحوثيين على اعتقال شباب حزب التحرير هو أنهم شعروا بأن المسلمين بدأوا يدركون أن الحلول التي طرحها الغرب لم تعد مجدية، وأن الحل الوحيد هو العودة إلى الإسلام، لا سيما بعد أن جربت الأمة كل الأنظمة السياسية والاقتصادية التي فرضها الغرب على بلادنا، فكانت النتيجة هي الفشل المتكرر. إن الأمة بدأت تستعيد قوتها، وتبحث عن حلول لمشاكلها من خلال المفاهيم الإسلامية التي تعيد لها عزتها وكرامتها، وأن حزب التحرير هو الذي يحمل الإسلام حملا فكريا مؤثرا، وعمله هذا يفضحهم ويكشف سوأتهم أمام الناس في اليمن كونهم يتشدقون ويصرخون ليل نهار أنهم مسيرة قرآنية وما هم إلا مسيرة موجهة لضرب الإسلام وأهله. والأيام القادمة حبلى بالمفاجآت، والمستقبل يحمل في طياته نصراً قريباً للأمة بقيادة حزب التحرير إن شاء الله.

 

فهذه الإرهاصات التي بدأت تظهر في الأفق ليست مجرد تحركات عابرة، بل هي مؤشرات قوية على قرب التغيير الكبير. ما يراه الحكام من تحركات شعبية ومطالبات بإقامة الخلافة هو صحوة إسلامية شاملة. إن هذه التحركات قد تزعجهم، ولكنها في الحقيقة تأكيد على أن الأمة قد بدأت تتلمس الطريق الصحيح نحو الخلاص. إن الليل يعقبه صباح جديد، ومخاض الولادة يعقبه مولود جديد يفرح به الصغير والكبير.

 

إننا شباب حزب التحرير نؤمن أن التغيير قادم لا محالة، وأن الأمة الإسلامية ستعود إلى مكانتها التي تليق بها، كما كانت في عصورها الذهبية، حيث كانت رائدة العالم في العلم والحضارة. فكلما زادت محاولات الحكام في قمع الصحوة الإسلامية، زادت إرهاصات التغيير وتأكيداً على أن الأمة لن تبقى أبداً تحت نير الظلم والاستبداد. إن التغيير آتٍ بإذن الله، ولن يوقفه قمع أو إرهاب.

 

إننا ندعو الأمة الإسلامية إلى أن تواصل مسيرتها نحو التغيير، وأن تثق في حلولها الإسلامية التي تكفل لها العزة والكرامة والعدالة. فما ضاع حق وراءه مطالب، وما دامت الأمة تتحرك في سبيل إحياء الإسلام، فإن النصر آتٍ بإذن الله. إن الحلول الإسلامية التي نقدمها ليست حلولاً مؤقتة أو تجميلية، بل هي حلول شاملة تعيد بناء الأمة على أسس صلبة، والرائد لا يكذب أهله، ونؤكد أن الحلول التي نقدمها ليست مجرد أفكار نظرية، بل هي حلول عملية قابلة للتطبيق في واقعنا اليوم. وما على الأمة إلا أن تفيق من غفوتها وتستعيد عزتها بتطبيق شريعة الله في حياتها. وما هذه الإرهاصات التي بدأت تظهر في أفق الأمة إلا دليل على أن التغيير قادم لا محالة، وأن الحق سيتغلب على الباطل بإذن الله. وأن الشباب المسلم في كل مكان مستعدون للعمل من أجل إقامة دولة الخلافة الإسلامية، التي سترتفع فيها راية الإسلام وتتحقق فيها العدالة والمساواة.

 

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد المحمود العامري – ولاية اليمن

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

آن الأوان لتستعيد أمة الإسلام مكانتها بين الأمم

لتعود في مقدمة الركب

 

 

لقد كشفت الثورة في سوريا القناع عن وجه الأنظمة الحاكمة وأظهرت عوار وزيف المصطلحات البراقة التي كان يتغنى بها الحكام، مثل مصطلح حرية التعبير، وغيره من مصطلحات التدجين التي دجنوا بها شعوبهم. فها هو اليوم بشار نموذج، وما ظهر أمام الشاشات وشاهده الملايين من سجون ومعتقلات وزنزانات تعج بآلاف البشر المعتقلين ومن شتى التوجهات. فبشار وسجونه نموذج وعينة تدل على ظلم واضطهاد الحكام وأنظمتهم العميلة لرعاياهم وشعوبهم.

 

إن ما تبقى من الحكام ليسوا بأفضل حال من بشار، فكونوا على يقين أن معتقلاتهم وسجونهم تزخر بآلاف من الأبرياء، وأن أيدي الحكام ملطخة بدماء إخوانكم وأهلكم. وها هم اليوم يبادرون بتصريحاتهم ووعودهم الكاذبة بأنهم سيطلقون سراح المساجين وسيعملون على تحسين السجون وتوفير مستوى يليق ببيئة السجن من أنشطة ودورات تأهيلية. ولكن أيها المسلمون إياكم ثم إياكم أن تنخدعوا بمثل هذه التصريحات الكاذبة، فما هي إلا تحسين شروط العبودية ودغدغة لمشاعركم وامتصاص لغضبكم الذي طالما تخوف منه الغرب وقض مضاجعهم، الأمر الذي جعلهم يسلطون عليكم أبناء جلدتكم لقمعكم وتكميم أفواهكم، وإن ما أظهرته وكشفته ثورة الشام يفوق ما أظهرته غزة من جرم الحكام وظلمهم للناس.

 

أيها المسلمون: أما كفاكم الاتباع والتسليم الأعمى لهذه الأنظمة؟ ألم يئن الأوان بعد لكسر ربقة الذل والتحرر من هؤلاء العملاء؟ أما آن لكم أن تلموا شملكم وتستعيدوا أمركم وتوحدوا صفكم وترفعوا رايتكم؟ أما آن لكم أن تقيموا دولتكم وتجمعوا شملكم وتستعيدوا عزكم ونصركم وتحرروا أرضكم؟ أما كفاكم هذا الذل والهوان الذي أورثكم إياه حكامكم بأن فرطوا في أرضكم وعرضكم ودينكم، وأقاموا بدل الدولة دولاً وبدل اللواء خِرقاً وبدل دستور ربكم وشرع نبيكم قوانين وضعية وأخضعوكم لها رغماً عنكم؟!

 

أيها المسلمون: ألم تفهموا وتنتبهوا بعد أن حكامكم لا يهتمون لأمركم ولا لدينكم ولا لمصالحكم؟ ألم يتضح لكم من عدم تحريكهم ساكناً حيال غزة والسودان وأفغانستان وسوريا والشيشان وغيرها، فهل رأيتم أو سمعتم أن حاكماً واحداً حرك ساكناً حيال إخوانكم المسلمين المضطهدين الذين يتجرعون الويلات في مختلف أصقاع الأرض، وهم لا يهتمون لأمر أحد!

 

ألم تعلموا أن من خذل مسلماً ولم يهتم لأمره سيخذلكم اليوم قبل الغد؟ ألم تعلموا أنه لا خير فيهم لأنفسهم حتى تأملوا منهم الخير؟ ألم تملوا من تجربة المجرب؟ ألم يتضح لكم بعد أن هذه الأنظمة الفاسدة والقائمين عليها لا يعنيها أمركم ولا قضيتكم ولا دينكم؟

 

أيها المسلمون: لا يخدعنكم حكامكم ولا يستميلوا مشاعركم بزخرف أقوالهم. ألم تعلموا أنهم خشب مسندة؟ ألم تعلموا أنهم يقولون ما لا يفعلون؟ هل نسيتم أصلكم وشرع ربكم ونظام دولتكم الذي سرقه عدوكم وأبدلكم به نظاما من عنده وثبته وسيره عليكم بالحديد والنار، وجعل هؤلاء العملاء جلادين في ظهوركم وخناجر في خاصرتكم؟ ما المانع لو أردتم تحكيم شرع ربكم ونظام دينكم ونهج نبيكم؟ لماذا تتهربون من الحق وأنتم تعلمون زيف وباطل وقتكم وعصركم؟ أخوفاً وخشية من الحكام؟ ألم تسمعوا قول ربكم: ﴿فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي﴾، أم أنكم ركنتم إليهم؟ ألم تقرؤوا قول خالقكم: ﴿وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ﴾؟ هل تساهلتم بوعد ربكم القائل سبحانه: ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾؟ أم أنكم لستم أهلاً لبشارة نبيكم الصادق الأمين حيث قال ﷺ في الحديث الشريف: «إِنَّ اللهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا» (رواه مسلم)؟

 

فهبوا واستجيبوا لداعي الله واعملوا مع العاملين لإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، فهي الكفيلة بأن تعيد الأمة لمكانتها بين الأمم، فتقتعد مركز الصدارة والريادة وتعيد للإسلام مجده وتحقق لكم سعادة الدارين: ﴿هَـذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ﴾.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

أكرم ناجي – ولاية اليمن

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

إنّ وعد الله حق

 

 

كنا نراقب ثورة الشام في كل دقيقة وقلوبنا تخفق للنصر آملين أنْ تُحقّق الثورة آمال الأمة الإسلامية قاطبة في الانعتاق من ربقة الاستعمار ونفوذه الذي عانت منه ما يزيد عن مائة عام، ولكن ظهر هؤلاء الكفار كعادتهم يمكرون بالثورة يُريدون حرْفها عن مسارها الطبيعي والذي نادت به منذ حراكها الأول بأنها لله وهدفها تطبيق الشريعة الإسلامية.

 

نعم سقط بشار الأسد وتنفس أهل الشام الصعداء وعبق التحرر من طغيانه، ولكن طغاة العالم أكثرهم بل كلهم يتربصون بالمسلمين في كل مكان. فما كان منهم إلا أن أظهروا قوتهم المنفوشة بالباطل في السيطرة والهيمنة على كل إرادة سياسية تمكن لأهل الشام سيادتهم على أرضهم وحياتهم زاعمين كذبا وزورا أنهم يريدون الخير لأهل سوريا والحقيقة أنّهم يعضون الأنامل من الغيظ على ثورة الشام التي قال عنها أوباما (شيّبتنى) لأنها تحمل نفسا إسلاميا يرعب الكفار والمنافقين.

 

إنّ ثورة الأمة الإسلامية منصورة بإذن الله، وإن استبطأَت النصر فنصر الله لا يتأخر، فوعد الله حق، فما تصورناه وانتظرناه يأتي في حينه ويفوق توقعنا ﴿وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ أما الكفار الماكرون فيمد لهم الله في طغيانهم ثم يأتيهم من حيث لا يشعرون، يقول سبحانه وتعالى: ﴿قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ﴾، فما علينا إلا أن نسأل الله الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد حتى يأتي نصر الله ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً﴾.

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

سعاد خشارم

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

ما بال أقوام يسارعون في علمانية الغرب الكافر ودولته الوطنية

ويتنكبون خلافة الإسلام؟!

 

 

 

ما بال أقوام باتت معهم أحكام هذا الدين العظيم بل وقطعياته وأبجديات مفاهيمه ومعلوم أحكامه بالضرورة؛ الحكم بما أنزل الله في ظل خلافة راشدة على منهاج النبوة، موضع أخذ ورد ومساومة ومقايضة وظروف دولية تسمح أو لا تسمح، وغرب كافر مستعمر يأذن أو لا يأذن، وضغط واقع مانع أو مجيز، وتضارب بين منفعة ومضرة، وصار دين العزيز العليم عند عبده الحقير الجاهل موضع مفاوضة ومساومة؟!

 

ما بال أقوام انحنت جباههم لله وما انحنت معها عقولهم وقلوبهم لحكم الله وتحكيم شرعه وشريعته، ما بال أقوام كبروا الله قولا واستكبروا أمريكا والغرب الكافر فعلا، فاستنكفوا عن تحكيم شرع الله ودانوا للغرب الكافر وشرائعه ونظامه الدولي، استخفوا بخوف من وجب خوفه حقا فهو القاهر فوق عباده وخوفهم منه عبادة وطاعة ونجاة ومفازة، واستعظموا وخافوا الغرب الكافر الذي لا يملك نفعا ولا ضرا وخوفهم منه ذلة ومذلة وهوان؟!

 

ما بال أقوام متى ذكرت خلافة الإسلام وتحكيم شرع الديان استشكلوها وأعضلوها وكأنهم بشريعة الإسلام معضلة وأزمة، وليست الحل الشافي لهذه الأزمة الماحقة التي تحياها أمة الإسلام بل والبشرية جمعاء؟! ما بال أقوام سمعوا وما سمعوا وما فقهوا قول الجليل العليم الخبير لنبيه الهادي ﷺ: ﴿طه * مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى﴾؟!

 

ما بال أقوام ما نفعت فيهم هذه المائة من السنين الشداد العجاف بضياع خلافة إسلامنا ونقض حياتنا الإسلامية حياة عزنا ومجدنا ونقض مجتمعنا ودارنا، وضمور كيان أمتنا ووحدتنا وطمس شمس حضارتنا وعسف الغرب الكافر المستعمر بشرع ربنا وتعنتنا بكفر فلسفته ومنظومته العلمانية، وطمّنا في وحل مستنقع حضارته وتوسيد أمرنا لشرار الخلق اللئام عملائه؟! أوَما نفعت كل المائة المزحومة بالمآسي والمصائب وكفر العلمانية الأسود وحصادها المفجع لتعلنوها كفرا صريحا بالغرب ومنظومته ورويبضاته، وتكفرون بحدوده وسدوده ودولته الوطنية العلمانية صنيعته التي سامتنا أهوالا وعذابات لمائة خلت؟! أما كفتكم مآسي علمانية الغرب الكافر ودولته الوطنية التي فاضت علينا مصائبها وعذاباتها، وكفى بعذابات وأهوال الشام واعظا؟!

 

أما آن وحان لكم أن تقدروا حقيقة التبعات الخطيرة المدمرة لحياتنا ومجتمعنا وديننا ودنيانا وآخرتنا لمائة سنة خلت من ضياع خلافتنا وغياب إسلامنا عن دفة الحكم وقيادة هذا العالم المنكوب بجاهلية الغرب ووحشية وهمجية استعماره، تجاه أنفسكم وتجاه البشرية جمعاء فهي مسؤوليتكم، فكيف يرجى الخلاص من هذا التيه المبير والمعيشة الضنكى والشقاء المهلك بدون خلافة الإسلام التي تضع شرع الديان موضع التنفيذ والتطبيق فتحيوا بذلك حقيق وعد ربكم ﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى﴾؟

 

أيقنوا فليس لها من دون الله كاشفة، أما إن استسلمتم لوساوس شياطين الغرب وأرهبتكم دول الغرب وخنعتم وخضعتم، فلا تكابروا، هو دين الله فدعوا الحمل لأهله وابرأوا وتوبوا إلى خالقكم ولا تترخصوا في أعظم وأكبر معاصيه في تعطيل شرعه بين عباده وعلى أرضه، وأشد منها وأكبر معصية وظلما وجرما وهي في تحكيم شرائع وأنظمة الغرب الكافر في أرض الإسلام وعلى عباد الله المسلمين. فيا ويل من كان هذا الدرب دربه والنهج نهجه سار فيه أو عليه أو زَيَّنَهُ للناس!

 

ما بال أقوام لُدِغوا من جحر أمريكا ودول الغرب الاستعمارية الكافرة سبعين مرة ثم لا يتوبون ولا هم يذّكرون؟! أمريكا هي ألد أعداء الإسلام وأمته فهي شيطان عصركم، فكيف تناقش وتحاور وتفاوض في قضايا المسلمين بل وتشترط وتملي، ثم ها أنتم تجادلون وتحاجون بمكر أمريكا رهبة وخشية؟! أوَما علمتم أنكم بصنيعكم هذا وقعتم في شنيع الاستهانة بمكر القوي المتين بل وأمنتم مكره وهو القائل جل في علاه: ﴿أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾؟

 

لمن استرهبتهم أمريكا وظنوا بالله الظنون وبدا لهم انتفاء استطاعة إقامة دين الله في أرضه لحكم عباده بشرعه، وجادلوا ونازعوا وخاصموا في عدم إمكانية ذلك لظرف قهر أصحاب هذا الطرح واستنزفهم؛

 

لهؤلاء أقل وأضعف الإيمان إن خُيِّرَ المرء بين العجز والفجور أن يعلن عجزه ويفسح الطريق لأصحاب المشروع المؤمنين الموقنين بإقامة خلافة الإسلام الراشدة على منهاج النبوة لتحكيم شرع الله في أرضه وعلى عباده. ثم ليعلم هؤلاء أن ليس لعاجز عن الحكم بشرع الله ولاية أو حكم، فمن شرط الحاكم شرعا أن يكون قادرا من أهل الكفاية على القيام بأعباء الحكم بشرع الله، فذلك مقتضى العقد الشرعي بين الراعي والرعية؛ أن يحكمهم بشرع الله، فالعاجز عن القيام بشؤون الرعية بكتاب الله وسنة نبيه ﷺ في حكم المعدوم، فكيف بمن استرهبته أمريكا ودان وخضع لشروطها وإملاءاتها ومنظومة كفرها ونظامها الدولي وأنظمتها؟! أخرج مسلم من طريق أبي ذر رضي الله عنه قال: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي؟ قَالَ: فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِي، ثُمَّ قَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ ضَعِيفٌ، وَإِنَّهَا أَمَانَةُ، وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ إِلَّا مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا، وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا».

 

وليكن معلوما لكل من يؤمن بالله واليوم الآخر أن شرعية النظام هي في تحقيق سيادة الشرع والحكم بشريعة الله وليس في اقتحام قصر الطاغية والجلوس على عرشه، بل شرعية النظام والحاكم لا تنفك عن سيادة الشرع والحكم بشريعة الله، بحيث تكون العقيدة الإسلامية هي أساس الدولة بحيث لا يتأتى وجود شيء في كيانها أو جهازها أو محاسبتها أو كل ما يتعلق بها إلا بجعل العقيدة الإسلامية أساسه. فالعقيدة الإسلامية أساس الدستور والقوانين الشرعية ولا يسمح البتة بوجود شيء مما له علاقة بأي منهما إلا إذا كان منبثقا عن العقيدة الإسلامية، فدستور الدولة وقوانينها أحكام شرعية مستنبطة من أدلة الوحي. قال جل وعلا: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾. ومن حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي ﷺ أنه قال: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» متفق عليه.

 

ثم ما بال أقوام كنا نعدهم من الأغيار على هذا الدين حتى زعموها حكمة سياسية ووعيا سياسيا أن نصبر ونمهل الساعين في إعادة تدوير المنظومة العلمانية ونظامها العلماني الكافر، حتى نستبين ونستيقن وتكشف لنا الأيام عن صدق أو خبث النوايا وحسن أو قبيح الصنيع بنا؟! يا قومنا، الحكمة والوعي السياسي هي في أن نسير مع الحق بحسب عقيدة الإسلام التي أخذناها عن جزم ويقين واعتقدناها، وأن ننظر إلى الحوادث والوقائع للحكم عليها من زاوية عقيدتنا الإسلامية، والوعي السياسي يقتضي نضالا عقائديا ضد التضليل السياسي الذي يمارسه الغرب الكافر المستعمر وأذنابه لحرف بوصلة الثورة والتغيير عبر محاولته إعادة تدوير النظام العلماني الذي ثار عليه الناس بإبدال الطاغية العميل بعميل في طور الطغيان، ونضالا عقائديا ضد اختصار الغايات السامية والأهداف العالية بغايات جزئية وأهداف آنية (كالمحاولة الماكرة القائمة اليوم في اختصار الغاية السامية لثورة الشام المباركة من إقامة حكم الإسلام وخلافته الراشدة على منهاج النبوة إلى فرار وإسقاط لطاغية الشام) وهو عين المكر والخديعة السامة القاتلة، فالواعي سياسيا يقيس الأمور بمقاييس عقيدته لا أن ينتظر نتائجها ليقرر صحتها من بطلانها! فالتجريب والاختبار وانتظار النتائج هي مقاييس مَن لا مقاييس شرعية له، ومع هكذا حال تصبح الواقعية ومقاييس الواقع العلماني المهيمن هي مقياس النجاح والفشل ونكون حينها رجعنا القهقرى وعدنا للقفص العلماني البغيض!

 

يا قومنا، المسألة ليست كما تتوهمون فهي ليست مسألة حاكم شرعي يحكمنا بشرع الله، وتصبح حينها المسألة مسألة نظر في إحسان أو إساءة التطبيق، وإمهاله لمعرفة إحسانه من إساءة تطبيقه لأحكام الشرع من نافلة القول. لكن الأمر خلاف ما تتصورون وتظنون، فالمسألة أجل وأعظم؛ فهي متعلقة بأسس الحكم وفلسفة الحكم ومنظومة الحكم والمرجعية الفكرية والمصادر التشريعية والدستور والقوانين والأنظمة والأجهزة وبالتالي نحن أمام تحديد شرعية النظام من عدم شرعيته.

 

يا قومنا، إنما الإيمان موقف حق زمن الشدائد والفتن، فالشدائد كاشفات لعاريات الأنفس ويقين أو ضعف إيمانها. فالفتنة كل الفتنة أن يفتن المرء في دينه، فالفتنة كل الفتنة أن تجد سبعين عذرا لمن ترخص في تعطيل شرع الله وحكم المسلمين بشرائع أعداء الله، زاعما زعما باطلا منكرا أنه في كل هذا يبغي اتقاء فتنة كيد الأعداء ومكرهم والرأي هو في مسايرتهم والاستجابة لشروطهم وإملاءاتهم، ﴿أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا﴾!

 

ثم أكبر منها عجبا تحار معه الألباب أن لا يجد المسلم حجة شرعية ولا وجه حق فيمن يدعونه لتحكيم شرع الله وإقامة خلافة الإسلام لحكم المسلمين بشرع ربهم، بل جدال وحجاج ونزاع وخصام، بل وظلم وسجن وتبرير لهكذا ظلم، بل ويزيد ويزعم أن المتاح العلماني اليوم ودولته الوطنية هو كل ما نستطيع، بل ويأفك في تبرير وتزيين هكذا وضع والثناء على السائرين في متاهاته!

 

يا قومنا، هما مشروعان لا ثالث لهما؛ مشروع رباني ومشروع شيطاني، فاحسموا أمركم قبل أن تزل قدم بعد ثبوتها فتذوقَ السوء لصدها عن سبيل الله، هما مشروعان؛ مشروع إسلام رب العالمين ومشروع كفر الغرب المستعمر شيطان عصركم، إما خلافة راشدة على منهاج النبوة أو دولة وطنية وظيفية للاستعمار الغربي الكافر، مشروع يهدي إلى الجنة ومشروع يهدي إلى النار، ولعمرك ما أبقى الحكيم العليم لمتهوك من عذر، قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَالاً بَعِيداً﴾. وقد ذكر أن هذه الآية نـزلت في رجل من المنافقين دعا يهوديا في خصومة كانت بينهما إلى بعض الكهَّان ليحكم بينهما، ورسول الله ﷺ بين أظهُرهم!

 

ليس مع الإيمان إلا الكفر بطاغوت العلمانية ودولتها الوطنية ومنظومتها وأنظمتها الوضعية، ثم السعي لتحكيم شرع الله طاعة له وتعبدا بإقامة دولته، ثم الاستقامة على طريق الحق فإن مت دون الغاية وكان الأجل دون بيعة إمامك وخليفتك ودون حياتك الإسلامية في ظل الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، ما ضرك شيء، وحسبك أنك استقمت كما أُمرت على صراط الإسلام المستقيم طاعة لمولاك وطمعا في رحمته ورضاه.

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

 

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مُناجي محمد

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

اللحظات الأخيرة من مخاض الأمة

 

 

إن الأمة اليوم تمر في أدق المراحل في تاريخها المعاصر، وذلك بتداعي المستعمرين بقيادة أمريكا عليها. وأمام هذا الواقع نجد الأمة في حالة من السكون أثار اهتمام وربما قلق أوروبا، فدفعت بمفكريها ورجالات السياسة المخضرمين فيها لدراسة ومعرفة ما ينطوي عليه حال الأمة الإسلامية، وهذا السكون وإن كان ظاهره الانتظار المصحوب بالمرارة، إلا أن باطنه غليُ مِرْجَلٍ. ولكن الأمر لا يخلو - وكما هي حال الأمم - من يائسين أو مرجفين، امتازوا بقصر النظر، وسطحية التفكير، واستغرقوا في الحسابات المادية دون أن يلتفتوا إلى جوانب القوة الكامنة في الأمة وعناصر الضعف الكامنة في أعدائها، بل لم يلتفتوا إلى نواميس الكون وسنن الله في الأمم.

في الأزمات ولحظات الشدة تتجلى مواقف القيادة الحقيقية المنبثقة من الأمة المعتزة بدينها، فالرسول ﷺ:

 

-    نراه يجيب عمَّه عندما ضيقت عليه قريش الخناق «لَوْ وَضَعُوا الشَّمْسَ فِي يَمِينِي وَالْقَمَرَ فِي شِمَالِي عَلَى أَنْ أَتْرُكَ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى يُظْهِرَهُ اللهُ أَوْ أَهْلِكَ فِيهِ مَا تَرَكْتُهُ»، فالرسول ﷺ هنا يمثل الثبات، والصبر والجلد، والإصرار على الحق، والإقدام، والاستعداد للتضحية استعداداً صادقاً يلمسه الناس فيه.

 

-    ونراه المقاتل في بدر يبث العزيمة والهمة في نفوس أصحابه ويدعو لهم ويلح في الدعاء.

 

-    ونراه يقود المسلمين في غزوة تبوك فيقطع الصحاري معهم لقتال الروم في بلاد الشام بعد أن سمع بإعدادهم لغزو المدينة، وهو ﷺ بذلك يجسد القدوة والنموذج القيادي الذي يحتذى.

 

-    ونراه يشد عضد أصحابه في غزوة الأحزاب، حيث بلغت قلوبهم حناجرهم وزلزلوا زلزالاً شديداً، فيبشرهم بالنصر قائلاً: «لَنْ تَغْزُوَكُمْ قُرَيْشٌ بَعْدَ عَامِكُمْ هَذَا، وَلَكِنَّكُمْ تَغْزُونَهُمْ»، وهنا تتمثل القدرة على استغلال عناصر القوة في نفوس الناس فيبعثها فيهم فيجنبهم الهزيمة والانتكاس، ويبصرهم بعناصر ضعف أعدائهم ويقودهم لاستغلالها.

 

هذا غيض من فيض من سيرة قدوتنا وأسوتنا ﷺ، الذي كان نعم القائد. فهل عدنا لها لنترسم خطاه وبخاصة في لحظات الشدائد والأزمات؟

 

إن الأمة اليوم تفتقد القيادة الحقيقية، ولا نجانب الحق والصواب إن قلنا إنها اليوم تعاني من فراغ قيادي. ألا ترون معاشر المسلمين أن حكامكم يمضون حياتهم في العمالة للكافر المستعمر، والتسلط على أموالكم ومقدراتكم؟ ألا ترون أنهم لا يستحيون من الإعلان بأعلى أصواتهم أنهم أذلة لا يملكون من الأمر شيئاً، اللهم إلا الاستجداء، وأنهم يجعلون للكافرين عليكم سبيلاً؟

 

فنرى الشبيحة اليوم قد أخذوا ضوءاً أخضر من الدول الغربية، وعفواً من الحكومة الحالية، ما جعلهم يزدادون ببطشهم وغيهم ومطالبتهم الوقحة! وكل هذا يأتي في مرحلة المخاض.

 

ومرحلة المخاض التي نعيشها اليوم تأتي بفضح النهايات لكل من ادعى أنه من حملة الدعوة أو من دعاة إقامة شرع الله في الأرض. وأيضا فضح كل من يختبئ وراء نفسه بما فعله سابقا بقوله إننا كنا مغلوبين على أمرنا وأن النظام هو الذي كان يضغط على الجميع. اليوم عادت ساحات الحرية على غير ما نشتهي، ولكنها فاضحة لكل من في مكنون نفسه الخيانة والعمالة للغرب، وأطماعه الظاهرة التي اختبأ وراءها وفعل الأفاعيل مع النظام، واليوم مع نهاية النظام يتبرأ من هذه الأفاعيل فتفتح الساحات أمامهم فيخرجون كل مكنونات أنفسهم دون ضغط. فمن أراد أن يطبق الإسلام فإنه يلتزم الحكم الشرعي بالاستمرار بالعمل طالما أن هذا النصر الذي أتى من الله لم يخلص به إلى الله في نتائجه، فالله سوف يتركه للناس، وستنقلب الآية عليهم آجلا أو عاجلا، ونتمنى أن تكون الأمة واعية. وعلى الواعين من الأمة اليوم أن يتحركوا ضمن ما يمليه علينا الشرع، ولو كلفنا ذلك ما كلفنا فنحن اليوم مطالبون بوعينا السياسي أن نأخذ بيد الأمة نحو ما يرضي ربنا سبحانه، ونتحمل كل أعباء المرحلة طالما أننا ملتزمون بالحكم الشرعي.

 

إن الحال اليوم تعبر فعلا عن مرحلة المخاض بخروج الدماء والتلوث وظهور الأوساخ، وكل هذا تنظيفا لمرحلة الولادة التي نسأل الله أن تكون قريبة، وأن نكون مخلصين لله لكي نكون من أهل تلك المرحلة إن شاء الله.

 

لذلك، وإن كان يؤلمنا ما يحدث ويؤلمنا ما نراه من إعادة كيان النظام القديم إلى ساحاته، ومن العفو الذي لا يستحقونه بعد أن قتلوا وذبحوا واغتصبوا وكفروا ومارسوا كل ما هو غير بشري، فإن هذا العفو سينقلب على أصحابه لأن العفو في غير مكانه جريمة.

 

أما عن أطياف العلمانية مما يسمى مجتمعا مدنيا وغيره، فهؤلاء اليوم يظهرون على حقيقتهم وهم ليسوا أكثر من قذارات يلفظها رحم هذه الأمة لتلقى مع سقط المتاع فيهيئ الله لنا ولادة شرعية نظيفة على منهاج النبوة، لتكون نظيفة في بنيانها الداخلي، حتى نستطيع الوقوف أمام ذلك الطوفان.

 

إن ما يحدث يؤلمنا، ولكن يجب أن لا يضعنا في حالات اليأس ويجب أن يضيء لنا شعلة العمل والالتزام بما نص عليه كتاب الله وسنة رسوله.

 

فمن صفة الواعين سياسيا أن يديروا الدفة كما أمر الله ملتزمين بالحكم الشرعي، وعيننا على الأمة للأخذ بيدها وتصحيح البوصلة لها، فهذه الأمة المسلمة مخلصة ولكن ما طبق عليها جعل في آلية تفكيرها شيئا خاطئا حيث ترى الواقع، وتجعله مصدرا للتشريع، فتخطئ اليوم بربطها أو تحليلها، لأنها وإن كانت تحمل عقيدة صحيحة لكنها غير مطبقة، أي أنها تعلم أن كل شيء بيد الله، ولكنها تخاف من قوى الغرب وأساطيلهم وقوتهم ورجالاتهم، وتخاف من الخونة والمرجفين، فتقنع نفسها بأن من يسوسها يجب أن يكون ذا وجه براغماتي يداهن ويحفظ ماء وجه الدولة على حد زعمهم، وذلك بقلب الحقائق والكلمات التي لا ترضي الله بأن يصبروا فالقادم سيكون أفضل في ظل دولة مؤسسات تحكم بالعلمانية، وهم يتكلمون عن الرخاء الذي سيصيب البلاد، هذا الرخاء الذي يشرطه الغرب مقابل أن تعيش ذليلا تابعا مرهونا لتلك الدول، لذلك نجد الغرب بعد أن تمكن من ركوب الموجة والقبض على مفاصل النصر الذي وهبنا إياه الله، بدأ يعيد الدولة العميقة بطريقة بطيئة مع جس نبض الأمة، وهذا ما فعلوه حينما كبروا ما حدث في سوريا من إجرام عبر سجونها وهو واقع لا ننكره، ولكن الإعلام أخذ فيه الشيء الكثير، وهذا كان مدروسا لكي لا ننظر لما يحدث على الساحة من تجهيز الحكم، ونقبل بأن نعيش ضمن دولة تحترم الرأي الآخر، وهذا بالنسبة لمن يروجون لهذه الفكرة إنجاز عظيم.

 

وللأسف تناسوا أننا مأمورون من رب العالمين بأن نقيم حكم الله في الأرض وألا نتوانى عن ذلك وأن الله سينصرنا حينما نطبق أوامره ولا نخاف تلك القوى وأمرنا أن نخافه هو سبحانه.

 

إن المكر الذي يمكرونه اليوم سينقلب عليهم، وسيعلمون مع قادم الأيام أن ما تم فعله هو سرقة للثورة ولم نحقق من هذه الثورة أي شيء، وسيعود أركان النظام بغياب رأسه وجزاريه المشهورين ويبقى نظامه كاملا كما كان، ويهيئون لهذا عن طريق ما يلي:

 

أولا: العفو العام الذي يروج له، وقد يصدر على نحو رسمي غدا بأنه سيعفى عن كل إنسان من الطرفين سواء من المعارضة أو من النظام مع استثناء قوائم معينة، ترفع للإنتربول ويُبْحَث عنهم داخلا وخارجا.

 

ثانيا: البدء بمؤتمر حوار وطني يجمع جميع الأطياف، ومفرزات هذا الحوار بإعادة دولة المؤسسات وطرح دستور سوريا الجديدة وهو جاهز، ولكن الظروف لا تسمح أن يظهر الآن كما كتب وإنما سوف يمهد له بأن هناك لجنة من لقاء من المؤتمر الحوار الوطني هي التي سوف تدقق بنود هذا الدستور، وتوافق عليه لأن من أهم بنود هذا الدستور أن الشريعة الإسلامية ليست مصدرا للتشريع.

 

ثالثا: مفرزات مؤتمر الحوار الوطني حل مجلس الشعب، وكذلك جميع مجالس المحليات، ويتم الاستعجال بالدستور أو وضع آلية انتخابات تبدأ من المحليات وصولا إلى مجلس النواب، وهذا سوف يحدد فيه التوزيع الطائفي في البلاد.

 

رابعا: بعد الانتخابات المحلية والبرلمانية يسمح بالترشح لرئاسة البلاد، وتجرى انتخابات على هذا المضمار.

 

وفي الوقت الذي تتم فيه هذه الإجراءات هناك أمور أخرى تهيئ لهم امتلاك الساحة دون أن ننبس ببنت شفة:

 

١- سحب السلاح من الفصائل جميعها أولا ويمنع حمل السلاح أو اقتناؤه تحت مسؤولية القانون للسجن مدة كذا؛ وبذلك يضمن انتهاء الحالة العسكرية التي كانت موجودة سابقا.

 

٢- حل الفصائل كافة ابتداء من هيئة تحرير الشام إلى أصغر فصيل، ويمنع ضمن القانون تشكيل أي تجمع غير رسمي، ورسميته تأتي من ترخيص ضمن الدولة سواء أكان حزبا أو جماعة أو تجمعا.

 

٣- إعادة القبضة الأمنية بشكل يضمن للغرب حماية ما سوف ينشئه في سوريا إلى زمن بعيد.

 

٤- ضمان عودة الإسلاميين إلى حالة الإسلام الكهنوتي، وسيضمن لهم ممارسة شعائرهم الدينية كما يضمن ممارسة شعائر الطوائف الأخرى سواء بسواء.

 

وهناك أمور كثيرة لكن كلها تصب في إعادة النظام القديم برمته مع تبديل بعض الأوجه التي تعتبر بديلا مرضيا، منفذة وخاضعة لقراراتهم، ضامنة لـ(حقوق) كيان يهود وضمان حدوده وضامنة لتأمين مصالح أمريكا في المنطقة على أكمل وجه، فاتحة ذراعيها إلى كل عملاء المنطقة وتصبح سوريا مرتعا ومصنعا لهم، حتى يقدم الرفاهية للشعب السوري التي تسلبه دينه.

 

هذا ما يمكره الغرب، ولكننا نقول للجميع إننا التزمنا بالحكم الشرعي وعملنا على أن لا نتنازل عن ديننا، ونعمل لتحقيق بشرى رسولنا الكريم ﷺ «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ».

 

لذلك نهيب بكل أهل القوة وبكل مخلص واع أن يلتزم حكم الله فإننا على أعتاب أن يتم الله نوره فلا نكون من الذين خسروا الدنيا والآخرة ولا نكون من الذين سيستبدلهم الله.

 

بل نعم الجاهدون على أن نكون من الذين يعلون كلمة الله، ونكون من الذين يستخلفهم إن شاء الله، ونرفع راية العدل، ونستأنف الحياة الإسلامية كما أرادها الله.

 

إنه لا حل إلا بالعمل مع المخلصين من أبناء الأمة الساعين لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي ستعمل بإذن الله على إزالة سيطرة الكفار وقطع نفوذهم واقتلاع كيان يهود من قلب الأمة، فالأمة التي أنجبت قيادات كخالد وأبي عبيدة وسعد ونور الدين وصلاح الدين وقطز وبيبرس ما زالت ولادة، وما زال بين الرجال وفي أصلابهم من سيأتي ليعيد لها عزتها وكرامتها ورفعتها، ومهما اشتدت الظلمة واشتد الكرب، فإن الله عز وجل سيخرج من رحم الظلام فجراً تشرق به الوجوه وتسر به النفوس ويفرح حينها المسلمون بنصر الله.

 

﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً

 

 

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

دارين الشنطي

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

هل نجح الغرب الكافر في طمس عقول المسلمين؟

 

سعى الغرب الكافر، وعمل جاهداً على زعزعة أفكار المسلمين، وفي سبيل ذلك وضع خططا خبيثة، لحرف عقولهم، وظل سنين يحاربهم بقتلهم وتشريدهم، وإثارة الفتن والنعرات بينهم. ورغم عظم المؤامرة، لكن بحمد الله سبحانه وتعالى لا تزال الأمة بخير، وتأكد أن المسلمين أقوياء في دينهم. ولما أدرك الغرب الكافر أن قتل المسلمين لا يبعدهم عن دينهم، بل يزيدهم قوة، أضاف وسائل وأساليب أخرى واستهدف بها مصدر قوتهم، وهي العقيدة الإسلامية، فحاول إحداث خلل بغزو العقول بالأفكار الغريبة عن الإسلام، فسار على النهج الآتي:

 

أولا: معلوم أن هناك صلة وثيقة بين الغزو الفكري والغزو العسكري، فكلاها يهدف إلى إبعاد المسلمين عن دينهم، والغزو الفكري هو الذي ساعد الغرب على احتلال بلاد المسلمين وإذلالهم ونهب خيراتهم كما يقول لويس التاسع ملك فرنسا، بعد أن وقع في الأسر، وبقي سجينا في المنصورة إذ قال: "إذا أردتم أن تهزموا المسلمين فلا تقاتلوهم بالسلاح وحده، فقد هُزمتم أمامهم في معركة السلاح، ولكن حاربوهم في عقيدتهم فهي مكمن القوة فيهم".

 

أما غلادستون رئيس وزراء بريطانيا الأسبق فقال: "لن تحقق أوروبا شيئا من غاياتها أبدا في العرب إلا إذا سلبتهم سلطان القرآن، أخرجوا سر هذا الكتاب من بينهم تتحطم أمامكم جميع السدود"، فاجتهدوا كل الاجتهاد لتدمير ركيزة المسلمين. قالت د. سهير أحمد السكري، اختصاصية اللغويات بجامعة جورج تاون: "قد آمن المستعمرون الإنجليز والفرنسيون بأن المعركة مع المسلمين يجب أن تبدأ من المدرسة بتدمير التعليم الديني وذلك بنشر المدارس الأجنبية بالبلدان العربية ومحاربة اللغة العربية". وبموجب هذا أوجدوا دويلات ضرار لم تتبن القرآن دستوراً لها، مثلما ورد في المادة الأولى من مشروع دستور دولة الخلافة لحزب التحرير: "العقيدة الإسلامية هي أساس الدولة، بحيث لا يتأتى وجود شيء في كيانها أو جهازها أو محاسبتها أو كل ما يتعلق بها، إلا بجعل العقيدة الإسلامية أساساً له. وهي في الوقت نفسه أساس الدستور والقوانين الشرعية بحيث لا يسمح بوجود شيء مما له علاقة بأي منهما إلا إذا كان منبثقاً عن العقيدة الإسلامية".

 

ثانيا: زرع الغرب الكافر الشك في نفوس المسلمين عن أحكام الإسلام، بل محى أهم أحكام الإسلام من مناهج التعليم، وبالأخص أفكار الحكم والاقتصاد، فترك المسلمون أفكارهم القيمة ليتبنوا مكانها الأفكار الغربية الباطلة، التي جعلتهم ينساقون وراء أنظمة الغرب، ينادون بها، ويطيعونه الطاعة العمياء.

 

ثالثا: إعادة السيطرة العسكرية وصناعة عملاء في بلاد المسلمين، وهذا الأمر يتحقق بأمرين:

 

1- الاحتلال العسكري المباشر، فكان احتلال أمريكا ودول الناتو لأفغانستان عام 2001، واحتلال أمريكا للعراق عام ٢٠٠٣، وكانت كشفا لردة فعل حكام البلاد الإسلامية، فتبين للغرب أن المسلمين متفرقون أشتاتا، وساعد هذا على حرف الثورات التي قامت في بلاد المسلمين.

 

2- الاحتلال غير المباشر بأن جعلوا حكام البلاد تابعين لهم، لا يخرجون عن إرادتهم ولا عن طوعهم، وقد حدث هذا بعد خروج المحتل لكنه أبقى نفوذه وعملاءه.

 

رابعا: السيطرة الاقتصادية على بلاد المسلمين التي تزخر بثروات ضخمة سال لها لعاب الدول الغربية قديما وحديثا ما جعلها تحاول جاهدة استغلال هذه الموارد.

 

فمثلا حضور ثلاثة وفود روسية دفعة واحدة في بورتسودان، ففي 24 كانون الأول/ديسمبر 2024م أوردت المندرة نيوز: "أكد د. جبريل إبراهيم وزير المالية خلال لقائه بالسفير الروسي المفوض فوق العادة، Mr. Andrei Chernovol، استعداد حكومة السودان لإقامة علاقات تعاون استراتيجي في المجال الاقتصادي... من جانبه، كشف السفير الروسي عن ترتيبات رسمية لزيارة ثلاثة وفود من رجال أعمال الغرفة التجارية الروسية إلى السودان خلال الفترة المقبلة، والتنسيق مع الجهات الحكومية السودانية لتوقيع اتفاقيات في مجالات الطاقة، والموانئ، والكهرباء. وأكد السفير اهتمام الجانب الروسي بالاستثمار في مجالات البنى التحتية، مطالباً بتحديد خارطة لأولويات السودان تراعي توازن تطوير المجالات المستهدفة".

 

ثم عمد الغرب الكافر إلى تركيز نظامه الاقتصادي القائم على الظلم ونهب الثروات في بلاد المسلمين، فجرفونا نحو الربا فأصبحت كل البنوك تتعامل به، فأدخلوا المسلمين في حرب من الله تعالى ورسوله ﷺ، ووقعنا فيما حذر منه رسول الله ﷺ «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَأْكُلُونَ الرِّبَا، فَمَنْ لَمْ يَأْكُلْهُ أَصَابَهُ مِنْ غُبَارِهِ» أو كما قال أحدهم "إن هذه السياسة الخبيثة الربوية هي لاسترقاق البلاد والعباد والهيمنة عليها بتسميات أخف وقعاً مثل سياسة التصحيح الاقتصادي بدل اسمها الحقيقي تسريع الانهيار الاقتصادي، كما أبدلوا اسم الربا ووضعوا مكانه اسما أخف وقعاً قالوا عنه فائدة".

 

خامسا: إبعاد المسلمين عن مصدر أساسي في فهم القرآن؛ اللغة العربية لغة القرآن الكريم. مرّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه على قوم يسيئون الرمي فقرّعهم فقالوا: "نحن متعلمين"، فقال: "لَلحْنُكُمْ أَشَدُّ عَلَيَّ مِنْ سُوء رَمْيِكُمْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «رَحِمَ اللهُ امْرأً أَصْلَحَ مِنْ لِسَانِهِ»".

 

فالقرآن عربي اللغة لا يفهم إلا بها، فمن أراد أن تستقيم عقيدته ويفهم أحكام الشرع على علم، فليتقن لغته وليتفقه في دينه كما علمنا رسول الله ﷺ وأصحابه، وكما سار رضوان الله عليهم على سنته فكانوا من الفائزين.

 

فالإسلام ليس دين استعمار، ولا تعبيد الناس للأطماع الاقتصادية، ولا غيرها من أهواء الغرب الكافر الاستعمارية، بل هو رسالة الرحمة، فكانت الفتوحات الإسلامية واجبة على دولة المسلمين الخلافة، لتبليغ الإسلام للناس، لذلك لم تكن الفتوحات من أجل استغلال الشعوب واستعمارها، وامتصاص خيرات البلاد، إنما كانت من أجل شيء واحد هو حمل الدعوة الإسلامية إلى أهلها، لإنقاذهم مما هم فيه من حياة ضنك وشقاء.

 

إن الواجب على المسلمين هو أن يستأنفوا الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، وأن لا يتهاونوا في ذلك فيحق المحق عليهم، فمن ابتغى غير القرآن دستوراً ومرجعاً فله معيشة ضنكا، فما العزة إلا بالإسلام.

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

زهراء داود – ولاية السودان (بورتسودان)

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

من يظفر بالشرف العظيم أيها الضباط في بلاد المسلمين؟!

 

 

 

إلى الضباط وأفراد جيوش المسلمين، يا درع الأمة وسيفها البتار، يا جنود الإسلام في اليمن ومصر والجزائر والأردن والشام وتركيا ونجد والحجاز وباكستان وبقية بلاد المسلمين، يا أمل الأمة وحماتها:

 

إنكم أيها الجند الأمل المنشود، والقوة الكامنة التي يمكن أن تُحدث التغيير العظيم الذي تتطلع إليه الأمة. أنتم الركيزة التي تعتمد عليها الأمة الإسلامية في استعادة عزتها، والسواعد التي ستعيد الحق إلى نصابه، وتحرر الأمة من قيود الطغاة وهيمنة المستعمرين. إنكم لستم مجرد أفراد ينفذون الأوامر؛ بل أنتم أبناء هذه الأمة وحماتها، وأصحاب المسؤولية الكبرى في الدفاع عنها وإعادتها إلى مكانتها المرموقة بين الأمم.

 

أيها الأبطال، لطالما تجاهلت الأنظمة الحاكمة وأتباعها من المنظمات والأحزاب والعلماء مخاطبتكم بشكل مباشر. والسبب واضح جلي، وهو أن هذه الأنظمة تعتبر الجيوش ملكاً خاصاً لها، وأداة تحكّمٍ وقمعٍ تُستخدم لإطالة عمر كراسيها، وخدمة مصالح أسيادها في الغرب، بدل أن تكون حاميةً للدين والأمة. إنهم يرون في مخاطبتكم خطراً على بقائهم، لأنهم يعلمون أنكم القوة التي ستقلب الموازين يوم تستجيبون لنداء الحق.

 

لقد حوّلت هذه الأنظمة الجيوش من قوة لتحرير الأمة إلى أدوات قمعٍ لشعوبها، وجعلتكم تحاربون في صفوف أعداء الأمة بدل أن تكونوا في طليعة المدافعين عن مقدساتها. انظروا كيف يُطلب منكم أن توجهوا أسلحتكم إلى صدور إخوانكم في الدين، بينما تغضُّون الطرف عن الاحتلال الذي يدنس أراضينا ومقدساتنا! كيف تُقادون لتنفيذ أجندات أعداء الأمة، وتُمنعون من نصرة الحق والدفاع عن دينكم وأمتكم؟!

 

إنَّ القول بعدم جدوى مخاطبة الجيوش هو حجةٌ باطلة، ألم تروا كيف تتوجه هذه الأنظمة العميلة إلى أعداء الأمة، إلى مجلس الأمن والنظام الدولي، لتبحث عن حلول لمشاكلها؟ هؤلاء الذين يخاطبونهم هم من صنع البلاء في أمّتنا، وهُم مَن دعم الاحتلال ومزّق وحدة الأمة. إن الخطاب الذي يوجّه إليكم، أيها الضباط والجنود، هو خِطابُ الحقّ، خِطابُ الإسلام الذي يريد منكم أن تتحرروا من قيود الطغاة، وأن توجهوا قوتكم لنصرة دينكم، وتؤدوا واجبكم تجاه دينكم وأمتكم.

 

إن واجبكم الحقيقي لا يجوز أن يكون حماية حدودٍ زائفة رسمها المستعمرون، ولا يجوز لكم تنفيذ أوامر حُكّام ظالمين. وليس لكم أن تقولوا إنما نحن عبيدٌ مأمورون، ألم تسمعوا قول الله جل وعلا: ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ﴾؟ فإثم جنود الظالمين مساوٍ لإثم الظالمين أنفسهم. فواجبكم الأسمى هو الاستجابة لنداء الله، والعمل على تحرير الأمة من قيود الطغيان والاحتلال.

 

يا جنود المسلمين، جند الله هم الغالبون، وإن فيكم خيراً كثيراً يؤهلكم لأن تكونوا جند الله الذين بشرهم الله بالنصر والغلبة. قال تعالى: ﴿وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾، لكن شرط ذلك هو أن تكونوا جنداً لله وحده، لا جنداً للطائفية، ولا للكهنوتية، ولا للجمهورية.

 

يا جنود المسلمين: إن بينكم وبين تحرير القدس وإعلاء راية الإسلام عقبتين: إسقاط الحكام العملاء، وإزالة الحدود المصطنعة التي مزقت الأمة الإسلامية. فلا تحبسوا أنفسكم في قضايا جانبية رسمها المستعمرون، بل انطلقوا لتحرير الأمة من أنظمتها العميلة وهيمنة الغرب الكافر.

 

أيها الجنود في بلاد الكنانة وفي آخر معاقل دولة الخلافة تركيا، وفي أرض الحرمين الشريفين، وفي الشام المباركة، وفي أرض الرباط الأردن: إنكم تسمعون وترون ما يحدث لأهلنا في غزة هاشم فأين أنتم من نداء الله: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾؟ أين أنتم من وصية رسول الله ﷺ: «مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ وَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ نَفْسَهُ مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ» رواه مسلم.

 

إن التخاذل عن نداء الجهاد والرضا بالواقع المذل يجعل الأمة في ذيل الأمم، ويعرضكم لإثم القعود. قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ﴾.

 

أيها الجنود قال ﷺ: «وَإِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ» رواه البخاري. إن قضيتكم الأولى هي إقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فهي الكيان السياسي الذي يوحد الأمة ويوجه الجهاد في سبيل الله لتحرير المقدسات ونشر الإسلام.

 

عليكم أن تسقطوا هذه الأنظمة العميلة التي تحكم بلادكم، والتي تُحكم قبضتها عليكم لمنعكم من القيام بواجبكم. هذه الأنظمة هي التي تكرس الحدود الزائفة، وتخضع لأوامر الغرب الكافر المستعمر الذي ينهب ثرواتكم ويحارب دينكم.

 

أيها الجنود، تذكروا أنكم ورثة الفاتحين، وأبناء أمةٍ رفعت راية الإسلام عاليةً في مشارق الأرض ومغاربها. أنتم أحفاد الصحابة الذين فتحوا الفتوح، وقادوا الجيوش لإعلاء كلمة الله. لا ترضوا لأنفسكم أن تكونوا أدوات في أيدي الطغاة، ولا تقبلوا أن تُستخدم أسلحتكم ضد شعوبكم بدلاً من توجيهها إلى صدور أعداء الأمة.

 

قال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ﴾. أليس هذا هو وعد الله سبحانه لكم؟ أليس الجهاد في سبيله هو سبيلكم لنيل رضاه والفوز بجنته؟

 

أيها الجنود: قال رسول الله ﷺ: «تُقَاتِلُونَ الْيَهُودَ، حَتَّى يَخْتَبِئَ أَحَدُهُمْ وَرَاءَ الْحَجَرِ فَيَقُولُ: يَا عَبْدَ اللهِ الْمُسْلِمَ، هَذَا يَهُودِيٌّ وَرَائِي فَاقْتُلْهُ» رواه البخاري. هذا وعد من الله سبحانه ورسوله ﷺ، لكن تحقيقه لا يكون إلا إذا كنتم جنداً مخلصين لدين الله، تحت راية خليفة واحد يوحد صفوفكم ويقودكم في سبيل الله.

 

أيها الجنود في كل بقاع الأمة، انهضوا من غفلتكم، واكسروا قيود الطغاة، وكونوا جند الله الذين وعدهم بالنصر. استجيبوا لنداء ربكم ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ﴾، واعملوا على إقامة الخلافة التي ستوحد الأمة، وتحرر المقدسات، وتعيد للإسلام مجده وعزته، وإن إخوانكم شباب حزب التحرير بينكم ومعكم يدعونكم لنصرة دعوة الحق بإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة وقد أعدوا العدة لإرساء دعائمها بإذن الله.

 

اللهم اجعلنا من جنودك المخلصين، وارزقنا شرف العمل لإقامة دينك، ونصرة أمتك.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

أبو بكر الجبلي – ولاية اليمن

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

طريق الحق واحد

 

 

تدور اليوم بين الناس أسئلة كثيرة عما آلت إليه حال سوريا بعد إسقاط الطاغية بشار.

 

إن الطريق الذي سلكته الجماعات الإسلامية، وكل من رفع شعار إقامة الدولة الإسلامية، ولم يسلك طريق رسول الله ﷺ في إقامة دولته ملتزما المبدأ دون انحراف عنه، فإنه قد وصل بشكل من الأشكال إلى نهاية الطريق الذي اختاره لنفسه، ورأى أنه موصل، وهذا ما نراه بأم العين حاضرا ماثلا أمامنا.

 

فمثلا طالبان أقامت إمارة إسلامية، ولم تقم الخلافة، وتمسكت بتطبيق الدين في الداخل بما سمح لها، وتجاوزت عما لم يسمح لها، وكان أقصى طموحها هو الوصول إلى الإمارة، وقد انتهى الطريق الذي سلكته ووصلت إلى ما أرادت، ولكن لم تصل إلى مراد الله في إقامة الخلافة.

 

وما حصل في مصر من استلام مرسي رحمه الله الذي مثل الإخوان المسلمين حيث كان منهجهم أو طريقهم هو التدرج في الوصول إلى الحكم عن طريق الانتخابات، وقد وصلوا بما خططوا له، أي أن طريقهم الذي سلكوه وصل إلى منتهاه، ولم يستطيعوا إقامة الدين؛ لأنهم لم يلتزموا طريق رسول الله ﷺ وسلكوا الطريقة التي وضعوها مخالفين الطريقة الشرعية في الوصول إلى الحكم.

 

واليوم نجد أن المجاهدين في سوريا، وعلى رأسهم هيئة تحرير الشام قد وصلوا إلى منتهى طريقهم، وهو إسقاط النظام، وقد كبلوا أنفسهم بارتمائهم في أحضان الدول المجاورة والدول الأخرى، فهم اليوم في سدة الحكم تحت مسمى حكومة المرحلة ولكنهم والحال كذلك لا يستطيعون إقامة حكم الله.

 

إنه لمن السطحية التفكير أن نفضل أي نظام على نظامنا الإسلامي، وللأسف لا يكفي تطبيق النظام وحده منقوصا أو كاملا منفصلا عن عقيدته. لذلك لا يمكن أن يصل إلى الحل الصحيح كل من سلك طريقاً غير طريق رسول الله ﷺ في إقامة الدولة.

 

فرسول الله ﷺ شكل الأمة على أساس المبدأ، وحمله حملا صحيحا في نفوس الصحابة، أي (حزبه)، حتى أصبح مشروعا للتطبيق، وكان المهاجرون خير مثال لهذا. واليوم لن يصل إلى إقامة الحق سوى من سلك طريق الحق، أي نهج رسول الله ﷺ.

 

إن حزب التحرير نشأ على مبدأ الإسلام ملتزما بكليته؛ لأن الشرط الأساسي لمن يقيم حكم الله في الأرض أن يكون معتنقا مبدأ الإسلام اعتناقا كاملا مفصلا، دارسا له، واضعا لتطبيقه مشروع دستور، مجهزا رجالا يعرفون كيف يطبقون هذا المبدأ. بينما لا يشترط اعتناق المبدأ فيمن يطبق عليهم، وهذه مفصلية مهمة يجب أن نلاحظها.

 

لذلك فإن الحال التي تمر بها سوريا هي حالة امتحان ونهاية طريق قد سلكه المجاهدون واليوم يكتشفون أنهم لا مشروع لهم، وأن الغرب استطاع أن يغير بوصلة أحلامهم، وأنهم وجب عليهم أن يعيدوا التفكير في الوصول إلى الحكم مع الذين حملوا مشروعا كاملا والقادرين على تطبيقه، رغم المصاعب الجمة التي تحيط بهم من دول شتى، والتي تعمل ليلا نهار على أن لا يصل الإسلام إلى سدة الحكم ولا بأي شكل من الأشكال.

 

لذلك نهيب بالأمة التي سلكت طرقا عدة بإخلاص النية لله للوصول إلى تحكيم شرعه، أن يعيدوا حساباتهم، وأن يحزموا أمرهم، ويغذوا السير مع من يعملون على طريقة رسول الله ﷺ وقد هيأوا مشروعا جاهزا مكتمل الأركان قائما على كتاب الله وسنة رسوله، وهو بين أيديكم ويمكنكم الاطلاع عليه ومناقشته مع من وضعه فهو مستقى من أدلة شرعية ثابتة آتية من دين واحد نحن وأنتم ندين به وهو الإسلام بعروته الوثقى الكتاب والسنة.

 

أولى بنا أن نعمل في صعيد واحد، وعلى جبهة واحدة مخلصين النية لله عز وجل مشمرين عن سواعدنا رافضين الدنيا وما فيها متمسكين بكتاب الله ورسوله وعاملين على طريقة رسول الله ﷺ في الوصول إلى الحكم.

 

إن العالم اليوم بأمس الحاجة إلى نظام عالمي حقيقي يخرجه من الظلمات التي أدخلته إياها الرأسمالية التي تعاني اليوم سقوط جميع أركانها وأركان النظام العالمي، فهي على شفا جرف هار من نواح عدة:

من ناحية مخالفة مبدئها، وإن كان في أصله خاطئاً، إلا أنهم خالفوه ولم يلتزموا به، فهذه من علامات السقوط.

 

والسيطرة المطلقة لفئة من الناس تدير العالم على أهواء مصالحها، ولا يهمها لا إنسانية ولا بشر ولا حجر فهم أقرب لأعوان الشيطان من بني جنسهم البشري.

 

ونظامهم المالي الذي قاب قوسين أو أدنى أن يسقط وسقوطه حتمي لا مجال للفكاك منه.

 

إن كل هذه الأحداث تبشر بنهاية النظام القائم، وذلك لا يكون إلا بظهور مبدأ الإسلام على وجه الأرض فحينها سيهزم النظام الرأسمالي، ويولون الدبر، لذلك هم يقاتلون حتى آخر نفس لكي لا نستطيع إقامة دولتنا ولكن الله متم نوره ولو كره الكافرون.

 

فيا أبطال هذه الأمة: لنكن كلنا على صعيد واحد، فغذوا السير معنا وكونوا لنا عونا لإقامة الدين لنخوض معارك العزة، ونحرر بلادنا وبلاد الغرب من هذه الجرثومة التي علقت بنا، فأهلكت الحرث والنسل، ولنعدها خلافة راشدة على منهاج النبوة كما بشرنا رسول الله ﷺ فنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن جور الرأسمالية إلى عدل الإسلام ورحمته، وما بذلك على الله بعزيز. قال تعالى: ﴿يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

نبيل عبد الكريم

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

هؤلاء خصومتهم مع الإسلام نفسه

 

لقد فضح الجدال الدائر حاليا حول بعض التغييرات في المناهج المدرسية في الشام حقيقة الخلاف والصراع؛ فردود الفعل العنيفة من بعض الأوساط والنقاد بعد إعلان عن تغييرات في المناهج المدرسية جاءت صريحة بأنها بسبب ما اعتبروه توجها إسلاميا في التدريس.

 

فقد انتقدوا تحويل عبارة "طريق الخير" إلى "طريق الإسلام"، و"أولئك الذين لُعنوا وضلّوا" إلى "اليهود والنصارى"، وإعادة تعريف "الشهيد" من أنه الشخص الذي مات في سبيل الوطن إلى من ضحى بنفسه "في سبيل الله"، وكذلك حذف كلمة "قانون" واستبدالها لتصبح "الشرع، أو شرع الله"، و"مبدأ الأخوة الإيمانية" بدلاً من "الأخوة الإنسانية"، وعبارة "ومن يفعل الكبائر مستحلاً لها، فجزاؤه في الآخرة" لتصبح "ومن يفعل الكبائر مستحلاً لها فقد كفر وجزاؤه في الآخرة النار"، وهكذا بقية الانتقادات.

 

والملاحظ لهذه الانتقادات يرى أنها بالتأكيد ليست تخوفات من مظالم أو إساءة تعامل أو سوداوية متوقعة، فالانتقادات هي لأفكار ومفاهيم يجري العمل على تغييرها لتصبح توافق أفكار ومفاهيم الإسلام، وهذا ما أثار حفيظتهم باعتبارهم أبواقا وأدوات للاستعمار في بلاد المسلمين.

 

فالواضح أن خصومتهم هي مع الإسلام نفسه، وليست القضية قضية مخاوف من الظلم أو الدكتاتورية أو الفساد أو الإجرام، فهم عينهم من كانوا في السابق إبان حكم الأسد لا ينبسون ببنت شفه رغم أن إجرامه ودكتاتوريته وظلمه بلغت عنان السماء، ونظامه ملأ الشام جورا وسوادا.

 

وهؤلاء القوم لا يمكن أن يرضوا أو يسكنوا إلا إذا رأوا أن الدولة ستبنى على العلمانية ومحاربة الإسلام، لذلك فإن محاولة إرضائهم أو تهدئة روعهم لن تجدي نفعا ما لم يتبع القائمون على الإدارة الحالية ملتهم، وما شعارات الدولة المدنية، ودولة الحقوق والعدالة، إلا شعارات منمقة لتزيين الباطل والكفر وأفكار الاستعمار. قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً﴾.

 

ورغم علم هؤلاء واطّلاعهم على حقيقة فساد العلمانية والديمقراطية والرأسمالية، ورؤيتهم للشقاء الذي تحياه البشرية تحت حكمها، وكيف أن غياب الإسلام عن الساحة الدولية يكاد يأخذ بالبشرية إلى حافة الهاوية، إلا أنهم ما زالوا يروجون لبضاعة الغرب الفاسدة.

 

ورغم علم هؤلاء برحمة الإسلام وحسن رعايته لرعاياه عبر قرون مديدة، ولولاها لما بقي لهم ولا لدياناتهم أثر في البلاد الإسلامية، ورغم لمسهم عدل الإسلام إلى الدرجة التي دفعت نصارى الشرق إلى الوقوف في وجه الصليبيين في حملتهم على البلاد الإسلامية، ودفعت المغول والتتار إلى اعتناق الإسلام بعد أن جاؤوا للقضاء عليه، رغم هذا إلا أنهم يأبون إلا مخاصمة الإسلام، وترديد كلمات وتحذيرات ووسوسات الغرب المستعمر.

 

لأن المسألة ليست مسألة حق وباطل بالنسبة لهم، ولا حقوقا ومظالم، فلو كانت كذلك لكفتهم تلك الحقائق والشواهد للوصول إلى صوابية الإسلام وأحقيته، ولأدركوا أن لا خلاص للشام ولا للمسلمين بل للبشرية جمعاء إلا بدين الرحمة والحق والعدل؛ الإسلام.

 

بل المسألة أنهم يخاصمون الإسلام، حقدا وعمالة، ولا يطيقون أن يروا الناس تعود ولو قليلا إلى شرع ربها، ويكادون يموتون فزعا وخوفا من عودة الإسلام إلى الحكم، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ.

 

لأن ذلك معناه بالنسبة لهؤلاء المرتزقة نهاية امتيازاتهم ومكاسبهم التي ما تحصلوا عليها إلا بموالاة الاستعمار ومعاداة الإسلام، ولكن ﴿يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾، فإن لم يكن اليوم فغدا، ﴿أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ﴾.

 

 فالحذر الحذر أن يفتنوكم عن دينكم فذلك الخسران المبين.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

المهندس باهر صالح

عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

كيف يتحقق النصر للأمّة من الشام وغزة إلى تونس؟

كيف لنا أن نكون من العاملين لتحقيقه كأفراد فننال بذلك رضا ربنا تعالى؟

 

من فرحة الأمة عموما وأهل الشام خصوصا بسقوط الطاغية بشار، إلى حرب الإبادة على إخواننا في غزة المستمرة منذ 15 شهرا، إلى ما يعانيه أهل تونس من ضنك عيش وفقر وظلم، ستبقى الأمة تعاني الويلات ما دام يحكمها عملاء الغرب حراس حدود سايكس بيكو، الذين يكبلون جيوشنا عن نصرة أهلنا في غزة وكل فلسطين وميانمار وكشمير وتركستان الشرقية...، فليست غزة وحدها هي التي تعاني من حقد ملّة الكفر عليها، بل إنّ الأمة الإسلامية بمجموعها تعاني حقدهم ولكن بطرق مختلفة؛ من التجويع والإذلال، ونحن نملك أعظم الثروات التي تُخوّلنا أن نحكم من خلالها العالم، إلى سفك دمائنا ونحن نملك من الجيوش التي بها تعجز جيوش العالم مجتمعة عن هزيمتها.

 

إنّ الأمة قامت بثورات كثيرة للتغيير، لكنّ أيّاً منها لم تنجح، أمام تدخّل الغرب وأدواته حكام المسلمين والسعي لحرفها عن مسارها لتثبيت نظامه العلماني المجرم كما فعلوا بثورة تونس ومصر واليمن من قبل، وها هي ثورة الشام قد نجحت في التخلّص من بشار الأسد وعائلته، ولكن السؤال: هل تخلّص أهل الشام من نظامه؟ وهل وضعوا مشروعاً حقيقياً للتغيير؟ أم أننا سنرى تكرار نتائج ثورة مصر وتونس واليمن؟!

 

أيها المسلمون في تونس الزيتونة: إما أن ننصر ديننا وننصر الأمة الإسلامية بدعوتنا كأفراد وجماعات إلى التمسك بحبل الله المتين وقطع حبائل الغرب الكافر من رفض لنظامه العلماني المجرم ومنظماته الدولية وإسقاط لعروش عملائه وأشياعه حكام المسلمين، إلى الدعوة إلى تطبيق نظام الإسلام كاملا دون تدرج أو نقصان، لنُحكم بنظام الخلافة الراشدة الثانية التي بشر بها رسولنا ﷺ والتي تجمع شمل الأمة من جديد فتعود عزتنا وخيريتنا، وإمّا أن نعود للحكم الجبري من جديد ودولته المدنية العلمانية وديمقراطيتها الغربية العفنة التي لم نر منها إلا الفرقة والتشرذم والصراعات والخراب والدمار والفقر والحروب التي تحصد أرواح الأبرياء.

 

وها هي الفرصة اليوم تتجدد للأمة بسقوط طاغية آخر ليعود الأمل لنا في تحررنا وعودة دولتنا وسببا في تحقيق بشرى رسولها ﷺ لإخراج البشرية جمعاء من ضنك الرأسمالية وظلمها إلى عدل الإسلام ورحمته ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة.

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

سندس رقم

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

قراءة في الواقع السياسي لبلادنا الإسلامية

 

 

 

إن أغلب من يقدمون أنفسهم كزعماء سياسيين، وحصولهم على هذه الرمزية الكاذبة لم يصلوا لسدة الحكم بسبب تاريخهم السياسي، وبممارساتهم السياسية، وإنما بفرض الإرادات الخارجية، ومدى تعاونهم مع من جاء بهم، لذلك لا غرابة حين تجد غياب مفهوم السيادة وتطبيقها، والمطالبة بها في جميع بلادنا الإسلامية اليوم، فمن يرهن القرارات السيادية لبلده لإرادات دولة أخرى، ويجعل مصالحها أولوية على مصالح بلده لا يشعر بمعنى السيادة الحقيقية، ولا بأثرها على الناس، فالناظر اليوم إلى بلادنا عامة يرى أن حالها لا يختلف، فأغلبها متشابهة (أعني السيادة)، لأن الذي يصل إلى سدة الحكم عليه أن يتنازل عن سيادته وكرامته، وسيادة بلده، ليضعها في أروقه هيئة الأمم لتشكلها كيف تشاء، لذلك فلا غرابة حين ترى اللادولة تتصرف باعتبارها صاحبة السيادة وليست الدولة.

 

إن أمريكا التي دمرت أغلب شعوب العالم بغطرستها وهيمنتها على النظام الدولي، استطاعت أن تمزق العراق، وتقضي على نسيجه المجتمعي من خلال وجود طبقة حاكمة، ديدنها تحقيق مصالح الغرب وإدامة سطوته على رقاب أبناء البلد، من خلال ربطها باتفاقيات مفخخة بذرائع شتى هدفها تبرير وجود القوات الأجنبية في البلد، واستطاعت أمريكا إلى الآن أن تؤسس في العراق ما تريد، واستطاعت أن تجعلها بوابة لتحقيق أهدافها الاستراتيجية في المنطقة.

 

إن العالم كله يعلم كيف استطاعت أمريكا أن تحتل العراق بحجج واهية، من صناعة مخابراتها، واحتلته بدون أن يكون هناك قرار دولي، وأنها ضربت بالقانون الدولي المزعوم عرض الحائط، وهذا هو ديدنها؛ الكذب، وخداع الشعوب، فهي ما زالت تمرر كذبتها هذه على شعوب المنطقة بمساندة طواغيت خونة يساعدونها في مخططاتها الشيطانية، والغرب يعلم أنها محض افتراءات لتبرير التدخل.

فغزوها للعراق واحتلاله لم يكن بسبب امتلاكه أسلحة دمار شامل كما يزعمون، أو بسبب النظام الدكتاتوري كما روجت لهذه الكذبة، بل إن السبب كما أسلفنا من ضمن أهداف كثيرة من أهمها تغيير شكل المنطقة تماشياً مع المصلحة الأمريكية، فلقد حطمت بهذا الاحتلال قدرات العراق، وحولته إلى دولة تدور في حلقات فارغة مكتظة بأزمات متتالية، لم تجد إلى الآن مخرجا لها، فها هي ما إن تخرج من أزمة حتى تقع في أخرى.

 

ربما يكون احتلالها للعراق قد فتح لها أبواب تغيرات كثيرة في المنطقة حسب ما تقتضيه مصلحتها، وهذا ما هو حاصل فعلاً اليوم في ظل أجواء المتغير الدولي الحالي. وهنا قد يتبادر إلى أذهاننا سؤال: هل نجحت أمريكا في مخططاتها الشيطانية؟ والجواب: قد يكون من السابق لأوانه الإجابة على هذا السؤال في ظل الأوضاع الحالية، وتشابك المصالح، سواء بين الدول العالمية أو الإقليمية، أو دول المنطقة العربية التي طالها الربيع العربي، والذي حولته أمريكا وغيرها إلى شتاء رمادي.

 

وتبقى الحقيقة التي لا مناص منها أن أمريكا بغزوها للعراق، قد تعرضت لخسائر مادية كبيرة جدا بفضل مقاومة العراقيين لها، ونعود ونسأل: هل نجحت أمريكا في استراتيجيتها هذه؟ والجواب: ربما نجحت في تخريب دول مهمة، وربما نجحت في الصراع بين يهود والعرب، لكن لم تستطع تغيير وعي الشعوب الإسلامية التي ستنتفض يوما ما لتلفظ حكامها الذين سلطهم المستعمر المجرم على رقابها، لتستعيد مجدها الذي طال انتظاره، وهذا الأمر متروك لجميع المسلمين المتطلعين إلى حياة العزة والكرامة، وإلى مدى ارتباطهم بعقيدتهم التي لا تسمح لكرامتهم أن تمتهن في ظل أي قوى دولية مهما كانت، ليبقى حلم مطلب كل الحالمين بعيش كريم، ودولة خالية من أي قوات أجنبية، هو حلم كل مسلم غيور على دينه وأمته.

 

نقول وبالله التوفيق لكل من جاء مع المحتل، إن أمريكا لا تهمها سوى مصلحتها، وإن ما حدث ويحدث مع الأكراد في سوريا (قسد)، إذ انسحبت وتخلت عنهم، وتركتهم يواجهون مصيرهم بين تركيا ويهود، لذلك أقول: أيها المسلمون لا تنخدعوا بكذبة وجود الأمريكان من أجل مصالحكم، أو للقضاء على المليشيات، أو النفوذ الإقليمي (الإيراني). فأمريكا كغيرها من الدول الاستعمارية لا تبحث إلا عن مصالحها، وكذلك هي لا تريد لأي بلد تدخل فيه أن يستعيد عافيته ليحافظ على شعبه، فهذه كلها افتراءات ليس لها واقع.

 

فهذا العراق استطاعت أن تمزقه، وأن توجد فيه طغمة حاكمة نهبته، ومزقته للمحافظة على مصالحها، وهذه الطغمة هي التي تربطه بالمستعمر باتفاقيات شيطانية، وحجج واهية، هدفها تبرير وجود قواتها وزيادة عددها. فهي تستثمر تمدد فصائل الحشد الشعبي في العراق، الذي تدعمه طهران، كعودة للمطالبة بحماية مكونات البلد من خطر المليشيات، حتى تكون هناك رغبة شعبية للمطالبة بالإقليم لضمان السنّة، بعدما ضمن الأكراد وأسسوا موطئ قدم، وفي وسط هذا المشهد سيبقى الحكم الأمريكي متوسط ملعبه متخذاً من وجوده العسكري داخل العراق مكاناً يخطط من خلاله لتمزيق الأمة.

 

لذا يبقى وجود أمريكا مرهوناً بالاتفاقيات التي تنص بصريح العبارة على موافقة العراق على بقاء قواتها داخل العراق، وهذه الحجة تستخدمها واشنطن للتلاعب في بنودها من أجل أن تدخل البلاد ولا تخرج منها.

 

أيها المسلمون المستضعفون في مشارق الأرض ومغاربها، إن ما تعانونه من ظلم، وبطش وحرمان، هو نتيجة طبيعية سببها إقصاؤنا نظامنا الإسلامي الذي جاء به الرسول ﷺ من عند الله سبحانه، وخضوعنا لشرائع وقوانين الغرب، وهذه لعمري نتيجة طبيعية للذين يستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير. فنظامنا الإسلامي الذي عرفته البشرية، وشاهدت عدله، وعاشت في كنفه، وصان الحقوق كان مرهوب الجانب يخافه الكفار ويخشونه، لذلك كان المسلم يعيش في ظل هذا النظام عزيزاً مكرماً آمناً.

 

لذلك يجب علينا أن نرفض أي تدخل، أو وجود للقوات الأجنبية في بلادنا الإسلامية جميعها، وأن لا نرضى بغير تحكيم شرع الله الذي ارتضاه لنا جل جلاله، وأن نعلنها مدوية لا نخشى إلا الله، أنه لا إله إلا الله محمد رسول الله، وأن العبودية لله خالصة له وحده لا شريك له قولاً وفعلاً لنكسب الدنيا والآخرة، ولينجز الله تعالى وعده لنا، ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مؤنس حميد – ولاية العراق

رابط هذا التعليق
شارك