اذهب الي المحتوي

كل الانشطه

This stream auto-updates

  1. Yesterday
  2. بسم الله الرحمن الرحيم ولاية باكستان: تعليقات إخبارية 2024/04/17م تعليقات إخبارية من إنتاج المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية باكستان. من أجل التغيير الحقيقي.. أُرفض الديمقراطية.. أَقم الخلافة الراشدة. اللهم أعد علينا درعنا، الخلافة الراشدة على منهاج النبوة... اللهم آمين. #BringBackKhilafah الأربعاء، 08 شوال الخير 1445هـ الموافق 17 نيسان/أبريل 2024م 1- لا يكفي تذكّر فلسطين وكشمير. ويجب على الأمة وجيوشها أن تتحرك لنصرتها في رسالته بمناسبة العيد في التاسع من نيسان/أبريل 2024م، قال رئيس وزراء باكستان، "أحث أيضاً المسلمين في جميع أنحاء العالم على تذكر إخوانهم وأخواتهم الفلسطينيين والكشميريين الذين يواجهون أسوأ أنواع الفظائع التي ترتكبها قوات الاحتلال، ويتم تقييدهم للاستمتاع بأفراح العيد". لقد بات من الواضح للمسلمين أن حكام الأمة الإسلامية الحاليين هم سبب بؤسها وذلها. وعلينا جميعا أن نسعى جاهدين لإقامة الخلافة الراشدة. عندها سيقوم الخليفة الراشد بتحريك جيوشنا لنصرة المضطهدين. قال رسول الله ﷺ، «إِنَّمَا الإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ» (مسلم) الخميس، 02 شوال الخير 1445هـ الموافق 11 نيسان/أبريل 2024م 2- أين أبناء القادة العسكريين الذين قلبوا مجرى المعركة؟ الأسوة الوحيدة للضابط العسكري المسلم هو محمد المصطفى ﷺ. عندما كسر المسلمون التشكيل العسكري في غزوة حنين، وقف رسول الله ﷺ ثابتاً لحشد القوات وأعلن وصاح بصوت عالٍ، «أنا النبي لا كذب» [النووي]. وعلى الفور قلب المسلمون مجرى المعركة حتى انتصروا. فأين قادة المسلمين اليوم الذين يصمدون ويقلبون مجرى الحرب في غزة، ويهزمون كيان يهود ومؤيديه الاستعماريين؟! الجمعة، 03 شوال الخير 1445هـ الموافق 12 نيسان/أبريل 2024م 3- اتحاد باكستان والحجاز في ظل الخلافة يمكّنهما من تكسير أغلال عبوديتهما لأمريكا بسهولة أبدت السعودية اهتمامها في استثمار مليار دولار في مشروع (ريكو ديك) للنحاس والذهب في باكستان. وعلى الرغم من أنها قوة نووية، إلا أن باكستان تعتمد على صندوق النقد الدولي في عمليات (الإنقاذ المالي). وعلى نحو مماثل، تعتمد السعودية، ثاني أكبر منتج للنفط في العالم، تعتمد على أمريكا في الحفاظ على أمنها. ومن خلال إلغاء مفهوم الدولة القومية وإقامة الخلافة، سيتم توحيد هذين البلدين الإسلاميين ومواردهما. وسيتم تحرير كلا البلدين من العبودية الأمريكية. وستعتبر الخلافة النظام العالمي الأمريكي تحدياً سهلاً من قبل بلاد إسلامية موحدة. ولن يكون هناك أي عائق أمام إرسال قوات مسلحة لتحرير كشمير وفلسطين. السبت، 04 شوال الخير 1445هـ الموافق 13 نيسان/أبريل 2024م 4- رد فعل الناس على (حادثة باهاوالنجار) يؤكد على أنه يجب استبدال الخلافة بالنظام الحالي انتشرت الأخبار عن (حادثة باهاوالنجار) في باكستان خلال فترة العيد. وغضب الناس من فساد شرطة البنجاب. كما أنهم غاضبون من تركيز جهود الجيش على الداخل بدلاً من نصرة فلسطين وكشمير. وأعرب الناس عن قلقهم بشأن الاستعراض العسكري الذي أقيم في 23 آذار/مارس قائلين ما فائدة قواتنا المسلحة إن لم يتم تحركها لنصرة غزة؟ إن رفض الناس للحكام الحاليين والنظام هو أمارة على بداية نهاية هذا النظام. والإسلام وحده القوة التي توحّد المسلمين. ولذلك فإن الخلافة وحدها القادرة على إصلاح حال باكستان. ويجب على المخلصين في القوات المسلحة أن يعطوا النصرة على الفور لحزب التحرير لإقامة الخلافة على منهاج النبوة. الأحد، 05 شوال الخير 1445هـ الموافق 14 نيسان/أبريل 2024م 5- الربا إثم ورجس من عمل الشيطان، ومع ذلك، فقد ذهب وزير المالية الباكستاني إلى واشنطن لزيادته في 12 نيسان/أبريل، التقى وزير المالية برئيس الوزراء لمناقشة اجتماعاته المقررة مع صندوق النقد والبنك الدوليين والمؤسسات الاستعمارية الأخرى. ومثل هذه الاجتماعات لا فائدة منها. فالطرفان متفقان بالفعل على السياسات المدمرة والعمل بما يأتي من واشنطن. والطرفان يناقشان فقط مصادر القروض الربوية الجديدة. وقد غرقت باكستان في مستنقع الديون الربوية. ولا يوجد أمام الحكام مخرج إلا أخذ المزيد من الديون الربوية. إنّ التغيير الجذري القائم على الإسلام هو وحده القادر على إخراجنا من هذا المستنقع، وهذا التغيير لا يتأتى إلا بإقامة الخلافة الراشدة. الإثنين، 06 شوال الخير 1445هـ الموافق 15 نيسان/أبريل 2024م 6 - هل ضبط النفس خاص بجيوش المسلمين فقط؟! بعد إطلاق الطائرات المسيرة والصواريخ الإيرانية باتجاه كيان يهود، صرّحت وزارة الخارجية الباكستانية، في 14 نيسان/أبريل 2024 "ندعو كافة الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس". فهل ضبط النفس هو فقط لجيوش المسلمين؟! كان ينبغي للطائرات بدون طيار والصواريخ أن تكون مقدمة لحرب كاملة باستخدام الطائرات الحربية والدبابات وجنود الأمة، ولكن تم استخدامها من قبل إيران في عمليات مسرحية. أما الخائن ملك الأردن فقد أسقط الطائرات المسيرة وأمطر الناس بحطامها، وحكام باكستان يدعون إلى كبح جماح القوة العسكرية أمام أعداء المسلمين، ولكنهم مستعدون لقتال المسلمين بمجرد وصول مكالمة هاتفية واحدة من واشنطن. لذلك على الأمة وجيوشها اقتلاع الحكام وإقامة الخلافة الراشدة لتنفض الأمة عن كاهلها الذل والمهانة. الثلاثاء، 07 شوال الخير 1445هـ الموافق 16 نيسان/أبريل 2024م 7- ستقهر الخلافة الراشدة الجيش الأمريكي وكيان يهود على شتى الصعد إن شاء الله أصدرت القيادة المركزية للجيش الأمريكي بياناً صحفياً في 14 نيسان/أبريل 2024 بعنوان "تحديث أنشطة الدفاع عن (إسرائيل)" وبعد أن كشف الغرب وكيان يهود عن تكتيكاتهما الدفاعية، يجب على الأمة وجيوشها أن تتحرك، ويجب على مصر أن تفتح معبر رفح أمام قوات ودبابات الأمة، ويجب على الأردن وسوريا وتركيا أن تفتح قواعدها الجوية لطائرات الأمة المقاتلة، وعلى دول الخليج أن تفتح موانئها لسفن الأمة الحربية، ويجب على جميع الدول المحيطة بفلسطين أن تفتح سماءها أمام الصواريخ الباكستانية، ونعلم أن الحكام الحاليين لن يفعلوا ذلك أبدا بل الخلافة الراشدة هي التي ستفعل ذلك كله إن شاء الله قريبا. لذلك يجب على الأمة وجيوشها الإطاحة بحكام العرب والمسلمين، والزحف تحت قيادة الخليفة الراشد لنصرة غزة وتحريرها. الأربعاء، 08 شوال الخير 1445هـ الموافق 17 نيسان/أبريل 2024م
  3. بسم الله الرحمن الرحيم الجولة الإخبارية 2024/04/22م العناوين: · خامنئي يؤكّد أن طهران أظهرت قوّتها ضد كيان يهود ويشكر القوّات الإيرانية على مُهاجمته · الرئيس السوري يتحدث عن لقاءات مع الأمريكيين "بين الحين والآخر" · جيش كيان يهود يرتكب مجزرة جديدة في رفح التفاصيل: خامنئي يؤكّد أن طهران أظهرت قوّتها ضد كيان يهود ويشكر القوّات الإيرانية على مُهاجمته ذكرت وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء (إرنا) أن الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي شكر القوات المسلحة على الهجوم على كيان يهود في 13 نيسان/أبريل. كما دعا خامنئي وفقا لما نقلته الوكالة القوات إلى "السعي بلا كلل وراء الابتكار العسكري وتعلم أساليب العدو". واستهدفت إيران بشكل معلن كيان يهود لأول مرة في 13 نيسان/أبريل بأكثر من 300 صاروخ وطائرة مسيرة فيما قالت إنه رد على غارة يشتبه أن كيان يهود شنها على مجمع السفارة الإيرانية بدمشق وأسفرت عن سقوط قتلى في الأول من نيسان/أبريل. وقال خامنئي يوم الأحد "مسألة عدد الصواريخ التي تم إطلاقها أو الصواريخ التي أصابت هدفها ليست السؤال الأساسي، القضية الأساسية هي أن إيران أظهرت قوة إرادتها خلال تلك العملية". ودوت انفجارات في وقت مبكر يوم الجمعة في مدينة أصفهان الإيرانية خلال ما قالت مصادر إنه هجوم لكيان يهود، لكن طهران قللت من أهمية الأمر وقالت إنها لا تعتزم الانتقام، وهو رد محسوب فيما يبدو لتجنب نشوب حرب على مستوى المنطقة. في 13 نيسان/أبريل، ومن خلال دبلوماسية الباب الخلفي مع الولايات المتحدة، أرسلت إيران صواريخ وطائرات بدون طيار إلى كيان يهود من أجل الاستعراض والمسرحية. وقد تم تدمير معظم تلك الصواريخ والمسيّرات التي أرسلتها إيران من جانب الولايات المتحدة وبريطانيا في سماء الأردن حتى قبل أن تصل إلى كيان يهود. لو أرادت إيران حقاً إيذاء كيان يهود وخوض حرب معه لحشدت جيوشها في بداية حرب غزة ودمرت كيان يهود، ولم ترسل الصواريخ للاستعراض لإنقاذ صورتها. وإذا كان خامنئي يريد حقاً أن يشكر الجيش الإيراني فعليه أن يحشده فوراً لتحرير غزة وفلسطين. إن رد إيران على هجوم كيان يهود على السفارة الإيرانية في دمشق في 1 نيسان/أبريل هو خيانة للشعب الإيراني والأمة، في الوقت الذي كان ينبغي على إيران إعلان الحرب على كيان يهود. ---------- الرئيس السوري يتحدث عن لقاءات مع الأمريكيين "بين الحين والآخر" كشف الرئيس السوري بشار الأسد في مقابلة نشرت الأحد عن لقاءات تجري "بين الحين والآخر" مع الولايات المتحدة، في وقت يسعى إلى إعادة تعويم نظامه بعد أكثر من عقد من العزلة الدبلوماسية. وكانت الولايات المتحدة من أوائل الدول التي قطعت علاقاتها مع الحكومة السورية بعد اندلاع الاحتجاجات الشعبية المناهضة له عام 2011، وما لبثت أن تبعتها عواصم عربية وغربية، كما فرضت عليه عقوبات قاسية. وقال الأسد في مقابلة متلفزة أجراها وزير الخارجية الأبخازي إينال أردزينبا في القصر الرئاسي ونشرت وكالة الأنباء السورية الرسمية مقتطفات منها، إن "أمريكا حاليا بشكل غير شرعي تحتل جزءا من أراضينا وتمول الإرهاب وتدعم كيان يهود الذي أيضا يحتل أراضينا". وأضاف "لكن نلتقي معهم بين الحين والآخر مع أن هذه اللقاءات لا توصلنا إلى أي شيء، ولكن كل شيء سيتغير". ولم يحدد مضمون هذه اللقاءات أو على أي مستوى تجري أو من يشارك فيها. يعلم العالم كله أن الولايات المتحدة قد حمت بشار المجرم ونظامه ضد الثوار وبذلت قصارى جهدها لمنع سقوطه. كما يعلم العالم كله أنها استخدمت من أجل ذلك إيران وحزبها في لبنان وخادمتها تركيا ثم روسيا. الغريب في الأمر، لماذا كشف بشار الآن علناً عن لقائه من وقت لآخر بالأمريكيين؟ ومن أجل تطبيع المجرم بشار ونظامه مع بلاد المسلمين، أعادت الولايات المتحدة انضمام سوريا إلى جامعة الدول العربية التي علقت عضويتها. وشهد العام الماضي تغيرات متسارعة تمثلت باستئناف دمشق علاقاتها مع دول عربية على رأسها السعودية، واستعادة مقعدها في جامعة الدول العربية، ثم مشاركة المجرم بشار في القمة العربية في جدّة في أيار/مايو 2023 للمرة الأولى منذ أكثر من 12 عاما. إن الحكام الخونة في بلاد المسلمين، ومنهم المجرم بشار، لا يترددون أبداً في ارتكاب الإبادة الجماعية ضد شعوبهم وتدميرها بأكملها من أجل البقاء في السلطة. إن الحكام الخونة الأذلاء الخانعين في بلاد المسلمين أعجز من أن يبقوا في السلطة في مواجهة شعوبهم لولا سيدتهم أمريكا. ---------- جيش كيان يهود يرتكب مجزرة جديدة في رفح استشهد 13 فلسطينيا بينهم 9 أطفال، بقصف كيان يهود منزلين شرقي رفح جنوب غزة، وفق مصادر طبية لمراسل الأناضول وبيان للدفاع المدني في القطاع. وأكدت مصادر طبية للأناضول، الأحد، سقوط "13 شهيدا بينهم 9 أطفال في غارات لكيان يهود على منزلين في مدينة رفح مساء السبت". والسبت، أعلن جهاز الدفاع المدني في قطاع غزة، انتشال عدد من ضحايا قصف جوي لبناية سكنية شرقي مدينة رفح جنوب قطاع غزة. وقال في بيان، إن فرقه انتشلت عددا من ضحايا "استهداف طائرات الاحتلال لبناية سكنية من عدة طوابق لعائلة عبد العال، بشارع جورج شرق رفح". وأوضح أن فرقه "لا تزال تحاول انتشال عدد من الشهداء والبحث عن مفقودين". فيما أكد شهود عيان لمراسل الأناضول، أن طواقم طبية وفرق الدفاع المدني انتشلوا عددا من الشهداء، بينهم أطفال ذكور وإناث، من البناية المستهدفة. بينما أفادت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس عن استشهاد 48 شخصاً خلال 24 ساعة في أنحاء القطاع حتى صباح الأحد. تعيش رفح، المدينة الحدودية مع مصر والتي يتكدّس فيها حوالي 1,5 مليون فلسطيني، بحسب الأمم المتحدة، على وقع تهديدات من كيان يهود بشنّ هجوم بري للقضاء على ما يصفه الكيان آخر المعاقل الرئيسية لحماس في القطاع. وفي الوقت الذي سوّت فيه قوات الاحتلال قطاع غزة بالأرض، واستشهد أكثر من 34 ألفاً من المدنيين الأبرياء، اكتفى الحكام الخونة في بلاد المسلمين بمجرد التفرج وإحصاء الشهداء. حتى إنهم لم يتنازلوا عن قطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية، والأسوأ من ذلك أنهم استمروا في التطبيع. إنهم لا يكترثون بتدمير مدينة بأكملها وتدمير كل سكان غزة، كل ما يهمهم هو كراسيهم المعوجة.
  4. بسم الله الرحمن الرحيم تحويل مستشفى الصداقة التركي في غزة لثكنة عسكرية للاحتلال ألا يجب أن يشعركم بالخجل؟! الخبر: الخارجية التركية ترد على تغريدة لوزير خارجية الاحتلال طالب فيها أردوغان بـ"الشعور بالخجل" بعد استقباله لإسماعيل هنية في ‎إسطنبول. قال المتحدث باسم الخارجية التركية إن السلطات (الإسرائيلية) هي التي يجب أن تشعر بالخجل. "لقد قتلوا ما يقرب من 35 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال". موضحاً أن تركيا ستواصل قول الحقيقة حول الجرائم التي ترتكبها السلطات (الإسرائيلية). (عربي بوست) التعليق: سبعة أشهر من الحرب على قطاع غزة المحاصر، سبعة أشهر عجاف لم يألُ فيها يهود جهدهم لإذلال المسلمين في غزة وتركيعهم والانتقام من الأطفال والنساء والشيوخ، بعدما تمت زلزلة كيانهم الهش، وفضح سوأتهم وكشف مدى ضعف هذا الكيان أمام العالم في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023. ومن قبلها عقود من التدمير والقتل ومحاولات طمس الهوية وتركيع المسلمين في الأرض المباركة بكل الوسائل، كل هذه الانتهاكات لم تحرك في حكام المسلمين نخوة الجاهلية حتى! فلم يحركوا جيوشهم قيد أنملة لاسترداد فلسطين وتحريرها، بل إنهم شجرة الغرقد التي يتغذى يهود عليها. فعلاً إن قضية فلسطين كاشفة فاضحة، فهذه الحرب لم تفضح هشاشة يهود فقط وتثبت أنهم أوهن من بيت العنكبوت، بل ها هي تعري أنظمة الضرار على التوالي، بدءا بنظام الأردن، ومرورا بتركيا، وليس انتهاء بالنظام المصري... وكل الأنظمة التي لطالما تغنت بقضية فلسطين واتخذتها سلماً تصعد عليه لتصل لمكتسبات ومصالح سياسية بعيدة كل البعد عن الأمة وقبلتها الأولى. فالنظام التركي الذي ثبت تطبيعه مع كيان الاحتلال وتورطه في اتفاقيات تمد يهود بالعتاد والسلاح والغذاء حتى أثناء الحرب على غزة، يطل علينا ليقول إنه يجب على يهود أن يخجلوا من قتل أهل غزة! صدق رسول الله ﷺ «إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ»، وهذه هي بالفعل السنوات الخداعات التي ينطق فيها الرويبضة، فيقول ما يندى له جبين العقلاء خجلا، بلا خجل! هل المطلوب يا وزير الخارجية أن نسمع جعجعة ولا نرى طحنا؟! أليس من المخجل أن يكون لدى تركيا جيش قادر على إنهاء مشكلة فلسطين من جذورها فيطل علينا وزير الخارجية في مناكفات على وسائل التواصل، كمناكفات النساء والصبيان، بدل أن نرى جيشه ونسمع هدير دباباته على أبواب فلسطين لتري يهود كيف يكون الرد الحقيقي؟ إن لم تتأثروا بكل ما حدث في غزة، فعلى الأقل ألا تخجلون من "الإطاحة بكرامتكم" حين يحول يهود مستشفى الصداقة التركي في غزة لثكنة عسكرية؟! أليس لديكم رد على إذلالهم لكم؟! ﴿إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغاً لِقَوْمٍ عَابِدِينَ﴾ كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير بيان جمال
  5. بسم الله الرحمن الرحيم خامنئي: عدد الصواريخ التي أطلقت موضوع ثانوي الأهم هو إثبات قدرة قواتنا المسلحة دوليا! الخبر: قال المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية علي خامنئي الأحد، إن عدد الصواريخ التي أطلقت تجاه (إسرائيل) موضوع ثانوي، معتبرا أن الأهم هو إثبات قدرة القوات المسلحة الإيرانية دوليا. وأضاف خامنئي خلال استقباله قيادات عسكرية أن "بفضل الله أظهرت القوات المسلحة صورة جيدة لقدراتها وسلطتها، كما أظهرت صورة مشرفة للشعب الإيراني، وأثبتت ظهور قوة الإرادة للشعب الإيراني على الساحة الدولية". (آر تي عربي، 2024/04/21م) التعليق: لقد ابتلينا بحكام وأتباع حكام، ليست عندهم نخوة ولا غيرة، فهم ليسوا حراس أمناء على شعوبهم ولا على أمة الإسلام، من شيمهم الكذب والخداع والمكر السيئ على شعوبهم، من يرى لحاهم يتوهم بهم، يحسبهم أتقياء أنقياء! أما من لديه أدنى وعي سياسي فيدرك حقيقة هذه اللحى أنها تخفي الخداع والنفاق والكذب. ضربوا كيان يهود بمسيرات تم إسقاط 99% منها قبل أن تصل إلى أجواء فلسطين المحتلة، وكما ذكر عن مسؤول أمريكي فإن الصواريخ التي أطلقت على يهود لا تحمل متفجرات، وهذا يدل على حقيقة حكام إيران، وأنهم من صنف السيسي وعبد الله الثاني وبشار الأسد ومحمد بن سلمان... يحرسون كيان يهود ويدعمونه. هؤلاء الحكام يهمهم كيان يهود ولا يهمهم أهل فلسطين الذين يقتلون صباح مساء بالآلاف، تهمهم المحافظة على هذا الكيان ولا يهمهم المسجد الأقصى، يهمهم التطبيع والتسابق نحو كيان يهود ولا يهمهم الذين يموتون جوعا في غزة. إن أمريكا عدوة الإسلام والمسلمين هي التي أوصلت الثورة الإيرانية للحكم باسم الإسلام، ولا زال حكام إيران يدورون في فلك أمريكا منذ ذلك الحين في بداية ثمانينات القرن الماضي حتى يومنا هذا. فأمريكا تريد أن تكون إيران قوة عسكرية وأن تكون فزاعة تزعزع الاستقرار في الشرق الأوسط، وحكام إيران ينتظرون أوامر أمريكا بالرد أو عدم الرد. أضف إلى ذلك قيام أمريكا ببناء قواعد عسكرية بحجة الدفاع عن دول المنطقة وحمايتها من البعبع الإيراني. بالإضافة إلى أن إيران تصدر الأفكار المسمومة التي تصل إلى الكفر إلى شعوب المنطقة وتوجد تنظيمات قائمة على هذه الأفكار وتدعمهم بالمال والسلاح. وباعترافات الساسة الأمريكيين فإنه لولا مساعدة إيران في العراق لما تمكنت أمريكا من تثبيت وجودها فيه. كما أن إيران هي العدو الأول للخلافة، وتحارب من يعمل لها، كما فعلت في سوريا هي وحزبها اللبناني وقتلهم المسلمين والعاملين للخلافة والمؤيدين لهم. يا أهل إيران: إن فيكم مخلصين فلا تصدقوا هذه الفئة الكاذبة التي تحكمكم ولا تغرّنكم لحاهم، فاعملوا لتخليص الأمة الإسلامية من هؤلاء الحكام الأشرار. وأوجه كلمة للجيش الإيراني: لا تطيعوا هؤلاء الكذابين وجاهدوا في الله حق جهاده، واعملوا لإقامة حكم الله في الأرض وانصروا المستضعفين من المسلمين وكونوا مع المحررين للمسجد الأقصى، وانتصروا لغزة بحق، وانتصروا لأصفهان التي ضربها يهود، انتصروا لقتلى القنصلية الإيرانية في سوريا، انتصروا لدماء المسلمين... يا جيش إيران خذوا ثأركم لقتلاكم قبل قتلانا وبيضوا صحافكم أمام الله حتى تكونوا مع الفائزين. كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير محمد سليم – الأرض المباركة (فلسطين)
  6. بسم الله الرحمن الرحيم متى نتوقّف عن التّطلع إلى الغرب والأمم المتّحدة لتحريرنا؟! (مترجم) الخبر: منعت الولايات المتحدة يوم الخميس الأمم المتحدة فعلياً من الاعتراف بالدولة الفلسطينية من خلال استخدام حقّ النقض (الفيتو) في مجلس الأمن لحرمان الفلسطينيين من العضوية الكاملة في المنظمة العالمية. (رويترز 19 نيسان/أبريل 2024). التعليق: أوضح نائب السّفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة روبرت وود الموقف الأمريكي بالكلمات التالية: "تواصل الولايات المتّحدة دعمها القوي لحلّ الدولتين، ولا يعكس هذا التصويت معارضة إقامة دولة فلسطينية، ولكنه بدلاً من ذلك اعتراف بأنها لن تؤدي إلاّ إلى حلّ الدولتين من خلال المفاوضات المباشرة بين الطرفين"، أي احتجاز حقّ شعب مظلوم ومطرود حتى يوافق الغاصب! قبل ثلاثة أيام، قرر مجلس النواب (377 صوتاً مؤيداً، و44 صوتاً معارضاً فقط) أن شعار "من النهر إلى البحر، فلسطين ستتحرّر" هو شعار معادٍ للسامية وتجب إدانة استخدامه. إن إنكار الدولة الفلسطينية وتفسير الدعوات إلى إقامة دولة فلسطينية على أنها معادية للسامية بشكل أساسي يحدث بينما تدعم الولايات المتحدة كيان يهود في تدميره والإبادة الجماعية لجميع أشكال الحياة الفلسطينية في غزة. ظاهرياً، قد يبدو الاعتراف الكامل بالدولة الفلسطينية أمراً ضرورياً، لأن ذلك من شأنه أن يضع عقبات قانونية في طريق كيان يهود في حملاته القاتلة الهمجية في غزة والضّفة الغربية. ومع ذلك، فإنّ أي حماية قانونية للدولة لن توفر سوى القليل من الحماية لأولئك الموجودين في الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث إنّ دولة يهود ثمينة جداً بالنسبة للدول الرأسمالية، التي تقودها الولايات المتحدة، وتضع ما يسمى بالقوانين الدولية على صورتها الخاصة، ويعتبرون أنفسهم فوق القانون متى اختاروا ذلك. أما شعار "من النهر إلى البحر، فلسطين ستتحرّر" فيجب أن يرفضه المسلمون أيضاً، لأنه وهمٌ خادع ويزيد من ترسيخ الانتهاك الفظيع الذي ترتكبه القوى الاستعمارية بحقّ بلاد المسلمين بعد هدم الخلافة العثمانية. الخيال هو الحرية، أين الحرّية في بلاد المسلمين اليوم؟ تتمتع الولايات المتحدة، أو مرتزقتها مثل كيان يهود، بالحرية في ضرب أي جزء من بلاد المسلمين يرغبون فيه عسكرياً. إنهم يشكّلون المناهج التعليمية والقوانين والسياسات الاقتصادية وحكومات البلدان الإسلامية التي هي أكبر بكثير وأكثر ثراءً في الموارد من الأراضي المستعمرة بشدّة والتي تحلم بأن تكون دولة فلسطينية. إذا كان من الممكن أن يكون هناك شيء من هذا القبيل، فإنه سيكون رهينة لأهواء المستعمرين، تماماً كما هو الحال مع الدول الفاشلة المحيطة به. إنّ الدولة التي يتمّ الحديث عنها في الأمم المتحدة هي في إطار اتفاقية سايكس بيكو بين المستعمرين لخدمة أغراضهم وقمع مفهوم الخلافة. وإذا لم يقف المسلمون للمطالبة بالتحرّر من الاستعمار في جميع بلاد المسلمين، ومحو الحدود التي رسمها المستعمرون بين المسلمين، فلن تتحرر فلسطين ولا أي أرض إسلامية أخرى. كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير د. عبد الله روبين
  7. الاسبوع الماضي
  8. ماذا فقدت الأمة بفقدان الخلافة؟! د/محمد الرحبي- اليمن أعظم مصيبة حلَّت بالمسلمين كانت فقدان خلافتهم، وذهاب سلطانهم، وتوقف العمل بكتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام. فقد كانوا يعيشون حياة إسلامية، وكان نمط حياتهم إسلاميًّا، كانوا يحكمون بشرع الله ويحتكمون إليه في كل مناحي الحياة، وكانوا كما قال الله فيهم (كُنتُمۡ خَيۡرَ أُمَّةٍ أُخۡرِجَتۡ لِلنَّاسِ)، كانوا يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويحملون الإسلام رسالة إلى العالم… فبعد أن هدمت دولة المسلمين انقلبت الموازين رأسًا على عقب قرنًا من الزمان وزيادة، كانت فيها الأمة دون إمام سلطان راعٍ لهم، فقد غاب عنها الإمام الجُنَّة الذي يحميها من كيد الأشرار وتعاون الفجار، فقدت درعها وحصنها فانقضَّت عليها وحوش الرأسمالية لتمزِّق جسدها إلى أوصال عديدة، وأصبحت في حالة مزرية، ونحيت أحكام الإسلام عن الحياة، وحلت محلها أحكام الكفر، وانتقل سعار الرأسمالية إلى مجتمعات المسلمين، وحلت الروابط المنخفضة كالقومية والوطنية والمصلحية محل رابطة العقيدة بين أبناء الأمة الإسلامية… وكانت هذه ضريبة سماحهم لتحييد شرع الله عن واقع الحياة، ونتيجة احتكامهم إلى الطاغوت، واتخاذهم الأنظمة الوضعية شريعة، وتركهم ما أمر الله به، واستكانتهم وقبولهم بالذلة وسكوتهم على الحكم بغير ما أنزل الله خشية الحكام العملاء. والله ربهم يقول: (فَلَا تَخۡشَوُاْ ٱلنَّاسَ وَٱخۡشَوۡنِ وَلَا تَشۡتَرُواْ بِ‍َٔايَٰتِي ثَمَنٗا قَلِيلٗاۚ وَمَن لَّمۡ يَحۡكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡكَٰفِرُونَ). خسر المسلمون عزتهم ومنعتهم… وخسروا فلسطين والجولان وكشمير والأندلس وتركستان ووو…إلخ… خسروا أبنائهم في حروب عبثية لخدمة نفوذ الغرب المتصارع على خيرات المسلمين… خسروا ثرواتهم الهائلة التي ينهبها الغرب بالتعاون مع الحكام وينمي بها بنيته التحتية وصناعاته… خسروا منابرهم التي كانت تصدع بالحق وتعالج الخلل وتحاسب مرتكبه… خسروا الزراعة والصناعة… خسروا قرارهم… وصادر الغرب وأدواته عبر الحكام قرارهم… فضاعت هيبة أمة المليارين وأصبحوا غثاء كغثاء السيل: هزائم تترى، ومآسٍ تتلاحق، ونكبات تتلوها نكبات، وحكام دويلات الضرار لا يحركون ساكنًا استمرؤوا الذل والهوان، وعشقوا العمالة لأعداء الله ورسوله. والآن أمة الإسلام تتوق إلى النصر، وتتلهف لطعمه، وتشتهي شراب العزة، وتتعطش وتتلهف للانتصار… فهيهات فهيهات أن يستقيم أمر هذه الأمة من غير أن تعيد إقامة دولة الخلافة التي تستأنف الحكم بما أنزل الله ليرضى الله وينزل نصره. فالنصر يؤتى إليه ولا يأتي من تلقاء نفسه(إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرۡكُمۡ وَيُثَبِّتۡ أَقۡدَامَكُمۡ). أيها المسلمون، غذُّوا السير، ولـمُّوا الشمل، وسارعوا إلى خيري الدنيا والآخرة وإلى (نَصۡرٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَتۡحٞ قَرِيبٞۗ وَبَشِّرِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ)ولقد بشر رسول الله بعودة الخلافة، ووعد الله المؤمنين بالنصر والتمكين والغلبة إن كانوا على طريق إقامتها ماضون، وبوعد الله موقنون، وببشرى رسوله مستبشرون، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثم تكون خلافة على منهاج النبوة»
  9. بسم الله الرحمن الرحيم ولاية تونس: صدور العدد 488 من جريدة التحرير صدر عن حزب التحرير / ولاية تونس العدد 488 من جريدة التحرير. الأحد، 12 شوال الخير 1445هـ الموافق 21 نيسان/أبريل 2024م لتحميل العدد بصيغة PDF اضغط هنا لزيارة الموقع الرسمي لجريدة التحرير اضغط هنا لزيارة حساب جريدة التحرير على موقع الفيسبوك اضغط هنا
  10. أبو بكر الصديق صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم والخليفة الراشد الأول نصر أبو إبراهيم القلقيلي إن سيرة أبو بكر الصِّديِّق رضي الله عنه مليئة بالمواقف والبطولات ومفعمة بعبق الايمان، فشخصيته تلفُّها الصفات الحميدة وتزينها مكارم الاخلاق، وكان له السابقة في الإيمان والدعوة إلى الله عز وجل والدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والإنفاق في إعزاز الدين، وكان أول من أوذي في الله عزَّ وجلَّ، فهو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورفيقه في حلِّه وترحاله، وهو أعلم الناس به وأمينُ سره وأحبُّ الناس اليه من الرجال، وصاحب المواقف الحاسمة في الملمات والنوازل، مؤسس الخلافة الراشدة وناصر الدين والمدافع عن عقيدته وأحكامه، والمجاهد في سبيل الله عز وجل، ومن وفقه الله عز وجل لجمع كتابه. كان رضي الله عنه تقيًّا محببَا شجاعًا رحيمًا لينًا حازمًا ذا لبٍّ وبصيرة، ولو أردنا جمع صفاته لقلنا إنه لم تكن فضيلة أو مكرمة إلا وكان له حظٌّ منها، ولا عملٌ صالحٌ إلا حرص على أن يسبق إليه. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أصبح منكم اليوم صائمًا؟ قال أبو بكر: أنا. قال: فمن تبع منكم جنازة؟ قال أبو بكر: أنا. قال: فمن أطعم منكم اليوم مسكينًا؟ قال أبو بكر: أنا. قال: فمن عاد منكم مريضًا؟ قال أبو بكر: أنا، فقال صلى الله عليه وسلم:ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة» رواه مسلم. اسمه ولقبه وصفاته: أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ عَبدُ اللّٰهِ بنُ أَبي قُحَافةَ عُثْمَان بن عَامِر التَّيمي القُرَشيّ (50 ق.هـ – 13هـ/573م – 634م). وقد لقب أبو بكر بـ(الصِّديق، الصاحب، العتيق، الأتقى، الأوَّاه) فكل لقب له قصة تبين فضائل أبي بكر؛ ولكن لقبَ الصِّديق التصق باسمه لما لهذه الصفة من فضل؛ إذ كانت في وقت التكذيب والصد عن سبيل الله عز وجل من المشركين. وقد اشتهر أبو بكر في الجاهلية بصفات عدة، منها العلم بالأنساب، وأخبار العرب، فقد رُوي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن أبا بكر أعلمُ قريش بأنسابها» صحيح مسلم. وقد كان أبو بكر تاجرًا، قال ابن كثير: «وكان رجلًا تاجرًا ذا خُلُق ومعروف، وكان رجالُ قومه يأتونه ويألفونه لغير واحد من الأمر: لعلمه وتجارته وحسن مجالسته»، وكان رأس ماله أربعين ألف درهم… ومنهم من وصفه بأن أهل مكة كانوا يحبُّون مجالسته فهو حسن العشرة، ذو عقل وحلم، ليِّن، كريم، وصادق، وذو حياء وعزة ووقار. وأبو بكر لم يقم بما قام به أهل الجاهلية من السجود للأصنام وشرب الخمر، وقتل الأولاد خوفًا من الفقر، ولم يجتمع في مجالس قومه إلَّا في الأخلاق الحميدة والفضائل. إسلامه وسابقته: عندما بعث النبي صلى الله عليه وسلم دعا صديقه أبا بكر رضي الله، فلم يتردَّد ولم يتشكَّك ولم يتأخَّر في الاستجابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان أول الرجال الأحرار إيمانًا، وعلي رضي الله عنه من الغلمان، وعندما أسلم أبو بكر سُرَّ النبيُّ عليه الصلاة والسلام سرورًا كبيرًا، عن ابن كثير أخرج الحافظ أبو الحسن الأطرابلسي، فعن السيدة عائشة أنها قالت: «خرج أبو بكر يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان له صديقًا في الجاهلية، فلقيه فقال: «يا أبا القاسم فُقدت من مجالس قومك واتهموك بالعيب لآبائها وأمهاتها»، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني رسول الله أدعوك إلى الله»، فلما فرغ كلامه أسلم أبو بكر، فانطلق عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وما بين الأخشبين أحد أكثر سرورًا منه بإسلام أبي بكر». وذكر النبي عليه الصلاة والسلام ممتدحًا إيمان أبي بكر فيما رواه ابن اسحاق، فقال: «ما دعوت أحدًا إلى الإسلام إلا كانت عنده كبوة وتردد ونظر، إلا أبا بكر ما عكم عنه حين ذكرته، ولا تردد فيه». [عكم بمعنى تلبث كما ذكره ابن هشام] كما روي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: «هل أنتم تاركون لي صاحبي، هل أنتم تاركون لي صاحبي، إني قلت: يا أيها الناس، إني رسول الله إليكم جميعًا، فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدقت». أخرجه البخاري. فكان إيمانه رضي الله عنه لو وزن بإيمان أهل الأرض لوزنهم، فقد أخرج أحمد «خرج إلينا رسولُ اللهِ ذاتَ يومٍ فقال: «رأيتُ كأني أُعْطيتُ الـمَقاليدَ والموازينَ، فأما المقاليدُ فهى المفاتيحُ فَوُضِعَتْ في كِفَّةٍ وَوُضِعَتْ أُمتي في كِفَّةٍ فَرَجَحْتُ لهم، ثم جيء بأبي بكرٍ فَرَجَح بهم، ثم جيء بعمرَ فَرَجَح بهم، ثم جيء بعثمانَ، فَرَجَح ثم رُفِعَتْ فقال له رجلٌ: فأين نحن؟ قال: أنتم حيث جَعلتم أنفسَكم». وأخرجه ابن شيبة والطبراني باختلاف يسير. دعوته للإسلام ومواقفه فيها وكان أبو بكر رضي الله عنه حاملًا لدعوة الإسلام من طراز فريد، وظهر ذلك في العديد من الأعمال والمواقف. فقد دعا إلى الله عز وجل فأسلم على يديه العديد من الصحابة: الزبير بن العوام، وعثمان بن عفان، وطلحة بن عبيد الله، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، وعثمان بن مظعون، وأبي عبيدة بن الجراح، وأبي سلمة بن عبد الأسد، والأرقم بن أبي الأرقم، كما دعا أبو بكر أسرته وعائلته، فأسلمت بناته أسماء وعائشة، وابنه عبد الله، وزوجته أم رومان، وخادمه عامر بن فهيرة. وأبو بكر رضي الله عنه هو الذي ألحَّ على رسول الله بالجهر بالكتلة المؤمنة في تحدٍّ وصدعٍ بالحق في مكة، روى ابن كثير في البداية والنهاية عن عائشة رضي الله عنها قالت: «فإنه لما اجتمع أصحاب النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وكانوا ثمانية وثلاثين رجلًا، ألحَّ أبو بكر على النبي في الظهور، فقال: «يا أبا بكر إنا قليل»، فلم يزل أبو بكر يلحُّ حتى ظهر الرسول، وتفرق المسلمون في نواحي المسجد، كل رجل في عشيرته، وقام أبو بكر في الناس خطيبًا والرسول جالس، فكان أولَ خطيب دعا إلى الإسلام، وثار المشركون على أبي بكر وعلى المسلمين، فضربوه في نواحي المسجد ضربًا شديدًا، ووُطئ أبو بكر وضُرب ضربًا شديدًا، ودنا منه عتبة بن ربيعة فجعل يضربه بنعلين مخصوفتين ويحرفهما لوجهه، ونزا على بطن أبي بكر، حتى ما يُعرف وجهُه من أنفه، وجاءت بنو تيم يتعادون، فأجْلَت المشركين عن أبي بكر، وحملت بنو تيم أبا بكر في ثوب حتى أدخلوه منزله، ولا يشُكُّون في موته، ثم رجعت بنو تيم فدخلوا المسجد وقالوا: والله لئن مات أبو بكر لنقتلن عتبة بن ربيعة، فرجعوا إلى أبي بكر، فجعل أبو قحافة (والد أبي بكر) وبنو تيم يكلمون أبا بكر حتى أجاب، فتكلم آخر النهار فقال: «ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟»، فمسوا منه بألسنتهم وعذلوه، وقالوا لأمه أم الخير: «انظري أن تطعميه شيئًا أو تسقيه إياه»، فلما خلت به ألحت عليه، وجعل يقول: «ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟»، فقالت: «والله ما لي علم بصاحبك»، فقال: «اذهبي إلى أم جميل بنت الخطاب فاسأليها عنه»، فخرجت حتى جاءت أم جميل (وكانت تخفي إٍسلامها)، فقالت: «إن أبا بكر يسألك عن محمد بن عبد الله»، فقالت: «ما أعرف أبا بكر ولا محمد بن عبد الله، وإن كنت تحبين أن أذهب معك إلى ابنك؟»، قالت: «نعم»، فمضت معها حتى وجدت أبا بكر صريعًا دنفًا، فدنت أم جميل، وأعلنت بالصياح وقالت: «والله إن قومًا نالوا منك لأهلُ فسق وكفر، إنني لأرجو أن ينتقم الله لك منهم»، قال: «فما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟» قالت: «هذه أمك تسمع»، قال: «فلا شيء عليك منها»، قالت: «سالمٌ صالحٌ»، قال: «أين هو؟»، قالت: «في دار الأرقم»، قال: «فإن لله علي أن لا أذوق طعامًا ولا أشرب شرابًا أو آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم»، فأمهلتا حتى إذا هدأت الرِّجل وسكن الناس خرجتا به يتكئ عليهما، حتى أدخلتاه على الرسول محمد، فأكبَّ عليه الرسولُ فقبَّله، وأكبَّ عليه المسلمون، ورقَّ له الرسولُ محمدٌ رقَّةً شديدةً، فقال أبو بكر: «بأبي وأمي يا رسول الله، ليس بي بأس إلا ما نال الفاسق من وجهي، وهذه أمي برة بولدها وأنت مبارك فادعها إلى الله، وادع الله لها عسى الله أن يستنقذها بك من النار»، فدعا لها النبي عليه السلام ودعاها إلى الله فأسلمت. وعندما علم أبو بكر بتعذيب بلال بن رباح وكان عبدًا لأمية بن خلف قصد موقع التعذيب، وفاوض أمية واشتراه منه وأعتقه لوجه الله تعالى، وفعل الشيء نفسه مع العديد من العبيد والإماء الذين أسلموا فاشتراهم وأعتقهم منهم: عامر بن فهيرة، وأم عبيس (أو أم عميس)، وزنيرة، كما أعتق النهدية وبنتها، وابتاع لبينة جارية بني مؤمل وكانت مسلمة فأعتقها أيضًا. الهجرة وصحبة الرسول صلى الله عليه وسلم لقد طمع الصديق بصحبة النبي عليه الصلاة والسلام، وتجهز لذلك، قال ابن إسحاق: «وكان أبو بكر رضي الله عنه رجلًا ذا مال؛ فكان حين استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة، فقال له رسول الله: «لا تعجل لعل الله يجد لك صاحبا»، فقد طمع بأن يكون رسول الله إنما يعني نفسه حين قال له ذلك، فابتاع راحلتين فاحتبسهما في داره يعلفهما إعدادًا لذلك». «قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: وعندما أذن الله لنبيه بالهجرة، خرج رسول الله من بيته سالـمًا من بين من اجتمعوا، لقتله وذهب إلى بيت أبي بكر، وتروي لنا السيدة عائشة رضي الله عنها ما حدث: «كان لا يخطئ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يأتي بيت أبي بكر أحد طرفي النهار، إما بكرة وإما عشية، حتى إذا كان اليوم الذي أذن الله فيه لرسوله صلى الله عليه وسلم في الهجرة والخروج من مكة من بين ظهري قومه، أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهاجرة في ساعة كان لا يأتي فيها، فلما رآه أبو بكر قال: «ما جاء رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في هذه الساعة إلا لأمر حدث»، فلما دخل تأخَّر له أبو بكر عن سريره، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد إلا أنا وأختي أسماء بنت أبي بكر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أخرج عني مَن عندك»، قال: «يا رسول الله إنما هما ابنتاي،[صحيح البخاري] وما ذاك فداك أبي وأمي؟»، قال: «إن الله قد أذن لي في الخروج والهجرة»، فقال أبو بكر: «الصحبة يا رسول الله؟»، قال: «الصحبة»، قالت: فوالله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحدًا يبكي من الفرح حتى رأيت أبا بكر يومئذ يبكي». [البداية والنهاية، ابن كثير]» واحتمل ماله كله وكانت خمسة آلاف أو ستة آلاف كما روت أسماء بنت أبي بكر. وخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غار ثور، واضعًا ماله ونفسه فداء لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان حريصًا أن لايصيبه صلى الله عليه وسلم أذًى أو مكروه. قال محمد بن سيرين: ذكر رجال على عهد عمر رضي الله عنه، فكأنهم فضلوا عمر على أبي بكر رضي الله عنهما قال: فبلغ ذلك عمر رضي الله عنه، فقال: والله لليلة من أبي بكر خير من آل عمر، وليوم من أبي بكر خير من آل عمر، لقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لينطلق إلى الغار ومعه أبو بكر، فجعل يمشي ساعة بين يديه، وساعة خلفه حتى فطن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «يا أبا بكر، ما لك تمشي ساعة بين يدي وساعة خلفي؟» فقال: يا رسول الله، أذكر الطلب فأمشي خلفك، ثم أذكر الرصد، فأمشي بين يديك، فقال: «يا أبا بكر، لو كان شيء أحببت أن يكون بك دوني؟» قال: نعم، والذي بعثك بالحق، ما كانت لتكون من ملمة إلا أن تكون بي دونك، فلما انتهيا إلى الغار قال أبو بكر: مكانك يا رسول الله، حتى أستبرئ لك الغار، فدخل واستبرأه حتى إذا كان في أعلاه ذكر أنه لم يستبرئ الحجرة، فقا : مكانك يا رسول الله، حتى أستبرئ الحجرة، فدخل واستبرأ، ثم قال: انزل يا رسول الله، فنزل، فقال عمر: والذي نفسي بيده لتلك الليلة خير من آل عمر» حديث صحيح واقتفى المشركون أثر النبي عليه الصلاة والسلام حتى وصلوا جبل ثور، ووصلوا إلى الغار؛ ولكن لطف الله عز وجل وتأييده لنبيه عليه الصلاة والسلام جعلتهم يرتدون على أدبارهم خائبين، فعن أبي بكرٍ الصِّدِّيق رضي الله عنه قال: قلت للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وأنا في الغار: لو أنَّ أحدهم نظر تحت قدميه؛ لأبصرنا، فقال صلى الله عليه وسلم: «ما ظنُّك يا أبا بكر! باثنين الله ثالثُهما؟» البخاري . وأنزل الله عز وجل في ذلك قرآنا يتلى إلى يوم القيامة قال تعالى: (إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدۡ نَصَرَهُ ٱللَّهُ إِذۡ أَخۡرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ ٱثۡنَيۡنِ إِذۡ هُمَا فِي ٱلۡغَارِ إِذۡ يَقُولُ لِصَٰحِبِهِۦ لَا تَحۡزَنۡ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَاۖ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَيۡهِ وَأَيَّدَهُۥ بِجُنُودٖ لَّمۡ تَرَوۡهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلسُّفۡلَىٰۗ وَكَلِمَةُ ٱللَّهِ هِيَ ٱلۡعُلۡيَاۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ٤٠) [التوبة: 40]. ومكث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر في الغار ثلاث ليال، ثم انطلقا وقد هدأ الطَّلب حتى وصلا المدينة المنورة. صاحب رسول ووزيره وسهما في كنانته كان أبو بكر الصديق لا يفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم في حلِّه وترحاله، فكان وزيره صلى الله عليه وسلم ومستشاره وأنيسه وأحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يتخلف رضي الله عنه عن غزوة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبذل كل ماله في غزوة تبوك ولم يُبقِ لأهله شيئًا من المال فاشترى نفسه ابتغاء مرضاة الله سبحانه، فكان رضي الله عنه يسابق في الخيرات ، حتى أتعب منافسيه وسلموا أنهم لن يسبقوه أبدًا. وكان رضي الله عنه من أعظم الناس حبًّا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن أكثر الناس معرفة برسول الله صلى الله عليه وسلم. فعن أبي سَعيدٍ الخُدْريُّ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جَلَسَ علَى المِنْبَرِ فقالَ: إنَّ عَبْدًا خَيَّرَهُ اللَّهُ بيْنَ أنْ يُؤْتِيَهُ مِن زَهْرَةِ الدُّنْيا ما شاءَ، وبيْنَ ما عِنْدَهُ، فاخْتارَ ما عِنْدَهُ. فَبَكَى أبو بَكْرٍ وقالَ: فَدَيْناكَ بآبائِنا وأُمَّهاتِنا، فَعَجِبْنا له، وقالَ النَّاسُ: انْظُرُوا إلى هذا الشَّيْخِ؛ يُخْبِرُ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن عَبْدٍ خَيَّرَهُ اللَّهُ بيْنَ أنْ يُؤْتِيَهُ مِن زَهْرَةِ الدُّنْيا، وبيْنَ ما عِنْدَهُ، وهو يقولُ: فَدَيْناكَ بآبائِنا وأُمَّهاتِنا! فَكانَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هو المـُخَيَّرَ، وكانَ أبو بَكْرٍ هو أعْلَمَنا به. وقالَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ مِن أمَنِّ النَّاسِ عَلَيَّ في صُحْبَتِهِ ومالِهِ أبا بَكْرٍ، ولو كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا مِن أُمَّتي لاتَّخَذْتُ أبا بَكْرٍ، إلَّا خُلَّةَ الإسلام، لا يَبْقَيَنَّ في المَسْجِدِ خَوْخَةٌ إلَّا خَوْخَةُ أبِي بَكْرٍ) البخاري [الخوخة: باب صغير كالنافذة الكبيرة تكون بين بيتين ينصب عليها باب]. أبو بكر رجل اللحظة والمواقف الصعبة والحاسمة لقد ظهر ذلك في مناسبات عديدة أهمها موت رسول الله ﷺ، وأيضًا في التصدي للمرتدين ومانعي الزكاة والإصرار على قتالهم ما أدى إلى حفظ الدولة وحفظ العقيدة وأحكام الإسلام: موت رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان وقع موت رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصحابة رضي الله عنهم عظيمًا، فهم في حالة من الصدمة ومن الذهول، والاضطراب، فمنهم من لم يستطع الكلام، ومنهم من أقعد لا يستطيع القيام، ومنهم من أنكر موته. فعلم أبو بكر رضي الله عنه بخبر موت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان غائبًا كما جاء في صحيح البخاري (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَاتَ وأَبُو بَكْرٍ بالسُّنْحِ، -قَالَ إسْمَاعِيلُ: يَعْنِي بالعَالِيَةِ- فَقَامَ عُمَرُ يقولُ: واللَّهِ ما مَاتَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قَالَتْ: وقَالَ عُمَرُ: واللَّهِ ما كانَ يَقَعُ في نَفْسِي إلَّا ذَاكَ، ولَيَبْعَثَنَّهُ اللَّهُ، فَلَيَقْطَعَنَّ أيْدِيَ رِجَالٍ وأَرْجُلَهُمْ، فَجَاءَ أبو بَكْرٍ فَكَشَفَ عن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقَبَّلَهُ، قَالَ: بأَبِي أنْتَ وأُمِّي، طِبْتَ حَيًّا ومَيِّتًا، والذي نَفْسِي بيَدِهِ، لا يُذِيقُكَ اللَّهُ المَوْتَتَيْنِ أبَدًا، ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ: أيُّها الحَالِفُ، علَى رِسْلِكَ، فَلَمَّا تَكَلَّمَ أبو بَكْرٍ جَلَسَ عُمَرُ، فَحَمِدَ اللَّهَ أبو بَكْرٍ وأَثْنَى عليه، وقَالَ: ألا مَن كانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فإنَّ مُحَمَّدًا قدْ مَاتَ، ومَن كانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فإنَّ اللَّهَ حَيٌّ لا يَمُوتُ، وقَالَ: (إِنَّكَ مَيِّتٞ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ٣٠) [الزمر: 30]، وقَالَ: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٞ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِ ٱلرُّسُلُۚ أَفَإِيْن مَّاتَ أَوۡ قُتِلَ ٱنقَلَبۡتُمۡ عَلَىٰٓ أَعۡقَٰبِكُمۡۚ وَمَن يَنقَلِبۡ عَلَىٰ عَقِبَيۡهِ فَلَن يَضُرَّ ٱللَّهَ شَيۡ‍ٔٗاۗ وَسَيَجۡزِي ٱللَّهُ ٱلشَّٰكِرِينَ١٤٤)[آل عمران: 144]، قَالَ: فَنَشَجَ النَّاسُ يَبْكُونَ، …) . بيعة سقيفة بني ساعدة ما إن علم الناس بموت رسول الله صلى الله عليه وسلمحتى اجتمع الأنصار لبيعة سعد بن عبادة خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فعلم أبو بكر وعمر بن الخطاب وابو عبيدة بما اجتمع الانصار من اجله ،فقدموا إلى السقيفة ليوقفوا ما عزم الأنصار عليه، وأثبتوا لهم بالحجة أحقية المهاجرين من قريش، وأحقية أبو بكر بالخلافة، فبايع من كان بالسقيفة أبا بكر رضي الله عنه، وقبل بتولي الخلافة توحيدًا للمسلمين وجمعًا لكلمتهم . فقد خطب أبو بكر معتذرًا من قبول الخلافة فقال: «والله ما كنت حريصًا على الإمارة يومًا ولا ليلةً قط، ولا كنت فيها راغبًا، ولا سألتها الله عز وجل في سر وعلانية، ولكني أشفقت من الفتنة، وما لي في الإمارة من راحة، ولكن قلدت أمرًا عظيمًا ما لي به من طاقة ولا يد إلا بتقوية الله عز وجل، ولوددت أن أقوى الناس عليها مكاني».[أخرجه الحاكم بإسناد صحيح] فكانت بيعة أبي بكر رضي الله عنه أرساء للخلافة من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وترسيخًا لطريق نصب الخليفة أنها البيعة وترسيخًا لنظام سياسي للمسلمين (الخلافة الراشدة) من بعد النبي عليه الصلاة والسلام، فقد قاد ذلك أبو بكر الصديق رضي الله عنه باقتدار، كأول خليفة للمسلمين. أبو بكر خليفة للمسلمين: كانت خلافة الصديق سنتين وثلاثة شهور، فمع أنها مدةٌ قصيرةٌ ولكنَّها كانت حافلة بالإنجازات والأعمال الجليلة من ترسيخ دعائم الحكم، والقضاء على الارتداد والتمردـ والعمل على نشر الدعوة الإسلامية في بلاد فارس والروم، وكان ذلك في آن واحد،، فكانت الفتوحات ونشر الدعوة الإسلامية. خطبة أبي بكر الصديق عند توليه الخلافة: كانت خطبة أبي بكر الصديق الأولى عند توليه الخلافة ترسم السياسة الداخلية والعلاقة بين الرعية والحاكم بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبين موقع الخليفة من الرعية وحقه عليها وحق الرعية على الخليفة، وترسم السياسة الخارجية القائمة على حمل الدعوة عن طريق الجهاد ،فمع قصر الخطبة لكنها رسمت أسس ومنهاج للدولة، فقد قال رضي الله عنه: «أما بعد أيها الناس، فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أرجع عليه حقه إن شاء الله، والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه إن شاء الله، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قومٍ إلا عمّهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم، قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله» ذكره ابن الأثير بإسناد صحيح . إدارة شؤون الدولة لقد أدار أبو بكر شؤون الدولة باقتدار وبحرفية منقطعة النظير وببصيرة نافذة، فقد حرص على عدم تغيير الولاة الذين عينهم الرسول صلى الله عليه وسلم، وحافظ على هيكل الحكم كما كان في زمن الرسول ﷺ ورفض عدم إنفاذ بعث أسامة بالرغم من الأخطار التي كانت تعصف بالدولة، وواجه التمرد من مانعي الزكاة والمرتدين في آن واحد معًا. إن الدولة تعاني من قلة الجند في أعمال سياسية فذة صادرة عن رجل دولة من طراز فريد. بعث جيش أسامة بن زيد وحروب الردة أصدر أبو بكر أمرًا لجيش أسامة الذي أعدَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم لحرب الروم «ألا يبقى بالمدينة أحد من جند أسامة إلا خرج إلى عسكره بالجرف» [البداية والنهاية ] وكان قد اعترض بعض الصحابة على أبي بكر في إنفاذ الجيش، وأن يبقي لمواجهة الردة والتمرُّد فقالوا: «إن هؤلاء جلُّ المسلمين، والعربُ على ما ترى قد انتقضت بك، فليس ينبغي لك أن تفرق عنك جماعة المسلمين» [البداية والنهاية] فقال أبو بكر: «والذي نفس أبي بكر بيده، لو ظننت أن السباع تخطفني لأنفذت بعث أسامة كما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو لم يبقَ في القرى غيري لأنفذته» [تاريخ الطبري]. فأمضى الجيش وأوصاه ، فوصل إلى بلاد الروم وحقق انتصارات عظيمة عززت الهيبة لدولة الإسلام، وكان خروج الجيش في هذا الظرف العصيب أوجد المهابة عند المتمردين والمرتدين في الدولة الإسلامية. ورفض أبو بكر اعتراض الصحابة رضي الله عنهم ومنهم عمر بن الخطاب على محاربة مانعي الزكاة للدولة وهم معترفين بوجوبها، فكان ثاقب النظر ومتفتح البصيرة، فلم يقبل بذلك واعتبره تمردًا وخروجًا عن الدولة، ونقصان في الدين، وقال قولته المشهورة: «أينقص الدين وأنا حي». وقال أيضًا: «والله لأقاتلن من فرَّق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقًا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها» البخاري. وفي رواية والله لو منعوني عقالًا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه، فقال عمر بن الخطاب:» فوالله ما هو إلا أن رأيت الله عز وجل قد شرح صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق» مسلم. وقاتل أبو بكر المرتدين بنفسه، وخرج على رأس الجيش، فعرض الصحابة عليه أن يبقى في المدينة لإدارة شؤون الدولة ويولي غيره القيادة، فجاء علي بن أبي طالب فأخذ بزمام راحلته، فقال: «إلى أين يا خليفة رسول الله؟ أقول لك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد، شم سيفك ولا تفجعنا بنفسك، فوالله لئن أصبنا بك لا يكون للإسلام بعدك نظام أبدًا» فرجع [البداية والنهاية، ابن كثير]. وقد نصر الله المسلمين في حروب الردة، واستشهد عددٌ كبيرٌ من الصحابة فيها، وكان بينهم كُتّاب الوحي الذين يحفظون القرآن الكريم ويكتبون منه عددًا من آياته وسوره، فأمر رضي الله عنه زيد بن ثابت بجمع القرآن الكريم من ما كُتب وما حُفظ، بعد أن شرح الله صدره لهذا الأمر، وتمكّن زيد رضي الله عنه من جمعه في مصحف واحد قبل وفاة أبي بكر؛ ليكون ذلك في ميزان حسناته. توجيه الجيوش إلى بلاد الشام والعراق اغتنم أبو بكر رضي الله عنه فرصة أن الفرس والروم كانوا على خلاف، فقام بإرسال الفاتحين شرقًا وغربًا بنفس الوقت، فأرسل إلى منطقة الفرس خالد بن الوليد والمثنى بن حارثة، وانتصروا وفتحوا عددًا من المدن العراقية؛ كالأنبار، ودومة الجندل، والفراض، وفتحوا الحيرة، كما أرسل إلى منطقة الروم في بلاد الشام جيوشًا بقيادة يزيد بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، وشرحبيل بن حسنة، وأرسل دعمًا بقيادة أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم جميعا، وكانت البلاد المـُستهدفة هي الأردن وفلسطين ودمشق وحمص، وقد وقعت معركة اليرموك بين الروم والمسلمين وانضم خالد بن الوليد إليهم لدعمهم، وخلال المعركة وصل المسلمين نبأ وفاة خليفة المسلمين الأول، فتولّي عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخلافة من بعده. استخلاف أبي بكر لعمر بن الخطاب: لقد استشعر أبو بكر الصديق رضي الله عنه الخطر على الدولة الإسلامية وهي تخوض حروبًا مع أعظم دولتين في آن واحد، فحتى لا يختلف المسلمون من بعده، وبعد مشورة مع الصحابة سمَّى لهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه لتتم مبايعته بعد وفاته من المسلمين، وكتب بذلك كتابًا وقرأه على الناس حرصًا منه رضي الله عنه على الدولة في هذه المرحلة الحساسة . تخوف الصحابة من استخلاف عمر فقد ذكر ابن الأثير ذلك التخوُّف فقد «دخل طلحة بن عبيد الله على أبي بكر» بعد أن علم بأنه ولَّى عمر من بعده، فقال له: «استخلفت على الناس عمر، وقد رأيت ما يلقى الناس منه وأنت معه، وكيف به إذا خلا بهم وأنت لاقٍ ربك فسائلك عن رعيتك؟! فانتفض أبو بكر وأمسك بكتفه وهزه وقال: أجلسوني، فأجلسوه، فقال: أبالله تخوفني؟! (أي هل تظن أنك أكثر ورعًا مني، فتخوفني بالله؟!!) إذا لقيت ربي فسألني قلت: استخلفت على أهلك خير أهلك». وحرص الصديق ورعًا منه أن يكون قد تكسَّب من منصب الخلافة بدرهم أو متاع، فقال فيما ترويه أم المؤمنين عائشة: «انظروا ماذا زاد في مالي منذ دخلت في الإمارة فابعثوا به إلى الخليفة بعدي»، فنظرنا فإذا عبد نوبي (منطقة النوبة) كان يحمل صبيانه، وإذا ناضح (البعير الذي يُستقى عليه) كان يسقي بستانًا له، فبعثنا بهما إلى عمر، فبكى عمر، وقال: «رحمة الله على أبي بكر، لقد أتعب من بعده تعبًا شديدًا» ذكره ابن الجوزي وذكره غيره بإسناد صحيح. وفاة أبي بكر الصديق تروي أمُّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنَّ الصدّيق رضي الله عنه مات متأثّرًا بمرضه بعدما اغتسل في ليلةٍ شديدة البرد، فأصيب على إثرها بالحمّى، ولم يستطع أن يخرج للصلاة خمسة عشر يومًا، وقد أوصى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بإمامة الناس لصلاة الجماعة نيابةً عنه إلى أن توفي في ليلة الثلاثاء الثاني والعشرين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة للهجرة، الموافق الثالث والعشرين من شهر آب من عام ستمئةٍ وأربعةً وثلاثين ميلادية [الإصابة في تمييز الصحابة، ابن حجر العسقلاني] وكانت آخر كلماته قبل وفاته «رب توفَّني مسلمًا، وألحقني بالصالحين» قالها، ولفظ أنفاسه الأخيرة، رحمه الله ورضي عنه. وضجَّت المدينة لخبر وفاة الصدّيق رضي الله عنه، ولم ترَ المدينة منذ وفاة الرسول يومًا أكثر باكيًا وباكية من ذلك المساء، وحزن الصحابة رضوان الله عليهم حزنًا شديدًا على فراقه، وأقبل علي بن أبي طالب مسرعًا باكيًا مسترجعًا، ووقف على البيت الذي فيه أبو بكر، فقال: «رحمك الله يا أبا بكر، كنت إلفَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنيسه، ومستراحه وثقته، وموضع سره ومشاورته» إلى أن قال: «والله لن يصاب المسلمون بعد رسول الله بمثلك أبدًا، كنت للدين عزًا وحرزًا وكهفًا، فألحقك الله عز وجل بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم، ولا حرمنا أجرك ولا أضلنا بعدك»، فسكت الناس حتى قضى كلامه، ثم بكوا حتى علت أصواتهم، وقالوا: «صدقت».(التبصرة لابن الجوزي).
  11. بسم الله الرحمن الرحيم نظرة على الأخبار 2024-04-21 النواب الأمريكي يقر تمويل جيش يهود بـ26 مليار دولار العربية نت، 21/4/2024 - أقر مجلس النواب الأمريكي السبت، بدعم واسع من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، حزمة تشريعية بقيمة 26 مليار دولار تقدم مساعدات أمنية لكيان يهود. وابتهاجاً بالحدث الكبير أعلن وزير خارجية كيان يهود أن تصويت مجلس النواب الأمريكي على تقديم مساعدات عسكرية جديدة بمليارات الدولارات لتل أبيب يوجه رسالة قوية إلى أعداء (إسرائيل). وفيما اعتبر الناطق باسم رئاسة سلطة عباس في رام الله القرار بأنه يمثل "عدوانا على الشعب الفلسطيني"، وأن هذه الأموال أرقام "ستترجم على شكل آلاف الضحايا الفلسطينيين في قطاع غزة"، واصفا ذلك بأنه "تصعيد خطير"، قال الرئيس الأمريكي بايدن، في بيان إن المساعدات "تأتي في لحظة ملحة للغاية، حيث تواجه (إسرائيل) هجمات غير مسبوقة من إيران، وتواجه أوكرانيا قصفا مستمرا من روسيا". وتضمن القرار مساعدات أخرى لأوكرانيا. وبهذه المساعدة الضخمة لجيش كيان يهود الذي يصب حممه على أهل غزة وباقي المسلمين في الضفة الغربية ولبنان وسوريا والعراق وإيران، فهل تفهم أنظمة الضرار في بلاد المسلمين عمق العلاقة بين يهود وأمريكا فتدير ظهرها لأمريكا وتقف مع أمتها وتأخذ طريقها من أجل تحرير أرضها من هذا الكيان الغاصب؟! ------------ أردوغان يستقبل إسماعيل هنية لبحث الحلول آر تي، 20/4/2024 - قال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية إن (إسرائيل) ترفض أن تكون تركيا وروسيا من الدول الضامنة لأي اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، مرحباً وفق مصدر آخر بقوات عربية وإسلامية في غزة لحماية الشعب الفلسطيني ولا تكون حامية للاحتلال. واستقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم السبت إسماعيل هنية في إسطنبول، حيث بحثا هجمات كيان يهود المتواصلة على الأراضي الفلسطينية وعلى رأسها قطاع غزة، وكأن هذه الهجمات بحاجة إلى بحث بعد استمرارها لما يقرب السبعة شهور تحت سمع وبصر تركيا وجيشها! وكواحد من الحكام المتخاذلين أكد أردوغان خلال لقائه هنية أن تركيا ستواصل مساعيها الدبلوماسية للفت أنظار المجتمع الدولي إلى الظلم الذي يتعرّض له الفلسطينيون. وكأنه يدفع بحركة حماس باتجاه الاندماج مع سلطة عباس لتسهيل الحلول الأمريكية لقطاع غزة! فقد شدد أردوغان مجددا على أهمية وحدة الصف الفلسطيني في التحرّك خلال هذه المرحلة، مشيرا إلى أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة وتسليم اليهود حوالي 80% من فلسطين هو "مفتاح السلام الإقليمي وتحقيق سلام دائم في المنطقة"! ومن باب الضحك على الذقون لفت إلى أنه منذ بداية عدوان يهود على قطاع غزة نفذت تركيا سلسلة عقوبات ضد كيان يهود شملت مجموعة قيود تجارية، وكأن هذا هو المطلوب من واحدة من أقوى البلاد الإسلامية وهي ترى الفلسطينيين في قطاع غزة يذبحون من الوريد إلى الوريد! ------------ الحرب العبثية في السودان تحمل السودانيين لاجئين إلى تشاد الجزيرة نت، 20/4/2024 - ذكر تقرير نشرته صحيفة لوموند الفرنسية أن الحرب الضروس التي اشتعلت قبل عام بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، أجبرت ما يقارب 600 ألف سوداني على الفرار إلى تشاد خلال العام الماضي. وأوضح تقرير لوموند أن اللاجئين السودانيين الذين وصلوا إلى تشاد في ربيع عام 2023 قد فرّوا بالأساس من القتال ومن المجازر والانتهاكات وجرائم الاغتصاب المرتكبة في دارفور. وقاد الانفلات الأمني الذي تقوده المليشيات التي تحركها المخابرات الأمريكية وغيرها من قوى أجنبية إلى حالات من السرقة والنهب الممنهج الذي تريده أمريكا لأهل السودان حتى يستتب الأمن لعملائها في الحكم، وبهذا فإن هذه المليشيات قد قضت على مصادر رزق الناس مثل الأعمال الزراعية. وصار الأجانب هم المصدر شبه الوحيد الذي يتحدث عن توصيف حالة الشعب السوداني مثل ما أكدته منظمة التضامن الدولي غير الحكومية في الفاشر، عاصمة شمال دارفور وكذلك منظمة أطباء بلا حدود التي قالت "يموت طفل كل ساعتين". هذه هي أحوال أمة الإسلام في ظل هؤلاء الحكام والمليشيات التابعة للغرب الكافر، حيث يدفعهم أسيادهم في واشنطن ليسوموا الناس سوء العذاب تأديباً لهم على تمردهم على النظام العميل.
  12. بسم الله الرحمن الرحيم ذكرى ووعد وبشرى لا يختلف مسلمان على أنَّ إقامة الدين والعمل به واجب شرعي، وأنَّه ثابت بالدليل القطعي من الكتاب والسنة، وعليه إجماع الأمة من لدن الصحابة رضي الله عنهم، وهذا يحتم علينا أن نتعامل معه على أنَّه حكم شرعي وواجب إلهي لا بُدَّ من إبراء الذمة منه، بصرف النظر عن النتائج، ومن دون تسليط للقيم المادية ومؤثرات الواقع الفاسد الذي هيمن على بعض النفوس والعقول حتى أصبحت تبحث عن الحل فيه!! على الرغم ممَّا تُحدِّثنا به أنفسنا من صعوبة الحل الشرعي للواقع المؤلم الذي تعيشه الأمة حتى نكاد نقارنه بالمستحيل، إلا أنَّه سهل ميسور، لا يحتاج إلى فلسفة عميقة، هكذا بسهولة: نتعامل معه شأنه شأن أي حكم شرعي آخر، وبما أنَّه حكم شرعي، إذاً يتعيَّن علينا أن نطلب طريقة تحقيقه من الشرع، وذلك بالنظر في سيرة خير الخلق، المصطفى ﷺ، فنتتبع أعماله لكي نعرف الطريقة الشرعية لإقامة الدين واستئناف الحياة الإسلامية، هذا هو الأساس، وهذا ما يحتمه علينا كوننا مسلمين، وفي الوقت نفسه علينا أن نتجرد من كل مؤثرات الواقع المادية، التي تجعلنا نستصعب السهل، وتُرينا التقيد بسيرة المصطفى مضيعة للوقت وعملاً من دون جدوى، حتى غاب عنا أننا مأمورون بالعمل، ولسنا مطالبين بالنتائج! ولو تتبعنا سيرة الحبيب الطبيب ﷺ لوجدنا أنَّ إقامة الدين في ضوء الطريقة النبوية يُمكن إجماله بنقطتين اثنتين: الأولى: وجود الجماعة المؤمنة الواعية التي تأخذ على عاتقها الدعوة إلى الإسلام بالتثقيف والإعداد والتفاعل مع المجتمع؛ لإيجاد الرأي العام والقاعدة الشعبية التي تتبنى أفكار الإسلام وأحكامه؛ وذلك بإعادة ثقة المسلمين بدينهم وصلاحيته للتطبيق في كل زمان ومكان، وأنَّه وحده سبيل نجاتهم في الدنيا والآخرة. الثانية: تحري مواطن القوة في الأمة، وأصحاب الأمر فيها، وإعادة ثقتهم بالإسلام، وإقناعهم بوجوب نصرته وجعله موضع التطبيق والتنفيذ، بحيث يكون هو النظام الذي تسير عليه حياة المجتمع؛ ليكونوا أنصار الله كما كان الأوس والخزرج، فيفوزوا برضا الله سبحانه وتعالى. هذا هو باختصار ما فعله رسول الله ﷺ، ولم يَحِدْ عنه، ورفض كل المغريات التي عُرضت عليه من المال والجاه وأنصاف الحلول، وثبت أمام التعذيب والاضطهاد والحصار وصبر حتى أتاه نصر الله وهو على ذلك. إنَّ آفة الإعراض عن العمل الحقيقي لهذا الواجب، والمغالطة بالاقتصار على أعمال جزئية، يرجع إلى استعجال تحقيق النتائج وقطف الثمار، وتسلط النظرة العلمانية الغربية المادية لمفهوم النتائج على النفوس، وهو ما جعل كثيراً من الحركات التي ترفع شعار العمل للإسلام، تشارك في حكم الكفر العلماني وأنظمته، لتحقيق ما ظنوه مكاسب سياسية، ولكنها في الحقيقة عملت على تدعيم نظام الكفر وتمكينه من رقاب المسلمين، حتى غدا عند هؤلاء الاعتراف بكيان يهود وفتح سفارة رسمية له، واستقبال رئيسهم وسفرائهم والترحيب بهم، من باب "السياسة الشرعية"، بل أصبحت الخيانة وموالاة الكفار ومدهم بأسباب القوة "سياسة شرعية"!! وبالاستقراء والتتبع وبالمنطق الذي يتكلمون به، ما الذي قامت به وحققته تلك الحركات المشارِكة في أنظمة الكفر ورضيت بالتنازل عن الإسلام، ودخلت في كنف "الإسلام الغربي المعتدل"؟! عملياً لم تفعل شيئاً حقيقياً غير كونها عاملاً داعماً لبقاء وديمومة تلك الأنظمة، وتحقيق أهداف دول الكفر بفصل الإسلام عن الحياة والدولة والمجتمع، ثُمَّ لم تلبث تلك الدول وحكوماتها العميلة أن رمتهم رمي النواة، والشواهد كثيرة! إنَّ تسلط النظرة العلمانية الغربية المادية لمفهوم النتائج على النفوس، واستعجال تحقيقها، جعلت هذه التوجهات تبحث عن حلول جزيئة ترقيعية آنية بصرف النظر عن موقف الإسلام منها، وترسخ عند أصحابها أنَّه: ما دمنا لا نرى تلك النتائج - من مقاعد برلمانية ووزارات ومناصب وعلاقات دولية،... - إذاً لا جدوى من العمل!! وأحدث ذلك في نفوس شريحة من الناس تقبّل الواقع الفاسد وترك المفاصلة مع الكفار وأذنابهم! ثُمَّ تحول ذلك إلى يأس وتنصل من الواجب الشرعي المطلوب منا العمل له، ألا وهو إقامة الدين واستئناف الحياة الإسلامية، والصبر عليه حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً. لقد نسي هؤلاء أو تناسوا ما قامت به قريش من أعمال حاولت بها منع النبي ﷺ من الدعوة الإسلام، فخاضوا مفاوضات عدة مع أبي طالب لمنع النبي ﷺ وثنيه عن أمر الدعوة، وكان بعضها متضمناً التهديد والوعيد، وعرضوا عليه أن يعبدوا إلهه عاماً ويعبد آلهتهم عاماً، فأنزل الله تعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ...﴾، ثُمَّ كان جواب النبي ﷺ حاسماً قاطعاً: «واللهِ لَوْ وَضَعُوا الشَّمْسَ في يَمِينِي والقَمَرَ في يَسَارِي عَلَى أَنْ أَتْرُكَ هَذَا الأَمْرَ حَتَّى يُظْهِرَهُ اللهُ أَوْ أَهْلِكَ فِيهِ، ما تَرَكْتُهُ»، وساموا المسلمين ألوان العذابات، المادية والنفسية، ولكن لم يكن للتنازل أي محل في قاموسهم، فإذا لم نكن بهذه العقلية وهذه النفسية، فكيف ننتظر النصر والتمكين؟! لقد نسي هؤلاء أو تناسوا أنَّ الله تعالى يقول: ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ﴾، ويقول: ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ﴾، ويقول: ﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً * وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً﴾. لقد نسي هؤلاء أو تناسوا ما قصه الله تعالى علينا من شأن نوح عليه السلام: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَاماً فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ﴾، ونسوا أو تناسوا قول النبي ﷺ: «عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ وَمَعَهُ الرَّهْطُ، وَالنَّبِيَّ وَمَعَهُ الرَّجُلُ وَالرَّجُلَانِ، وَالنَّبِيَّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ،...»، الحديث، وهذا كله يعني لا نتائج بالمقاييس المادية الواقعية. ولكن العبرة ليست بالنتائج، بل بالتقيد بحكم الشرع والثبات على نهج النبي ﷺ، والصبر عليه، مع الإيمان القطعي بأنَّ النصر من عند الله وحده سبحانه: ﴿وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾، وأنَّه ناصر عباده المؤمنين: ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾، وأنَّ هذا النصر هو وعد من الله سبحانه لمن صبر وثبت، وليس لمن تنازل وتوانى وتقاعس: ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾، وهو بشرى رسوله ﷺ: «تكونُ النُّبوَّةُ فيكم ما شاء اللهُ أنْ تكونَ، ثُمَّ يَرفَعُها إذا شاء أنْ يَرفَعَها، ثُمَّ تكونُ خِلافةٌ على مِنهاجِ النُّبوَّةِ، فتكونُ ما شاء اللهُ أنْ تكونَ، ثُمَّ يَرفَعُها إذا شاء اللهُ أنْ يَرفَعَها، ثُمَّ تكونُ مُلكاً عاضّاً، فيَكونُ ما شاء اللهُ أنْ يكونَ، ثُمَّ يَرفَعُها إذا شاء أنْ يَرفَعَها، ثُمَّ تكونُ مُلكاً جَبريَّةً، فتكونُ ما شاء اللهُ أنْ تكونَ، ثُمَّ يَرفَعُها إذا شاء أنْ يَرفَعَها، ثُمَّ تكونُ خِلافةٌ على مِنهاجِ نُبوَّةٍ، ثُمَّ سَكَتَ». ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾ كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير عبد الله محمد سعيد – ولاية العراق
  13. أيها العلماء: لا تكونوا دعاة على أبواب جهنم إسلام المحمدي الحمد لله الذى جعل فى كلِّ زمانِ فترةٍ من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضلَّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، ويُحيون بكتاب الله تعالى الموتى، ويبصرون بنور الله أهل العمى… فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضالٍ تائه قد هدوه… فما أحسن أثرهم على الناس وما أقبح أثر الناس عليهم… ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين الذين عقدوا ألوية البدعة وأطلقوا عنان الفتنة. الناس بلا علماء هم جهال تتخطفهم شياطين الإنس والجن من كل حدَب وصوب، وتعصف بهم الضلالات والأهواء من كل جانب؛ من هنا كان العلماء هم من نعم الله تعالى لأهل الأرض، وهم مصابيح الدُّجى وأئمة الهدى وحجة الله في أرضه. بهم تُمحق الضلالة من الأفكار، وتنقشع غيوم الشك من القلوب والنفوس، فهم غيظ الشيطان وركيزة الإيمان وقوام الأمة، مثَلهم في الأرض كمثل النجوم في السماء يُهتدى بهم في ظلمات الحياة إذا ما طُمست النجوم وأوشك أن تضل الهُداة. بمثل هذا الكلام ،نحن نريد إطلاق إنذار وتحذير ندفع به العلماء لأن يأخذوا دورهم الذي يرضي الله، فالأمة بحاجة إليهم، وهم موجودون، فإما أن يكونوا في فسطاط الحق، وإما أن يكونوا في فسطاط النفاق الذي نعيذهم منه. وإننا هنا سنعرض أحاديث نبوية شريفة نريد بها أن نتوجه به إليهم بأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ونثير فيهم إيمانهم ونخوفهم من عذاب الله إن وقفوا مع الحكام، فإنهم يتحولون بذلك من دعاة للحق إلى دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها، والعياذ بالله. نعم، إن علماء الخير لا يهابون سلطانًا جائرًا ولا حاكمًا جبَّارًا؛ لأنهم آمنوا بقول رسولهم ونبيهم الكريم الذي رواه السبط الجليل الإمام الحسن بن علي رضي الله عنه: «من رأى سلطانًا جائرًا، مستحلًّا لحِرَم الله، ناكثًا بعهد الله، مخالفًا لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغيِّر عليه بقول ولا فعل؛ كان حقًّا على الله أن يُدخله مدخله» رواه الطبري في التاريخ، وابن الاثير في الكامل وغيرهما. – وعن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ، وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ، وَمَنْ فِي الْأَرْضِ، وَالْحِيتَانُ فِي جَوْفِ الْمَاءِ، وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ، كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، وَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ» رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد وابن حبان. – وعن أبي هريرة، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ومن أتى أبواب السلاطين افتتن، وما ازداد عبد من السلطان دنوًا إلا ازداد من الله بعدًا». أخرجه أبو داود والبيهقي. – وعن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله: «إن في جهنم واديًا تستعيذ منه كل يوم سبعين مرة، أعدَّه الله للقرَّاء المرائين في أعمالهم، وإن أبغض الخلق إلى الله عالم السلطان». أخرجه ابن عدي. – وعن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيت العالم يخالط السلطان مخالطة كثيرة؛ فاعلم أنه لص». أخرجه الديلمي في مسند الفردوس. – وعن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن أناسًا من أمتي سيتفقهون في الدين، ويقرؤون القرآن، ويقولون نأتي الأمراء، فنصيب من دنياهم، ونعتزلهم بديننا، ولا يكون ذلك، كما لا يجتنى من القتاد إلا الشوك، كذلك لا يجتنى من قربهم إلا الخطايا». أخرجه ابن ماجة بسند رواته ثقات. – وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سيكون بعدي أمراء، فمن دخل عليهم فصدَّقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم، فليس مني، ولست منه، وليس بوارد عليَّ الحوض. ومن لم يدخل عليهم، ولم يعِنْهم على ظلمهم، ولم يصدقهم بكذبهم، فهو مني، وأنا منه، وهو وارد عليَّ الحوض». أخرجه الترمذي وصححه، والنسائي، والحاكم وصححه. – وعن أنس بن مالك، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «العلماء أمناء الرسل على عباد الله ما لم يخالطوا السلطان، فإذا خالطوا السلطان فقد خانوا الرسل فاحذروهم، واعتزلوهم». أخرجه الحسن بن سفيان في مسنده، والحاكم في تاريخه، وأبو نعيم، والعقيلي، والديلمي، والرافعي في تاريخه. – وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من عالم أتى صاحب سلطان طوعًا، إلا كان شريكه في كل لون يعذب به في نار جهنم». أخرجه الحاكم في تاريخه، والديلمي. – وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه، قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا قرأ الرجل القرآن وتفقَّه في الدين، ثم أتى باب السطان تَمَلُّقًا إليه وطمعًا لما في يده، خاض بقدر خطاه في نار جهنم» أخرجه أبو الشيخ في الثواب. – وعن الحسن، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزال هذه الأمة تحت يد الله وكنفه، ما لم يمارِ قراؤُها أمراءَها». أخرجه أبو عمرو الداني في كتاب الفتن. – وعن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سيكون قوم بعدي من أمتي، يقرؤون القرآن ويتفقهون في الدين، يأتيهم الشيطان فيقول: لو أتيتم السلطان، فأصلح من دنياكم، واعتزلوهم بدينكم! ولا يكون ذلك، كما لا يجتنى من القتاد إلا الشوك، كذلك لا يجتنى من قربهم إلا الخطايا». أخرجه ابن عساكر. – وعن أنس، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من تقرَّب من ذي سلطان ذراعًا، تباعد الله منه باعًا».– أخرجه الديلمي. – وعن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يكون في آخر الزمان علماء يُرغِّبون الناس في الآخرة ولا يرغَبون، ويُزهِّدون الناس في الدنيا ولا يزهَدون، وينهَون عن غشيان الأمراء ولا ينتهون». أخرجه الديلمي.
  14. بسم الله الرحمن الرحيم جريدة الراية: أبرز عناوين العدد (491) لتحميل العدد اضغط هنا لزيارة موقع الجريدة اضغط هنا للمزيد من موقع المكتب المركزي اضغط هنا الأربعاء، 08 شوال الخير 1445هـ الموافق 17 نيسان/أبريل 2024م
  15. منزلة الحكم بما أنزل الله من الدين (الحكم بما أنزل الله والتحاكم إليه عبادة) – قال تعالى: (مَا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِهِۦٓ إِلَّآ أَسۡمَآءٗ سَمَّيۡتُمُوهَآ أَنتُمۡ وَءَابَآؤُكُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلۡطَٰنٍۚ إِنِ ٱلۡحُكۡمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُۚ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلۡقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ٤٠)[يوسف: 40].إن التحاكم والحكم من العبادة؛ ولهذا يقول الله عز وجل:(إِنِ ٱلۡحُكۡمُ إِلَّا لِلَّهِ) فحصر الحكم في الله عز وجل، فلا يجوز لأحد أن يطلب الحكم من غير الله سبحانه وتعالى، ولهذا قال بعدها:(أَمَرَ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُ)؛وذلك يدل أن الحكم عبادة، فيجب أن تصرف لله حصرًا. – وقال تعالى: (أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يَزۡعُمُونَ أَنَّهُمۡ ءَامَنُواْ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبۡلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوٓاْ إِلَى ٱلطَّٰغُوتِ وَقَدۡ أُمِرُوٓاْ أَن يَكۡفُرُواْ بِهِۦۖ وَيُرِيدُ ٱلشَّيۡطَٰنُ أَن يُضِلَّهُمۡ ضَلَٰلَۢا بَعِيدٗا٦٠) [النساء:60]، والطاغوت عام، فكل ما عبد من دون الله ورضي بالعبادة من معبود، أو متبوع، أو مطاع في غير طاعة الله ورسوله، فهو طاغوت. فالطاغوت مشتق من الطغيان وهو مجاوزة الحد، فكل من حكم بغير ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فقد حكم بالطاغوت وحاكم إليه. ويقول الشيخ السعدي في تفسيره باختصار: «الرد إلى الكتاب والسنة شرط في الإيمان، فدلَّ ذلك على أن من لم يردَّ إليهما مسائل النزاع فليس بمؤمن حقيقة، بل مؤمن بالطاغوت كما جاء في الآية: (أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يَزۡعُمُونَ) الآية، فإن الإيمان يقتضي الانقياد لشرع الله وتحكيمه، في كل أمر من الأمور، فمن زعم أنه مؤمن، واختار حكم الطاغوت على حكم الله، فهو كاذب في ذلك…». – قال تعالى: (ٱتَّخَذُوٓاْ أَحۡبَارَهُمۡ وَرُهۡبَٰنَهُمۡ أَرۡبَابٗا مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَٱلۡمَسِيحَ ٱبۡنَ مَرۡيَمَ وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعۡبُدُوٓاْ إِلَٰهٗا وَٰحِدٗاۖ لَّآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۚ سُبۡحَٰنَهُۥ عَمَّا يُشۡرِكُونَ٣١) وفي حديث عدي بن حاتم، وهو حديث حسن طويل رواه أحمد والترمذي وغيرهما وكان قد قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو نصراني، فسمعه يقرأ هذه الآية، قال: «فقلت له: إنا لسنا نعبدهم، قال: أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه، ويحلون ما حرم الله فتحلونه؟ قال: فقلت بلى، قال: فتلك عبادتهم». – قال الله تعالى: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤۡمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيۡنَهُمۡ ثُمَّ لَا يَجِدُواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ حَرَجٗا مِّمَّا قَضَيۡتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسۡلِيمٗا٦٥) [النساء: 65] يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية: «يقسم تعالى بنفسه الكريمة المقدسة أنه لا يؤمن أحد حتى يُحَكِّمَ الرسول صلى الله عليه وسلم في جميع الأمور، فما حكم به فهو الحق الذي يجب الانقياد له ظاهرًا وباطنًا». ويقول ابن القيم عن هذه الآية: «أقسم سبحانه بنفسه المقدسة قسمًا مؤكدًا بالنفي قبله على عدم إيمان الخلق حتى يحكِّموا رسوله في كل ما شجر بينهم من الأصول والفروع، وأحكام الشرع وأحكام المعاد، ولم يثبت لهم الإيمان بمجرد هذا التحكيم حتى ينتفي عنهم الحرج وهو ضيق الصدر، وتنشرح صدورهم لحكمه كل الانشراح، وتقبله كل القبول، ولم يثبت لهم الإيمان بذلك أيضًا حتى ينضاف إليه مقابلة حكمه بالرضا والتسليم وعدم المنازعة وانتفاء المعارضة والاعتراض» – قال الله تعالى: (فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا) [النساء: 59] إن تحكيم شرع الله ورد النزاع إلى نصوص الوحيين (الكتاب والسنة) شرط في الإيمان؛ ولذا يقول ابن القيم: «إن قوله (فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ) نكرة في سياق الشرط، تعُمُّ كل ما تنازع فيه المؤمنون من مسائل الدين دِقِّه وجُلِّه، جليِّه وخفيه، ولو لم يكن في كتاب الله ورسوله وبيان حكم ما تنازعوا فيه، ولم يكن كافيًا لم يأمر بالرد إليه، إذ من الممتنع أن يأمر تعالى بالرد عند النزاع إلى من لا يوجد عنده فصل النزاع، ومنها أن جعل هذا الرد من موجبات الإيمان ولوازمه، فإذا انتفى هذا الرد انتفى الإيمان، ضرورة انتفاء الملزوم لانتفاء لازمه… ثم أخبرهم أن هذا الرد خير لهم، وأن عاقبته أحسن عاقبة» [أعلام الموقعين 1/49-50]. ويقول ابن كثير: «فما حكم به كتاب الله وسنة رسوله، وشهد له بالصحة فهو الحق، وماذا بعد الحق إلا الضلال، ولهذا قال تعالى: (إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ) أي رُدُّوا الخصومات والجهالات إلى كتاب الله وسنة رسوله فتحاكموا إليهما فيما شجر بينكم، فدلَّ على أن من لم يتحاكم في محل النزاع إلى الكتاب والسنة ولا يرجع إليهما في ذلك فليس مؤمنًا بالله ولا باليوم الآخر» [تفسير ابن كثير 3/209]. – قال سبحانه وتعالى: (وَأَنِ ٱحۡكُم بَيۡنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَهُمۡ وَٱحۡذَرۡهُمۡ أَن يَفۡتِنُوكَ عَنۢ بَعۡضِ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَيۡكَۖ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَٱعۡلَمۡ أَنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعۡضِ ذُنُوبِهِمۡۗ وَإِنَّ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلنَّاسِ لَفَٰسِقُونَ٤٩) [المائدة: 49]. فالله عزَّ وجلَّ أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بالحكم بين أهل الكتاب بما أنزل الله فيه، ونهاه عن اتِّباع أهوائهم لما فيه من مخالفة المنزل إليه، وحذره أن يفـتـنـوه فـيـحـولوا بينه وبين بعض ما أنزل عليه، وأعلمه أنهم إن تولوا عن الحكم الذي أنزله الله إليه فإنما يريد أن يصيبهم ويبتليهم بسبب بعض ذنوبهم، فعلم منه أن التولي عن حكم الله وحكم رسوله إلى حكم الأهواء سبب لإصابة الله بالمصائب.
  16. بسم الله الرحمن الرحيم 2024-04-17 جريدة الراية: متفرقات الراية إن اكتمال فرحة المسلمين بطاعاتهم وقرباتهم، وصيامهم وأعيادهم، هو قرين بقيام دينهم، وبتحرير أرضهم، ودحر عدوهم، تماما مثلما هي عبادتهم قرينة بتوحيدهم، وبوحدتهم كأمة، قال تعالى: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾، وإن كل ذلك كائن بإذن الله تعالى بقيام دولتهم وخلافتهم، والخلاص من هذه الطغمة التي تسلطت عليهم، حيث يعقبه الخلاص من كيان يهود المسخ، وحيث يدخلون المسجد الأقصى يكبرون في ساحاته تكبيرات النصر والعيد. === ﴿إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا﴾ نشر موقع بوليتكو تقريرا بعنوان: "المزيد من الشاحنات تدخل إلى غزة ولكن التأخيرات على الحدود تعيق عملية التوزيع". جاء فيه أن العدد الرسمي للشاحنات التي عبرت الحدود وفقا لتنسيق الأنشطة الحكومية (الإسرائيلية) في المناطق لا يأخذ في الاعتبار الازدحام الذي يوجد فيه الكثير من البضائع في المنطقة المحظورة التي لا يمكن لجماعات الإغاثة الوصول إليها. وأورد التقرير ما قالته جيني بايز، منسقة الاستجابة للطوارئ في الأونروا، ذراع الأمم المتحدة العاملة في غزة: "لدينا حوالي أربع ساعات في الصباح، في يوم جيد، وربما ساعتين أو نحو ذلك في فترة ما بعد الظهر لجمع كل البضائع". "يمكن للجانب (الإسرائيلي) أن يقوم بعمليات متواصلة يمكنها بسهولة تسجيل أرقام أعلى". إزاء هذا الخبر كتب الأستاذ حسام الدين مصطفى تعليقا بثته إذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير، قال فيه: التقرير أورد عن مسؤول أمريكي طلب عدم الكشف عن هويته أن الإدارة الأمريكية تدرك الحاجة إلى حل القضايا اللوجستية التي تؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة. وبحسب التقرير فإن عمال الإغاثة ومسؤوليْن أمريكيين آخرين، طلبا عدم الكشف عن هويتهما للحديث عن تفاصيل عملية حساسة قالوا: "إن آلية المحاسبة معقدة وغير موحدة، ما يؤدي إلى تنافس الروايات حول حجم المساعدات التي تصل إلى غزة". ويقول عمال الإغاثة أيضا "إن إحصاء (إسرائيل) لعدد الشاحنات القادمة من مصر مضلل لأنها لا تشير إلى أن هذه الشاحنات صغيرة بشكل خاص، حوالي نصف حجم شاحنة المقطورة القياسية التي تستخدمها منظمات الإغاثة، بما في ذلك الأونروا، لنقل المساعدات". كما يتحدث التقرير أيضا عن اختلاف في إحصاء كمية المساعدات، فالأمم المتحدة تحصي عدد منصات المساعدات التي تحويها كل شاحنة في حين يستخدم الكيان الطن المتري، ولا تمتلك الأمم المتحدة ميزانا لوزن الشحنات في الجانب الآخر. ويخلص جميع عمال الإغاثة الأربعة - بحسب التقرير - إلى القول إنه لم يتغير الكثير ماديا في غزة منذ يوم الأحد بعد إعلان دولة الكيان عن فتح المعابر الإضافية لدخول المساعدات. وأضاف الأستاذ حسام الدين بأن هذه المعلومات الواردة في التقرير تؤكد على مقدار إجرام كيان يهود وتعمده مع سبق الإصرار والترصد تجويع أهل غزة فضلا عن ولوغه في دمائهم ولوغ الحاقد المتعطش للانتقام والتشفي بضحيته دون اعتبار لأي قيمة لبشر. وبالرغم من ضغط أمريكا عليهم لإدخال المزيد من المساعدات بعد قتل كيان يهود سبعة - من غير أهل غزة ـ فإنهم يتلكأون ويضعون العراقيل تلو العراقيل ويتحايلون ويراوغون لكي لا تدخل مساعدات أكثر للجوعى في القطاع. واستدرك الأستاذ حسام الدين قائلا: ولكن مهلا، أليس هذا ديدن يهود؟ قوم بهت! ألم يراوغوا ويتلكأوا ويبحثوا عن الأعذار كي لا ينفذوا أمر الله لهم بذبح بقرة؟ حتى قالوا ﴿إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا﴾؟ وهذا كله في إدخال الطعام للجوعى، فكيف بطاولة المفاوضات على "الهدنة" التي تدار بمشاركة مصر وقطر ومعهم وليام بيرنز؟ وختم تعليقه بأنه من نافلة القول إن مجرد اعتبار مصر وقطر أنفسهما "طرفين محايدين" هو خيانة وإجرام فوق خيانتهم وإجرامهم هم وبقية حكام المسلمين يوم تخاذلوا عن نصرة المسلمين في غزة والقيام بما فرضه الله عليهم. ولكن عوداً إلى تلك المفاوضات على الهدنة، فإن ما يجب أن يكون مدرَكا ومقطوعا به أن التحايل والمراوغة ونكث العهود هو ديدن قتلة الأنبياء منذ القدم ولن يتغير اليوم، فهل من معتبر؟! === ﴿رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ﴾ في قناته الرسمية على منصة تلغرام، وتحت عنوان: "ما حدث بين قيادة المنطقة والمعتقل ظلماً منذ أحد عشر شهراً الأستاذ ناصر شيخ عبد الحي"، ذكر رئيس لجنة الاتصالات المركزية لحزب التحرير في ولاية سوريا الأستاذ عبد الحميد عبد الحميد إنه بتاريخ الاثنين 8/4/2024م بعثت قيادة المنطقة لإخوة الأستاذ ناصر أن تعالوا غداً لتستلموه، فسنفرج عنه. وعند ذهابهم ظهر الثلاثاء إلى سرمدا، وبعد لقائهم بمدير المنطقة وإحضار الأستاذ ناصر، قام المجرمون بمساومة الأستاذ ناصر مساومة قذرة، وقالوا له: إن الإفراج عنك مشروط بتوقيعك على ترك حزب التحرير. وهنا رفض الأستاذ ناصر المساومة، ورفض التوقيع، متمثلاً قول نبي الله يوسف: ﴿رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ﴾، وفضّل العودة إلى السجن رافعاً رأسه، على أن يخرج خانعاً ذليلاً متعهداً بترك العمل لإقامة دين الله. === الاتحاد الأوروبي يزيد في استيراد مكونات صناعة الذخيرة من الخارج أر تي، 13/4/2024 - سجل الاتحاد الأوروبي بين عامي 2021 و2023 نموا ملحوظا في استيراد النتروسليلوز المستخدم في صناعة الذخائر بلغ 47.7 مليون طن تقريبا، في نسبة كانت الأعلى منذ عام 2017. ويعتبر الموردون الرئيسيون للنيتروسليلوز إلى الاتحاد الأوروبي في عام 2023 تايلاند بـ6.2 ألف طن، البرازيل بـ4.2 ألف طن والصين بـ3.7 ألف طن. علاوة على ذلك، في عامي 2021 و2022، كانت الهند في المراكز الثلاثة الأولى بدلا من الصين. وفي الوقت نفسه، لا يعتبر هذا العامل الوحيد الذي يؤدي إلى اعتماد الاتحاد الأوروبي المتزايد على الدول الأخرى في إنتاج الذخيرة، بل إن المشكلة أكثر تعقيدا. فهو واحد من الأسباب والذي يضاف إلى سبب رئيسي يتمثل في نقص القدرة الإنتاجية، وهو أمر أخطر بكثير من مسألة عدم توافر أحد المكونات. الراية: بعد أن كانت الجيوش الأوروبية هي الأخطر في العالم وتصنع ذخائرها بنفسها فإنها اليوم وعلى الرغم من الكثير من المخاطر كالحرب في أوكرانيا والمد الإسلامي، فإن أوروبا تجد صعوبة بالغة في صناعة ذخيرتها ناهيك عن تقوية جيوشها التي أصبحت هامشية على ساحة القوى العظمى الدولية. === ما ذُكرت الخلافة إلا وذُكر حزبُ التحرير وما ذكر حزبُ التحرير إلا وذكرت الخلافة! ردا على مقالة في الجزيرة نت بتاريخ السبت 6/4/2024 كتبها عطا المنان بخيت، وهو دبلوماسي سوداني سابق ومدير مركز أفريقيا للدراسات (إسطنبول-تركيا)، بعنوان "مائة عام دون خلافة"، قال بيان صحفي أصدره الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان الأستاذ إبراهيم عثمان (أبو خليل): بالرغم من أن الكاتب أكد من خلال المقالة على أن المسلمين ظلوا على امتداد تاريخهم السياسي يعيشون تحت ظل خلافة، وأن قرار إلغائها كان صعبا على النفوس، وأثار موجة ضاربة من الحزن والإرباك، إلا أن الكاتب لم يكن منصفا عند الحديث عن الجهود التي بذلت لإعادة الخلافة! فكل الذين ذكرهم أو ذكر أطروحاتهم، كانت تصب في الاتجاه المعاكس تماما لإعادتها، بل كانت في حقيقتها تكريسا للواقع الذي صنعه الغرب، وتنفيسا لمشاعر المسلمين المتعطشين لقيام الخلافة على منهاج النبوة؛ فمنظمة التعاون الإسلامي وغيرها من المؤسسات رفعت شعار توحيد المسلمين زوراً، وكرست الانقسام والتشرذم الحاصل للأمة اليوم، بل كانت هذه المؤسسات والطروحات التي ذكرها الكاتب سبباً من أسباب تأخر قيام الخلافة! وتعمد الكاتب أن يغطي عين الشمس بغربال، فقد تجاهل عن عمد الحزب الوحيد الذي عمل بجد وإخلاص ووعي، من أجل استئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، وبالرغم من التعتيم الإعلامي، إلا أن حزب التحرير أصبح عَلماً على رأسه نار تحرق الفساد، وتضيء طريق الرشاد، فصارت الخلافة مقرونة باسمه فما ذُكرت الخلافة إلا وذكر حزبُ التحرير، وما ذكر حزب التحرير إلا وذكرت الخلافة، فكان على الكاتب من باب الأمانة العلمية، وهو يتحدث عن قضية الأمة المصيرية، أن يقول الحق، وينصف حملة الدعوة الواصلين ليلهم بنهارهم من أجل استئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة؛ وعدِ ربنا سبحانه، وبشرى الحبيب محمد ﷺ. === طائراتٌ بدون طيّار مصمّمة لقتل الأطفال في غزّة! في مقابلة مع الدكتور هادي بدران، وهو طبيب تخدير بريطاني، أجريت معه مؤخراً عند عودته من غزّة، أشار إلى أنه رأى إصابات لم يسبق لها مثيل في تاريخ عمله؛ حيث يأتي الأطفال الصغار مصابين بجروح ناجمة عن طلقات نارية مباشرة في الوجه، ما يؤدّي في كثير من الأحيان إلى كسر الفكّ السّفلي وتطاير أجزاء من الرأس بالكامل. وأفاد الشهود أنّ طائرةً بدون طيار من طراز هليكوبتر صغيرة يمكن تشغيلها عن بُعد بواسطة شخص آخر، تتمتع بقدرات صوتية وبصرية حيث تطير مباشرةَ أمام وجوه الأشخاص على مستواهم وتقوم بطرح الأسئلة، حتى إنها تعطي تعليمات مثل "اذهب إلى الجنوب، وقم بإخلاء المنطقة، وما إلى ذلك...". وذكر الدكتور هادي أيضاً أنّ الموظفين في المنطقة حذروه من التحديق في المروحية بدون طيار لأنها مجهزةً بتقنية التعرّف على الوجه بالذكاء الاصطناعي، وسيتمّ إطلاق النار عليه على الفور. ومن الاكتشافات المهمة خلال فترة عمله في المستشفيات أنّ هذه الطائرات بدون طيار تستهدف الأطفال الذين يلعبون بحيث يكون الأشخاص الأكثر ضعفاً والأبرياء هم أكبر عدد من الضحايا. وإزاء ذلك قال بيان صحفي أصدره القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي: إن هذا وجه آخر للخوف والرّعب الذي يعيشه أطفالنا في غزّة! ما نوع الإصابات التي تتوقع أمهات الأمة أن يتعاملن معها عندما يصبح اللّعب مسألة حياة أو موت؟ وفي الوقت نفسه، يواصل الحكّام والأنظمة في بلاد المسلمين غضّ الطّرف عن هذه الفظائع المروعة المرتكبة ضدّ مسلمي غزّة، ويواصلون اتفاقيات السلام والتطبيع والعلاقات التجارية والدبلوماسية مع كيان يهود القاتل. وأضاف البيان: إننا نسأل أبناء جيوش المسلمين: كم من التقاعس الإجرامي لهؤلاء الحكام الجبناء الذين تخدمونهم يمكنكم أن تشهدوا بينما أنتم تعلمون أنّ لديكم القدرة العسكرية لإنهاء هذه المذبحة لإخوانكم وأخواتكم؟! لا شكّ أنّ دماءكم تغلي غضباً أمام المعاناة المروّعة التي يعيشها مسلمو غزة، بينما أنتم مجبرون على البقاء في ثكناتكم من قبل هؤلاء الحكام الداعمين لكيان يهود! إنّ أمتكم في جميع أنحاء العالم تستصرخكم من أجل الاستجابة لأمر ربكم سبحانه وتعالى بالدفاع عن مسلمي فلسطين وتحرير الأرض المباركة من هذا الاحتلال والإبادة الجماعية إلى الأبد. إننا ندعوكم إلى كسر ولائكم لفراعنة هذا العصر الذين تخلّوا عن أمتكم، وخانوا دينكم، وجلبوا العار لكم. اقتلعوا عروشهم وأعطوا نصرتكم لإقامة دولة الخلافة على منهاج النبوة، التي بموجبها ستقومون بدوركم الحقيقي بوصفكم مدافعين عن المسلمين والإسلام ومحرّرين لكل أراضينا. سيروا على خطا القائد العظيم صلاح الدين الأيوبي واحصلوا على الشّرف الكبير بكونكم محرري الأقصى وأرض فلسطين المباركة بأكملها! === مسرحية الردّ الإيراني على كيان يهود! ردت إيران على كيان يهود بعدد من المسيّرات والصواريخ البالستية التي تم اعتراض أكثرها في أجواء الدول العربية المحيطة بكيان يهود قبل وصولها! الراية: عاش الناس ساعات من الترقّب والانتظار لما سيؤدّي إليه الرد الإيراني على قصف كيان يهود لسفارة إيران في دمشق، ومع أنّ الناس قد فوجئوا بإعلان إيران عن انتهاء ردها؛ لكنهم عبّروا عن فرحتهم بمشاهدة الصواريخ تمرّ من فوقهم، وقاموا بتصويرها، مع ما صاحب ذلك من مظاهر الفرح؛ كالتكبير والصفير وصرخات الفرح... كل ذلك يعبّر عن الشوق الشديد عند المسلمين في فلسطين والبلاد المجاورة لها وبقية بلاد المسلمين؛ شوقِهم لرؤية أحد يقاتل كيان يهود ويوجّه نيرانه إليه، بعد مراحل الذلّ والهوان التي عاشوها بوجود الحكام الرويبضات، عملاء الغرب وخدّام الاستعمار. مسرحية الرد الإيراني الموزون والمنضبط بحسب الإرادة الأمريكية كشفت عدة أمور: أولها: الرعب الشديد الذي ملأ قلوب يهود من كبيرهم إلى صغيرهم. وثانيها: الأنظمة المجاورة لفلسطين هي خط الدفاع الأول عن كيان يهود. وثالثها: اجتماع كلمة الغرب في الوقوف إلى جانب كيان يهود إذا تعرّض لهجوم خارجي، كما ظهر من موقف بريطانيا وفرنسا والمجلس الأوروبي وقبلهم أمريكا. ورابعها: تطلّع المسلمين إلى تحرير فلسطين وإزالة كيان يهود. نبشّر المسلمين بأنّ اليوم الذي يزول فيه كيان يهود على أيديهم قادمٌ بإذن الله تعالى، وهو قريب وليس بعيداً، بإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، بعد إزالة الأنظمة العميلة في بلاد المسلمين. === المصدر: جريدة الراية
  17. قبس من الحياة العلمية والفكرية في ظل دولة الخلافة الإسلامية معاوية عبد الوهاب قال الله تعالى: (الٓرۚ كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ لِتُخۡرِجَ ٱلنَّاسَ مِنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذۡنِ رَبِّهِمۡ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَمِيدِ ١) [إبراهيم: 1] فسبحان من أخرج هذه الأمة من الظلمات إلى النور، وسبحان من جعل الهدى ينتشر في مشارق الأرض ومغاربها على يد جنود ودعاة دولة الخلافة، حتى صارت بلاد المسلمين تشعُّ بالفكر والحضارة والنور والهدى من سور الصين إلى جبال البيرينيه. ومن يتأمل تاريخ المسلمين عامة، يصيبه الذهول من هذا الواقع الذي كان نورًا على نور. وسنقف عند شيء من جانب الحياة الفكرية عند المسلمين في ظل دولة الخلافة، يوم كانت لهذه الأمة دولة تحكم بما أنزل الله، لنرى كيف كانت حياتها الفكرية، وكيف كانت حياتها العلمية في شتى العلوم: * العلماء يرفعهم الأمراء على سرير الحكم! كانت دولة الخلافة تُعلي شأن أهل العلم وتوقِّرهم، وتفتح لهم المجال لبث علومهم، ونشرها وإذاعتها بين الناس، بل وترفع منزلتهم وتوقرهم وتحترمهم، حتى إن كثيرًا من أهل العلم أجلسهم الأمراء معهم على سرير الإمارة. فهذا التابعي العالم الجليل أبو العالية رفيع بن مهران الرياحي، كان مولى لامرأة من بني رياح بن يربوع، ورغم أنه كان مولى فقد كان ابن عباس يرفعه على سرير الإمارة عندما كان ابن عباس واليًا على البصرة، بينما قريش أسفل من السرير، فتغامزت به قريش، فقال ابن عباس: هكذا العلم يزيد الشريف شرفًا، ويجلس المملوك على الأسرة… سِيَرُ أعلام النبلاء للذهبي (7/ 232) وهذا الفقيه عبدالرحمن بن عسيلة المرادي، بقي إلى زمن الخليفة عبدالملك بن مروان، وكان يجلس معه على السرير.. سير أعلام النبلاء للذهبي (6/ 5) وكان عطاء بن رباح عبدًا أسود لامرأة من أهل مكة، وكان أنفه كأنه باقلّاء، ودخل ذات يوم على الخليفة عبدالملك وهو جالس على السرير، وحوله الأشراف، فلما بصر به عبدالملك، قام إليه، فسلَّم عليه، وأجلسه معه على السرير… سير أعلام النبلاء للذهبي (9/ 92) وهذا عبدالله بن أبي زكريا أبو يحيى الخزاعي، كان عمر بن عبدالعزيز يجلسه معه على السرير.. سير أعلام النبلاء للذهبي (9/ 342) وكان سالم بن عبدالله بن عمر من أوعية العلم ومن أهل الفقه في المدينة المنورة، ودخل مرّة على الخليفة سليمان بن عبدالملك، وعلى سالم ثياب غليظة رثة، فلم يزل سليمان يرحب به، ويرفعه حتى أقعده معه على سريره، وعمر بن عبدالعزيز في المجلس. فقال له رجل من أخريات الناس: ما استطاع خالك أن يلبس ثيابًا فاخرة أحسن من هذه، يدخل فيها على أمير المؤمنين؟! فقال له عمر: ما رأيت هذه الثياب التي على خالي وضعته في مكانك، ولا رأيت ثيابك هذه رفعتك إلى مكان خالي ذاك!… سير أعلام النبلاء (4/ 461) * وقوف الولاة والأمراء بين يدي العلماء: بلغ من شأن العلم في دولة الخلافة أن الخلفاء والولاة لم يكونوا يرفعون العلماء على سرير الإمارة ليجلسوا إلى جانبهم فحسب، بل كان الخلفاء والولاة والأمراء يجلسون بين يدي العلماء مثلهم مثل أي طالب علم آخر. فقد جاء أمير المؤمنين سليمان بن عبدالملك، إلى عطاء هو وابناه، فجلسوا إليه وهو يصلي، فلما صلى، انفتل إليهم، فما زالوا يسألونه عن مناسك الحج، وقد حول قفاه إليهم، فلما انصرفوا قال سليمان لولديه: يا بنيّ لا تنيا في طلب العلم، فإني لا أنسى ذلّنا بين يدي هذا العبد الأسود… العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين (5/ 208) وعندما حج الخليفة هارون الرشيد مشى الرشيد مع مالك بن أنس إلى منزله، فسمع منه الموطأ وأجلسه معه على المنصة، فلما أراد الرشيد أن يقرأه على مالك، قال الرشيد: أخرج الناس عني حتى أقرأه أنا عليك. فقال الإمام مالك: إن العلم إذا منع من العامة لأجل الخاصة لم ينفع الله به الخاصة. وقال له هارون: يبلغ أهل العراق أني سألتك أمرًا من الأمور سهلًا فأبيت علي؟ فقال مالك: يا أمير المؤمنين، إن الله قد جعلك في هذا الموضع، فلا تكنْ أول من ضيع العلم؛ فيضيعك اللّه تعالى، ولقد رأيت من ليس هو في حسبك ونسبك يعز هذا العلم ويجله، فأنت أحرى أن تجله… سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي (2/ 204)، فأمر له معن بن عيسى ليقرأه عليه، فلما بدأ ليقرأه قال مالك بن أنس لهارون الرشيد: «يا أمير المؤمنين أدركت أهل العلم ببلدنا وإنهم يحبون التواضع للعلم» فنزل هارون عن المنصة فجلس بين يديه… تاريخ دمشق (36/ 312) بل بلغ من منزلة العلم في دولة الخلافة أن أولاد الخليفة تنازعوا فيمن يقدم النعل لأستاذه! فقد كان الخليفة المأمون قد وكل الفرَّاء ليلقن ابنيه النحو، فلما كان يومًا أراد الفرَّاء أن ينهض إلى بعض حوائجه، فابتدرا إلى نعل الفرَّاء ليقدماها له؛ فتنازعا، أيهما يقدمها له؟ ثم اصطلحا على أن يقدم كل واحد منهما واحدة، فقدماها؛ فلما دخل الفرَّاء على المأمون قال له المأمون: من أعز الناس؟ فقال: لا أعرف أحدًا أعز من أمير المؤمنين، فقال: بلى، من إذا نهض تقاتل على تقديم نعله وليا عهد المسلمين؛ حتى يرضى كل واحد منهما أن يقدم له واحدة، فقال الفرَّاء: يا أمير المؤمنين لقد أردت منعهما، ولكن خشيت أن أدفعهما عن مكرمة سبقا إليها، وأكسر نفوسهما عن شريفة حرصا عليها. نزهة الألِبَّاء (ص: 44). * الكتب والمكتبات ننقل نموذجًا عن واقع الأمة الإسلامية في الناحية الأدبية (الشعر) في القرن الخامس الهجري، لتدرك كيف واقعها مع القرآن والحديث النبوي والفقه واللغة العربية وغيرها من العلوم الإسلامية. قال العلَّامة العكبري: كنت أشتري ورقًا بخمسة دراهم فأكتب فيه ديوان المتنبي في ثلاث ليال وأبيعه بمئتي درهم وأقله بمئة وخمسين درهمًا؛ أي ما يعادل تقريبا خمس مئة غرام فضة وسطيًّا؛ فيكون ثمن ديوان المتنبي يساوي تقريبا 250 دولارًا. وإنك أخي لتعجب أشد العجب من ثمن ديوان المتنبي وكيف كان الناس يشترونه؛ ولكن انظر إلى الجانب الآخر من الأمر، ألا وهو الحركة الفكرية والحياة الثقافية التي كانت في حياة المسلمين، وكيف أنهم كانوا يبذلون الأموال في سبيل تحصيل الكتب. وكمثال على الحياة الثقافية في الأمة الإسلامية سابقًا، فقد ذكر صاحب كتاب السلوك لمعرفة دول الملوك، أن مكتبة فردية لأحد القضاة بلغ تعداد الكتب فيها ثماني وستين ألف مجلدة، وحينما أراد نقل الكتب إلى مكان آخر احتاج نقلها إلى ثلاث دفعات، في كل دفعة كانت الجمال التي حملت الكتب تسعة وخمسين جملًا، أي مجموع الجمال التي حملت الكتب مئة وسبعة وسبعون جملًا!! فكم كان عدد الكتب التي عنده؟! هذا في مكتبة خاصة، فما بالك بالمكتبات العامة، في بغداد ودمشق وقرطبة وبقية حواضر العالم الإسلامي؟! ومن تصفَّح كتاب «كشف الظنون» للعلَّامة حاجي خليفة رحمه الله تعالى، وهو موسوعة في التعريف بما وقعت عينه عليه من الكتب، وقد بلغ عدد أسماء الكتب المذكورة فيه أكثر من ستة عشر ألف كتاب في شتى العلوم من تفسير ودواوين السنة النبوية وشروح للحديث وكتب الفقه والأدب والبلاغة والتاريخ و…إلخ. والكتاب يعتبر دائرة معارف في الكتب والعلوم، ولا بد أنّ المؤلف شاهد هذه الكتب كلها بنفسه، لأنّه يذكر العنوان، وابتداء الكتاب، ونهايته، ويقدم بعض المعلومات عن حياة المؤلف، ويذكر مضمون الكتاب، وأحيانًا يذكر فصوله الرئيسية. ورغم هذا العدد الضخم من الكتب (ستة عشر ألف كتاب) إلا أنّ من يقرأ في تراجم العلماء مثل سِيَرِ أعلام النبلاء، ووفِّيات الأعلام، وشذرات الذهب، وتاريخ العلماء النحويين. ومن يقرأ في كتب التاريخ التي تمر عرَضًا على ذكر أسماء لبعض العلماء كما البداية والنهاية والكامل، ونفح الطيب، وكتب الطبقات… إلخ، من يقرأ هذه الكتب سيدرك أنّ ما هو مذكور في كتاب «كشف الظنون» ما هو إلا قطرة من بحر من الكتب الإسلامية التي ضاع معظمها، فقد ذكرت كتب التراجم أسماء الكتب التي ألَّفها من ترجموا له من العلماء والأدباء والفقهاء والمفسرين وغيرهم، وكثير من أسماء هذه الكتب لم يذكرها حاجي خليفة في كتابه كشف الظنون. والمعلوم أن التتار قاموا بتدمير مكتبة بغداد وحرق عامة المكتبات العامة والخاصة في العالم الإسلامي حتى ضاعت كثير من الكتب. وحاجي خليفة ألّف كتابه هذا في القرن السابع عشر الميلادي، ومعنى هذا أيضًا أن الكتب المذكورة في كتابه كانت موجودة في القرن السابع عشر الميلادي أي منذ ثلاثة قرون. فإذا كان التتار قد حرقوا وأتلفوا الثروة الفكرية للأمة الإسلامية في أمهات الكتب؛ فإنّ جريمة الغرب كانت أبشع من جريمة التتار، فالغرب سرق مكتبات المسلمين ونقلها إلى متاحفه، وعلماء الغرب وخاصة فيما يسمى بعصر النهضة قد سرقوا الكثير من علوم المسلمين ونسبوها لأنفسهم، ثم كانت جريمة الغرب الكبرى بحق الفكر الإسلامي؛ حيث عمد الغرب إلى هدْم مفاهيم الحضارة الإسلامية في عقول المسلمين، حتى صار كثير من أبناء الأمة الإسلامية يتنكَّر لتراث الأمة الثقافي والفكري بل وتراه يهاجمه ويطعن به!. * المساجد جامعات وكليات لجميع العلوم: من يقرأ في تاريخ المسلمين في ظل دولة الخلافة، فسيرى كيف كانت المساجد بمثابة كليات لشتى أنواع العلوم، ففيها كانت تعقد حلقات العلماء في مختلف أنواع العلوم، الشرعية واللغة العربية والعلوم الدنيوية، بل لقد كان المسجد الأموي بمثابة غوغل اليوم! فقد ذكر ابن كثير في البداية والنهاية (12/120) وهو يصف الجامع الأموي قبل ثمانمئة سنة: «كانت جدرانه مذهبة ملونة، مرسوم عليها خارطة العالم، ومصور فيها جميع بلاد الدنيا، بحيث إن الإنسان إذا أراد أن يتفرج في إقليم أو بلد وجده في الجامع مصوَّرًا كهيئته، فلا يسافر إليه ولا يعنى في طلبه، وكانت صورة الكعبة ومكة فوق المحراب والبلاد كلها شرقًا وغربًا، كل إقليم في مكان لائق به، بل وأكثر من ذلك فمع كل إقليم تجد صور كل شجرة مثمرة وغير مثمرة في ذلك الإقليم، مصور مشكل في بلدانه وأوطانه»… انتهى فانظر أخي الكريم إلى ما أبدعه المسلمون في ذاك العصر، يوم كانت للمسلمين دولة تحكم بما أنزل الله، فما بالك واليوم في عصر التكنولوجيا كيف يجب أن يبدع المسلمون عندما تقوم دولة الخلافة الثانية، فيستفيدون من هذه التكنولوجيا المعاصرة، فيخرج من أبناء هذه الأمة فِرَق تتخصص في مختلف العلوم، وتعيد تدوير المدنية المعاصرة من جديد، فتنتج مدنية منسجمة مع طبيعة الحضارة الإسلامية. وختامًا نقول: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: «إِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ، يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ» صحيح البخاري (3/ 1080). فوجود الخليفة هو حماية لهذه الأمة من أن تزيغ عن طريق الحق، قال الأبشيهي في المستطرف (1/ 232) «ليس فوق السلطان العادل منزلة إلا نبي مرسل أو ملَك مقرب، وقد قيل إن مثلَه كمثل الرياح التي يرسلها الله تعالى بشرًى بين يدي رحمته، فيسوق بها السحاب، ويجعلها لقاحًا للثمرات وروحًا للعباد».
  18. ثورة الشام على موعد مع استعادة القرار وتصحيح المسار أولى خطوات النصر إننا ندرك أننا في مرحلة فاصلة في التاريخ، وندرك أن ثورتنا المباركة تمر بأخطر مرحلة وسيترتب على نتائجها أمور عظيمة في ظل تربص الجميع بنا وبالثورة، وفي ظل العداء المستحكم للثورة ونتائجها المتوقعة التي ستغير وجه العالم في حال انتصارها، ونعلم أننا نسير على حافة الهاوية، وأن أي خطأ في تقدير الموقف يمكن أن تكون نتائجه كارثية، ومع ذلك فقد عدنا لأصل الثورة الذي انطلقت من أجله وأنها ثورة ضد الظلم والطغيان، الذي لا يمكن السكوت عنه مهما كانت الذرائع والمبررات لأنه أصل لكل شر يمكن أن ينتج لاحقا جراء السكوت عليه، ونحن أمة دفعت أثمانا باهظة في القرن الأخير بسبب بعض المفاهيم الخاطئة وخشية النتائج المبالَغ في حسابها، وفي الوقت نفسه على حساب قضاياها المصيرية. ولذلك عندما بدأ يقع الظلم على أهل الثورة وبدأت تنحرف البوصلة لم نسكت بل نصحنا ووجهنا بأن ذلك لا يصح ممن ادعى أنه صاحب منهج إسلامي فكيف بغيره، ولم تلق نصائحنا وإشاراتنا بالاً ممن تسلّط على أهل الشام وثورتها المباركة بل زاده صلفا وتكبرا وتجبرا! ومع ذلك آلينا على أنفسنا أن نكون الرائد الذي لا يكذب أهله، وصبرنا على دفع الأثمان في سجون الطغيان مرةً بعد مرة حتى لم تخلُ سجون الظالمين من شبابنا طوال سنوات، واستنفدنا الوسع في النصح للقادة العسكريين وأن الخط والنهج الذي يسيرون به لن يكون إلا صناعة طاغية جديد بدل الطاغية القديم، وأن بداية الطريق تعطيك نتائج نهايته التي ستكون كارثية بكل المقاييس إن لم يتم التصدي لهذا النهج مهما كانت الأثمان باهظة، فمصير الأمة يتحدد في هذه البقعة من العالم في أرض الشام ثغر الإسلام العظيم ورأس حربتها. حتى وصلنا إلى نتيجة أنه لم يعد بالإمكان الإصلاح؛ فالقوم قد ارتبطوا بأعداء الله وأعداء شعبنا ولم يعد هناك مجال إلا التحرك لوقف الانهيار، وفجّر ذلك الجريمة النكراء فجر السابع من أيار عام 2023 عندما أسفر المجرمون عن وجههم الحقيقي وأنهم قد خرجوا من الصف والتحقوا بأعداء الأمة، وأنهم لا يعبأون بدين وأخلاق، فكانت الشرارة التي أشعلت قش سنوات من الظلم والاستبداد والخيانة تم تتويجها بالعمالة الواضحة في تنفيذ أجندات وأوامر دولية لا تستهدف حزبا أو شخصية بعينها وإنما توجه رسالة واضحة للثورة جميعها؛ أن الأمر انتهى وأن عليكم العودة لنهج الطغيان، وأنه لم يعد هناك فرق بين حكم بشار وحكم قادات الفصائل المرتبطين الذين يتواصلون مع أعداء شعبنا وثورته، فكان لا بد من الرد بحزم على ذلك، وانطلق الحراك المبارك بما تيسر له، وكان لحراك الحرائر شقائق الرجال دور بارز جدا وهنّ أول من دفع ثمن الانقلاب بانتهاك حرماتهن داخل بيوتهن من عصابة مجرمة تدّعي أنها لحفظ الأمن وهي في الحقيقة تنفذ أوامر خارجية لقطع أنفاس الثورة وتضيق عليها وعلى أبنائها معيشتهم وحياتهم. بدأت الانطلاقة ضعيفة متثاقلة وكان الله خير معين وخير مدد لهذه الثلة القليلة الضعيفة التي لا تملك إلا إيمانها بعدالة قضيتها وحقها في رفع الظلم عن أهلها، وأن ما كان لله فإن الله لن يضيعه، فصدعت الحناجر بالحق والتفّ الناس حول أصحاب القضية وأعطوهم سمعهم طوال شهور طويلة حتى يستبين الأمر، فما نحن مقدمون عليه هو موجة ثانية من الثورة، وهو يعني أن هناك تضحيات وأثمانا سيتم دفعها فيحق للناس أن تتأكد قبل الانطلاق مع الاستعداد التام لدفع الأثمان بعد أن وصل الجميع إلى نتيجة أن القوم لا يمكن إصلاحهم وأن التغيير عليهم هو واجب الوقت فقد أصبحوا للخيانة أقرب من أي وقت. جاءت ذكرى الثورة قبل شهر لتثبّت المكاسب بخروج الناس وتأكيدها على ثوابت الحراك الشعبي في إسقاط الجولاني رأس العمالة والخيانة، وحل جهاز الأمن العام المخترق وتتحكم فيه دول لا تريد بالثورة وأهلها خيرا، وتبييض السجون وإطلاق سراح جميع المظلومين وفتح الجبهات على النظام المجرم. وهذا الخروج كان دليل وعي كبير من حاضنة الثورة وقراءة جيدة للأحداث ومطابقتها للواقع، وصدق من تحرك، وإخلاص من قرأ وفهم وعرف أن دوره قد حان. حاول أصحاب الهيئة ومن يديرها لفت الأنظار إلى إصلاحات معينة في شؤون خاصة لا تؤثر على النهج العام الذي خرجت الناس لتغييره وحددت لذلك ثوابت لا يمكن تغييرها قبل تنفيذها، فاستشعرت الدول حقيقة خطورة الموقف الذي اشتغلوا عليه سنوات وأنه يمكن أن يعود بالثورة للمربع الأول، خصوصا بعدما ظهرت كمية الوعي الكبير من قبل القائمين على الحراك وحصر المشكلة برأس الطغيان وجهاز أمنه بعيدا عن العسكريين الذين نالهم من الطغيان ما نالهم هم أيضا، وكالعادة في أي عمل سياسي خرج الكثير ممن يريدون التسلق لأهداف شخصية أو تنفيذا لتوجهات خارجية أو حتى من ضمن صفوف الهيئة بترتيب مع قيادتها بهدف حرف الحراك عن أهدافه وتمييع قضيته عبر إصلاحات شكلية على خطا النظام المجرم، لكن تفاجأ الجميع بالمقدار الكبير من الوعي الذي صقلته السنين لأهلنا في الشام وهم الذين عاينوا صنوف الخذلان أشكالا وألوانا، ولم تعد هناك إمكانية لتمرير هذه الإصلاحات المخادعة بسبب تكرارها، وهذا نهج الظالمين، فهو نهج واحد لا يتغير منذ فرعون وحتى الآن، ويمكن للمتابع البسيط أن يكتشف ذلك. وفشل الجميع حتى الآن في امتطاء حراك شعبنا الذي يزداد الالتحاق به بعد أن أصبح الأمل الوحيد للكثيرين في الخروج من الدائرة التي حشرنا بها أصدقاؤنا قبل أعدائنا، وهو سبيل نجاة الثورة مما يحاك لها في دوائر المخابرات الدولية، وينقذها ويعيدها نقية صافية كما بدأت مع اختلاف يظهر على حركتها هذه الأيام في تبلور أهدافها ودقة ملاحظتها والتزامها بالنهج الذي اختارته للتغيير. إن الموجة الثانية من الثورة متمثلة بالحراك الشعبي انطلقت بعزيمة الأحرار الذين لا ينامون على ضيم من المخلصين الصادقين الذين يبغون العزة والكرامة ويتحرقون لانتصار الثورة وتحقيق أهدافها بعيدا عن منظومة فصائلية مرتبطة وقادة عملاء للدول الخارجية بغض النظر عن توجه هذه الدول وتصنيفها صديقة كانت أم عدوة، فقد لقي شعبنا من الصديق أكثر مما لقي في العدو، وهذا الحراك الذي ملؤه الوعي ويتحرك تحركات مدروسة ويتفادى الانزلاق في مستنقعات الفشل التي يراد له أن يسقط فيه، هو الحافز الأول الذي يدفع الكثيرين للالتحاق به بعد فشل عمليات امتطائه حتى الآن وقدرته على تحطيم جدار الخوف مرة أخرى، وهذا إنجاز كبير يحسب للحراك لأنه أصعب عمل يمكن أن يقوم به الواعون وهو حرفة دقيقة الصنع في التعامل مع الأحداث داخل أي مجتمع. ثورة الشام ما زالت تصنع المعجزات رغم التكالب والخذلان والخيانة، وتتألق مرة أخرى وتعطي الدروس العظيمة للشعوب في الإصرار والثبات عن شعب يصنعه الله على عين بصيرة، وتسقيه الثلة الصادقة بالوعي والإخلاص، وتشرف على حركته الارتقائية وتعينه للوصول إلى أهدافه العظيمة عبر بث روح التضحية والفداء، والسير أمامه دون الالتفات لحجم التضحيات التي يتم دفعها على طريق العزة والكرامة التي أصبحت قريبة المنال، وإننا ندعو الله أن يقبل الله منا حراكنا فيُنزل عليه الرضا والقبول، ليكون ذلك مقدمة لملاحم الانتصار التي تعيد الروح بعودة التحرير وانطلاق عجلة المجاهدين التي كبّلها من توسد أمرهم، وتعود الثورة لطريقها الصحيح بعد استعادة قرارها لتحقيق مصالح الأمة بعيدا عن مصالح الدول والمنظومة الدولية، وتحت قيادة سياسية واعية مخلصة تبتغي مرضاة الله وحده، وتنشد العزة للإسلام والمسلمين، وهذا اليوم آت بإذن الله، وقد بات قريبا بل أقرب من أي وقت مضى. ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيباً﴾ بقلم: الأستاذ أحمد معاز
  19. رمضان شهر العناوين الكبرى والمفاهيم العظمى محمد سعيد العبود لقد اختصَّ الله سبحانه وتعالى شهر رمضان المبارك بمزايا وخصائص كثيرة: فهو شهر الصيام: وهذه العبادة هي الركن الرابع من أركان الإسلام؛ قال الله تعالى: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ ١٨٣)، وكما ورد في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ». متفق عليه. وهو شهر القيام: فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وهو شهر القرآن: الذي أنزل فيه كما قال الله تعالى: (شَهۡرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ فِيهِ ٱلۡقُرۡءَانُ هُدٗى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَٰتٖ مِّنَ ٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡفُرۡقَانِۚ)، وهو شهر فيه ليلة القدر، ليلة مباركة خير من ألف شهر، قال تعالى: (لَيۡلَةُ ٱلۡقَدۡرِ خَيۡرٞ مِّنۡ أَلۡفِ شَهۡرٖ٣ تَنَزَّلُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذۡنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمۡرٖ٤ سَلَٰمٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطۡلَعِ ٱلۡفَجۡرِ ٥). وهو شهر يستجاب فيه الدعاء، حيث ذكر الله تعالى آية الدعاء في أثناء آيات الصيام، فقال: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌۖ أُجِيبُ دَعۡوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِۖ فَلۡيَسۡتَجِيبُواْ لِي وَلۡيُؤۡمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمۡ يَرۡشُدُونَ ١٨٦). وهو شهر الذكر وتلاوة القرآن ومدارسته وإتباع ذلك بالصدقات وفعل الخيرات: ففي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ». وهو شهر التوبة والغفران: فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ». وهو شهر الجهاد والفتوحات والانتصارات: ففيه نصر الله المسلمين في معركة بدر الكبرى، وفيه كان الفتح الأعظم، فتح مكة البلد الحرام، وفيه انتصر المسلمون على الفرس في معركة القادسية أعظم معارك الإسلام مع الفرس، وفيه فتح المسلمون الأندلس، وفيه معركة حطين وعين جالوت وغيرها الكثير من الفتوحات والانتصارات. فهو شهر جهاد في سبيل الله لنشر الإسلام وإعلاء كلمة الله في الأرض بحمل الدعوة بطريق الجهاد، فهو شهر الدعوة إلى الله بالطريقة الشرعية. وهو شهر تشع فيه أجواء الإيمان وتبرز فيه مفاهيم الإسلام وتتهيأ النفوس لقبول دعوة الحق، فهو شهر الدعوة وفرصة الدعاة إلى الله. ومن أهم ما يجب التركيز عليه في الدعوة مفهوم الوحدة الإسلامية التي يوحي بها إثبات رؤية الهلال والتأكيد على وحدة الصيام التي تشيع جوًّا من الوحدة في البلاد الإسلامية؛ حيث تسقط حدود سايكس بيكو من أذهان المسلمين رغم ما تحاوله أنظمة الضرار من تأكيد على هذه الحدود من خلال اصطناع رؤية خاصة بكل بلد وادعاء اختلاف المطالع الذي ثبت بطلانه. إن مفهوم الوحدة في إثبات رؤية الهلال وتوحيد عبادة الصيام يذكر الدعاة بواجب عظيم أن يبينوا هذا الحكم الشرعي وأن يظهروا دلالته في وجوب العمل لتوحيد الأمة الإسلامية فكريًّا وشعوريًّا بمفاهيم وأفكار الإسلام، وتوحيدها سياسيًّا بتطبيق أحكام وأنظمة الإسلام في دولة واحدة وبيعة إمام واحد بخلافة على منهاج النبوة، تحقيقًا لقول الله تعالى: ﴿ إِنَّ هَٰذِهِۦٓ أُمَّتُكُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَأَنَا۠ رَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُونِ ٩٢). إن وحدة الصيام من أهم الأحكام التي تؤكد مفهوم وحدة الأمة التي فرض الله عليها أن تعتصم بحبل الله جميعًا ولا تتفرق بعد أن جاءها العلم والبينات من ربها في القرآن الكريم وهدي النبي الأمين محمد عليه الصلاة والسلام؛ حيث يقول الله عز وجل: (وَٱعۡتَصِمُواْ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعٗا وَلَا تَفَرَّقُواْۚ وَٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ إِذۡ كُنتُمۡ أَعۡدَآءٗ فَأَلَّفَ بَيۡنَ قُلُوبِكُمۡ فَأَصۡبَحۡتُم بِنِعۡمَتِهِۦٓ إِخۡوَٰنٗا وَكُنتُمۡعَلَىٰ شَفَا حُفۡرَةٖ مِّنَ ٱلنَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنۡهَاۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ ١٠٣ وَلۡتَكُن مِّنكُمۡ أُمَّةٞ يَدۡعُونَ إِلَى ٱلۡخَيۡرِ وَيَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ١٠٤ وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخۡتَلَفُواْ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ١٠٥). وأكد النبي صلى الله عليه وسلم على هذه الوحدة فيما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا بُويِعَ لِخَلِيفَتَيْنِ فَاقْتُلُوا الْآخَرَ مِنْهُمَا». أخرجه مسلم. وكذلك حديث عرفجة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إِنَّهُ سَتَكُونُ هَنَاتٌ وَهَنَاتٌ، فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَهِيَ جَمِيعٌ فَاضْرِبُوهُ بِالسَّيْفِ كَائِنًا مَنْ كَانَ». رواه مسلم. وعن عرفجة بن أسعد رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ أَوْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ فَاقْتُلُوهُ». هذه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية تقرر أن وحدة الأمة قضية مصيرية، وأنها تراق الدماء دونها وتزهق الأرواح في سبيل الحفاظ عليها، ومن خلال هذه العناوين وما تحمله من مفاهيم، يجب ترسيخ مفهوم رابطة العقيدة الإسلامية وما ينبثق عنها من أفكار ومفاهيم، وإسقاط مفاهيم وروابط القومية والوطنية والإقليمية والإثنية والعرقية وكل الطروحات التي يروج لها أعداء الإسلام التي يراد بها تفريق كلمة المسلمين وتمزيق صفوفهم وهدم كل ما يوحدهم من أفكار وأحكام. ويجب على الدعاة تذكير المسلمين بوحدتهم في دولة الخلافة التي انصهرت فيها شعوب على اختلاف مناطقها ولغاتها وأعراقها وألوانها وأنسابها وذابت فيها كل الفوارق الطبقية والاجتماعية؛ فنجحت في النهوض نجاحًا منقطع النظير لم يحصل له مثيل في الدنيا من قبل أو من بعد، مصداقًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه مسلم عن النعمان بن بشير رضي الله عنه: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى». وعلى هذا يجب تغيير الحالة النمطية التي اعتادها الناس في رمضان من خلال الدروس والمواعظ المكرَّرة التي تفرضها الأنظمة لكي لا تغير في ثقافة الأمة شيئًا نحو وحدتها وإقامة دولتها وتحكيم شريعة ربها. إن الأمة بحاجة إلى الدعوة لإشاعة مفاهيم الوحدة وما يوجدها من بلورة الأفكار والمفاهيم وما يحققها من العمل التكتلي والدعوي ونصرة حملة الدعوة لإقامة الدولة التي تجمع كلمة الأمة لتصبح كلمة الله هي العليا. وإن العناوين التي تدفع الأمة باتجاه العزَّة والعمل لإعزاز الدين يجب إبرازها وإظهارها وجعلها محور العمل الدعوي في رمضان، حيث الأمة أكثر استعدادًا للاستماع وقبول مفاهيم الإسلام وأفكار الإيمان في جو إيماني يشعُّ في رمضان، كيف لا وهو شهر الصبر والنصر وشهر الجهاد والفتوحات! فالحديث عن هذه العناوين يبعث في الأمة روح القوة والثبات على دعوة الحق حتى تحقق مبتغاها في نصرة الدين وإقامة سلطان الإسلام، سائلين الله عز وجل أن يعجل تحقيق مسعى المسلمين بالنصر والتمكين لدين الإسلام عبر دولة الإسلام، دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة بإذن الله، إنه سميع قريب مجيب، والحمد لله رب العالمين. وإننا في هذه المحن التي تمر بالأمة، والتي آخرها إجرام يهود في غزة، متحدِّين كل المسلمين في كل بلادهم، والتي ما زالت مآسيها قائمة، والحكام يقفون بمؤازرة أعداء الله، يمنعون المسلمين من أن يقتحموا الحدود الوهمية التي فرضها الغرب الكافر عليهم، ويمنعون الجيوش من أن تقتحم الحدود وتقاتل يهود، ويتآمرون مع أمريكا ويهود أنفسهم على قتل المسلمين، حتى إن بعضهم، كأردوغان مثلًا، ليمد يهود بالمواد الغذائية ويتذرع أن هناك اتفاقات مسبقة معهم عليها، (وكأنه قبل غزة يجوز أن يمدهم بها) بينما يمد أهل غزة بتأييدهم بتصريحات جوفاء، لا تسمن ولا تغني عن جوع. وابن سلمان الذي لم يقبل أن يلغي حتى احتفالاته الماجنة على أرض الحجاز، والذي ينتظر أن تنتهي مجازر غزة ليستأنف جهوده في إيجاد حالة تطبيع مع يهود. وابن زايد الذي يحتفل مع يهود في أعياد استقلالهم ويمدهم في طغيانهم. إلى الإيراني الذي ترك أهل غزة يموتون ويسحقون معلنًا بذكاء مبتكر، أننا يجب أن نفوِّت على نتنياهو عزمه على توسيع الحرب، ظانًّا أنه غير مفضوح عند الأمة أن موقفه هذا هو موقف أمريكي. إلى المصري الذي يقف موقفًا لم يسبقه إليه أحد من أشباهه بأن يمنع عن أهل غزة الطعام بينما لا يفصلهم عنه إلا جدار، والذي استنفر مخابراته العسكرية والأمنية ضد العسكر وضد الناس ليمنع أي تهديد لنظامه، وأي خرق للاتفاق مع يهود… وهكذا نرى أن لكل حاكم قصته المشؤومة مع الأمة… والغرب وهؤلاء الحكام يخافون من أن يتحرَّك الناس في رمضان تأييدًا لغزة؛ لذلك يقترحون الهدنة في رمضان ليستأنف القتال بعده، فهل تخوُّف هؤلاء في محله، إن أكثر ما نسمعه في مثل هذه الأوضاع من (مشايخ السلطان): لا نملك إلا الدعاء، بل إننا نملك الدعاء وأكثر: إننا نملك الدعوة وإيقاظ الهمم، واستنفار الشعوب لتتظاهر مظاهرات مليونية تدعو الحكام لاستنفار جيوشها وفتح حدودها، والاقتحام على يهود ديارهم… إننا نملك أن ندعو الجيوش لتفكر بالتغيير على هؤلاء الحكام، بالقيام بتنفيذ أوامر الله لا تنفيذ إرادة الحكام، إننا نملك أن نجعل الأمة تأخذ دورها في إقامة الحكم بما أنزل الله… إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الوقائع الجارية هي أعلى أنواع الطاعة. والصيام، بما جعل الله فيه من فضل ومن خير، يجعل الأجر مضاعفًا، وفي الوقت نفسه يجعل المسلم يشعر أنه يأثم، وقد يكون إثمه مضاعفًا إذا لم يقم بشيء من ذلكم… إننا علينا أن نجعل من هذا الرمضان فرصة مراجعة حقيقية، فجرح غزة غائر وكبير، فلنجعل من قول (آه) كبيرة تزلزل العروش، وتعيد الحقوق… فلنجعل من رمضان هذا، والذي وضعنا له عنوان أنه (شهرالعناوين الكبرى والمفاهيم العظمى) فليكن ذلك فعلًا وقولًا، فلنسجل ما علينا فعله حتى يسجل من يأتي بعدنا ما قمنا به.
  20. توجّهات بايدن لوقف الحرب على غزّة الأهداف والصعوبات!! لقد طفت على السطح في الآونة الأخيرة خلافات ظاهرة بين توجهات الحكومة الأمريكية بقيادة الرئيس بايدن، وتوجهات حكومة يهود بقيادة رئيس الوزراء نتنياهو في موضوع استمرارية الحرب على غزة؛ من حيث طريقة التعامل، وأعداد الشهداء، وحجم الدمار والمأساة الإنسانية، خاصة في موضوع التشرد والجوع، وتوزيع المعونات الغذائية، وكذلك الأمور السياسية المطروحة مثل من يحكم غزة بعد الحرب وكيفية إنهاء الحرب وموضوع دخول رفح وموضوع دمج السلطة الفلسطينية وحركة حماس، كمقدمة لحل الدولتين... وغير ذلك من أمور عسكرية وسياسية. وقد وصل مستوى هذا الخلاف إلى حد اتهام نتنياهو بقيادة كيان يهود إلى الهاوية السياسية، وإلى جلب الدمار والشرخ الداخلي في داخل كيان يهود. فقد صرح الرئيس الأمريكي بايدن في 9/4/2024 لشبكة يونيفيجين الأمريكية الناطقة بالإسبانية، عندما سئل عن طريقة تعامل نتنياهو مع الحرب: "أعتقد أن ما يفعله هو خطأ، أنا لا أتفق مع مقاربته"، وكرر بايدن خلال المقابلة بأن "مقتل سبعة عمال إغاثة الأسبوع الماضي بغارة (إسرائيلية) في غزة يعملون لصالح مؤسسة خيرية، تتخذ من الولايات المتحدة مقراً، كان فظيعا" وأضاف: "لذلك ما أدعو إليه أنا هو أن يدعو (الإسرائيليون) فقط إلى وقف لإطلاق النار، والسماح خلال الأسابيع الستة أو الثمانية المقبلة بالوصول الكامل لجميع المواد الغذائية والأدوية التي تدخل البلاد". فما هي أبعاد هذه الخلافات الحاصلة، ولماذا حصل هذا التحول في سياسة بايدن؛ من التأييد الكامل والمطلق في بداية الحرب، لسياسات كيان يهود تجاه غزة، إلى الاتهام والدعوة لوقف الحرب، وأن عدم وقفها دمار وخراب على كيان يهود؟! إن من أبرز الركائز التي يجب أن ننطلق منها في أية نظرة سياسية للغرب وأعماله وأقواله هي أن السياسة عندهم مبنية على تحقيق المصالح والغايات، ولا تنظر إلى المبادئ، وليس لديها أفكار ثابتة تنطلق منها، فهي مبنية على النظرة البراغماتية، وهذا ما يفسر التغيرات في الرأي السياسي أو حتى في الأعمال إلى القضية نفسها. الأمر الثاني هو أن أمريكا تحافظ على كيان يهود واستمراريته، ضمن منظومة مصالحها، وليس خارج ذلك، فإذا قام كيان يهود بأعمال أو تصرفات تؤذي مصالح أمريكا فإنها تعمل على ضبط الأمور، وإرغامه على الرجوع إلى دائرة الطاعة، حتى لو اضطرها لاستخدام قوة التأديب أحيانا. وقد حصل ذلك في أكثر من مناسبة؛ كحرب سنة 73 مع مصر. الأمر الثالث أن هناك دولا لا تقل أهمية عن اليهود (في رعاية مصالح أمريكا)، وخدمتها في تنفيذ مشاريعها كتركيا وإيران ومصر ومنظومة دول الخليج العربي... وهي تحافظ على هذه المنظومات من القلاقل والتغيرات. الأمر الرابع أن موضوع الحرب على غزة تنظر إليه أمريكا كأي حدث سياسي آخر؛ من حيث جني الثمرة لصالح السياسة الأمريكية؛ سواء أكان بالتوجيه، أو بالردع أو بالتدخلات السياسية والعسكرية، أو بغير ذلك من أساليب. وقد بدأت أمريكا بالفعل العمل على جني الثمار، ووضع الخطط لما بعد غزة ولكنها تواجه عراقيل أشدها من جهة كيان يهود، وهناك أسباب كثيرة جعلت من هذه العراقيل اليهودية عقبة كأداء في وجه أمريكا ومشاريعها تجاه حرب غزة؛ منها على سبيل المثال لا الحصر التحول البيّن في الثقافة اليهودية تجاه ما يسمى في نظرهم بـ"أرض إسرائيل" (أرض الميعاد)، وقد حملت هذا الفكر أحزابٌ متشددة؛ تشكل أغلبية حكومة كيان يهود، وأصبحت بالفعل تشكل أغلبية الرأي السياسي في الكيان. ومنها أيضا الوضع السياسي الذي يعاني منه نتنياهو؛ من حيث الملاحقات القضائية، ومن حيث تحقيق أهداف الحرب التي وعد بها الشعب اليهودي، ومن حيث الالتزام بما وعد به الأحزاب الدينية بعدم تقديم التنازلات تجاه أية حلول سياسية تستهدف "أرض إسرائيل" حسب زعمهم. من هذه المنطلقات والاعتبارات السياسية فإن أمريكا؛ سواء أكانت بقيادة الجمهوريين، أم الديمقراطيين فإنها تنظر لتحقيق مصالحها السياسية أولا، بغض النظر عما تكون النتائج، أو الأعمال لتحقيق النتائج، وقد رأيناها تقوم بأعمال أحيانا تُحدث أذىً لقسم من الشعب الأمريكي لتحقيق هذه المصالح، كما جرى في أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001 وما تبعها من إعلان الحرب على أفغانستان والعراق سنة 2003. هذا من جانب، والجانب الثاني الذي يجب أن ننظر إليه في هذا الموضوع هو التحول الحاصل من خلال أعمال كيان يهود في غزة وجرائمه المتكررة للمدنيين، سواء أكان ذلك بالقتل أو التجويع أو غير ذلك من فظائع ضج بها المجتمع الدولي والأمريكي، حتى داخل الكونغرس وعند عامة منظمات المجتمع المدني الأمريكي. وهذا الأمر أحدث تحولا في نظرة الأحزاب السياسية في أمريكا تجاه الحدث، وقد رأينا كيف أن ترامب أراد أن يركب الموجة السياسية لتحقيق مكاسب انتخابية، ولم يستطع أن يمضي في تأييده المطلق لأعمال اليهود كما كان في بداية الحرب. أما التحولات الحاصلة عند بايدن تجاه الحرب على غزة فإنها تنطلق من أمرين: الأول هو قيادة دفة الحرب نحو مشاريع أمريكا في إيجاد الاستقرار السياسي والبدء بالمشاريع السياسية والاقتصادية، ومنها حل الدولتين وإيجاد التطبيع مع كافة دول المنطقة، والإبقاء على كيان يهود ضمن هذه المنظومة السياسية، ولا يزيد عن ذلك بحيث يضرب مصالح أمريكا. أما الأمر الثاني فهو استغلال الحدث في تحقيق مكسب انتخابي خاصة أن صورته تشوهت من خلال تقديم الدعم العسكري والمعنوي لكيان يهود في حربه القذرة التي شوهت سمعة أمريكا داخليا وخارجيا وصارت تشكل عبئا ثقيلا عليها. من هذه الاعتبارات والمنطلقات فإن التحولات في أقوال بايدن تجاه الحرب، ووصفه اليهود وأعمالهم بالمتهورة، أو بأنها ضد مصالح كيان يهود أو غير ذلك مما بات يصرح به بايدن. وقد يتطور الأمر لدى بايدن وحكومته إلى أبعد من ذلك إذا أصرّ اليهود على العناد ومناكفة أمريكا والتأثير على مصالحها الحيوية في الشرق الأوسط. فقد يتطور الأمر إلى مستوى التأديب العسكري المضبوط عن طريق الدول المحيطة؛ من أجل إرغام الشعب اليهودي للخضوع، والامتثال لسياسة أمريكا وبرامجها في المنطقة وعدم التخريب عليها. وفي المحصلة فإن ما تقوم به أمريكا، سواء في الأعمال السياسية أو العسكرية أو الضغوطات على اليهود، أو غير ذلك فإنه جميعا يصب في مصلحة اليهود وأمريكا؛ وعلى حساب قضايا ومقدرات أمة الإسلام. وإن السير في هذه المشاريع من قبل حكام المسلمين هو خيانة لله ولرسوله ولأمة الإسلام. فعلى الشعوب أن تعمل على إسقاط هذه الدول السائرة ضمن سياسات أمريكا وأعمالها؛ لخدمة أمريكا وكيان يهود، والوقوف في وجه الأمة وطموحاتها. وعليها كذلك أن توحد الأمة في دولة واحدة تحت راية واحدة، وتخلع هؤلاء الرويبضات من أدوات أمريكا المنفذين لسياساتها على حساب مقدرات الأمة ودمائها، وتتصدى لمشاريع الغرب، وتوقف النزيف في جسد الأمة جميعا، وتعلن الجهاد لخلع هذا الكيان الشرير المفسد لتخليص البشرية من فساده وشره: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾. بقلم: الأستاذ حمد طبيب
  21. كيف تنهض هذه الأمة من جديد ؟؟ ريان عادل – الموصل الأجيال الأخيرة للمسلمين من الذين ولدوا وعاشوا خلال المئة سنة الأخيرة لم يجدوا أمامهم وفي حياتهم العامة التي يعيشونها سوى الكوارث والمصائب والخور والعوز والتخلُّف والرجعية والنظم القمعية مع معاداة هذه النظم للإسلام ولمن يدعو إليه؛ حتى اضطر الدعاة إلى الاختباء والتنقل الحذر لكيلا يسقط الداعي بين براثن أجهزة المخابرات الفاجرة، وهذا الأمر يشمل جميع أنحاء تواجد المسلمين شرقًا وغربًا مع تفاوت هامشي بين منطقة وأخرى في العالم الإسلامي المترامي الأطراف. وفي ظل هذا الواقع السيئ والذي حدثنا عنه الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم بقوله «لا يلبث الجور من بعدي إلا قليلًا حتى يظهر. فكلما ظهر من الجور شيء ذهب من العدل مثله؛ حتى يولد في الجور من لا يعرف غيره. ثم يأتي الله بالعدل. فكلما ظهر من العدل شيء ذهب من الجور مثله؛ حتى يولد في العدل من لا يعرف غيره» مسند الإمام أحمد. في ظل هذا الواقع المرير لم تعرف تلك الأجيال دولة الإسلام، ولا حكم الإسلام، ولا كيفية تطبيق الإسلام، فأصبحت الأمة تائهة محتارة لا تعرف لنفسها طريقًا أو هدفًا أو غاية سامية يُسعى لها؛ فأصبح المسلمون بين متجمِّدٍ على الموروث القديم بلا فهم، وبين مسارعٍ في ركاب الغرب لظنِّه أن هذا هو ما يريده الإسلام، وأنه حيثما تكون المصلحة فثَمَّ شرع الله، وبين مَن تجَّرد بالكلية عن دينه وسار في ركاب الغرب بلا قيد أو شرط. في هذا الظلام الدامس قيض الله لهذه الأمة حزب التحرير، وأثبتت الوقائع أنه كان في حسن سيره وحسن بلائه وحسن صبره، وحسن ثباته أنه كان (الرائد الذي لا يكذب أهله) فقد بيَّن ووضَّح وعالج الأفهام والقناعات للأمة، وبيَّن للمسلمين سبب وجودهم والغاية منه ووضَّح لهم أن الأمة لن تعود إلى سابق عهدها ومجدها إلا إذا أقامت سلطانها وكيانها السياسي والتنفيذي القائم على أساس الإسلام وشرعه الحنيف. فالدولة لا تقهرها إلا دولة مثلها (الدول لا تقهر بجماعات مسلحة مهما كانت قوتها، ولا بمن يأخذ من الدين شيئًا ويترك الباقي بسبب الظروف والوقائع على الأرض) فكيف إذا اجتمعت دول الغرب على أمة ممزَّقة، يعيش أهلها فيها في حدود هي أشبه بسجن منه إلى دولة!!. إن جميع الدول في العالم الإسلامي هي صناعة غربية متكاملة الأركان لا يستطيع فيها حاكم واحد أن يخرج عما يريده الغرب منه، فولاء هؤلاء الحكام ومن اتبعهم هو لسيدهم الغربي وليس لأمتهم. فالغرب عندهم هم أصحاب الفضل عليهم؛ إذ أقعدوهم على كراسي الحكم والجاه السلطان، وجعلوا من كل واحد منهم خنجرًا ينهشون به هذه الأمة قتلًا وتعذيبًا وسجنًا وتهجيرًا وإخفاءً وظلمًا وقمعًا وقهرًا… وما غزة عن تآمرهم ببعيدة؛ فلم يتحرك منهم أحد لنجدتها، بل سارعوا إلى تهديد من يريد من الجيوش أن تتحرك لنصرتها، ولا عجب فيما يتصرفون به لأن مهمتهم من أسيادهم أن يشكلوا جدار الصد الأول عن اليهود، ومخطط لهم أن يقفوا ضد نهضة الأمة وإعادتها إلى سابق مجدها كما يريده لها خالقها. لذا، وكما بين حزب التحرير، فإن أول مقومات النهضة لهذه الأمة من بعد نضجها الفكري هو التخلص من هؤلاء الحكام العملاء ورميهم ورمي نظمهم وأتباعهم في مزابل التاريخ، وتولِّي زمام الحكم والسلطان ممن لا يخافون في الله لومة لائم؛، فيطبقون الإسلام في الدولة والمجتمع، ومن ثم تحمله هذه الدولة كرسالة نور وهدى إلى شعوب العالم كافة… هذا هو العمل الأساسي لدولة الإسلام لإخراج الناس من ظلمات الجاهلية إلى نور الإسلام، ورد كيد أعداء هذه الأمة من دول الغرب الكافر، وإلزامهم حدهم وتصغير شأنهم والتضييق عليهم حتى لا يفكروا ثانية في المساس بالإسلام وأهله. إن نظام الخلافة هو النظام الذي أسسه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذين يعتبر إجماعهم مصدرًا من مصادر التشريع الإسلامي بعد كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فما يجتمعون عليه هو شرع لا خلاف فيه أو عليه، من هنا كانت الخلافة ونظام الحكم الإسلامي هو شرع شرعه الله لنا كمسلمين، وعن طريقه نحافظ على ديننا ونطبقه ونحميه ومن ثم نحمله إلى العالم كله بالجهاد والدعوة. عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حد يقام في الأرض خير من أن تمطروا أربعين صباحًا» رواه النسائي وابن ماجة وأحمد، ومن المعروف شرعًا أن من يقيم الحدود هو خليفة المسلمين أو من ينوب عنه من عماله، فإن كان هذا الخير كله ينبع من تطبيق حدٍّ واحد من حدود الإسلام فكيف بتطبيق الإسلام كله دفعة واحدة ؟!. هذا ما حاول الغرب جاهدًا صرف أذهان المسلمين عنه، واستبدل لهم نظام حكمهم الشرعي بنظم وضعية من ديمقراطية ورأسمالية واشتراكية، وروابط قومية ووطنية… وبحمد الله أثبتت كلها فشلها بعد أن طُبقت عمليًّا في واقع حياة المسلمين، وبعد أن سار المسلمون في ركبها سنينَ عجافًا فتأخَّروا بسببها لعقود، وأثبتت بالتالي أنها مخالفة لفطرة الإنسان التي فطره الله عليها؛ لأنها أنظمة وضعها الإنسان العاجز الناقص المحدود، ولأن تلك الروابط ليست روابط إنسانية تنفع لجمع الإنسان مع أخيه الإنسان فضلًا عن أن تجمع المسلم مع أخيه المسلم. لذا يعمل حزب التحرير ومنذ أكثر من سبعين عامًا، بالأمة ومعها لتصحيح بوصلتها وتركيز أفهامها وتصويب توجهاتها نحو قارب النجاة الذي لا يوجد غيره، ألا وهو العمل مع العاملين لقيامة دولة الخلافة الإسلامية الراشدة الثانية على منهاج النبوة؛ مصداقًا لقوله تعالى: (وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَيَسۡتَخۡلِفَنَّهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ كَمَا ٱسۡتَخۡلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمۡ دِينَهُمُ ٱلَّذِي ٱرۡتَضَىٰ لَهُمۡ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنۢ بَعۡدِ خَوۡفِهِمۡ أَمۡنٗاۚ يَعۡبُدُونَنِي لَا يُشۡرِكُونَ بِي شَيۡ‍ٔٗاۚ وَمَن كَفَرَ بَعۡدَ ذَٰلِكَ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ ٥٥)[النور: 55] ولهذه الغاية النبيلة ولأجل هذا الهدف السامي وضع حزب التحرير خريطة عمل شرعية كاملة، بيَّن فيها طريقة تنفيذ الأحكام الشرعية في واقع الحياة، وأَّلف الكتب والكرَّاسات ونشر البيانات لتوضيح فكره ووجهة نظره بشكل واضح لا لبس فيه، ولأن الحزب واثق بوعد الله وببشرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف؛ حيث قال: «ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت». فوضع دستورًا لدولة الخلافة القادمة بإذنه وعونه وتوفيقه إن شاء الله تعالى، دستورًا كل موادِّه مبنيَّة على أساس عقيدة الإسلام وحده، ومنبثقة عنها أحكامه الشرعية، وعرض دستوره على الأمة لتقرأه وتتدبر فيه، حتى يعلم القاصي والداني أن الإسلام دين كامل ونعمته تامَّة عامَّة طامَّة، لا تخرج كل كلمة فيه عن أحكام الشرع قيد أنملة، وليثبت أنه الحزب القادر بإذن الله وهدايته على أن يتولى قيادة الأمة والأخذ بها إلى مسرح الحياةحاكمًا وهاديًا ومجاهدًا وناشرًا للدين في جنبات العالم… إنها الخلافة الراشدة الثانية أيها المسلمون، إنها البعث الجديد للحق في آخر الزمان الذي يصل ما انقطع مع أوله… فهنيئًا لمن وفقه الله وهداه لأن تكون له يد في قيامة هذا الأمر. من أجل هذا أيها المسلمون، ندعوكم جميعًا أفرادًا وجماعات، جنودًا وقيادات وجميعَ فئات المجتمع أن تعملوا وتساندوا وتؤازروا حزب التحرير ليتمكن من إقامة دولة الخلافة وتطبيق الإسلام جملةً وتفصيلًا، تلك الخلافة التي فيها وحدها عزكم وأمنكم، وفيها قبل كل شيء رضا ربكم عنكم، والتي بها يرفع الله يد عدوكم عنكم، بل ويضع يدكم عليهم لتخرجوهم من الظلمات إلى النور بإذنه تعالى. اللهم قد طال ليل الكفر والظلم علينا فأخرجنا من هذا الكرب العظيم، اللهم واهدنا إلى صراطك المستقيم يا أرحم الراحمين… اللهم أهدنا إلى أرشد أمرنا، وكحِّل اللهم أعيننا برؤية تطبيق شرعك الحنيف وأقرَّ أنفسنا بالعيش في كنف دولة الخلافة الراشدة الثانية التي تكون على منهاج النبوة، تمامًا كما بشر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم،… ربنا أنت خير هادٍ، وخيرُ معينْ، خيرُ ناصرٍ… وما توفيقنا إلا بالله العلي الكبير.
  22. انسحاب جيش كيان يهود من جنوب القطاع مرحلة في الحرب أم نهاية لها؟ أعلن جيش كيان يهود عن سحب جميع قواته البرية من جنوب قطاع غزة، بما فيها الفرقة 98 بألويتها الثلاثة من منطقة خان يونس بعد قتال دام 4 أشهر، حيث لم يتبق في غزة سوى لواء واحد "ناحال" لفصل الشمال عن الوسط، ولاستمرار بعض العمليات في القطاع. إن انسحاب جيش الكيان من قطاع غزة إنما يفهم في سياق سياسة حكومة الكيان ورؤيتها للحرب، فبالإضافة إلى التأييد الذي توفر للحرب من قبل جمهور واسع من الكيان وسياسييه، وحتى من المعارضة، فقد اتخذت هذه الحكومة، حكومة نتنياهو، من الحرب وتوسيعها وسيلة لإطالة أمد نفسها، وتحقيق رؤاها، بالاستناد إلى قاعدة عريضة من جمهور يؤيد شراسة الحرب، وإلى حكومة "متطرفة" ورئيس لتلك الحكومة يرى في استمرار الحرب مجالا لاستمرار وجوده السياسي، ولذلك وضعت قيادة الحرب في كيان يهود أهدافا من طبيعتها أنها طويلة ومعقدة، من مثل الهزيمة الكاملة للمجاهدين في غزة، وتحقيق نصر كامل واسترداد كافة الرهائن، والقضاء على أي تهديد أمني مستقبلي من القطاع، وأعلنت أن هذه العملية هي عملية طويلة، وحشدت لها الإمكانيات والميزانيات. من خلال النظر من هذه الزاوية، فإن الانسحاب الأخير قد يكون نهاية مرحلة من مراحل الحرب تمهيدا للمرحلة القادمة، وتعبيرا عن متطلبات، بل واضطرارات ميدانية، أو حتى إجراءات التفافية على الظروف الحالية، أكثر مما هو تغير سياسي وانعطاف في سياسات الكيان وأهدافه من الحرب. خلال مقابلة مع جيمي ماكغولدريك، منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية، سئل بعد الانسحاب من خانيونس عن قوله إن التوغل في رفح قادم، وعما إذا كان الجانب (الإسرائيلي) قد بدأ يصغي ويستجيب بشكل إيجابي للضغوط العالمية؟ أجاب: "أعتقد أنهم يستمعون إلى ذلك. لكنني أعتقد أن لديهم أيضا أهدافا للحرب، والتي أعتقد أنها ستتفوق على أي أهداف إنسانية. يجب أن ندرك أن الحرب لم تنته بعد بالنسبة لهم. وأعتقد أن الانسحاب من خانيونس يهدف إلى إعدادهم لما هو قادم"، كما تناولت صحافة الكيان وسياسيوه موضوع الانسحاب، وكلها تتعلق تقريبا بواقع ميداني أكثر منه سياسي، من حيث إن طول القتال قد أرهق قوات الجيش، والذي لم يعد وجوده يحقق المزيد بعد أربعة أشهر من دخول خانيونس، وعلى أنه استراحة المحارب، أو إعادة تموضع لاستمرار العمليات وخصوصا عملية اجتياح رفح، أو إتاحة المجال لتخفيف التركيز من وجود اللاجئين في رفح تمهيدا للعمليات فيها، أو حتى مراقبة عودة عناصر المقاتلين إلى الأماكن التي تم الانسحاب منها وخروجهم، مع الأخذ بالاعتبار حادثة ضرب القنصلية الإيرانية وما يستجلبه من تبعات تقتضي التركيز والتفرغ، ولا يمنع أن تكون كل المذكورات أعلاه هي اعتبارات واقعية في قضية الانسحاب، وكل ذلك مع التأكيد من قبل قيادة الكيان على أنه لا صلة بين الضغوط الأمريكية التي تمارس على الكيان والانسحاب من خانيونس، ومع استمرار نتنياهو بالحديث عن عملية رفح وموعدها. وأما من ناحية الالتفاف على الظروف الحالية ومنها الضغوط الأمريكية، فإن التركيز على النواحي والمساعدات الإنسانية مؤخرا، والأجواء العالمية التي لا يمكن تجاهلها قد أخذت سبيلها إلى إجراءات كيان يهود، خصوصا بعد حادثة مقتل عمال الإغاثة الأجانب، من حيث التغيير في سياسة إدخال البضائع والمساعدات وتمكين السكان من العودة إلى الشمال، لا من حيث سياسة الحرب نفسها. ومن هنا، فإنه لا ينبغي أن يقرأ الانسحاب على أنه نهاية للحرب، فكيان يهود لا يريد ذلك، ونتنياهو لا يزال يسعى إلى الاستمرار في الحرب، بل وتوسيع رقعتها كلما استطاع، كما أشارت الضربة للقنصلية الإيرانية، وتصرفات الأمريكان ليست كافية حتى الآن في قضية إنهاء العمليات العسكرية في غزة، حتى وإن كانت جادة وتمارس ضغوطا في كبح تهور الكيان، مع ملاحظة رغبة الطرفين في إنهاء حكم حركة حماس للقطاع. إن ما ينبغي ملاحظته هو أن الكلام عن سياسة الكيان لا يعني أن تنفيذها يجري بسلاسة، بل إن الكيان بالرغم مما جلبه من خيله ورجله في حرب غزة إلا أنه حتى اللحظة عاجز عن الحسم، وعالق في الأهداف التي وضعها ولا يزال بعيدا عن تحقيقها، سواء من ناحية تحرير الرهائن، أو القضاء على المجاهدين الأبطال، بل إن طاقاته وقدراته ودعايته للحرب بدأت كلها في التآكل، وما تحقق حتى الآن ليس إلا الدمار وقتل المدنيين، وقد انقلبت الأجواء العالمية ضده، وباتت حكومة نتنياهو وأداؤها في الداخل والخارج موضع تساؤل من حيث الإنجازات، ولذلك يحاول نتنياهو تعليق الانتصار على إكمال عملية رفح. طوال الأشهر الأولى لم تخالف الإدارة الأمريكية اليهود في تفاصيل الحرب، ولم يكن في حساباتها حجم الدمار والضحايا، خاصة وأن أمريكا هي من دعمت وسلحت ووفرت وقود تلك الحرب، وبالتالي فإن حجم الدمار والضحايا والمجاعة لم يكن هو العامل الحاسم في الخلاف بين الأمريكان وقيادة الكيان، ولا في التغير في نمط التعامل الأمريكي مع حرب غزة، ولكن الأمريكان يدركون الآن فشل كيان يهود في حسم الحرب والخروج منها، كما يدركون الفرق بين حرب الكيان وأمنه ووجوده، وبين حرب نتنياهو وغاياتها، وهم يحاولون إيجاد المخارج التي تحول دون استمرار الإضرار بمصالحهم، وبمصلحة وجود الكيان. لقد بات الكل ينتظر مخرجا من حالة الحرب، وكان ينبغي أن يكون المخرج بيد الأمة الإسلامية، شأن كل الأمم التي ترد عن نفسها البغي والعدوان، لولا حكام غرقوا في العمالة وجعلوا قوى الأمة وشعوبها، بل وقوى المنطقة تحديدا خارج الحسابات والمعادلة، وإن صمود المجاهدين الذي حرم كيان يهود من الحسم، ليؤكد بأن حسم الصراع مع هذا الكيان متأت بسهولة، لو صار للمسلمين دولة إسلامية حقيقية، ودون ذلك فستبقى الأمة تدفع الأثمان الباهظة، وستبقى شعوب المنطقة عرضة لما تعرضت له غزة، خاصة وأن الحكام الحاليين أعطوا الانطباع أنه لا توجد خطوط حمر لمدى انبطاحهم وخيانتهم. بقلم: الأستاذ يوسف أبو زر
  23. أفول حضارة الغرب… ذلك قولهم بأفواههم يوسف الساريسي بيت المقدس أدى انهيار الإمبراطورية البيزنطية وسقوط القسطنطينية عاصمة الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية في يد الخلافة العثمانية سنة 1453م إلى زلزال كبير في أوروبا؛ حيث أدى هذا الزلزال إلى تغير في نظرتهم إلى المسائل الدينية والسياسية، وهذا الأمر بجانب تأثر أهل أوروبا بحضارة المسلمين في الأندلس سابقًا ساعدا في خلق ظروف وبيئة جديدة أدت في النهاية إلى ظهور حركة الاصلاح الديني البروتستانتي على يد مارتن لوثر سنة 1517م، والذي أدى في النهاية إلى انقسام الكنيسة الغربية الكاثوليكية إلى كنيستين وظهور الكنيسة البروتستانتية. هذه الهزات العنيفة التي هدمت أركان الكنيسة الشرقية وضربت أسس الكنيسة الغربية كانت دافعًا للأوروبيين للتفكير في دور الدين في الحياة والمجتمع والدولة. ومع أن هذه الهزات كان بسبب تأثر أوروبا بالإسلام ولكنهم لم يفكروا في الإسلام كبديل لنصرانيتهم؛ ولكن هذه الهزات العنيفة أحدثت عندهم هزات ارتدادية فكرية؛ حيث حدث صراع عنيف بين المفكرين والفلاسفة في أوروبا من جهة، وبين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة البروتستانتية من الجهة الأخرى، وقد توصلوا إلى حل وسط لإدارة هذا الصراع بتبني مفهوم العلمانية، أي فصل الدين عن الحياة وعن الدولة، كأساس ومنطلق لمبدئهم الجديد وهو المبدأ الرأسمالي. ويلاحظ أن الانتقال في بريطانيا -ذات المذهب البروتستانتي- إلى الرأسمالية كان سلميًّا بعد ثورة كرومويل التي بدأت سنة 1642م؛ ولكن هذا الانتقال كان عنيفًا وداميًا جدًّا في فرنسا -ذات المذهب الكاثوليكي- بعد الثورة الفرنسية سنة 1789م، وهذا يخبرنا عن سر الإلحاد والعلمانية اللائكية في فرنسا، ومقدار الحقد الفرنسي على الدين. 1- فساد الأساس الذي قام عليه المبدأ الرأسمالي بعد هذا الصراع نشأ المبدأ الرأسمالي في أوروبا، في القرن السادس عشر الميلادي وما تلاه، وقام على أساس فصل الدين عن الحياة، وصارت نظرة الرأسماليين للحياة نظرة دنيوية منقطعة عن الدين والأخلاق والقيم – اللهم إلا عن القيمة المادية – وقد بنوا هذه النظرة للحياة بأنها صراع للبقاء كما في عالم الحيوان، تلك النظرة الداروينية التي تقوم على أن حياة البشر أيضًا هي صراع، وأن البقاء فيها هو للأصلح. نعم، هذه هي نظرتهم للحياة، نظرة حيوانية يحكمها قانون الغاب لا إنسانية فيها. وعلى هذا الأساس ومن هذه النظرة الداروينية، طفقوا يشيدون أنظمة الحياة من سياسة واقتصاد وحكم وتعليم وغيرها، فقام الفلاسفة والمفكرون الرأسماليون بإنشاء نظام اقتصادي منبثق من عقيدة العلمانية والنظرة الداروينية للحياة، وخصوصًا على يد آدم سميث في بريطانيا في كتابه ثروة الأمم الذي نشره في 1776م، وصارت بريطانيا وغيرها من الدول الرأسمالية تطبق هذا النظام الاقتصادي الرأسمالي فعليًّا. وما هي إلا سنوات قليلة حتى ذاق أهل أوروبا أنفسهم الويلات الناجمة من تطبيق هذا النظام الاقتصادي الرأسمالي الدارويني الذي يحابي الأغنياء والأقوياء على حساب الضعفاء والفقراء، فانتفضوا عليه وصاروا يبحثون عن نظام آخر أكثر عدالة، فبدأت تظهر أفكار اشتراكية الدولة، والتي كانت تنادي بالعدالة الاجتماعية والملكية الجماعية للموارد ووسائل الإنتاج. ثم أنبتت أوروبا من رحم نظرتها الداروينية الاجتماعية أحزابًا ودولًا رأسمالية عنصرية كالنازية في ألمانيا، والفاشية في إيطاليا، والتي أخذت بالتوسُّع والاعتداء على البشر، وقامت بأعمال الإبادة الجماعية والحرق للأعراق الدونية، فاجتمع الغرب بنفسه للقضاء عليها وعلى شرورها في الحرب العالمية الثانية بسبب عنصريتها وتعاليها على البشر، ويفتخر الغرب بأنه قضى على النازية والفاشية المتولِّدة من الداروينية الاجتماعية، والتي هي جزء من نظرتهم الرأسمالية للحياة، مع أن الغرب نفسه ما زال مستمرًّا بتبني هذه النظرة العنصرية ولكن بشكل خفي غير ظاهر، وقد رأينا ذلك واضحًا عند ترامب في أمريكا، وكذلك عند اليمين المتطرف الذي فاز في انتخابات كثيرة في أوروبا. 2- وجود المبدأ الشيوعي كان إعلانًا بفشل الرأسمالية ظهر من رحم الرأسمالية الفاجرة فكرة الاشتراكية الماركسية على يد ماركس حوالى سنة 1850م، ثم نجح حزب شيوعي في روسيا بالوصول للحكم وبتطبيق أفكار الماركسية سنة 1917م. وبقيام دولة الاتحاد السوفياتي بتطبيق المبدأ الشيوعي وجد بالفعل النموذج المنافس للرأسمالية في أوروبا ذاتها، وبذلك تكون أوروبا قد أعلنت بنفسها فساد النظام الرأسمالي وعدم صلاحيته لعلاج مشاكلها وصارت تنادي باستبداله، فأخذت الشيوعية تزاحم الرأسمالية وتقوم فعليًّا بمحاولة إزاحة الرأسمالية من أوروبا والعالم، ونجحت الشيوعية في الانتشار في دول شرق أوروبا والصين وغيرها، وهذا هدَّد فعليًّا النموذج الغربي للرأسمالية المطبق في بريطانيا وفرنسا وأمريكا، خصوصًا أثناء الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي. ولكون النظام الرأسمالي نظام متلون ومطاطي بطبيعته؛ حيث لا توجد فيه عقيدة صلبة، ولا قيم ثابتة من إنسانية أو أخلاقية أو روحية؛ حيث لا يعترف بهذه القيم عمليًّا بل لديه قيمة وحيدة هي المنفعة والربح؛ ولذلك يلاحظ أن أتباع المبدأ الرأسمالي ليس لديهم إيمان راسخ بالأسس التي قام عليها مبدؤهم، وبالتالي من السهل عليهم أن يخلعوا جلدهم ويدوسوا بنعالهم الأفكار والأنظمة التي انبثقت عن مبدئهم وطبقوها عمليًّا وحاولوا جهدهم لنشرها في العالم، فلا يمنعهم مبدؤهم من تغيير أنظمته الفاسدة بأنظمة جديدة معدَّلة تتناسب مع الظروف والوقائع المتغيرة. فمثلًا، عندما هدَّدهم النظام الشيوعي بالاشتراكية، قاموا بالالتفاف على الشيوعية فتبنوا اشتراكية الدولة لترقيع هذا النظام الفاسد الظالم المتحيز للأغنياء والأقوياء. وعندما هدَّدهم الفشل العملي لنظامهم الاقتصادي بعد الكساد العظيم سنة 1929م، جاء أحد مفكريهم وهو الاقتصادي الإنجليزي كينز وقلب الأسس الاقتصادية التي تقوم عليها الرأسمالية الكلاسيكية لآدم سميث، ومنها ميكانيكية الثمن واليد الخفية، وصار ينادي بضرورة تدخل الدولة في الاقتصاد، وقامت الدول الرأسمالية بتنفيذ الكينزية ومشت وراء ترقيعاته؛ ولكنها ما لبثت أن عادت القهقرى شيئًا فشيئًا، فعادوا إلى الاقتصاد الحر الأصلي في فترة حكم ريغان وتاتشر بعد 1980م. ثم بعد انهيار الاتحاد السوفياتي سنة 1991م، بدأوا بسياسات الخصخصة والعولمة وأسسوا منظمة التجارة العالمية، وأصابتهم النشوة الحضارية وصاروا يشعرون بأن حضارتهم هي حضارة نهاية البشر التي لا تدانيها حضارة في التقدم والرقي، ولن يكون بعدها حضارة تسمو عليها، كما زعم المفكر الأمريكي فوكوياما. بداية التراجع والأفول للرأسمالية استغلَّت أمريكا أحداث 11 أيلول 2001م، فأخذت تغزو العالم الإسلامي عسكريًّا واقتصاديًّا، فقام بوش بحروبه الصليبية وغزا أفغانستان 2002م، ثم العراق 2003م؛ ولكنه تعرض إلى انتكاسات عسكرية وسياسية مما اضطر أمريكا إلى الانسحاب منهما. وأمريكا منذ ذلك الوقت وهي في تراجع اقتصادي وسياسي مستمرَّان، فقد تعرضت أمريكا والعالم في العام 2008م إلى أزمة مالية عصفت بالنظام الرأسمالي بشكل عنيف ولم تتخلص من تبعاته حتى الآن، وهناك مشكلة الدَّين الأمريكي العام الذي كان ضئيلًا نسبيًّا سنة 1981م، ووصل ما يقارب 1 ترليون دولار عند بداية حكم ريغان؛ ولكنه كان يزداد مع مرور الوقت، فوصل إلى 5.5 تريليون سنة 2000م، ثم وصل إلى ما يقارب 34 تريليون في بداية 2024م، وسقف الدين ما زال في ارتفاع، إلى أن يخِرَّ عليهم هذا السقف من فوقهم بمشيئة الله تعالى. وهكذا اهتزَّت أركان النظام الرأسمالي فكريًّا واقتصاديًّا وعسكريًّا وكاد أن ينهار، بعيد الأزمة المالية سنة 2008م، ولكنه لم يواجه منافسًا عالميًّا يوجه له الضربة القاضية، وكذلك لم يعد يشعر العالم الرأسمالي بحاجته إلى أن يغير جلده كما حدث في السابق عند وجود التحديات أمامه، وهو ما زال سادرًا في غيِّه دون التفات إلى العورات والثغرات التي تتسع يومًا بعد يوم، من جراء سوء تشخيصه للمشاكل الاقتصادية والسياسية والفكرية وسوء علاجه لها، وهو يسير إلى حتفه المحتوم -عاجلًا أو آجلًا- كما شهد بذلك القريب والبعيد. 3- شهادات البعيد بقرب أفول الرأسمالية أما البعيد، فقد شهد بقرب نهاية المبدأ الرأسمالي، وأبرز من تنبأ بانهياره كان ماركس وإنجلز، وهما اللذان طوّرا نظرية الرأسمالية وتنبَّآ بانتهاء الرأسمالية في نهاية المطاف؛ نظرًا للصراع الطبقي بين الطبقات الاجتماعية وأنها ستصل إلى نهايتها وسيحلُّ محلها نظام جديد وهو الشيوعية، كما فصل ذلك في كتابه «رأس المال: نقد الاقتصاد السياسي» سنة 1867م. وكذلك أشار فلاديمير لينين سنة 1916م خلال الحرب العالمية الأولى في كتابه «الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية» إلى أن الإمبريالية تتميز بانتشار الاستعمار والاستثمار الأجنبي، مما يؤدي إلى زيادة الصراعات الاقتصادية والجيوسياسية بين القوى الكبرى الرأسمالية على الموارد والنفوذ. وهذا يزيد من الاضطرابات الاجتماعية والتوترات الطبقية، مما يمكن أن يؤدي في بعض الحالات إلى ثورات شعبية ضد النظام الرأسمالي. وكذلك كتب الشيخ تقي الدين رحمه الله كتاب نظام الإسلام وكتاب النظام الاقتصادي سنة 1953م وغيرها من الكتب والنشرات، وأبان فيها عورات المبدأ الرأسمالي فكريًّا واقتصاديًّا وسياسيًّا، وأنه مبدأ فاسد ولا يعالج المشاكل بشكل صحيح، وأن هذا الفساد الرأسمالي، سيستبدل بنظام الإسلام الصحيح الذي سينشر في الأرض ويحكمها بشريعة الإسلام بمشيئة الله تعالى. 4- أفول الرأسمالية: وشهد شاهد من أهلها وأما القريب، وهم مفكرو الرأسمالية وفلاسفتها أنفسهم، فهم أيضًا شهدوا في الماضي وما زالوا يشهدون على فساده وقرب انهياره، وشهادة شاهد من أهلها، يكون عادة أبلغ وأعظم أثرًا في عيون الناس حين يكون هذا الشاهد من الداخل. وفكرة سقوط الرأسمالية ليست فكرة جديدة، بل هي بدأت مع كتاب (صعود وسقوط القوى العظمى) وهو للمفكر الأمريكي بول كينيدي في أواخر السبعينيات، الذي تنبأ حول أمور قد تحقَّق معظمها تتعلق بالصين وآسيا والاتحاد السوفياتي وأمريكا. وهو أول كاتب أمريكي يتحدث صراحةً عن إمكانية أفول الحضارة الأمريكية كنظام سياسي واقتصادي. بينما كان يرى فرانسيس فوكوياما سنة 1992م أن أمريكا ستبقى كدولة أولى على رأس النظام الدولي لمئة عام قادمة، وما هي إلا أمنيات لن تتحقق. وكان صامويل هنتنجتون في كتابه «صراع الحضارات» سنة 1996م، هو من بدأ باستشعار بالخطر، وعدم الثقة بالهيمنة المطلقة للرأسمالية، مبينًا بالأدلة والوقائع أن التاريخ لم ينتهِ لصالح الرأسمالية الغربية بسقوط المبدأ الشيوعي على جدار برلين سنة 1989م، ولم تحقِّق الليبرالية انتصارها الحاسم، وإنما طبيعة الصراع تغيرت من مرتكزات أيديولوجية واقتصادية إلى منطلقات ثقافية وإيمانية حضارية. ويعتبر أن الصراع الحضاري القادم على المدى القريب سيكون بين ثلاث حضارات، وهي الحضارة الغربية الرأسمالية والحضارة الصينية والحضارة الإسلامية، أما على المدى البعيد فإن هذا الصدام المحتمل سيكون محصورًا بين الحضارة الغربية الرأسمالية وبين حضارة الإسلام. ويذكر هنتنجتون بأن الحضارة الغربية وأمريكا وإن كانت تتحرك على المسرح الدولي بقوتها الاقتصادية والسكانية؛ ولكن هناك ما هو أهم، وهو الانهيار الأخلاقي والانتحار الثقافي والتفكك السياسي الذي يقود الغرب إلى مسرح الانهيار. 5- كتب وتنبؤات غربية بأفول الحضارة الرأسمالية إن انهيار الرأسمالية هي نبوءة للعديد من مفكري الغرب أنفسهم. والسؤال الجوهري عندهم ليس عن كيفية الانهيار ولا عن أسبابه، بل عن موعده، هل سيكون الانهيار قريبًا أم سيتأخر؟ وللتوكيد على أفول الحضارة الرأسمالية الغربية وقرب سقوطها، سنقوم بسرد شهادات مجموعة من هؤلاء المفكرين والفلاسفة الغربيين من أهل تلك الحضارة، والتي تشير إلى فساد الحضارة الرأسمالية وعلى قرب أفولها، وسيكون الذكر أدناه وفقًا لتاريخ نشر هذه الكتب ثم تعقيب قصير على كل واحد منها، وهي كما يلي: كتاب «صعود وسقوط القوى العظمى»، لبول كينيدي، سنة 1987م كتاب «رقعة الشطرنج الكبرى الأولوية الأمريكية وضرورتها الاستراتيجية» لزينغو بريجينسكي سنة 997م كتاب «بعد الإمبراطورية سقوط الحلم الأمريكي» لايمانويل تود سنة 2003م كتاب «احزان الإمبراطورية -أميركا العظمى القناع والحقيقة» لتشالـمرز جونسون، عام 2004م كتاب «انتحار الغرب»: تأليف ريتشارد كوك وكريس سميث، سنة 2006م. كتاب «الرأسمالية في طريقها لتدمير نفسها» للمؤلفَين باتريك آرتو، وماري بول فيرار، سنة 2008م كتاب «لماذا تفشل الدول: أصول القوة والازدهار والفقر» لدارون أكيموغلو وجيمس روبنسون، سنة 2012م. كتاب «نظام التفاهة» للكاتب الكندي ألان دونو، سنة 2015م كتاب «موت الغرب» للمؤلف باتريك بوكانان، سنة 2015م. كتاب «الانحطاط: من يسوع إلى ابن لادن، حياة وموت الغرب»، للفيلسوف الفرنسي ميشال أونفري، سنة 2017م كتاب «النوايا الطيبة» لستيف والت، سنة 2018م. خاتمة كما أوردنا أعلاه، فقد تم ذكر أحد عشر كتابًا من الكتب التي تنبأت بأفول الحضارة الغربية الرأسمالية، وقد عقبنا على الخلاصة لكل كتاب منها، ويوجد غيرها الكثير من الكتب والدراسات التي عنيت بدراسة الحضارة الرأسمالية وتخوفت من أفولها أو انحطاطها أو جمودها وتفاهتها، وبعض هذه الدراسات تنبأت بأن يكون الإسلام هو البديل لهذه الحضارة لما يحويه من ميزات حضارية تفوق ما لدى الغرب من حضارة مادية. وقد أردنا أن ندين هذه الحضارة من خلال شهادة شاهدين من أهلها ومن خلال ما يقولونه بأفواههم وما تخطه أقلامهم، وهناك العديد من الكتب والدراسات الأخرى التي تنبأت بأفول حضارة الرأسمالية وسقوطها، ولكننا آثرنا هنا أن نركز على قول مفكري الغرب أنفسهم لكي تكون الشهادة لها وقع خاص عند المخالفين لنا، فالموضوع ليس أمنيات وأحلام من قبل المسلمين بسبب كرههم وعدائهم للحضارة الغربية المناقضة للحضارة الإسلامية كل المناقضة؛ ولكن هو أمر سيقع، وهو عملية فعلية تجري حاليًّا، ولا مناص من نتيجتها المحتومة بمشيئة الله تعالى. وسنن الله تجري على الدول والحضارات وهي لا تحابي أحدًا، ومن سنن الله تعالى أن للدول والأمم أعمارًا كأعمار البشر، قد تطول أو تقصر وفق أسباب ونواميس معينة، فالدول الظالمة المتجبرة والتي تقوم على مناقضة الفطرة الإنسانية لا تعمر كثيرًا كالاتحاد السوفياتي، وهذه السنة تنطبق على الحضارات أيضًا باستثناء حضارة الإسلام لأنها حضارة ربانية وعد الله بحفظ الذكر الذي أنزله على رسوله، ومن لوازم حفظ الذكر حفظ من يقوم على حفظه وحمله وتطبيقه، وهذا يجعل حضارة الإسلام ودينه باقيان إلى يوم الدين مهما حاول البشر اجتثاثهما كما أخبر الرسول عليه الصلاة والسلام في الحديث بأنه سأل الله أن لا يهلك أمته بعامة فأعطاه الله ذلك. ونسأل الله تعالى في عليائه أن يجعل أفول حضارة الغرب الرأسمالية ودولها الظالمة المجرمة في حق البشر وفي حق المسلمين بالخصوص، أن يكون سقوط دولها قريبًا وخاصة رأس الكفر أمريكا، بما تقوم به من إجرام في حق أهل فلسطين وأهل غزة في هذه الأيام ومعها كيان يهود الابن المدلَّل لها. وأن يمن الله على المسلمين بقيام دولة الخلافة التي تنشر العدل وتبيد الظلم والظالمين، وتوحِّد البلاد والعباد، وتحرِّر فلسطين والأقصى وغزة وباقي بلاد المسلمين المحتلة، في القريب العاجل إن شاء الله تعالى، ثم تحمل الإسلام مشعل نور وهداية للعالمين ليبلغ ملك أمة الإسلام كل ما طلع عليه الليل والنهار… اللهم آمين، والحمد لله رب العالمين.
  24. حقيقة الصراع في السودان بين الوعي السياسي والتضليل الإعلامي وآثاره على الرأي العام بعد مرور عام بالتمام، استطاع الإعلام المصاحب لحرب رمضان 1444ه‍ الموافق 15 نيسان/أبريل 2023م، أن يجيش الناس، ويصنفهم إلى فريقين؛ فريق مؤيد للجيش ومدافع عنه ومتخندق خلف قياداته، وفريق مؤيد وداعم لقوات الدعم السريع ومنحاز لجنودها! ولم يسلم من ذلك إلا من كان له قلب يعي به، وعقل يحكم به، أو ألقى السمع وهو شهيد. فقد اعتمد الإعلام التابع للفريقين على مواقع إلكترونية وصفحات وقنوات محلية وإقليمية لتضليل الناس: ففي بداية الحرب اعتمد إعلام الجيش على إفهام الناس أن الحرب لن تأخذ سوى ساعات، وأن الطيران يقوم بدوره (بجغم)؛ أي تدمير المتمردين، فلا حاجة لاشتباكات ولا مناوشات، وأن الطيران سيفي بالحاجة، ليقنع الرأي العام لماذا بقي الجيش في ثكناته ولم يقاتل! كما عمل الإعلام المصاحب للجيش على التركيز على بث جرائم قوات الدعم السريع، ما يترتب عليه تخويف الناس وبث الهلع والرعب، فيقبل الناس صاغرين بالتعلق بتصريحات قادة الجيش، وتأييدها، وقبول الحلول التي يرتضيها قادة الجيش، حتى وإن كانت محبطة لآمال الناس وأمنياتهم بإيقاف الحرب، ولعل مطالبات أفراد الجيش (بفك اللجام) أكبر دليل على ذلك. وكذلك الدعوة لنزوح الناس من مناطق سكنهم بشكل متقصد، وذلك بمطالبة الناس للخروج من الأحياء والبيوت وإخلائها ليسهل ضرب المتمردين للقضاء عليهم بشكل سريع كما زعموا. ثم إن الإعلام المؤيد للجيش قد ركز بشكل متعمد على فرض القدسية للجيش في خطابه، إذ ركزت المواد الإعلامية على أنه لا يجوز التشكيك في قادة الجيش، وأنهم خط أحمر، أو ليس الوقت مناسبا للحديث عن المحاسبة، أو البحث عن إجابات للأمور الغامضة في الحرب؛ كانسحابات قوات الجيش المثيرة للريبة، واللافتة للنظر من حامياتها، ومعسكراتها، رغم وجود الأعداد الضخمة من الجنود وما يكفي من العدة والعتاد، ويتذرع الإعلام بأن ذلك يؤدي إلى شق الصف، وضرب الروح المعنوية للجيش، وبث الإحباط بالنصر عند عامة الناس... إلخ! ومن جهة أخرى حشد الإعلام المقابل التابع لقوات الدعم السريع، الناس على أسس قبلية وعصبية، فقد لعب على وتر الهامش، وأن الجيش مستغل ومحتل من قبل بعض المكونات الجهوية والقبلية، وبالتالي يشكك في قدرة الجيش على الانتصار لقضايا بعض الولايات التي تكونت من غالبها قوات الدعم السريع. لقد صورت انسحابات الجيش أمام هجمات قوات الدعم السريع أنها تفوق الجيش عدة وعددا وعتادا، ما أطال أمد الحرب، وأحدث إحباطا لدى الكثيرين. في كل الحالات اعتمد الخطاب الإعلامي على الكذب، وتغيير الحقائق، وتغييب المواطن، وهذا لعب دورا سياسيا للتأثير في مجريات الأمور فجعل الواقع كما قال الله سبحانه على لسان فرعون: ﴿قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ﴾! ما كان هذا الإعلام لينجح لو كان عند أهل السودان وعي سياسي على مجريات الأمور والأحداث داخليا، وربطها بالواقع الدولي، من حيث حقيقة دوافع وأسباب قيام هذه الحرب، وعلاقة الأطراف المشاركة فيها بالدول الكبرى. فلم يذكر الإعلام حقيقة الصراع في السودان بين أمريكا وبريطانيا عبر سفرائهما ومبعوثيهما وربط الأدوات على الأرض؛ من سياسيين، وتنظيمات مدنية، وقادة الجيش والدعم السريع، بهذا الصراع، ولم يذكر الإعلام لقاءات قادة الجيش والدعم السريع بالدبلوماسيين والتنفيذيين، والموظفين الأمريكان مرارا وتكرارا قبل الحرب، والتركيز على احتوائهم، والسماح لهم بإدارة الأزمة، بما يخدم الأجندة الأمريكية، وكيف أن أمريكا أيدت العسكر (الجيش والدعم السريع) برغم انقلابهم في تشرين الأول/أكتوبر 2021م على المدنيين التابعين لبريطانيا، وكيف أن المدنيين كانوا يخططون لهيكلة العسكر بالاتفاق الإطاري. وإبعادهم عن الحياة السياسية.. وتهديدهم بمحاكمات على جرائم فض الاعتصام قد تؤدي إلى أخذ القادة النافذين في الجيش والدعم السريع إلى المقاصل والمشانق... فلم يكن للعسكر بد وسبيل إلا بصناعة صدمة تمسح الذاكرة السياسية في السودان وتنسي أهل السودان ما سبق من مآخذ على العسكر، لتكون بداية جديدة يجد فيها العسكر التبجيل والقدسية... ويقذف فيها بأتباع بريطانيا من المدنيين إلى هاوية سحيقة، وقد كان!! إن الوعي السياسي هو النظرة للأحداث من زاوية خاصة تحدد وجهة النظر لأي حدث وتحدد موقف الواعي سياسيا من الحدث المعين، وبالتالي يكون الواعي سياسيا محصناً من أي تضليل إعلامي أو إجرام سياسي، فهو يعرف حقيقة الأطراف المتصارعة، وإلى إي جهة ينتمي كل طرف؟ وما هي أهداف كل طرف من هذا الصراع؟ ومن هنا يسهل عليه اتخاذ موقفه دون تضليل من أحد. وباعتبارنا مسلمين فإن الإسلام هو المنظار الذي ننظر به إلى الأمور لنحدد به الصواب والخطأ، والحق والباطل، والرشد والغي، ونبني على ذلك مواقفنا، فهل نقف مع أحد الفريقين أم أن كليهما على باطل؟ وهل يجوز التقاتل بين المسلمين على أسس قبلية أو عنصرية؟! أو هل يجوز التقاتل من أجل إقامة نظام ديمقراطي؟! وهل الديمقراطية أصلا تجوز إقامتها أو الدعوة إليها فضلا عن التقاتل في سبيلها؟ وهل للوطن جنة ونار ليكون القتال في سبيله؟!... إن الوعي السياسي يحتاج إلى دولة مبدئية تصنعه وتغذيه وتحميه وتنشره في مجتمعها... فما أحوج المسلمين اليوم إلى إقامة دولتهم دولة العز والوعي، دولة الإسلام؛ الخلافة الراشدة على منهاج النبوة لتغير هذا الواقع المرير وتوقف هذه الفوضى التي تصنعها الأنظمة الحاكمة في بلادنا تنفيذا لأجندة الكافرين المستعمرين! بقلم: الأستاذ محمد جامع ( أبو أيمن) * مساعد الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان
  25. النظرة الفكرية السياسية للشعوب الغربية في ظل النظام الرأسمالي ودوله الاستعمارية! د. إبراهيم التميمي عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير الأرض المباركة (فلسطين) يُستخدم مصطلح الغرب في كثير من الأحيان عند الحديث عن الاستعمار والحروب والدمار في العالم، وعند الإشارة للجهة المسؤولة عن الانحلال الأخلاقي تحت مظلة الحريات، والتفكك الاجتماعي، وتدمير الأسرة، وتراجع الإنجاب تحت عنوان المساواة، والتيه الفكري والإلحاد بدعوى تقديس العقل وإطلاق العنان له في الفلسفة والإلحاد، وغيرها من الكوارث التي سببها الغرب للبشرية، وربط ذلك بضرورة التصدي الفكري والسياسي له وهزيمته وإنهاء نفوذه والقضاء على وجوده؛ ولكن من الأهمية بمَكان إدراك أن المقصود بالغرب هو تلك الأنظمة الرأسمالية المطبَّقة في تلك الدول والوسط السياسي المشرف على عملية التطبيق ورسم السياسة الخارجية وفق وجهة نظر رأسمالية نفعية استعمارية وليس الشعوب التي تعيش في تلك البلاد، فالشعوب تُعرف بأنها مجموعة من الناس ينحدرون من أصل واحد؛ ولكنها أصبحت تطلق على الناس ضمن إطار وطني أو قومي يسمى حدود الدولة ولو كانوا من أجناس مختلفة، وفي الغرب تُحكم تلك الشعوب بالأنظمة الرأسمالية ولكنها بالطبع ليست النظام، وليست الدولة، وليست المبدأ، وليست الغرب الذي هو محل العداء والصراع. وتلك الأنظمة وإن كانت تنسجم نسبيًّا مع الفكر الذي تحمله تلك الشعوب وما نتج عنه من مفاهيم ومقاييس وقناعات تمخَّضت عبر قرون من الصراعات الفكرية والسياسية والكنسية في أوروبا حتى تشكلت تلك الرؤية الحضارية العلمانية الرأسمالية الغربية لإسعاد الإنسان الغربي وتحريره من السلطة الكهنوتية التي استعبدته وأغرقت أوروبا بظلام العصور الوسطى، وهذه الغاية كانت العنوان الذي اتخذه المنظرون والمفكرون للترويج للمبدأ وعقيدته، إلا أن المبدأ بطبيعته الفكرية المتأثرة بردة الفعل دون عمق واستنارة وحقيقته البشرية الناقصة والعاجزة ورأسماليته الجشعة وكنتيجة منطقية لإحسان تطبيقه؛ وصل لمرحلة بات يَستغل ويَستعبد تلك الشعوب لصالح الرأسماليين والمتنفذين، وأصبح يتلاعب بهم ويسبب لهم الأزمات الاجتماعية والاقتصادية؛ حتى باتت تلك الشعوب في شقاء وتعاسة، وباتت تلاحظ أنها مجرد أداة لخدمة المبدأ الرأسمالي والرأسماليين وأصحاب النفوذ المالية والسياسية، وأصبحت في حالة اضطراب مع فقدانها شيئًا فشيئًا للرفاهية والكماليات التي كانت ترقع وتستر كوارث النظام وإفرازاته وتُسْكر الشعوب عن حقيقته الفكرية المخالفة للفطرة وغير المقنعة للعقل وحقيقته السياسية الكارثية على البشر وحياتهم! وأصبح المبدأ محل تساؤل وشك، وتحول النظام لمصدر غضب واحتقان وعدم ثقة عند تلك الشعوب التعيسة التي باتت ضحية مثل غيرها من شعوب العالم، وأصبحت بحاجة إلى من ينقذها من براثن الرأسمالية، وما شهدته أوروبا من اضطرابات شعبية في العقود الأخيرة يعبر عن ذلك، وسوف نحاول في هذه المقالة التركيز على التفريق بين الأنظمة الحاكمة في الغرب والشعوب الغربية وكيف تكون النظرة الفكرية السياسية الصحيحة لتلك الشعوب. فالشعوب الغربية حالها حال أي شعب عبارة عن أرض بشرية خصبة للأفكار والمبادئ والعقائد، ومخاطبتها تكون بالحجة والبرهان والإقناع العقلي، وما حصل في الغرب أن تلك الشعوب سحقت لقرون طويلة تحت راية كنسية ظالمة تتستر بديانة محرفة محدودة جدًا في تشريعاتها وعاجزة عن تنظيم شؤون الفرد والدولة والمجتمع، اتخذتها الكنيسة أداة لترسيخ الحكم “البابوي” الكهنوتي صاحب السيادة المطلقة والسلطة الوحيدة المهيمنة على الحياة والإنسان والمجتمع والدولة بما ينسجم مع مصالح رجالات الدين وهرطقاتهم؛ ما تسبب بحالة من الظلم والاستعباد والتخلف والاستغلال ونهب الأموال باسم الدين، وقد كانوا حريصين في حماية تسلطهم ونفوذهم بمحاربة العلم وقتل العلماء وتحقير العقل وسحق أي شيء قد يجعل الناس تفكِّر وتتمرَّد على خرافاتهم القائمة على الدجل وهرطقاتهم المبنية على الوهم، والتي حوَّلت أوروبا إلى جحيم يغوص في بحر من الظلمات، عوضًا عن عدم قدرتهم بنصوصهم الكهنوتية المحدودة والمحرَّفة على رعاية شؤون الناس وإدارة شؤون الدولة، فكانت تلك الشعوب الغربية المظلومة تبحث عن المخلِّص، وكانت هذه فرصة ذهبيَّة للأمة الإسلامية صاحبة الرسالة السماوية النقية الصافية المقنعة للعقل والموافقة للفطرة والتي ينبثق عنها نظام كامل وشامل يحقق الطمأنينة والعيش الكريم للإنسان بوصفه إنسانًا كرَّمه الله بالعقل والإدراك وجعل الإيمان من خلاله، وكذلك التسليم بما جاء به الوحي من نظام كامل وشامل من الخالق العَالِم بالإنسان وما يصلح له؛ ولكن الأمة الإسلامية ممثلة بدولتها في ذلك الوقت لم تحسن استغلال تلك الفرصة خاصة في أوروبا الغربية لأسباب متعلقة بالمسلمين وأخرى متعلقة بالتصدي الكنسي الصليبي القوي للدولة الإسلامية ومنعها من الوصول للشعوب الأوروبية، كما حصل في عهد الخلافة العثمانية عندما توحَّدت أوروبا لمواجهة الفتح الإسلامي فيما عُرف عندهم بالمسألة الشرقية، خاصة بعد أن فتح المسلمون المجر والنمسا ووقفوا على أسوار فينا، إضافة إلى نشر الكنيسة للإشاعات وممارسة التضليل على الشعوب الغربية وتشويه الإسلام بنظرها؛ لتتخذ من الإسلام العدو اللدود لها كما حصل في الحروب الصليبية، فوُجد في الغرب نتيجة ذلك الواقع السيئ تحت حكم الكنيسة ورجالات الإقطاع إحساس بالظلم أنتج حركة فكرية سُمِّيت بالحركة التنويرية والحداثية مع نهاية القرن السابع عشر وبداية القرن الثامن عشر؛ وذلك بدافع تخليص الناس مما هم فيه من ظلم وسوء عيش. تلك الحركة الفكرية الساعية للتحرر من الكنيسة وسلطتها الدينية، والقائمة على تقديس العقل كردة فعل لما كان من هرطقات سابقة وإطلاق العنان له دون قيد أو شرط، تحوَّلت إلى عقيدة علمانية أفرزت مبدأً لتنظيم شؤون الحياة عرف بالمبدأ الرأسمالي، وأنتجت حضارةً غربية تمثلها مجموعة مفاهيم عن الحياة وثقافةً غربية تتضمن مجموعة من المعارف، طبعًا كلها منضبطة بوجهة النظر العلمانية “اللائكية” عن الحياة، والتي على أساسها كانت تلك النهضة في أوروبا بعد أن تفاعلت الشعوب الأوروبية التي تبحث عن المخلص مع تلك الحركة الفكرية السياسية التي تُرجمت في النهاية إلى نهضة مبدئية وصناعية انبهرت بها الشعوب الغربية فتلقت الفكر الغربي بكل ما يحتويه وأصبحت تدافع عنه، فهو بنظرها المنقذ والمخلص من ظلم الماضي وذلك دون أن تدرك خطأه المبدئي وكوارثه المستقبلية وانحرافاته الفكرية وعقيدته المشوَّهة، ودون أن تدرك أنها انتقلت من أنياب الكنيسة إلى مخالب الرأسمالية التي لا تقل إجرامًا عن سلطات العصور الوسطى ورهبانها ورجالات إقطاعها وأصبحت تلك الشعوب إحدى ضحايا المبدأ الرأسمالي والأنظمة التي تطبقه. وباستعراض تلك الحقائق نجد أن الشعوب الغربية هي ضحية سابقًا للكنيسة والإقطاع ومن ثم للتنوير والعلمنة والإلحاد والفكر الرأسمالي المبرمج في طبيعته لخدمة فئة من البشر وهم أصحاب النفوذ المالي والثروات، وأن تلك الشعوب يتم خداعها في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والعلمية والاجتماعية… وأن تلك الشعوب بحاجة إلى من يوضِّح لها أن نهضتها كانت على أساس فكري خاطئ تأثر بردة الفعل على عصور الظلام، وأن عصورها الظلماء الكهنوتية ليست حجة على الإسلام حتى تكون مدعاة لرفضه، وأن التفكير العقلي المستنير يُظهر أن البشر بحاجة إلى نظام ينظم شؤون حياتهم ويصلح لكل إنسان ومجتمع ودولة ولكل زمان ومكان، وأن هذا النظام لا بد من أن يكون من عند جهة لا محدودة وغير ناقصة وغير محتاجة، أي من عند من خلق البشر ويعلم ما يصلح حالهم وينظم شؤونهم، أي أنه لا بد من أن يكون بوحي من السماء ورسول ورسالة واضحة وعملية في رعاية شؤون البشر، وأن جعل الدليل العقلي هو أساس البرهان على صحة تلك الرسالة، وأن احترام العقل لا يعني تقديس العقل وجعله غير محدود ويبحث فيما يدرك حِسه وواقعه وما لا يدرك، بل وجعله بمنزلة الإله الذي يُعبد، وهذا الصراع الفكري يكون على مستوى الأفراد والجماعات كما هو حاصل حاليًّا ويكون على مستوى الدولة التي تجسِّد مبدأ يمثل البديل لتلك الشعوب وتحمله إليهم. إن الظروف والرياح لا تسير بما تشتهي الحضارة الغربية حاليًّا، فهي إن تمكنت من إخفاء أن حضارتها التي أنتجت الثورة الصناعية هي التي تسببت في الحروب العالمية التي أحرقت أوروبا وقتلت ملايين البشر، وأن مفاهيمها التي أخرجت الإنسان من مستنقع الجهل والهرطقة هي التي أسقطته في وحل اللذة والهوس بالجنس والمخدرات، وأن عقيدتها التي أراحت الناس من قسيس كاذب يبيع أراضيَ في الجنة هي التي جعلته يقتل نفسه بسبب الخواء الروحي والاضطراب الفطري والنفسي، وأن دولها التي وفرت لها مستوًى عاليًا من العيش هي في الحقيقة توفر لها ذلك من خلال سرقة ونهب ثروات الدول الفقيرة أو دول العالم الثالث… فهي إن استطاعت أن تخفي ذلك، ولكن هل تستطيع إخفاء “إنسانيتها” التي دعمت كيان يهود في إبادته لأهل قطاع غزة؟ وهل تستطيع إخفاء حقيقة مفاهيمها البرَّاقة عن حقوق الإنسان وتجريم الإبادة بعد أن لطختها دماء الأطفال والنساء والشيوخ…؟ وهل بإمكانها الدفاع عن قداسة مؤسساتها الدولية التي ساوت بين الضحية والجلاد والتنظير على العالم وخداعه باسم الديمقراطية والحرية، وقد ظهر أنها أم الاستبداد والاستعمار وأبوه؟ وهذا ما يدفع للقول بأن الحضارة الغربية تنعى نفسها، وأن هذه الأحداث تسرع في انكشافها وانفضاحها حتى عند أهلها. وفي الختام، لا بد لنا كمسلمين من إدراك الفرق بين الأنظمة الحاكمة في الغرب والتي لها سياساتها التوسعية الاستعمارية، ولها أهدافها الاستراتيجية الخطيرة التي تدوس في سبيلها على القيم وتشعل لأجلها الحروب وتصنع الفقر وهو ما يوجب على الأمة الإسلامية اتخاذ حالة العداء التام معها والسعي لإقامة الدولة القادرة على سحقها سياسيًّا وعسكريًّا وفكريًّا، وبين الشعوب الغربية التي تستغلها تلك الأنظمة الرأسمالية لمصلحة تلك الطبقة الغنية المتنفِّذة وتوهمها أنها تشارك في الحكم والتشريع وتؤثر عليها بالخداع وتشويه الحقائق… وإدراك أن انكشاف ذلك للشعوب الغربية كما يحصل الآن ينعكس بشكل مباشر على نظرتها واحترامها للمبدأ وثقتها بالنظام ككل وعلى سلوكها تجاه الأنظمة، وهذا ما رأيناه من انخلاعهم عن حكامهم والتظاهر ضدهم بسبب سياساتهم وتصريحاتهم المؤيِّدة لـ(إسرائيل) وهذا يمثل فرصة حضارية ذهبية للأمة الإسلامية لتنهض وتقيم دولة الخلافة الراشدة التي تحرك الجيوش وتكسر الحواجز وتحمل رسالة الإسلام لشعوب العالم أجمع. وهذا التفريق بين الأنظمة والشعوب نرى أن الإسلام قد أخذه في الاعتبار في سياسته الخارجية في الدعوة والجهاد؛ إذ فرَّق بين الحكام والشعوب، واعتبر الحكام هم الحاجز المادي الذي يحول دون الوصول إلى دعوة الشعوب وقبول الإسلام بكل حرية، فكانت إزالة هذا الحاجز إنما تكون عن طريق الجهاد ضد الحكام وجيوشهم التابعين لهم؛ حتى إذا أزيل هذا الحاجز وفتح المسلمون البلاد دخل الجيش الإسلامي إلى البلد ودخل معه المسلمون والدعاة والعلماء، وطبق الإسلام بالسوية دون إجحاف أو ميل؛ ليكون ذلك دافعًا لهم ليؤمنوا به عن قناعة لا عن إكراه.
  26. اليابان الدولة الرابعة اقتصاديا لقد تراجعت اليابان إلى المرتبة الرابعة بين كبرى اقتصاديات العالم لعام 2023 بعد الولايات المتحدة والصين وألمانيا، وكانت اليابان التي يبلغ عدد سكانها حالياً أكثر من 125 مليون نسمة، توصف تاريخياً بأنها المعجزة الاقتصادية، إذ قامت من رماد الحرب العالمية الثانية لتصبح ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة وحافظت على ذلك خلال السبعينات والثمانينات من القرن الماضي. وفي عام 2010، انخفض ترتيب اليابان من ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة إلى المركز الثالث بسبب نمو الاقتصاد الصيني، وهذا أمر غريب، فالأصل نمو اليابان التي كانت ذات يوم ذات تطلعات دولية استعمارية، والأصل كذلك نمو اقتصادها. ولعل الباحث في أسباب ضعف اليابان يجد عوامل كثيرة ومتعددة، ولكني هنا سأبحث في أهمها وأقواها، ألا وهو العقلية السياسية التابعة. إن العقلية السياسية التي أنتجها الاحتلال الأمريكي لليابان غريبة جدا وعجيبة جدا، فبمقدار انبهار العالم بالقدرة العقلية الاقتصادية لليابان إلا أنها لم تنتج العقليات السياسية المبدعة والخلّاقة، وهنا سأعود بالقارئ الكريم إلى نموذج من تلك العقليات من خلال كتاب محمد حسنين هيكل في كتابه أحاديث في آسيا (موعد مع الشمس) مع كاكوي تاناكا (1972-1974) (زعيم أكبر جناح في الحزب الديمقراطي الحر، وترأس حكومتين حتى أواخر 1974، واستقال إثر "فضيحة لوكهيد"، وابنته ماكيكو تاناكا تولت وزارة الخارجية ثم التربية والثقافة)، حيث ذكر هيكل لتاناكا أن رئيس وزراء فرنسا كوف دي مورفيل قال له إن شكل الصراع الدولي المقبل سوف ينتقل من أوروبا والشرق الأوسط إلى الشرق الأقصى حيث ستتقابل وجها لوجه أربع قوى من القوى العظمى في زماننا (الولايات المتحدة، الاتحاد السوفيتي، الصين، واليابان)، هل توافق على هذه النظرة؟ هل تختلف معها؟ هل لك تحفظات عليها؟ فقال تاناكا وهو يلتقط آخر جملة: إنني أتحفظ عليها فيما يتعلق باليابان، وذكر أخطر كلمة في اللقاء "إننا نريد أن نكون قوة اقتصادية بغير لون سياسي"، وذكر أن الدستور الذي صاغته أمريكا لهم بعد الاحتلال يحدد واحداً بالمئة من الإنتاج المحلي للدفاع! ثم ذكر هيكل له أن اليابان قوة اقتصادية جبارة قد تتفوق على الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي وأن هذه المعجزة الاقتصادية بحاجة للموارد وهي خارجية، وبحاجة إلى الأسواق وهي خارجية، وهذه المعجزة الجبارة بحاجة إلى أساطيل بحرية وخطوط مواصلات مفتوحة، فهل من الممكن أن تكون قوة اقتصادية بغير لون سياسي؟ وهل ممكن وجود لون سياسي بدون القوة المسلحة، خاصة وأنكم تعيشون المنافسة مع قوى كبرى حولكم؟! ويأتي الرد صاعقا مخيفا: "إن اليابان لن تكون الدولة التي ستحكم العالم"!! يعيد هيكل كلامه بشكل آخر فيقول: أنتم أمام قوى ذرية؛ الصين، والاتحاد السوفييتي بينكم وبينه مشاكل حول جزر الكوريل، والولايات المتحدة ذرية... هل يمكن لليابان بقوتها الاقتصادية أن تكون عارية عن السلاح الذري أو سلاح يكفيها للدفاع عن نفسها أو مصالحها؟ فيأتي رد آخر يزلزل العقل فيقول: "إننا لن نتخذ قرارا بأن تكون لدينا قوة ذرية... نحن ممنوعون من ذلك دوليا، ودستورنا يحرمه، كما أننا لا نريده"!! يرد هيكل فيقول: إمكانية صنع السلاح الذري متوفرة واقتصادكم قادر على ذلك وعندكم محطات توليد الطاقة (سلمية)، تستطيع أن تعطيكم كمية البلوتونيوم لإنتاج مخزون القنابل الذرية، كما أن الصواريخ ليست مشكلة أمامكم، فقال رئيس الوزراء: "لكننا لم نتخذ قرارا بالتسلح النووي ولن نتخذه، نحن نريد أن نعيش في سلام"! من خلال قراءة الحوار بين هيكل ورئيس وزراء اليابان يتبين لنا كيف نجحت الولايات المتحدة في إيجاد تلك العقليات التي أسقطت كيانها في نفق مظلم من خلال خنجر مسموم بيد عملاء تلك البلاد وغيرها، مع أن اليابان دولة تدور بالفلك الأمريكي والأصل فيها تقديم مصلحتها إن تعارضت مع الولايات المتحدة، لكننا وجدنا بعض العملاء طعنوا كيانهم بخنجر العمالة، ولا يعلم أين ستكون مكانة اليابان تبعا لمصالح أمريكا؛ حيث أشارت تقديرات وتوقعات مؤسسات دولية ومنها صندوق النقد الدولي، إلى أن الاقتصاد الهندي سيتجاوز حاجز الـ4 تريليون دولار للمرة الأولى خلال العام الجاري 2024، ليستمر بالنمو ليتجاوز كلاً من الاقتصادين الياباني والألماني قبل حلول 2030 ليصل بذلك إلى المركز الثالث. وهذه الدول سواء صعودها أو هبوطها طالما هو مرتهن بالقرار السياسي الأمريكي وليس مستندا إلى ذاتها ونظرتها ولونها السياسي، فإنها ستتقلب من مكانة لأخرى تبعا لمصلحة المركز، بيد أبنائها!! فلعنة التبعية قد أصابت هذه الدول، ولن يخرجها من هذا النفق المظلم إلا تبني وجهة نظر مغايرة عن الولايات المتحدة، تنبثق عنها نظرة اقتصادية شاملة مع استقلال القرار السياسي، لا تعرف للعمالة طريقا، بل دولة تفكر بقيادة العالم وفق مبدأ أقنع العقل ووافق الفطرة فملأ القلب طمأنينة، وهذا لن يكون إلا لدولة الخلافة القادمة بإذن الله، وليس لدول قادها سياسيوها إلى الهاوية تحت قولهم: لا نفكر بحكم العالم... لا نريد... لن نتخذ قرارا!! فالأرض للحشرات تزحف دونها والجو للبازي وللشاهين. بقلم: الأستاذ حسن حمدان
  27. بعد طوفان الأقصى… الرعب يملأ قلوب قادة الغرب! خليفة محمد ولاية الأردن أعادت عملية طوفان الأقصى إلى أذهان الغربِ الصورةَ المرعبة للأمة الإسلامية، صورة دولة الخلافة التي لا تقف جيوشها عند حد، وصورة الجندي المسلم الذي لا يوقفه إلا تحقيق هدفه بالنصر أو الشهادة، فامتلأت قلوبهم بالرعب من الواقع الذي غفلوا عنه نتيجة اغترارهم بقوتهم وركونهم إلى خيانة الحكام، فأيقظتهم عملية طوفان الأقصى ليتذكروا حقيقة عجزهم عن مواجهة جيش إسلامي، أو جنود مسلمين وجهًا لوجه، حتى قال بايدن لنتنياهو قبل بدء الحرب البريّة على غزة وحذّره منها كما ذكر اللواء فايز الدويري على قناة الجزيرة الفضائية: «لا ترتكبوا الحماقة الأمريكية في أفغانستان والعراق»؛ لكنه لم يسمع منه، فارتكب تلك الحماقة، وباء بشرّ أعماله، وتأكّدت صورة المسلمين في أذهانهم وأذهان الغربيين، فجُنّ جنونُهم وأخذوا يستعدون ويحشدون كما سنبين في السطور القادمة. نقل موقع العين الإخبارية في موضوع بتاريخ 16/10/2023م، بعنوان:«حماس»وتكنولوجيا الهجوم… نداء استيقاظ لـ«الناتو»؟ عن إحدى المجلات الأمريكية قائلة: “لكن الصدمة الناجمة عن الهجوم، وفشل وكالات الاستخبارات في كل من الولايات المتحدة و(إسرائيل) في التقاط علامات الهجوم، دفعت إلى إجراء محاسبة ذاتية جماعية في جميع أنحاء مقر (الناتو)… ويبذل حلف شمال الأطلسي قصارى جهده في استخدام التكنولوجيات المتقدمة، ويستفيد من الشركات الناشئة والقطاع الخاص لتعزيز قدراته في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، والحوسبة الكمية، والاستشعار، والمراقبة؛ ولكن كما أظهر الهجوم المفاجئ على (إسرائيل)، فإن الحلول ذات التكنولوجيا المنخفضة يمكن أن تحبط حتى الجيوش ذات التكنولوجيا المتقدمة». هذا الفشل التقني اليهودي والأمريكي والغربي جعلهم يدركون حقيقة أنّ المسلمين لا يحتاجون إلى قوى متقدمة ولا إلى تفوّق تقني حتى يقاتلوا الغرب، بل بمجرد امتلاكهم قرارَهم السياسي يصبحون قادرين على مواجهة يهود والغرب، وقادرين على الانتصار عليهم، فكل ما يحتاجونه هو القرار السياسي، والمقاتل الذي يحمل العقيدة الإسلامية، فهم عاجزون عن مواجهة هذا المقاتل مباشرة، كما قال الله سبحانه وتعالى فيهم: (لَا يُقَٰتِلُونَكُمۡ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرٗى مُّحَصَّنَةٍ أَوۡ مِن وَرَآءِ جُدُرِۢۚ) [الحشر: 14]، وقد أثبتت حرب يهود على غزة بعد عملية (طوفان الأقصى) هذه الحقيقة، فهذه أربعة أشهر تكاد تنقضي ولم يحقق كيان يهود شيئًا من أهدافه رغم ما دفع به من فرق وألوية وكتائب إلى قطاع غزة، فلم يَعدْ إلا بالقتلى والمصابين وتدمير آلياته، واحتجاجات أهالي الأسرى، واشتداد المعارضة الداخلية على المستويين الشعبي والحكومي، وانهيار في الاقتصاد، وانجرار كيان يهود إلى محكمة العدل الدولية، وتغيّر في الرأي العام العالمي الشعبي… رغم ما أحدثه من دمار وقتل عن طريق القتال عن بُعد (إِلَّا فِي قُرٗى مُّحَصَّنَةٍ أَوۡ مِن وَرَآءِ جُدُرِۢۚ).إنّ أشدّ ما يخشاه الغرب هو فقدان السيطرة، والتفلُّت في المنطقة، وسقوط العروش في الدول المحيطة بكيان يهود نتيجة الغليان الشعبي الناتج عن حرب غزة وما أحدثته من تدمير وتقتيل. وتحاول أمريكا الاستمرار بالإمساك بجميع الخيوط، فقامت بما يلي: أولًا: حشد أساطيلها وقطعها البحرية في البحر الأبيض والبحر الأحمر وبحر العرب. ومنها حاملتا الطائرات «جيرالد فورد» و«دوايت إيزنهاور». ثانيًا: تزويد قواعدها في المنطقة بالطائرات المتطورة والصواريخ والذخائر، كما فعلت بإرسالها طائرات (إف 15) إلى قاعدة موفق السلطي في الأردن [لتعزيز وجودها في المنطقة ودعم دولة الاحتلال] في السابع عشر من تشرين الثاني/نوفمبر 2023م. ثالثًا: القيام بتدريبات عسكرية في شرق البحر المتوسط في الأيام التي سبقت الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2023م، كما نقل موقع وكالة الناس الإخبارية بتاريخ 4/11/2023م عن موقع (يو نت) اليهودي، ونقل الموقع عن قائد إحدى السفن قوله: إن «هذه العمليات والتدريبات تستعرض قدرة البحرية الأمريكية على تنفيذ مختلف المهام بشكل سلس، والقيام بردع مناهضينا، ودعم حلفائنا وشراكاتنا». وقد شارك في التدريبات أكثر من 11 ألف عسكري أمريكي. رابعًا: قيام حلف الناتو بأكبر مناورة منذ مناورة (ريفورجر) عام 1988م، وتسمى هذه المناورة باسم (المدافع الصامد)، يشارك فيها 90 ألف جندي، ونحو 50 سفينة حربية و80 طائرة و1100 مركبة قتالية من أنواع مختلفة، بدأت في الأول من شباط/فبراير 2024م وتستمر أربعة أشهر حتى نهاية شهر أيار/مايو القادم، تشترك فيها دول حلف الناتو الـ (31) إضافة إلى السويد، الدولة المرشحة للانضمام لحلف الناتو. وعن هذه المناورةقال الأدميرال روب باور رئيس اللجنة العسكرية لمنظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) إنه «لن يكون كل شيء على ما يرام في السنوات العشرين المقبلة»، مضيفًا أن الحلف لهذا السبب «يستعد لصراع مع روسيا والجماعات الإرهابية، إذا وصل الأمر لهذا الحد، إذا هاجمونا»، وتابع قائلًا: «نحن لا نسعى إلى أي صراع؛ لكن إذا هاجمونا، علينا أن نكون مستعدين»، وهذا ما يؤكّد حالة الرعب التي دبّت في نفوسهم بعد عملية (طوفان الأقصى). وجاء الرد الروسي على لسان نائب وزير الخارجية ألكسندر غروشكو بقوله عن المناورة: إنها تشكل «عودة لا رجعة فيها» من الناتو إلى مخططات الحرب الباردة. ومع ذلك يبدو أنّ الغرب لم يتعلّم من أحداث غزة الأخيرة، فما زال يظنّ أنّه يُحكِمُ السيطرة على منطقة العالم الإسلامي بحشد جيوشه وإجراء المناورات والتدريبات العسكرية ودعم قواته في قواعده في بلادنا، ونسي القناعة التي وصل إليها من أنّ المسلمين لا يقف أمامهم شيء إذا أرضَوا ربهم وأقاموا خلافتهم، ولا يحتاجون إلى تقنيات متقدمة ولا إلى أسلحة متطورة، ولا يغيب عن أذهانهم أن المدمرة كول لم تحتَجْ لأكثر من استشهاديين اثنين لإحداث فجوة كبيرة فيها، وكادوا يغرقونها في 12 تشرين الأول/أكتوبر من عام 2000م، ولم تنسَ أمريكا هزائمها وخسائرها في العراق وأفغانستان، حين هربت بجنودها حتى دون إخبار حلفائها، ونسيت نصيحتها لنتنياهو بعدم ارتكاب حماقة أمريكا في العراق وأفغانستان، والغرب يعلم أن موظفيه من الحكام في بلاد المسلمين قد آن وقت زوالهم، وأنهم لن ينفعوا أنفسهم، فضلًا عن أن ينفعوها. ورغم خوف الغرب من تفلّت الأمور في منطقة العالم الإسلامي وخروجها عن السيطرة، وزعمه أنّه لا يريد أن يتوسع الصراع فيها؛ إلاّ أنّ أمريكا فوق دعمها العسكري لكيان يهود تقوم بالاعتداء على العراق وسوريا، وتشاركها بريطانيا في الاعتداء على اليمن، وتبرّر كل ذلك بـ(الدفاع عن النفس)، وكأنهم ليسوا هم الذين احتلوا العراق، وهم الذي قاموا بحماية بشار وساقوا معهم دولًا أخرى لهذا الغرض منها روسيا وإيران وتركيا وغيرها… وكأنّ المسلمين هم الذين يحتلون أمريكا ويهاجمونها في عقر دارها، وإنّ ذلك لكائن بإذن الله قريبًا، وستكون قواعدهم وقواتهم وأساطيلهم غنائم للمسلمين، وسيكون جنودهم أسرى بأيدينا. كما يتبجح نتنياهو بأنه يحارب دفاعًا عن النفس، ويتغافل عن أنهم هم الذين اغتصبوا أرض المسلمين المباركة فلسطين، وكأنهم ليسوا هم الذين قاموا بالمجازر فيها، وليسوا هم الذين يقتحمون المدن والقرى الفلسطينية، ويقتلون الشباب والكبار والصغار والنساء، ويهدمون البيوت ويجرفون الطرقات، بإجرام لم يسبقهم إليه أحدٌ!! ولكنّ المتيقَّن منه أن تهديد وجودهم قد عاد لأذهانهم، واستيقظوا من غفلتهم ليدركوا أنّه قد اقترب اليوم الذين يجدون فيه أنفسهم بدون كيان، هذا إنْ بقي فيهم بقية من حياة ليدركوا ذلك. واللافت للنظر أيضًا وقوع العديد من المناورات والتدريبات العسكرية في المنطقة لدول مختلفة منذ عملية (طوفان الأقصى) وحتى الآن، منها: أولًا: التدريبات العسكرية الصينية العمانيّة، يوم 23/10/2023م، بعدما قامت الصين بنشر 6 سفن حربية بما في ذلك مدمرة صواريخ موجهة، في الشرق الأوسط بعد اندلاع الحرب بين كيان يهود والمجاهدين في غزة، في إشارة لتأهب الصين لدخول حرب في المنطقة، وذلك مع تصاعد الوضع بين يهود وغزة. عن موقع رؤيا الإخباري. ثانيًا: المناورات الروسية الجزائرية يوم 5/12/2023م، إذ ذكر موقع آر تي في يوم 5/12/2023م: «تجري روسيا والجزائر مناورات بحرية مشتركة في الجزء الغربي من البحر الأبيض المتوسط، وقد وصلت الفرقاطة أدميرال غريغوروفيتش بالفعل إلى هناك للمشاركة في هذه المناورات». ثالثًا: ذكر موقع العربي الجديد في 16/10/2023م تحت عنوان: تركيا تبدأ مناورات بحرية تستمر 5 أيام شرقي المتوسط، وهي مناورات تدريبية بالذخيرة الحية، نقلًا عن وسائل إعلام تركية. رابعًا: بالتزامن مع الاشتباكات بين إيران وباكستان، في 19/1/2024م بدأ الجيش الإيراني تدريبات سنوية للدفاع الجوي تمتد من ميناء تشابهار بالقرب من باكستان في الشرق، على طول الطريق عبر البلاد إلى حدودها مع العراق في الغرب، حيث تشمل إطلاق النار الحي من الطائرات، والدرونز، وأنظمة الدفاع الجوي. عن موقع سكاي نيوز عربية. ويبدو أنّ ما قامت به إيران من توجيه ضربات عسكرية داخل باكستان يحمل رسالة لكيان يهود إنْ فكّر بشنّ حرب ضد إيران، بحجة دعم إيران لأذرعها الأمنية في لبنان واليمن، وهي الفكرة التي كانت بريطانيا وأوروبا يدفعان كيان يهود لتنفيذها. خامسًا: قامت الأردن بالطلب من أمريكا بتزويدها بمنظومة دفاع جوي (باتريوت) كما ذكر مدير الإعلام العسكري العميد الركن مصطفى الحياري للتلفزيون الأردني: تعزيز الدفاع عن حدودها في وقت يشهد تصاعد التوتر والصراع في المنطقة. وأضاف: «الطائرات المسيرة، أصبحت تشكل تهديدًا… وطلبنا من الولايات المتحدة تزويدنا بمنظومة مقاومة لها» علمًا أنه قد جرى نشر منظومة باتريوت الأمريكية في الأردن في عام 2013م في أعقاب انتفاضة في سوريا، إذ كانت المملكة تخشى أن يتسع نطاق الحرب الأهلية وتشعل صراعًا إقليميًا، على حدّ قوله. عن موقع يورو نيوز 30/10/2023م. ولكن يبدو أنّ الأردنّ أرادت من هذا الطلب أنْ تكون خطّ دفاع متقدم عن كيان يهود لو وقعت حرب بين كيان يهود وإيران. وقد نتج عن عملية طوفان الأقصى وما تلاها من حرب كيان يهود على غزة؛ نتج عنها قضية أمن الملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، القضية التي افتعلتها أمريكا بتحريك عملائها الحوثيين لتهديد الملاحة في تلك المنطقة؛ لتجعل ذلك ذريعة لإيجاد تحالف لحفظ الأمن، وتأمين الملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، محاولة أنْ تسوقَ تحت جناحها دول أوروبا، ولتمنع بريطانيا وأوروبا من أن يتصرّفوا وحدهم تجاه تهديد الحوثيين لسفنهم وتجارتهم عبر ذلك الممر المختصر. ويبدو أنّ دول أوروبا أدركت خطورة ما تقوم به أمريكا فانسحبت إسبانيا من التحالف الأمريكي، ورفضت فرنسا وألمانيا المشاركة فيه، ثم طرحوا في 12/1/2024م فكرة تشكيل قوة أوروبية للمحافظة على الملاحة في تلك المنطقة، وحماية السفن في البحر الأحمر من تهديدات الحوثيين. وقال جوزيب بوريل، مفوض السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي: إن الاتحاد يسعى لبدء عمل القوة الأوروبية لحفظ الأمن بالبحر الأحمر في 17 شباط/فبراير 2024م، عن موقع اليوم السابع 31/1/2024م. ويبرز هنا تساؤل: بعدما قامت أمريكا بحرمان أوروبا من الغاز الروسي، هل تسعى إلى حرمانها من نفط الشرق الأوسط؟ أو على الأقل تتحكم في وارداتها منه، وتتحكم في حركة سفنها وقطعها البحرية؟ ونعود إلى الأحداث الأخيرة بين إيران وباكستان، إذ يقول محللون إنّه ينبغي النظر إليها على أنها تهدف إلى إظهار القدرة العسكرية الإيرانية وإرسال رسالة إلى كيان يهود؛ حيث تشير إلى استعدادها لمواجهة «أي عدوان خارجي». وأنّ ضربات الصواريخ الباليستية الإيرانية في العراق وسوريا وباكستان تسلط الضوء أيضًا على قدرة إيران على إبراز قوتها خارج حدودها، إضافة إلى توسّط روسيا بين الدولتين، ومن المتوقع بشكل كبير أن تتوسط الصين بين باكستان وإيران لحل هذا التوتر؛ لأن الصين من أكبر المتضررين في حال توسع الصراع بين إسلام أباد وطهران نظرًا لاعتبارات جيوسياسية واقتصادية. فالصين تحاول الربط بين دول المنطقة على المستوى الاقتصادي، ومشاريع الصين الاقتصادية تحتاج الترابط الجغرافي بين باكستان وإيران؛ لأن باكستان هي الطريق الأمثل بالنسبة للصين للوصول إلى إيران؛ لأن الخيار الآخر هو أفغانستان غير المستقرة. سكاي نيوز عربية 19/1/2024. وألفت النظر أخيرًا إلى جملة من التصريحات والتعليقات التي ظهرت بعد عملية (طوفان الأقصى) وحرب يهود على غزة: أولها: تصريح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر الأربعاء 14/12/2023م الذي قال فيه: إنه لا يمكن هزيمة فكرة في ساحة معركة، ضمن سياق حديثه عن حرب كيان يهود على غزة. ثانيها: تصريح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: «شَدّد على أن الوضع في الشرق الأوسط أشبه بـ«برميل بارود» على وشك الانفجار، ومن الضروري العمل على منع اشتعال الصراع في جميع أنحاء المنطقة».عن الشرق الأوسط 21/1/2024م. ومؤخرًا حذّر من أن العالم يدخل «حقبة الفوضى»، ما يتطلب إصلاحات حاسمة في ظل الحرب (الإسرائيلية) في غزة، والحرب الروسية على أوكرانيا، و«الحرب على الطبيعة» في إشارة إلى تغير المناخ.عن موقع الشرق 8/2/2024م. ثالثها: رأينا عناوين مقالات في الصحف المختلفة تعبّر عن القلق العالمي مما يجري في غزة وفلسطين، مثل عنوان: (طوفان الأقصى «يبعث القلق في أروقة» الناتو)، وعنوان: (هل يساهم طوفان الأقصى في رسم ملامح النظام العالمي الجديد؟). وعنوان: («طوفان الأقصى» والحرب الإقليمية والدولية)، وغيرها، مما يدلّ على توجّس الغرب من تفلّت الأمور في منطقة العالم الإسلامي، وفقدانهم السيطرة عليها، والهلع الشديد الذي يملأ قلوبهم. رابعها: رأينا كتابات لبعض الكتّاب ننقل بعضها لبيان تأثير عملية طوفان الأقصى وما تلاها من أحداث، منها قول الأستاذ حسين كرم الدين في عربي بوست: (نرى أن «طوفان الأقصى” قد خلط بالفعل كل الأوراق السياسية والعسكرية، ولا يزال يعيد ترتيبها وتشكيلها في انتظار ما سوف يحمل قادم الأيام من مستجدات، سواء في الساحة الفلسطينية أم الأوكرانية. والأكيد الآن أن العالم بعد يوم السابع من أكتوبر ليس كما قبله». ومنها قول الأستاذ أحمد الدرزي في موقع الميادين: «تدرك القوى الغربية أن هزيمتها في فلسطين تعني تسارع انكفاء الولايات المتحدة، قائدة ما تسميه «المجتمع الحر»، في مقابل تسارع ظهور قوى النظام الدولي الجديد المتعدد الأقطاب والثقافات والسياسات، ما استدعاها للسلوك الوحشي بتغطية الجرائم الكبرى والمستمرة في غزة والدفع بتوجه حاملات الطائرات والبوارج البحرية الأمريكية والبريطانية والإيطالية إلى شواطئ شرق المتوسط، لضبط تطورات الصراع العسكري في فلسطين من جهة، وللتدخل السريع إذا ما اقتضت الحاجة». وأختم بالتأكيد على ما ذكرته في البداية من إعلان الغرب فشله التقنيّ، وبروز فكرة عدم جدوى جيوشهم ذات العتاد المتقدّم في حرب حقيقية مع المسلمين، وظهور تهديد حقيقي لوجود كيان يهود وكيانات دول الغرب من ورائه، ووقر في أذهان المسلمين أيضًا أنّ محاربة يهود والغرب لا تحتاج إلى جيوش جرّارة، ولا إلى سلاح متقدّم، ولا تحتاج إلا إلى امتلاك القرار السياسي، وأنْ يقتلعوا جذور حكامهم ويعلنوها خلافة على منهاج النبوة، ثم يُنسُوا يهود ومن وراءهم وساوس الشيطان، ويحرروا فلسطين ويقتلعوا الوجود العسكري الغربي من بلادهم. قال تعالى: (قَٰتِلُوهُمۡ يُعَذِّبۡهُمُ ٱللَّهُ بِأَيۡدِيكُمۡ وَيُخۡزِهِمۡ وَيَنصُرۡكُمۡ عَلَيۡهِمۡ وَيَشۡفِ صُدُورَ قَوۡمٖ مُّؤۡمِنِينَ ١٤)
  1. Load more activity
×
×
  • اضف...