اذهب الي المحتوي

مقالات من المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير - متجدد


Recommended Posts

بسم الله الرحمن الرحيم

سقف الصراع بين الهند وباكستان

محكوم بسقف السياسة الأمريكية واستراتيجيتها تجاه الصين

 

 

يعتبر النظام العسكري الحاكم في باكستان تابعا لأمريكا، وما انفك قادته العسكريون يؤكدون موالاتهم لأمريكا باسم الشراكة الثنائية التي يطمعون في طول أمدها، فالنظام العسكري بباكستان أداة من أداوت السياسة الأمريكية واستراتيجيتها الكبرى في محاربة الإسلام وكذلك الهيمنة على أوراسيا لتحجيم وإضعاف منافسها الاستراتيجي الصين.

 

وكذلك هو نظام مودي بالهند؛ فقد انخرط كلية في السياسة الأمريكية لضرب الإسلام ولتحجيم واحتواء الصين، وصارت الهند مع مودي شقا رئيسيا في السياسة الاستراتيجية والجيوستراتيجية الأمريكية.

 

وكون نظامي باكستان والهند تابعين لأمريكا، وكون جيوستراتيجية الصراع بين الهند وباكستان تقع في منطقة أوراسيا الخطيرة وعلى حدود الصين الغربية، فإن الصراع الأخير بينهما يُقرأ ضمن دائرة السياسة الأمريكية، ويبقى سقف الصراع استراتيجيا وجيوستراتيجيا محكوما بسقف السياسة الأمريكية بمنطقة أوراسيا.

 

فأمريكا ترى في الصين أكبر تهديد لمصالحها وأخطر منافس لهيمنتها في أوراسيا، ولقد كانت الترجمة العملية لاستراتيجيتها في مواجهة الخطر الصيني، أن استخدمت دول آسيا والمحيط الهادئ لتطويق الصين بحزام ناري معادٍ، ووظفت شبه القارة الهندية وتحديدا الهند لهذا الغرض، وكانت الغاية تحجيم الصين كمقدمة لاحتوائها انتهاء بإضعافها.

 

الأمر الذي استدعى أمريكياً تعزيز قوة الهند وإضعاف خصمها باكستان وتحييد كشمير المحتلة وإخراجها من دائرة الصراع الباكستاني الهندي، وفرض الهند كقوة جيوستراتيجية بالمنطقة لمواجهة الصين، وظهر تخاذل وخنوع حكام باكستان التام للاستراتيجية الأمريكية إثر إعلان الهند في شهر آب/أغسطس عام 2019 أن كشمير المحتلة جزء من الهند.

 

لقد اعتُبِرت الهند دوما بالنسبة للسياسة الاستراتيجية الأمريكية كجزء من الإرث الاستراتيجي الاستعماري الغربي، بالأمس كانت الهند جزءاً من الاستراتيجية البريطانية واليوم تسلمتها اليد الاستراتيجية الأمريكية لتوظيفها في سياساتها ومشاريعها الجيوستراتيجية بمنطقة أوراسيا. ففي تقرير صادر عن وزارة الدفاع الأمريكية في تشرين الأول/أكتوبر 2002 ورد فيه "أن العسكريين الأمريكيين ماضون في خططهم للسعي للوصول إلى القواعد الهندية والبنى التحتية العسكرية... موقع الهند الاستراتيجي في وسط آسيا وكحلقة وصل بين الشرق الأوسط وأقصى آسيا يجعلها جذابة بالنسبة للجيش الأمريكي". وفي عام 2005 كان ممثل قيادة المحيط الهادئ أكثر وضوحا أمام أكاديمية الحرب الأمريكية حيث قال: "نحتاج للدعم الهندي الملموس لأن أهدافنا الاستراتيجية عالمية... لا يزال وضع القوة الأمريكية ضعيفا بشكل خطير في قوس المنطقة الواقعة بين جزيرة دييغو غارسيا في المحيط الهندي وأوكيناوا وغوان في المحيط الهادئ".

 

وهكذا بدأت أمريكا في عسكرة الهند وتقوية قدراتها القتالية لدمجها في استراتيجيتها الأمنية وصولا للزج بها في حربها الباردة المعدلة ضد الصين. ولقد بدأت عملية إدماج الهند في الاستراتيجية الأمريكية منذ عام 2004، ومضت بوتيرة أسرع مع حكومة مودي وخلال ولاية ترامب الأولى؛ ففي عام 2016 وقعت الهند مذكرة اتفاق تبادل لوجيستي مع أمريكا، والتي تسمح لكل دولة باستخدام المنشآت العسكرية للدولة الأخرى لأغراض معينة، وتم توقيع اتفاق شبيه سنة 2020 لتثبيت الأول، كما وقعت الهند مع أمريكا اتفاقيات لتأمين الاتصالات المشفرة بين الجيشين، وتم توجيه التسليح الهندي صوب سوق شركات السلاح الأمريكي.

 

واليوم وبعد زيارة مودي الأخيرة لأمريكا يوم 13 شباط/فبراير 2025، ولقائه بالرئيس الأمريكي ترامب الذي وصفه بـ"الصديق العظيم" والاتفاقيات الاستراتيجية التي وقعت، يظهر معها عزم إدارة ترامب على رفع وتيرة عسكرة الهند وتقوية قدراتها الاستراتيجية لدمجها وإلصاقها بالاستراتيجية الأمريكية تجاه الصين، ومودي هو فرصة أمريكا لتحقيق ذلك. وسبق الزيارة تصريح للخارجية الهندية من أن مودي وترامب سيناقشان تعزيز "كواد" وهو تحالف أمني في منطقة آسيا والمحيط الهادئ لمواجهة الصين يضم أمريكا والهند واليابان وأستراليا. وقد عقد بعد ذلك بتاريخ 21 كانون الثاني/يناير 2025 اجتماع تحالف "كواد" في واشنطن وجدد التزامه بتعزيز أمن منطقة المحيطين الهندي والهادئ، في إشارة إلى أن إدارة ترامب تضع مواجهة الخطر الصيني على رأس أولوياتها الاستراتيجية.

 

وأعلن ترامب خلال مؤتمر صحفي مشترك مع مودي "اتفقنا على أن تستورد الهند النفط والغاز من الولايات المتحدة". وأشار مودي "من أجل ضمان أمن الطاقة في الهند، سنركّز على التجارة في النفط والغاز... الاستثمار في البنى التحتية للطاقة سيزداد كذلك في مجال الطاقة النووية". وأوضح مودي أن بلاده وأمريكا ستركزان على إنشاء سلاسل توريد قوية للمعادن الاستراتيجية، هذا إلى جانب السعي لمضاعفة حجم التجارة المتبادلة مع أمريكا عدة مرات. كذلك أعلن ترامب أن واشنطن ستبيع نيودلهي مقاتلات من طراز إف-35، لتصبح الهند بذلك واحدة من الدول القليلة التي تمتلك هذه الطائرات فائقة التطور. وشدد على أنه "بدءاً من هذا العام، سنزيد المبيعات العسكرية للهند بمليارات الدولارات. كما أننا نمهّد الطريق أمام تزويد الهند، في نهاية المطاف، بمقاتلات من طراز إف35". وستسمح كذلك صفقة أبرمت أخيراً لشركة جنرال إلكتريك الأمريكية بالشراكة مع شركة هندوستان أيرونوتيكس الهندية لإنتاج محركات نفاثة للطائرات الهندية في الهند وبيع طائرات بدون طيار مسلحة مصنوعة في أمريكا. كما ذكر البيان المشترك أن "الزعماء أعلنوا عن خطط لتوقيع إطار عمل جديد هذا العام، مدته عشر سنوات، للشراكة الدفاعية الكبرى بين الولايات المتحدة والهند في القرن الواحد والعشرين".

 

فهذه الاتفاقيات تعتبر اختراقا استراتيجيا كبيرا بالنسبة لأمريكا إذ تمكنها من التحكم والسيطرة في قطاعات استراتيجية حساسة وخطيرة بالنسبة للهند كالطاقة والنووي والمعادن النادرة وسلاح الجو والأمن، وتوظيف الهند في حرب أمريكا الباردة ضد الصين.

 

الأمر الذي يضع الحدث العسكري الأخير بين الهند وباكستان ضمن النسق العام لسياسة أمريكا لمنطقة أوراسيا وضمن سياق استراتيجيتها، وعنصرا خادما ومساعدا للاستراتيجية وليس عنصر تشويش أو تخريب لها. فالهند الطرف الرئيسي في الاستراتيجية الأمريكية هي من بدأت العملية العسكرية ضد باكستان، واللافت هو سعي الهند لتطويق الحدث وإنهائه منذ اللحظات الأولى، يذكر أن الجيش الهندي قال في بيان إن قواته "شنت ضربة تستهدف البنية التحتية للإرهاب في باكستان وجامو وكشمير الخاضعة للاحتلال الباكستاني، والتي كانت تُخطط وتُوجه منها الهجمات الإرهابية ضد الهند، وفي المجمل، تم استهداف 9 مواقع"، وأضاف: "اتسمت إجراءاتنا بالتركيز والاعتدال وعدم التصعيد، ولم تُستهدف أي منشآت عسكرية باكستانية"، ما يعني أن الغاية من الحدث والدافع له يبحث من خارجه. كما أن اللافت كذلك هو في حجم خسائر سلاح الجو الهندي والذي يعد كارثة بالنسبة لحدث عسكري محدود لا يرقى لمستوى معركة، فقد علقت سي إن إن الأمريكية على ذلك بالقول "أظهر الصراع الأخير بين الهند وباكستان محدودية سلاح الجو الهندي". وقالت مصادر أمنية باكستانية، إن 3 من أصل 5 طائرات هندية أسقطتها كانت من طراز "رافال". وهي من بين أكثر المقاتلات تطوراً في سلاح الجو الهندي، وقد تم شراؤها خلال السنوات الأخيرة ضمن مساعي نيودلهي لتعزيز قدراتها العسكرية، وكانت الهند تمتلك 36 مقاتلة "رافال" في أسطولها الجوي، تم شراؤها من شركة "داسو للطيران" الفرنسية. وكذلك تم إسقاط طائرة ميغ 29 وطائرة سوخوي 30 روسيتي الصنع، وتعتمد الهند على روسيا في نحو 60٪ من معداتها الدفاعية، وتم أيضاً إسقاط طائرة مسيرة من طراز هيرون.

 

الأمر الذي يجعل الحدث الأخير بين الهند وباكستان شقاً في سياسة كبرى وليس ردة فعل على حدث أمني عابر، فالاتفاقيات التي عقدها مودي خلال زيارته الأخيرة لأمريكا تعتبر أكبر اختراق أمريكي للنسيج الاقتصادي والعسكري والأمني والاستراتيجي الهندي، وفي خضم التجاذبات والاستقطابات السياسية للطبقة السياسية الهندية يصبح تمرير هكذا اتفاقيات ضربة سياسية موجعة لمودي والنفوذ الأمريكي. فجاء الحدث العسكري الأخير كمسوغ ومبرر لهذه الاتفاقيات، فانتكاسة سلاح الجو الهندي بهذا الحجم يعطي مبررا للاتفاق العسكري مع أمريكا والحاجة الاستراتيجية لسلاح الجو الأمريكي بعد فشل السلاح الفرنسي والروسي واكتشاف محدوديتهما، ويعطي كذلك مبررا لتوسيع الاتفاق لمجالات دفاعية أخرى بحكم التفوق التكنولوجي الأمريكي. كما أن حرب روسيا وأوكرانيا والعقوبات المفروضة على روسيا تعطي مسوغا لمودي للاستغناء عن السوق الروسية والاعتماد على أمريكا في مجال الدفاع والطاقة، الأمر الذي يساعد على قطع سلاسل التوريد الروسية للهند (الطاقة والدفاع) وهو ما يضعف الروس ويخدم الاستراتيجية الأمريكية.

 

فيكاد يكون الحدث الأخير بين الهند وباكستان غطاء مودي لإخفاء انخراطه التام في السياسة الأمريكية واستراتيجيتها تجاه الصين وربط الهند وكل قطاعاتها الاستراتيجية بأمريكا.

أن يفعلها هندوسي عابد بقر فلا غرابة، ولكن يبقى الأنكى والأخزى هو انخراط حكام المسلمين الخونة في باكستان في حرب أمريكا ضد إسلامهم العظيم وأمتهم وخدمة لهيمنتها الظالمة الغاشمة، التي يدفع ثمنها من دماء المسلمين وثرواتهم.

 

معاشر المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها: حكامكم كل حكامكم هم عملاء الاستعمار لاستئصال إسلامكم ونسف جمعكم وإدارة حارات الاستعمار نيابة عن عدوكم وخيانة قضاياكم خدمة لأعدائكم، حكامكم كل حكامكم هم أعداؤكم، وهل يعقل في عقل عاقل أن يكون عدوك حاكمك؟!

 

﴿هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ

 

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مُناجي محمد

 
رابط هذا التعليق
شارك

  • الردود 217
  • Created
  • اخر رد

Top Posters In This Topic

  • الناقد الإعلامي 2

    218

بسم الله الرحمن الرحيم

الصفقة بين ترامب والحوثيين بترحيب سعودي مصري

 

 

 

أعلنت القيادة المركزية الأمريكية حربها على الحوثيين يوم 15 آذار/مارس 2025، ووفقاً لها، فإن الضربات تمثل بداية عملية واسعة النطاق تهدف إلى استعادة الأمن في البحر الأحمر، الذي تعطلت الحركة التجارية فيه لأشهر عدة بسبب هجمات الحوثيين على السفن التجارية والعسكرية دعما لغزة.

 

وشنت مقاتلات كيان يهود، الثلاثاء 6/5/2025م هجوماً على اليمن هو الثاني خلال أقل من 24 ساعة واستهدف بسلسلة من الغارات مطار صنعاء الدولي وثلاث محطات كهرباء في العاصمة صنعاء في مناطق حزيز وذهبان وعصر بمحيط العاصمة ومصنع إسمنت عمران شمالي صنعاء. كما شنت عدة غارات على ميناء الحديدة ومصنع إسمنت باجل مساء الاثنين 5/5/2025م.

 

وقال التلفزيون العربي بتاريخ 7 أيار/مايو 2025 نقلا عن الخارجية الأمريكية بشمول كيان يهود في الاتفاق مع الحوثيين: وتصريح ترامب والبيان العماني هو على الملاحة في البحر الأحمر.

 

إن الضربات التي قامت بها أمريكا خلال الشهرين بعد إعلانها الحرب على اليمن وبالأخص في الأسبوع الأخير قبل إعلان ما يسمى بالاتفاق، كان الغرض منها استخدامها كورقة ضغط على إيران في المفاوضات التي تجري بينها وبين أمريكا كون الحوثيين أحد أذرعها في المنطقة وكانت غير مميتة للحوثيين بل استفادوا منها في تأليب الرأي العام معهم، واستفادت منها أمريكا في الضغط على أوروبا التي عانت الأمرين بسبب أعمال الحوثيين في مضيق باب المندب.

 

فبعد ضربات أمريكا بساعات قال ترامب في 6 أيار/مايو 2025 "إن العملية تمت بنجاح وسيتم إيقاف الضربات على اليمن فورا بعد التوصل إلى اتفاق يوقف الحوثيين من تهديد السفن والملاحة البحرية" (قناة الجزيرة)

 

وقد قبل الحوثيون فوراً بعدم ضرب أي سفينة وفق تصريح صوتي للناطق الرسمي للجماعة محمد عبد السلام على قناة الجزيرة بعد تصريح ترامب مباشرة بقوله "يتضمن الاتفاق تحييدا كليا للسفن الأمريكية من ضرباتنا الصاروخية"، والتزمت الجماعة بعدم تهديد الملاحة من أمام السفن الأمريكية.

 

وكان ترامب قد أمر السيسي في 28 نيسان/أبريل 2025 أن يفتح المجال للسفن الأمريكية بالعبور من قناة السويس دون أي رسوم، ولم يصدر أي ردة فعل من السيسي، وكأنه أمر من ترامب لأحد موظفيه مندوبي مستعمرات أمريكا، وبالتالي أصبح البحر الأحمر تحت سيطرة أمريكا من باب المندب إلى قناة السويس. وذلك بالتزامن مع السماح لأمريكا ببناء قاعدتين لها بترحيب سعودي خليجي وخضوع مصري في جزيرتي تيران وصنافير بهدف تولي الجيش الأمريكي أمن قناة السويس ومنع أي سفينة مشبوهة من العبور يُحتمل استخدامها لنقل أسلحة ومعدات عسكرية لقطاع غزة!

 

وأما بالنسبة لمساندة الحوثيين لغزة دون التعرض للملاحة البحرية فهو لا يضر بأمريكا بل يُمكّن لها في البحر وفي الوقت نفسه لا يُنهي احتلال يهود للأرض المباركة فلسطين، وبهذا الاتفاق تم تحييد الأهداف القريبة منا لأعداء الإسلام ويسمح للمساند باستهداف الأهداف البعيدة!!

 

إن هذا الاتفاق بين أمريكا والحوثيين أظهر الحوثيين أنهم جمهوريون برؤية وطنية تحترم مواثيق الأمم المتحدة الطاغوتية وتتماشى مع النظام الدولي الكافر وتسعى لإرضائه بسياستها وتهيئة للاعتراف بشرعيتها دولياً، كما صرح بعض قادة الجماعة أن هذا الاتفاق اعتراف من أمريكا بشرعية صنعاء، فأين موقف أتباعهم من هذا التماهي لقيادتهم مع النظام الدولي وهم من صدعوا رؤوسنا بشعار الموت لأمريكا والنصر للإسلام وإنهم مسيرة قرآنية؟!

 

وعلى سياق آخر لاحظنا إظهار عملاء بريطانيا رغبتهم بالتطبيع مع يهود بتصريحات كثيرة من أعضاء في المجلس الانتقالي وأيضا مطالبتهم النظام الدولي دعمهم لغرض الحفاظ على السلام في البحر الأحمر وباب المندب من (هجمات الحوثيين الإرهابية) التي تهدد الملاحة البحرية. إن هذا الأمر يسقطهم أمام الناس، ورغم هذه التنازلات إلا أنهم لن ينعموا برضا أمريكا لأنها لا تأمن عملاء بريطانيا وإن عظمت تنازلاتها، فبادرت جماعة الحوثيين بإعطاء السلام في البحر الأحمر بصفقة مع أمريكا بوساطة عمانية وقالت في بيان لها "لن يستهدف في المستقبل أي من الطرفين الآخر بما في ذلك السفن الأمريكية في البحر الأحمر وباب المندب".

 

ختاما نقول إلى المخلصين من أبناء هذه الأمة: يقول ربنا عز وجل: ﴿وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ﴾. وإن عدم استهداف مصالح أمريكا في البحر الأحمر ليس أمناً لنا وليس تحييداً لقوى الكفر عن بعضها؛ فأمريكا هي الشريان الرئيسي الذي ينبض به يهود، وهي من قالت على لسان رئيسها السابق بايدن (لو لم تكن إسرائيل موجودة لكان على أمريكا إيجادها)، فيهود هم أذل خلق الله بنص القرآن الكريم، قال الله تعالى: ﴿ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ﴾، فلولا حبل أمريكا والغرب وحكام المسلمين العملاء لهم لما صمدوا شهرا واحدا أمام مجاهدينا، فمن أراد أن يقطع حبل نجاة كيان يهود ويضربه الضربة النجلاء ويجتثه من أرضنا الإسلامية عليه أولاً بناء دولته على أساس العقيدة الإسلامية في كل جوانب الحياة وليس على أساس المواطنة ودساتير الديمقراطية الكافرة التي تجعل ظهور المجاهدين مكشوفة للكفار فيسهل ضربهم، وأن يتم حساب المعركة حسابا عقائديا بحتا ويعد من القوة ما استطاع، ولا يرجعنا عن نصرة دين الله أي ثمن ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾.

 

فتحدد مقتلة العدو ومباغتته بالضربة القاضية بالتعاون مع الرائد الذي لا يكذب أهله، من يدعونكم ويحرضونكم للجهاد في سبيل الله، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ﴾.

 

إن تحييد مصالح أمريكا عن ضرباتنا يعزز وجودها ويثبت جذورها، وكفاف بأس الكفار علينا ليس بترك ضرب مصالحهم بل بتحريض المؤمنين على الجهاد في سبيل الله والقتال كما أمر ربنا سبحانه رسوله محمداً ﷺ ونحن من بعده: ﴿فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَاللهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً﴾، وليس أي قتال إنما قتال لإعلاء كلمة الله بدولة كدولة الرسول ﷺ خلف إمام واحد تبايعه الأمة على السمع والطاعة ما طبق الإسلام في الداخل كاملاً شاملاً وحمله رسالة هدى ورحمة للعالمين كما أمر الله عباده بالدعوة والجهاد.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

سيف مرزوق – ولاية اليمن

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

ترامب أنقذ الهند، وقادة باكستان أجهضوا النصر!

 

بعد تبادل القوتين النوويتين القصف منذ يوم الأربعاء 7/5/2025، حينما نفّذت الهند ضربات جوية على مواقع داخل باكستان على خلفية هجوم استهدف سياحاً في الشطر الذي تحتله الهند من إقليم كشمير أواخر نيسان/أبريل الماضي، ورغم نفي باكستان مسؤوليتها عن الحادث، أصرت الهند على اتهامها، وأعلنت تعليق اتفاق المياه بين البلدين، وأقدمت على شن هجوم بالطائرات الحربية والمسيرات والصواريخ. إلا أن هذا الهجوم قوبل بصدٍّ صادم من باكستان، حيث تكبّدت الهند خسائر عسكرية كبيرة خلال يومين فقط من بدء الهجوم، إذ أسقط لها ما لا يقل عن خمس طائرات حربية وعشرات الطائرات المسيّرة، إضافة إلى الهجوم المضاد الذي شنّته باكستان، والذي ألحق أضراراً جسيمة بالبنية التحتية العسكرية، خصوصاً منصات صواريخ S-400.

 

لقد أصيبت الهند بصدمة نتيجة حصيلة مغامرتها غير المحسوبة، وكانت بأمس الحاجة لمن يخرجها من ورطتها وتدهور الأوضاع، ما كان ينذر بمزيد من الخسائر، فتلقّفت دخول ترامب على الخط، ومطالبته الطرفين بوقف إطلاق النار، بعدما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الهند وباكستان اتفقتا على وقف إطلاق نار كامل "بشكل فوري". وكتب ترامب على منصة "تروث سوشال": "بعد ليلة طويلة من المحادثات التي قامت الولايات المتحدة بوساطتها، يسعدني أن أعلن أن الهند وباكستان قد توصلتا إلى وقف كامل وفوري لإطلاق النار". وأضاف: "تهانينا للبلدين على استخدام الحكمة والمنطق والذكاء الكبير. شكراً لاهتمامكم بهذا الأمر".

 

وعقب ذلك، أعلنت الهند وباكستان، يوم السبت 10/5/2025، موافقتهما على وقف فوري لإطلاق النار، بعد أيام من تبادل الهجمات. وقالت وزارة الخارجية الهندية إن وقف إطلاق النار سيبدأ اعتباراً من السبت. وأوضحت أن قائدي العمليات العسكرية في البلدين تواصلا، وجرى الاتفاق على وقف إطلاق النار، وأن الطرفين سيجريان محادثات مجدداً يوم الاثنين. كما صرّح وزير الخارجية الباكستاني، محمد إسحاق دار، بأن بلاده "سعت دوماً إلى تحقيق السلام والأمن في المنطقة، من دون المساس بالسيادة وسلامة الأراضي".

 

وقد جاء هذا الإعلان بعد أن حقق المجاهدون من نسور القوات المسلحة الباكستانية، إلى جانب مختلف القطاعات العسكرية، نصراً مؤزراً على عدو الله والمسلمين، دولة الهندوس المتعجرفة. إلا أن رأس الكفر ترامب، وحلفه الصليبي، سارعوا إلى إحباط هذا النصر وتحويله إلى هزيمة، من خلال أمر ترامب لعملائه في القيادة السياسية والعسكرية الباكستانية بقبول وقف إطلاق النار، مع الإبقاء على تعليق اتفاقية المياه، واستمرار احتلال كشمير. وهكذا، ضاع النصر الذي حققه المخلصون في الجيش الباكستاني، تماماً كما حدث حين فرّط نواز شريف وبرويز مشرف في مرتفعات كارجيل في تموز/يوليو من عام 1999، بعدما تسللت قوات باكستانية، معظمها من الكوماندوز الباكستانيين والمجاهدين الكشميريين، إلى مواقع استراتيجية على قمم سلسلة جبال كارجيل في كشمير المحتلة، وتمكنت القوات من السيطرة على مواقع عالية تمنحهم أفضلية نارية على طرق إمداد الجيش الهندي، ما أربك القوات الهندية وألحق بها خسائر جسيمة. وتدخلت الولايات المتحدة بقيادة بيل كلينتون آنذاك، وأمر نواز ومشرف بالانسحاب من المواقع التي سيطرت عليها القوات الباكستانية، وأُجهض النصر، واعتُبر ذلك تفريطاً في إنجاز عسكري كبير كان يمكن أن يُغير المعادلة في كشمير.

 

لم يكن تفريط عملاء ترامب الحاليين بأقل خيانة من عملاء الأمس من القيادتين السياسية والعسكرية في باكستان بالنصر المبارك أمراً مستغرَباً، فهم عبيد لا إرادة لهم أمام سيدهم في البيت الأبيض. وظيفتهم ليست تحقيق النصر للأمة، ولا تحرير بلاد المسلمين، ولا قيادة الفتوحات، ولا غرس الثقة في قلوب المسلمين وجيوشهم، بل وظيفتهم محصورة في تنفيذ المهام القذرة التي تخدم أعداء الأمة، وتطعن في قلبها النابض والمستعد للنهوض والانعتاق من هيمنة الغرب والهندوس ويهود. أضف إلى ذلك مهمتهم القذرة في الحكم بغير ما أنزل الله، والتأكد من إقصاء الشريعة عن الحكم، وملاحقة الساعين لنهضة الأمة بالإسلام، وتجفيف منابع المقاومة المخلصة التي تطالب بتحرير كشمير وبلاد المسلمين.

 

ولو كان لدى قادة باكستان السياسيين والعسكريين ذرة من إخلاص أو كرامة، لاستثمروا هذا النصر لا لإجبار الهند على التراجع عن تعليق اتفاقية المياه فحسب، بل لإجبارها على الانسحاب من كشمير، لكن لأنهم عملاء لأمريكا، فإنهم معنيّون بإرضائها، وإنقاذ الحليف الهندي ولو على حساب باكستان وأهلها. وهكذا، كانوا مستعدين لتبديد النصر الذي حققه المخلصون في الجيش، والعودة إلى المربع الأول: كشمير تحت الاحتلال، والمياه تحت التعليق، وأهل كشمير تحت بطش العدو اللئيم، جزار كوجرات، مودي.

 

يجب على الأمة الإسلامية عامة، وعلى العلماء والوجهاء والمؤثرين خاصة، الوقوف في وجه هذه القيادة الخائنة التي فرّطت بانتصارات الأمة، والمطالبة بتنحية القيادتين السياسية والعسكرية، وتسليم السلطة لمن هو جدير بها، لمن يحكم بما يرضي الله، ويقود الأمة نحو النصر والتحرير، ويوظف الانتصارات كما ينبغي لها.

 

أيها الضباط المخلصون في الجيش الباكستاني! لقد فرّطت قيادتكم السياسية والعسكرية بانتصاراتكم المباركة، وأثبتت للمرة الألف أنها غير جديرة بقيادتكم، وأنها العدو الحقيقي لكم، وإن رتلت آيات القرآن التي لم تغادر حناجرها، وإن عَلَت على أكتافها النياشين التي توحي بأنهم فرسان، بينما هم في الحقيقة منافقون، قال الله سبحانه وتعالى فيهم: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾.

 

لهذا، فإن الإطاحة بهم أصبحت أكثر وجوباً، وإعطاء النصرة لحزب التحرير، الذي يمثّلكم حقّاً، هو واجب ملحّ لا يجوز تأخيره، فلا تعودوا إلى ثكناتكم لتذهب انتصاراتكم أدراج الرياح، وأنتم قادرون - في ظل قيادة مخلصة نقيّة كقيادة حزب التحرير - على تحرير كشمير، وإقامة الدين في باكستان، خلافةً على منهاج النبوة. ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

بلال المهاجر – ولاية باكستان

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحدث العسكري بين الهند وباكستان

كيف خدم الاستراتيجية الأمريكية في أوراسيا؟

 

مقدمة:

 

في 10 أيار/مايو 2025، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عبر منصة "تروث سوشيال" عن "وقف إطلاق نار كامل وفوري" بين الهند وباكستان، جاء ذلك بعد محادثات طويلة بوساطة أمريكية قادها وزير الخارجية ماركو روبيو ونائب الرئيس جِي دي فانس، ليتم تفعيل الاتفاق عند الخامسة مساءً بتوقيت نيودلهي (11:30 غرينتش).

 

1. الخلفية التاريخية للصراع

 

نزاع كشمير: منذ تقسيم شبه القارة الهندية عام 1947، تنازعت الدولتان السيطرة على منطقة كشمير، وشهدتا ثلاث حروب (1947، 1965، 1971) بالإضافة إلى مناوشات محدودة متكررة.

 

عقيدة الردع النووي: تملك كل من الهند وباكستان ترسانة نووية، ما جعل كل تصعيد عسكري محليّاً يحمل خطر التصعيد إلى مواجهة نووية.

 

2. تسلسل الأحداث الأخيرة

 

1. 22 نيسان/أبريل 2025: هجوم "إرهابي" قرب مدينة باهلغام في كشمير الهندية أسفر عن مقتل 25 جندياً هندياً وشخص نيبالي، ونسبت الهند الهجوم إلى دعم المخابرات الباكستانية (ISI).

 

2. 7 أيار/مايو 2025: شنت الهند عملية سيندور على "بنى تحتية إرهابية" داخل الأراضي الباكستانية، مُستخدِمةً صواريخ كروز وطائرات مسيّرة.

 

3. ليلة 8–9 أيار/مايو: أطلقت باكستان عملية البنيان المرصوص التي استهدفت مواقع عسكرية هندية، وردّت نيودلهي بإغلاق الأجواء واستدعاء الاحتياطي.

 

4. 10 أيار/مايو 2025: الوساطة الأمريكية تتكلّل بوقف إطلاق نار فوري عند الخامسة مساءً بتوقيت نيودلهي.

 

3. دور الولايات المتحدة وأدوات الوساطة

 

الوساطة الدبلوماسية: قادها ماركو روبيو ونائب الرئيس فانس عبر اتصالات هاتفية منفصلة مع وزيري خارجية الهند وباكستان.

 

الاتصال عبر "تروث سوشيال": استخدم ترامب منصته الخاصة للإعلان، ما وفر مرونة في صياغة الرسائل وتوجيهها مباشرة إلى الرأي العام في نيودلهي وإسلام آباد.

 

التوقيت الاستراتيجي: جاء الإعلان بعد أربعة أيام من تبادل الضربات، مُقلّلاً من خطر انزلاق المواجهة إلى حرب نووية.

 

4. المكاسب الأمريكية من الصراع

 

1. تعزيز مكانة الهند

 

أظهرت نيودلهي انضباطاً تحت الضغط، ما برر تسريع اتفاقيات COMCASA وBECA لتبادل المعلومات العسكرية والفضائية، وتأكيد شراكتها في "المحيطين الهندي والهادئ".

 

2. ضبط تحالف باكستان - الصين

 

بعد أن تميّزت إسلام آباد باتجاهها غير المحايد نحو بكين، استغلت واشنطن الأزمة لإعادة فتح قنوات عسكرية محدودة (مثل ترقية أسطول F-16)، ما يقلل الاعتماد الباكستاني الكامل على الصين.

 

واليك تفاصيل هذا التحالف:

 

في شباط/فبراير 2025، أعلنت إدارة ترامب عن تخصيص مبلغ 397 مليون دولار لدعم برنامج صيانة مقاتلات F-16 الباكستانية، مع فرض قيود صارمة على استخدام هذه الطائرات لضمان توجيهها حصرياً لعمليات مكافحة الإرهاب والتمرد، ومنع استخدامها في أي صراع مع الهند.

 

تفاصيل الدعم الأمريكي:

 

أ. الصيانة والتحديث: يشمل الدعم الأمريكي صيانة شاملة لمقاتلات F-16 الباكستانية، بما في ذلك التحقق من سلامة الهيكل، وصيانة المحركات، وتحديثات البرمجيات.

 

ب. الرقابة الصارمة: تم إنشاء فريق أمني فني (TST) من المتعاقدين الأمريكيين لمراقبة استخدام الطائرات، وضمان التزام باكستان بالقيود المفروضة.

 

ج. القيود المفروضة: تتضمن القيود الأمريكية استخدام الطائرات فقط في عمليات مكافحة الإرهاب والتمرد، ومنع استخدامها ضد الهند، مع فرض إجراءات رقابية صارمة تشمل جرداً نصف سنوي للطائرات والمعدات.

 

الأبعاد الجيوسياسية:

 

تأتي هذه الخطوة في إطار استراتيجية أمريكية تهدف إلى تقليل اعتماد باكستان على الصين في المجال العسكري، من خلال إعادة فتح قنوات التعاون العسكري المحدودة، مثل دعم أسطول F-16، مع الحفاظ على الرقابة الصارمة على استخدام هذه الطائرات.

 

3. اكتساب معلومات استخبارية

 

أتاح الاشتباك اختبار أداء الصواريخ والطائرات المسيرة الصينية والباكستانية في ميدان القتال، وتحديث تقييمات القوة لمواجهة المحتمل مع بكين مستقبلاً.

 

4. إبراز دور الوسيط الدولي

 

مكنت الوساطة الأمريكية من إظهار واشنطن كطرف "عاقل" قادر على نزع فتيل صراع بين قوتين نوويتين، ما يعزز مكانتها في النظام العالمي كضامن للاستقرار.

 

5. دعم استراتيجية احتواء الصين

 

ضمن استراتيجية تطويق الصين في أوراسيا، أدّى الحدث إلى تفعيل التحالف الرباعي (كواد) بين أمريكا والهند واليابان وأستراليا، ورفعه من مناورات رمزية إلى تلاحم أمني أعمق.

 

. الآثار الإقليمية والدولية

 

تعليق معاهدة مياه السند: رفعت باكستان تعليقها المؤقت بعد وقف النار، لكن التوتر أظهر هشاشة الاتفاقات المائية الحيوية.

 

ردود فعل دولية: أدانت دول مثل السعودية وتركيا الهجوم الإرهابي في كشمير ودعت إلى ضبط النفس، في حين رحّبت مصر والمغرب بالجهود الأمريكية لحفظ الأمن.

 

التوازن النووي: أكدت الأزمة مجدداً خطورة المساس بالردع النووي، ودعت دول أوروبية كبرى إلى تجديد جهود الحدّ من الانتشار النووي في جنوب آسيا.

 

الخاتمة والحل الشرعي:

 

إن ما جرى يثبت أن المصالح الأمريكية هي الموجه الرئيس لأحداث أوراسيا، لا مصالح المسلمين أو استقرارهم. والحلّ الشرعي الأصيل لا يكون بالتوسّط عند قوى كافرة أو ربط مصائر المسلمين بحساباتها، بل بإقامة كيان إسلامي واحد يطبّق شرع الله كاملاً.

 

إن دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، بقيادة إمام يبايع على الكتاب والسنة، هي الطريق لتحقيق العزة والتمكين، وتحرير الأمصار من هيمنة الكافرين واستبداد العملاء.

 

ذلك هو الحلّ الشرعي الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والعقدي الذي يضمن للمسلمين عزّة لا تتزعزع.

 

﴿هَذَا بَلَاغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

بهاء الحسيني – ولاية العراق

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

ترامب والخليج:

صفقات مشبوهة ومؤامرات مدبرة

 

 

استلم ترامب مفاتيح البيت الأبيض وهو مثقل بالديون التي لا قبل لأي إدارة بتسديد جزء منها، أو حتى تسديد الربا المترتب عليها، ناهيك عن قدرتها على سداد الدين الذي فاق ارتفاعه قمم جبال الهملايا وإفرست، أو حتى وضع خطة عملية لتحقيق ذلك. حاول الرجل وقف تدهور الوضع الاقتصادي وتجنب الكساد الذي يترقبه جميع المراقبين، وذلك بفرض تعريفات جمركية على دول العالم قاطبة، الحليفة منها والخصوم. وإذا ما أضيف إلى هذا التحدي تفوق الصين التكنولوجي، في زمن التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، والتفوق التجاري والصناعي على أمريكا، وهو ما ينذر بأفول نجم الحضارة الغربية والعالم الحر وحرية السوق الذي تقوده أمريكا... هذه التحديات هي التي أجبرت ترامب والقائمين على السياسة الأمريكية على تبني مشروعه في فرض التعريفات الجمركية على دول العالم.

 

ولكن، لما كانت هناك هزات ارتدادية عالمية قوية لهذه السياسة، إلى درجة أنها أعطت نتائج عكسية على الاقتصاد الأمريكي، حيث ضربت الأسواق الأمريكية وأسواق الأسهم وزادت الأسعار والتضخم...إلخ، لجأ ترامب إلى أسلوب الكاوبوي القديم، في السطو على القطارات والبنوك والمحال التجارية، فذهب إلى المحميات الخليجية لنهب ما لديهم من ذهب، يحملها على كتفيه ويعود بها إلى الأربعين حرامي من الرأسماليين الذين ينتظرونه في وول ستريت وسائر دور القمار والأسهم والمضاربات الأمريكية، فيما يسمى بالشركات العملاقة، والتي تأجل إعلان إفلاسها إلى حين.

 

إن الكاوبوي ترامب الذي تجاهل زيارة دولة يهود وأطلق يدها للبطش بأهل غزة، يعني شيئاً واحداً: أنه منافق. حيث تتأكد الشكوك حول طبيعة العلاقة بينه وبين الأمة وقضاياها العادلة، بالتزامن مع موقفه الظاهري المنتقد لرئيس وزراء يهود بنيامين نتنياهو، حيث يرى مراقبون أن ترامب ربما ينفذ استراتيجية مزدوجة، تستهدف استغلال دول الخليج والحفاظ على قاعدة شعبية داخلية تنتقد سياسات يهود. وتعتمد هذه الاستراتيجية على تقديم عدو الله ترامب نفسه وسيطاً نزيهاً، قادراً على التأثير على نتنياهو، وبالتالي، تبرير تفريط حكام الخليج بمقدرات الأمة له أمامها. هذا الظهور يفتح الباب أمام صفقات تجارية واستثمارات ضخمة، ويتيح انتقاد نتنياهو كسب تأييد شريحة من الناخبين الأمريكيين الذين يعارضون سياساته، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، واستغفال الجاهلين في السياسة وإبرام الصفقات التي تصفى فيها قضية فلسطين ويفرط فيها بدماء عشرات آلاف الشهداء. هذا التوازن الظاهري يخدم مصالح ترامب السياسية والاقتصادية، إذ يضمن له تدفق الأموال من الخليج، مع الحفاظ على شعبيته في الداخل، ويمكنه من طرح حل يخرج دولة يهود من مأزقها في غزة وينزلها عن الشجرة، من خلال عرضه إدارة احتلال القطاع "كوسيط نزيه" واستجلاب بريمر مرة أخرى إلى القطاع.

 

ومع ذلك، يظل التساؤل قائماً حول مدى جدية هذا الخلاف الظاهري بين ترامب ونتنياهو. فالعلاقات التاريخية بينهما، والمصالح المشتركة بين أمريكا وقاعدتها العسكرية المتقدمة في قلب بلاد المسلمين دولة يهود، تشير إلى تحالف استراتيجي قوي، وهو ما يؤكد أن هذه الانتقادات مجرد تكتيكات سياسية مؤقتة، سرعان ما تنقلب رأساً على عقب حال عودة ترامب إلى أمريكا محملاً بأكياس الذهب على حصانه الذي استولى عليه من إمّعة قطر، والذي فاق ثمنه الأربعمائة مليون دولار، وسيعود إلى دعم دولة يهود ومعها نتنياهو بشكل كامل، متجاهلاً رويبضات محميات الخليج وسائر حكام المسلمين المتآمرين على الأمة وفلسطين.

 

يجب على الأمة الإسلامية، التي اتصفت بالفراسة والحكمة، ألا تنطلي عليها ألاعيب الثعلب الأمريكي ترامب، وأن تحول دون تمرير مزيد من المؤامرات عليها، وأن تعلم أن حكامها الرويبضات هم من يمهدون له الطريق والجسر الذي يعبر عليه للنيل منها. فيجب عليها وأهل قوتها الإطاحة بهم، وتنصيب الخليفة الراشد الذي يعيد ما نهب الكاوبوي الأمريكي ويحرر الأقصى ويقتص ممن قتل أبناءنا وهدم بيوتنا وانتهك أعراضنا.

 

﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ

 

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

بلال المهاجر – ولاية باكستان

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

آن أوان إعلان وفاة الإنسانية جمعاء

 

إن الحديث عن تقاعس جيوش الأمة وتخاذلها والإعلان عن موت الإنسانية جمعاء، ليس مجازا، بل حقيقة، نقول ذلك ونحن نبكي دماً وقلوبنا تتفطر، فنحن بحق نعيش في بيت نواح. فمنذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023م، وبدء دولة يهود، المدعومة من دول العالم أجمع، حرب الإبادة ضد أهلنا في غزة، ونحن وأهل غزة نعول على الإنسانية أن تتحرك فتوقف هذا القتل، وكلما ارتكب يهود مجزرة، قلنا وقالوا: لعلها تكون الأخيرة، فتتحرك مشاعر الإنسانية في العالم، وتوقف المجازر وتمزق الصحيفة. وإذا بكيان يهود تزداد توغلا في إجرامه، وتزيد أمريكا وحلفها الصليبي في مدِّه بالسلاح والدعم السياسي والاقتصادي، ليواصل القتل، حتى تحول كل يهودي إلى جندي جزار، لا يحسن إلا القتل في أهل غزة. فتوقفت كل قطاعات كيانهم إلا قطاع القتل، وبلغ بهم الحال إلى تجنيد من لم يكن يخطر ببالهم تجنيده، من المتدينين، إضافة إلى النساء وكبار السن. وفي المقابل، قامت أمريكا وحلفها بسد النقص في قطاعات الإنتاج، فمدوا يهود بالمال والسلاح والطعام والعمال، وكل ما يعينهم على التفرغ لقتل أهل غزة وفلسطين المباركة.

 

وبعد مرور الشهور الطوال، وبدء العد بالسنين لهذه المجازر، لم تتحرك الإنسانية لإيقافها، وما الأعداد "الغفيرة" نسبيا التي خرجت تندد بالمجازر في مختلف العواصم العالمية، إلا عدد قليل جدا مقارنة بالمليارات من سكان الأرض. إضافة إلى اقتصار هذه الجموع على الاحتجاج السلمي، الذي لا يتناسب أبدا مع هول الجريمة الدائرة، فهم فقط كمن يصرخ في وجه مجرم يذبح الأطفال والنساء ويحرق البيوت ويهدمها فوق رؤوس ساكنيها، وكأنها عاجزة عن الأخذ على يديه ومنعه والقصاص منه، ومع ذلك، فهذا الذي اقتصرت البشرية عليه: صراخ مرخص، أو شبه مرخص، إزاء مجزرة العصر. ويعقب كل احتجاج عودة إلى الحياة اليومية وكأنهم أدوا ما عليهم كاملا، فحق لأهل غزة، وحق لنا، أن نعلن عن وفاة مشاعر البشرية، وتحولها إلى أجساد بلا أرواح.

 

كان أهل غزة يظنون أن تكرار المجازر سيحرج الأنظمة التي تحكم أمة المليارين، فتتحرك لإيقافها، فإذا بها تزداد غيا، وتؤكد اصطفافها مع يهود، وانصياعها لأوامر أمريكا، فمدت كيان يهود بما يحتاجه للقتل. فهذا منافق تركيا يمدهم بمنتجات المصانع التركية الحيوية، وذاك سليل أبي لهب يزودهم بالخضار والفواكه ويحكم الخناق على أهل غزة، وذاك فرعون مصر يبتز أهل غزة ويتاجر بدمائهم ويستغل حاجتهم، ويزود يهود بما تنتجه مصانع الجيش التموينية. وبقية حكام المسلمين ليسوا بأقل خزيا وعارا ومساندة ليهود وخذلانا لأهل غزة من هؤلاء الجيران الملعونين، حتى بلغ الحال بهم أن أضافوا إلى جوقتهم نفرا جديدا، كان قد وعد المجاهدين بالأمس بأن لا يقف عند دمشق، بل بالصلاة في الأقصى، فإذا به لا يقل خذلانا عن باقي حكام الضرار. وبلغ الحال بهذه الأنظمة أن أفرغت خزائنَها للنمروذ ترامب، ليتقوى هو ويهود على المزيد من قتل أهل غزة. فحق لنا أن لا نعلن فقط عن وفاة هذه الأنظمة، بل عن نتانة جثثها التي أزكمت الأنوف.

 

شهور طوال، وأهل غزة يظنون أن سيل الدماء سيحرك نخوة جيوش المسلمين لنصرتهم، فإذا بهم لاعبو رياضة صباحية ومسائية، يمرنون عضلاتهم ويشحذون سيوفهم، لا ليقاتلوا أعداء الأمة، بل ليكافحوا "شغب" الأمة المكلومة، أو لحراسة حدود رسمها الاستعمار، أو للمشاركة في قوات حفظ مصالح الكافر المستعمر، تحت ما يسمى "قوات حفظ السلام"، لكن باستثناء حفظ السلام لأبناء جلدتهم من المستضعفين.

 

وبعد هذه المدة التي تكفي لمن يجهلون الأحكام للبحث عن واجبهم في نصرة أهل غزة، إذا بالعلماء يضعون رؤوسهم في الرمال، إلا من رحم ربي وهم قليل. أما الأغلبية، وعلى رأسهم "رابطة علماء المسلمين"، فقد اقتصروا بعد أكثر من خمسة عشر شهرا على إصدار فتوى، لم يحرضوا الأمة فيها على الجهاد كما أمرهم الله، بل اكتفوا بعدم رد الجهاد، وأكدوا هم وبقية علماء المسلمين، عالمهم ومتعلمهم، ممن يعتلون منابر رسول الله ﷺ، على أن نصرة أهل غزة تحصل بالدعاء، وبلغ بأحدهم أن وصف الدعاء بأنه أقوى من السلاح النووي، وطلبوا من المقاومة الجهاد بالسنن! فبهذا الخذلان والخور من العلماء، حق لأهل غزة أن ييأسوا منهم.

 

لقد يئس أهل غزة من البشرية جمعاء، ومن الأنظمة القائمة في البلاد الإسلامية، ولم يبق لهم إلا الله الواحد القهار، يهيئ لهم من ينصرهم من حيث لا يحتسبون، وعسى أن يكون ذلك قريبا.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

بلال المهاجر – ولاية باكستان

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

أحفاوة بعدو الله وإغداق للهدايا وتبديد لأموال المسلمين

أيها الحكام الأقنان؟!

 

 

اختتم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الجمعة، جولته الخليجية التي شملت الإمارات والسعودية وقطر، أعلن خلالها عن توقيع صفقات فاقت الثلاثة تريليونات دولار على شكل استثمارات لصالح الولايات المتحدة، وحظي فيها باستقبال رسمي حافل انقطع نظيره في الدول الثلاث التي زارها.

 

وهكذا كانت جولة تقطر بالذل والصغار الذي أبداه الحكام لعدو الله ترامب، إذ استقبلوه استقبال الأحبة والأبطال، بالسجاد الأحمر والبنفسجي، بل وبالطائرات النفاثة في سماء البلاد استقبالا وتوديعا، وجمعوا له أمراء البلاد وحاشيتهم، رجالا ونساء وفتيات، لمصافحته وطأطأة الرأس أمامه، في مشهد يندى له الجبين.

 

ثم تحت مسمى استثمارات وصفقات قدموا له آلاف المليارات من الأموال التي سرقوها من نفط وغاز وأقوات المسلمين على طبق من ذهب وبجرة قلم!

 

حقا لقد كانت أياما سوداء تجرعت فيها الأمة مرارة المشهد وهي ترى بأم أعينها كيف فرط الحكام الأقنان بأموالها لقاتليها وعدوها الأكبر، ترامب، وفي الوقت الذي يموت فيه أطفال غزة جوعا وعطشا، والمجاعة تضرب أطنابها في السودان، والفقر يكاد يطال كل بلاد المسلمين.

 

وشاهدت الأمة كيف جمع ترامب الحكام في قمة لم يتردد فيها من دعوتهم للتطبيع مع كيان يهود الغاصب، الذي يسفك بمساعدة أمريكا نفسها دماء أهلنا في غزة والشام واليمن ولبنان، منذ أكثر من عام ونصف بل ويتوعد بالمزيد حتى تغيير خارطة الشرق الأوسط! وكرر على مسامعهم أطماعه وأحلامه في تملك غزة هاشم لتحويلها إلى مشروع استثماري له، وكأنها قطعة أرض لا أهل لها!

 

ولم يفت ترامب أن يصافح حاكم سوريا الجديد، أحمد الشرع، ليمن عليه بما أسماه رفع العقوبات عن سوريا، وليدعوه إلى التطبيع مع كيان يهود ومحاربة المجاهدين الذين أسماهم بالإرهابيين!

 

حقا، لقد كانت جولة شاهدة على ذل وصغار وإجرام حكام المسلمين، وكشفت حجم مصاب الأمة بهم، وعززت القناعة بأنهم أولياء لأعدائهم، ولا يمتون لهموم وتطلعات وآمال الأمة بشيء، كيف لا والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾. فحق على الأمة ألا يهدأ لها بال حتى تطيح بعروش الحكام وتجعلهم وراء ظهرها.

 

أما ما يواسينا ويبعث الأمل في نفوسنا، أنها سنة الله التي لا تحويل عنها، فهي أيام يداولها بين الناس، ﴿وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ﴾ ويقلب الأمور بين خلقه ﴿لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ﴾، حتى إذا ما جاء نصر الله كان الحق بيّناً وواضحا وضوح الشمس في رابعة النهار، بعد أن تكشفت كل الوجوه وسقطت كل الأقنعة وتهاوت كل المبررات، فلا يبقى حينئذ مكان لخائن أو خوار، ونصر الله آت بلا ريب ﴿إِن يَنصُرْكُمُ اللهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

المهندس باهر صالح

عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

بين الترحاب الغربي والرفض البريطاني

دلالات تعيين رئيس وزراء جديد في السودان

 

 

 

نشر موقع سودان تربيون يوم 19 أيار/مايو 2025 أن رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، قرر تعيين كامل الطيب إدريس رئيساً للوزراء. ويعد إدريس أول من يشغل المنصب منذ استقالة عبد الله حمدوك في كانون الثاني/يناير 2022 عقب فشل التوافق السياسي، إثر انقلاب البرهان على الحكومة المدنية يوم 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021.

 

كامل إدريس الذي شغل منصب المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية (وايبو) من تشرين الثاني/نوفمبر 1997 حتى أيلول/سبتمبر 2008، وكان أميناً عاماً للاتحاد الدولي لحماية المصنفات، كما ترشّح في انتخابات 2010 ضد الرئيس المعزول عمر البشير، هو رئيس الوزراء الجديد، وجاء تعيينه عقب اعتذار سفير السودان في السعودية، دفع الله الحاج، كما ألغى البرهان إشراف أعضاء مجلس السيادة على الوزارات والوحدات الحكومية. وكانت الحكومة قد أجرت تعديلاً دستورياً بتاريخ 19 شباط/فبراير 2025، منحت بموجبه مجلس السيادة صلاحية تعيين رئيس الوزراء، بناء على توصية من السلطة التشريعية الانتقالية (مجلسي السيادة والوزراء)، ومددت الفترة الانتقالية إلى 39 شهراً بدأت من 23 شباط/فبراير 2025.

 

وقد أثار تعيين كامل إدريس ردود فعل متباينة؛ إذ اعتبرت قوى سياسية أن الخطوة تفتقر للشرعية. وقال نور الدين صلاح الدين، القيادي في التيار الوطني، إن أي حكومة تُشكّل في ظل الوضع الراهن لن تحظى بقبول داخلي أو خارجي. في المقابل، رحبت حركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم بالخطوة، ووصفتها بأنها إنهاء لحالة الفراغ التنفيذي التي استمرت لأكثر من ثلاث سنوات ونصف، وأسهمت في تدهور الخدمات.

 

إن تعيين حكومة مدنية يُعد من مطالب القوى الغربية، ويُستخدم كأداة من أدوات السياسة البريطانية، ولذلك سارع البرهان إلى تعيين كامل إدريس - أحد عملاء الغرب - رئيساً للوزراء، لقطع الطريق أمام الضغوط البريطانية التي كانت تسعى لعودة حمدوك، رجلها المفضل. وقد سارعت الدوائر الموالية لأمريكا إلى تأييد الخطوة.

 

فقد أورد موقع الغد السوداني بتاريخ 21 أيار/مايو 2025، أن الأمم المتحدة، التي كانت قد رحّبت مسبقاً بخارطة الطريق، أبدت دعمها للتعيين. وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، إن الأمين العام يأمل أن تكون هذه خطوة نحو مشاورات شاملة لتشكيل حكومة تكنوقراط واسعة التمثيل تحقق السلام، مع ضرورة إعطاء الأولوية للتوافق الوطني وتحقيق تقدم ملموس يخدم الشعب السوداني، ويُسهم في إسكات صوت السلاح وتوفير الخدمات الأساسية.

 

أما الاتحاد الأفريقي، فقد رحب رئيس مفوضيته، محمود علي يوسف، بتعيين إدريس، معتبراً إياه بأنه خطوة نحو حوكمة شاملة، معرباً عن أمله أن تسهم في استعادة النظام الدستوري والحكم الديمقراطي. ودعا جميع الأطراف السودانية إلى تكثيف جهودهم لتحقيق انتقال سلمي بقيادة مدنية وشاملة، مؤكّداً استعداد المفوضية لدعم السودان بالتعاون مع الشركاء الدوليين والإقليميين.

 

كما أعربت جامعة الدول العربية عن ترحيبها بالتعيين، واعتبرته خطوة "هامة" نحو استعادة عمل المؤسسات الوطنية المدنية. ونقل مصدر مسؤول في الأمانة العامة أن الجامعة ستكثف جهودها لدعم وحدة السودان واستقراره، وتعزيز الاستجابة الدولية للاحتياجات التنموية والإنسانية، واستعادة مسار التحول المدني وإطلاق عملية سياسية شاملة يقودها السودانيون بمشاركة كافة مكونات المجتمع المدني.

 

وفي مقابل هذا الترحيب الدولي، لم تقف بريطانيا موقف المتفرج. ففي 22 أيار/مايو 2025، نقل موقع تسامح نيوز عن اللورد البريطاني جيريمي بورفيس أوف تريد، وصفه تعيين إدريس بأنه محاولة لمنح شرعية زائفة لأحد أطراف النزاع. وقال خلال جلسة خاصة بمجلس اللوردات البريطاني حول السودان، إن رئيس الوزراء المُعين ليس سوى "دمية" تابعة لأحد أطراف الحرب. وأعرب عن قلقه من ترحيب الاتحاد الأفريقي، محذراً من أن الأمم المتحدة قد تحذو حذوه، ما يُسهم في تكريس سلطة الأمر الواقع دون مسار شرعي يعبر عن إرادة الشعب.

 

وأضاف بورفيس أن محاولات فرض قيادات مدنية شكلية من قبل العسكريين أو المليشيات، دون مشاورات شعبية حقيقية، لن تؤدي إلا إلى تعقيد الأزمة، داعياً إلى دعم عملية سلام بقيادة مدنية تمثل كافة أطياف المجتمع.

 

إن تعيين رئيس وزراء في ظل هذا النظام الرأسمالي، الذي يتحكم في العالم اليوم، لن يُنتج حلاً حقيقياً، بل يفاقم الأزمات. فالنظام الرأسمالي الذي تبنّاه حكام المسلمين العملاء جعل الكافر المتسلط هو صاحب القرار، وهو سبب ما يعيشه الناس من فقر وظلم واضطراب.

 

إن الحل الحقيقي يكمن في العودة إلى نظام الإسلام العظيم، نظام الخلافة، الذي حكم العالم قرابة ثلاثة عشر قرناً، وكانت الخلافة هي الدولة الأولى في العالم لأكثر من عشرة قرون وحققت الأمن والعدل والكرامة للناس، لأن نظام الخلافة مستمد من وحي الله، من لدن حكيم خبير.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد الخالق عبدون علي

عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية السودان

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

النهضة على أساس الإسلام

الطريق الحق لبعث الأمة من جديد

 

في خضم ما تعانيه الأمة الإسلامية اليوم من انحطاط وتشتت، تتجدد الحاجة للعودة إلى الطريق الذي رسمه الوحي، طريق النهضة الحقيقية التي لا يمكن أن تتحقق إلا بالتمسك بالإسلام كمنهج حياة شامل. حيث إن المسلمين اليوم ممتهَنون يتحكَّم بهم حكام رويبضات قسَّموا بلادهم وحكموهم بالحديد والنار وساموهم سوء العذاب، لاحقوا أشرافهم واعتقلوا الصادقين ومن يعمل لنصرة الدين، وجعلوا البلاد مسرحاً لدول الكفر، ينهبون أموال الملكية العامة ويستفيد منها أعداء الإسلام والمسلمين! كذلك صار المسلمون أرقاماً تتلى بين قتلى ومشردين، وصُنِّفوا باسم العالم الثالث، وتحكَّم بهم صندوق النقد الدولي وشرعة الطاغوت المتحدة تحت قيادة رأس الكفر أمريكا، ولم يبقَ لهم محل بين الأمم والدول، في حين كانت دولتهم هي الدولة الأولى في العالم قرونا مديدة. فالقانون هو ما تقول به دولتهم والقرار هو ما تريده؛ فصاروا إلى مزق وأشلاء وإبادة جماعية، وما يحصل في غزة هاشم حالياً خير دليل، وكذلك حدود وحروب وتقاطع وتباغض وأوكار للتآمر، تنازعتهم قوميات بغيضة ووطنيات منحطَّة...

 

ولو تكلمنا باختصار عن أسباب ذلك وأثره على الأمة وما يجب علينا:

 

أولاً: جذور الانحطاط

 

لقد شهدت الأمة الإسلامية في أواخر عهد الخلافة العثمانية تراجعاً كبيراً في مختلف المجالات، نتيجة إهمالها للغة القرآن وإغلاق باب الاجتهاد، ما أدى إلى عجزها عن مواكبة المتغيرات واستنباط الحلول للمستجدات. وحدث التمزق والضياع، وحدث لها أسوأ حالات التفكك والضعف...الخ

 

أما حين كانت الأمة في ظل الخلافة، فقد سادت الدنيا، وكانت مثالاً للعدل والعزة، لا تظلم في كنفها ذمّة، ولا ينام الخليفة وفي الأرض مظلوم لا يُنصف. انتشر الإسلام من الصين شرقاً حتى المحيط الأطلسي غرباً، وخضعت له رقاب الجبابرة من ملوك الأرض.

 

ثانياً: محاولات النهضة الفاشلة

 

ظهرت حركات عديدة تسعى لنهضة الأمة، إلا أن معظمها لم تنجح بسبب تبنيها أفكاراً مستوردة من الغرب، مثل القومية العربية والتركية، والوطنيات...الخ، والتي زرعها الاستعمار في جسدها لتفتيتها. كما أن هذه الحركات لم تنطلق من عقيدة الأمة وثقافتها الإسلامية، ما أدى إلى فشلها في تحقيق النهضة المنشودة. فعاشت عقوداً طويلة تحت حكم هذه الأنظمة الرأسمالية والديمقراطية والعسكرية والملكية، فلم تجنِ منها إلا الضعف والتبعية، والفساد والضياع، والشتات والانقسام. فصارت بلاد المسلمين مرتعاً للتدخلات الأجنبية، وثرواتهم نهباً لدوائر الاستعمار، ودماؤهم تسفك على مرأى ومسمع العالم دون رادع.

 

ثالثاً: الطريق الصحيح للنهضة

 

النهضة الحقيقية لا تكون إلا بالعودة إلى الإسلام بوصفه منهج حياة، وإقامة دولة الخلافة التي تطبق الشريعة الإسلامية في جميع مناحي الحياة. هذه الدولة ليست حلماً بعيد المنال، بل هي فريضة شرعية وحقيقة تاريخية استمرت لقرون، وكانت نموذجاً في العدل والازدهار. فالخلافة ليست مجرد نظام حكم تاريخي، بل هي فريضة عظيمة وتاج الفروض التي لا تستقيم حياة الأمة من دونها، ولا تقام أحكام الإسلام كاملة إلا بها. إنها النظام الذي ارتضاه الله لعباده ليحكم فيهم بشرعه، وليقودهم بقيادة راشدة موحدة، تطبق الإسلام في جميع النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية وسائر شؤون الحياة في الداخل وتقوم بنشره إلى الخارج بالدعوة والجهاد.

 

رابعاً: دور الأمة في تحقيق النهضة

 

على الأمة الإسلامية أن تعي أهمية العمل لإقامة الخلافة، وأن تسعى لإيجاد رأي عام منبثق عن وعي عام، يدفعها للتحرك مع العاملين المخلصين لإقامة هذه الدولة. فالخلافة هي وعد الله سبحانه وبشرى رسوله ﷺ، وهي تاج الفروض التي يجب على الأمة السعي لتحقيقها، فاليوم صار الحديث عن الخلافة بأنه مشروع نهضة حقيقية، وأصبح مطلباً واسعاً يتجدد في قلوب شباب الأمة. ولهذا اشتد عداء الغرب الكافر لها، لأنهم يدركون تماماً أن عودتها تعني نهاية هيمنتهم، وسقوط نفوذهم، وانتهاء عصور الاستعمار والنهب. ولأجل ذلك تآمروا لإسقاطها بالأمس، ويتآمرون اليوم لمنع عودتها.

 

خامساً: لا فرج إلا بعودة الخلافة

 

لا يمكن للأمة أن تنعم بالفرج الحقيقي إلا بعودة الخلافة التي تطبق دين الله في واقع الحياة، وتعالج مشكلاتها الاقتصادية والسياسية والتعليمية والاجتماعية، فبدونها ستظل الأمة تعاني من التبعية والتخلف والانقسام...

 

نعم إن طريق النهضة واضح لمن أراد أن يسلكه، وهو العودة إلى الإسلام وتطبيقه في جميع جوانب الحياة، من خلال إقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، قال رسول الله ﷺ: «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ». فالخلافة قادمة بإذن الله، وعلى الأمة أن تعمل بجد واجتهاد لتحقيق هذا الوعد الإلهي. وإن الطريق الحقيقي لنهضة هذه الأمة قد أوضحه الإسلام بجلاء، فلا سبيل للخروج من هذا الانحطاط إلا بإعادة الأمة لدولتها وقيادتها التي تطبق الإسلام في جميع مجالات الحياة. تلك الدولة ليست حلماً طوباوياً ولا وهماً خيالياً، بل هي حقيقة تاريخية ملأت صفحات المجد طوال ثلاثة عشر قرناً. إنها دولة الخلافة، التي كانت نموذجاً في العدل والرحمة، وقوةً في الريادة والقيادة.

 

إن العمل لإقامة الخلافة ليس ترفاً فكرياً ولا خياراً سياسياً من بين بدائل، بل هو واجب شرعي بل تاج الفروض. فكل مسلم مدعوٌّ لأن يقوم بدوره، مهما كان موقعه، في إعادة الإحساس لهذه الأمة بدولتها المفقودة، وإحياء مشاعر الولاء والانتماء لمشروعها الحضاري. وحين يتحول هذا الإحساس الفردي إلى وعي عام منبثق عن فكر مبدئي صافٍ، فإن الأمة ستنهض وتتحرك بكل طاقاتها خلف المخلصين العاملين لإقامة هذا الكيان الرباني.

 

لا تنتظروا الفرج دون العمل لعودة الخلافة، فكيف يأتي الفرج ودين الله مغيب عن الحكم، ومبعد عن قيادة الحياة؟! كيف نتوقع حلاً لمشكلاتنا الاقتصادية والسياسية والتعليمية والاجتماعية، ونحن نُدار بأنظمة الكفر وقوانينه؟! إن الفرج لا يأتي بالتمني، وإنما بالعمل الجاد لعودة الإسلام إلى واقع الحياة من خلال دولته، دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة. فوعد الله سبحانه وبشرى نبيه ﷺ لا تزال قائمة. قال رسول الله ﷺ: «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ»، وهو وعد لا يُخلف، بل هو قدر محتوم، سيكون بإذن الله على يد المخلصين الصادقين الذين نذروا أنفسهم لهذه الفريضة العظيمة.

 

أيها المسلمون، يا أبناء هذه الأمة المجيدة، إن إقامة الخلافة ليست حلماً حالماً، بل هي واجب شرعي، ومصير أمة تتطلع إلى الخلاص. فليقم كل واحد منا بدوره، في التوعية، والدعوة، والعمل الخالص مع العاملين لإقامة هذا الكيان العظيم، حتى نكون من الذين نصروا الله فنصرهم، وأقاموا دينه فأعزّهم.

 

قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾. وقال رسول الله ﷺ: «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ». فلتكن هذه البشارة النبوية دافعاً لكل مخلص، وباعثاً لكل همّة، ومنارة لكل ساعٍ إلى نهضة أمته.

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مياس المكردي – ولاية اليمن

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

المشكلة الأولى للأمة الإسلامية اليوم

افتقارُها لسياسيين رجال دولة كالخلفاء الراشدين

 

تتزايد تساؤلات المسلمين اليوم في كل أصقاع الأرض، مفكرين وعلماء وعوام، عن أسباب العجز المريب والشامل عن مواجهة المجازر وصنوف أنواع الإبادة الجارية في أهل غزة، ويظهر هذا في مقالات وخطب، ورسائل حوارات لا تنحصر. وقد بلغ العجز والقهر أوجَهما مع تساؤلات محيِّرة ومستفِزة، حتى عند الأطفال ومن بالكاد يسمع أو يعقل، لماذا نحن هكذا؟ لماذا الأمة الإسلامية والمليارية هكذا؟ فهل كل السبل مسدودةٌ أمامنا فعلاً؟! أما من حلّ؟! أما من إمكانية تحركات تغيث غزة وأهلها، فضلاً عن أن تقضي على كيان يهود هذا وتستأصله من شأفته؟!

 

إنَّ مشكلة الأمة في غزة اليوم ليست الأولى في زمن الذلِّ هذا ولا الأخيرة بين فتن تتوالى عليها، وليست هي الأصعب أمام تطلعها وتملمُلِها لتتخلص من هذا العجز والاستضعاف والإذلال. فقد مرَّ عليها الكثير مثلها عبر التاريخ، وخلال القرن الفائت، وهي اليوم مستمرة وتزداد.

 

وإذا مرت فترات كانت أسباب مشكلات المسلمين ونكباتهم ترجع إلى أشياء عندهم وفيهم، كالتيه والجهل بحقيقة هويتهم ورابطتهم، أو التنكُّر لبعض أحكام الإسلام، وإلى خذلان بعضهم بعضاً، فالوقائع تؤكد أن الأمر اليوم مختلف إلى حدٍّ كبير. فعجز الأمة اليوم، سواءٌ عن إغاثة غزة، أو عن أيِّ فعل مؤثر في مواجهة هذا الظلم الرهيب، لا يرجع إلى خذلان أو عدم اكتراث، ولا إلى وهن أو جبن أو قلة دين، بل هو يرجع إلى العجز عن تصور سبيلٍ للخروج من هذا الواقع، وإلى ضعفِ التفكير وقلة المعرفة والخبرة في وضع خطط للحل. وإذا كان طبيعياً أن يصيب هذا الأمر عامة الناس لأنهم مستضعفون كما جاء في قوله تعالى: ﴿إلّا المُسْتضْعفينَ منِ الرجَالِ والنِساءِ والوِلْدانِ لا يَسْتَطيعونِ حِيلةً وَلا يَهتَدونَ سَبيلاً﴾، فمن غير الطبيعي أن تخلو الأمة من أعداد كافية من الرجال القادرين على استشراف المشكلات والأخطار العامة والتحذير منها قبل وقوعها واستفحال أمرها، وكذلك تقديم الحلول العملية لمواجهتها ومعالجتها، وهذا هو العمل السياسي الأرقى، وهؤلاء هم رجال الدولة.

 

وهذه المشكلات مشكلات سياسية، وحلولها هي خطط وتوجيهات سياسية بأعمال تنقاد لها الأمة وقواها. وهذا يحتاج لأفكار وخطط يقدمها سياسيون فقهاء، أي سياسيون بالدرجة الأولى، فلا يكفي في ذلك علماء أو وُعّاظ ومفتون وشرّاح متون. ومواقف العجز التي تلف الأمة اليوم من أقصاها إلى أقصاها في حمأة هذه المشاهد والمجريات التاريخية والمصيرية، مع كثرة العلماء على اختلاف مذاهبهم، وفي ظل انتشار صحوة إسلامية تصاعدت في العالم منذ أكثر من أربعة عقود، يؤكد أن مشكلة الأمة الأولى اليوم، ليست في نقص العلم والعلماء، ولا في عدم التزام المسلمين أو عدم اكتراثهم لنصرة بعضهم بعضاً، بل هي في الحيرة وعدم الاهتداء إلى ما العمل وكيفية نصر غزة وكيف ينتصر المسلمون بعضُهم لبعض. أي أن المشكلة هي القحط أو شبه انعدام وجود رجال دولة على أساس الإسلام، وبالتالي انعدام الحلول العملية المباشرة للمشكلات والنوازل، كالتي نقاسيها الآن في غزة. وإذا أردنا علاجاً حقيقياً ومسؤولاً لهذه المشكلات بل النكسات والمجازر المتلاحقة، ولأي مشكلة أو قضية عامة، فالخطوة الأولى في الحلول وخط سير التغيير هي إيجاد سياسيين رجال دولة. وبغير ذلك، لا حصاد لبَذر، ولا دوامَ لنصر، وكلُّ نصرٍ ينقلبُ إلى ضده.

 

ولا تختلف أسباب هذا العجز أو قلة الحيلة رغم حجم الأمة الإسلامية وطاقاتها المعطّلة، عما كانت عليه الأمة إبّان هدم الخلافة وقبلها، حيث كانت تنفعل مفعولاً بها وضعيفة الفعالية، رغم أنها كانت دولة كبيرة، فضلاً عن أنها دولة الأمة الإسلامية. ولهذا أكّد السياسيُّ الفقيه تقي الدين النبهاني رحمه الله افتقار الأمة الإسلامية إلى رجال الدولة الذين يعالجون المشكلات منذ ما قبل هدم الدولة الإسلامية. وقال إن الدولة الإسلامية كانت منذ إقامتها عامرة بحشد من رجال الدولة، ولكن في القرن الـ18 بدأ يدب القحط في إنبات عقليات الحكم، فقلّ عدد رجال الدولة. وعرَّف رجل الدولة بأنه: "القائد السياسي المبدع، وأنه كل رجل يتمتع بعقلية الحكم، وهو يستطيع إدارة شؤون الدولة ومعالجة المشكلات والتحكم في العلاقات الخاصة والعامة". وأضاف أنّه عندما هُدمت الخلافة لم يقف الأمر عند حد القحط، بل انعدمت الخواص التي تُنبت رجل الدولة، ولم تعد الأمّة الإسلامية تنجب رجالاً لهم عقليات الحكم، ولذلك انتهى وجودهم في الأمّة، لأنّ رجل الدولة لا ينبت إلا في وسطٍ فكريٍّ وسياسيٍّ راقٍ. وبيَّن أن أهمية رجل الدولة هي في نظره في الأعمال السياسية التي من شأنها تحقيق أهداف محددة، أي في إطلاق الفكر للإبداع بغير قيود سوى أن تكون الأهداف شرعية، وألّا تتعدى الخطط حدودَ النصوص الشرعية.

 

لذلك، يجدر التنبيه إلى أنه ليس المراد برجل الدولة أو السياسي، ذلك الذي يحلل الأحداث والسياسات والخطط ويقدم رؤيته لها. فهذا ضروري للسياسي ورجل الدولة، ومن مستلزمات عمله، ولكنه لا يجعل من يقوم به سياسياً فضلاً عن أن يكون رجل دولة. فهذا العمل يقوم به موظف في صحيفة أو مركز دراسات أو مراقب من طبعه فهم الأحداث وتحليل السياسات. وإنما رجل الدولة الذي يهتم بالوقائع وتحليلها وفهمها لإدراك حقيقتها أو خطرها بهدف اتخاذ إجراءات حيال ذلك وفق مقتضيات مبدئه وفقهه وهدفه، كما تبين في وصفه آنفاً.

 

ومن الشواهد أو الأمثلة على أن هذه هي أهم مشكلات الأمة اليوم، وأهم أسباب المعاناة في طريق تحريكها، أن الإسلام كان هو الحاكمَ في الدولة العثمانية، وكانت الشريعة مطبقة حتى تاريخ سقوطها، بينما كانت خطط إسقاطها تُنسج أثناء ذلك بداخلها وفي عواصم أوروبا. فلم يحُل تطبيق الشرع دون سقوطها، ما يعني أن المشكلة أو الخطر كان في مكان آخر. لقد كان في ضعف التفكير السياسي، أي في الافتقار لسياسيين يحللون سياسات الأعداء، ويرسمون السياسات المضادة، التي تحقق الأهداف أو المقاصد الشرعية. ورجال الدولة هم من يقوم بذلك.

 

وإذا نظرنا إلى المجتمع الإسلامي عند إقامة الدولة الإسلامية في المدينة المنورة، نجد نهوضاً سريعاً ولافتاً في المدينة المنورة ومحيطها خلال حياة النبي ﷺ، وهذا لا يرجع إلى العقيدة والأحكام الشرعية فقط، بل إلى ذلك أولاً، وإلى سياسة النبي ﷺ وخططه في الرعاية وبناء المجتمع وتحقيق أهداف الدعوة، وكذلك إلى تعليم الصحابة السياسة الشرعية في التطبيق والرعاية. والأمر نفسه يُقال عن المحافظة على المجتمع الإسلامي على يد الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم، وعن انتشار الإسلام السريع في مختلف جهات الأرض، وصعود الدولة الإسلامية على مستوى عالمي. وذلك بطاقاتِ وقدراتِ مجتمعٍ يقوم على أساس العقيدة الإسلامية وشريعتها، وكذلك على السياسة التي نفذها حكامٌ تجسد فيهم فهمُ الشريعة أولاً، ثم البراعة في التفكير السياسي لتحقيق أهدافها، فكانت سياساتهم سياساتٍ شرعيةً بحق، وكان صعودهم سريعاً ومتميزاً بشكل مثيرٍ بل خارق. وقد فهموا هذا كله من سياسة النبي ﷺ في تطبيق القرآن والسنة، وليس من تطبيقهما فقط. وهذا ما يمكن فهمه من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِي» حديث صحيح، رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد وغيرهم. فهو يأمر باتباع سنة الخلفاء الراشدين بعده. ومِن المعلوم أنه لا أحدَ واجبُ الاتِّباع بعده ﷺ، ولا سنةَ غيرَ سنته في التشريع. فتكون سنتهم بمعنى طريقتهم في الحكم، أي في أساليب تحقيق الأهداف أو المقاصد الشرعية. ويترجح هذا الأمر أكثر بقوله ﷺ: «وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ»، ولم يقل "سنة الصحابة". وفي هذا دلالة على أن الأمر يتعلق بأساليب الحكم، أي بخطط وسياسات تطبيق الشريعة وليس فقط تطبيقها، لأن هذه هو ما يميز الخليفة عن غيره. ولذلك، فإن الشرع يأمر ليس فقط بتطبيق الشرع، بل باعتماد السياسات والأساليب المُثلى في ذلك. وبغير ذلك تفقد الجماعة فعاليتها كما حصل عندما أسقطت الخلافة وكما هو حاصلٌ الآن من عجز وجمود.

 

وعلى ذلك، لا يكفي وجود الأفكار العقدية والأحكام الشرعية وانتشارها لأجل وضع خطط المواجهة وتنفيذها وتفعيل طاقات الأمة والخروج من المآزق. ولا حتى كثرة الفقهاء والمفكرين والمحللين السياسيين، بل لا بد من رسم السياسات واتخاذ الإجراءات التي تفعِّل قدرات الناس وتستثمر طاقاتهم في التغيير وتحقيق الأهداف القريبة والبعيدة. وهذا يحتاج لسياسيين رجال دولة ولتحقيق الكفاية في ذلك.

 

وهذا ما كان عليه الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم، ولذلك اتصفت الأمة في عهدهم بما مكنهم من فتح الدنيا بهم. وهو ما يبين للمتصدرين للتغيير والنهضة والأخذ بيد الأمة وقيادتها، أن الواجب ليس فقط فهم الإسلام وتطبيقه، بل اتباع السياسة الشرعية الرشيدة في ذلك. وهذا بخلاف أحوال الأمة إبان انحلال الدولة العثمانية، وبخلاف أحوالها اليوم وهي تقف من أقصاها إلى أقصاها، مليارين وثلث المليار، عاجزةً عن أي فعل يردع المعتدين، أو يواجه سفك دمائها وتدنيس مقدساتها وانتهاك حرماتها، حتى اعتاد المسلمون على تدمير غزة وقتل أهلها بناءً على أن لا حول لهم ولا قوة، ومثل ذلك صارت انتهاكات اليهود للمسجد الأقصى وكأنّ كل واحد من المسلمين يقول وماذا أستطيع أن أفعل؟! وما الفائدة من تحركات مآلها مزيدٌ من الانتهاكات والهدم وسفك الدماء؟!

 

لا بد من ملاحظة أن الإسلام لا يعمل وحده لأجل الكفاح المحقق لأهدافه، أو لإحداث النهضة وتحقيق الانتصارات والصعود، وحتى لو طُبِّق في دولة قوية، ينتشر فيها العلماء والمفتون، وأقبلت عليه الأمة وانطلق به العُبّادُ والمجاهدون. فلا بد له من رجالٍ مؤهلين يعرفون الطرق وكيفية السير فيها إلى تحقيق الأهداف وإنجاز الأمور، وأن هذا يلزم فيه اعتبار حقائق الأشياء والناس والجماعات والمجتمعات والدول، فيُبدِعون في تحقيق حتى ما كان يُظنُّ أنه غير ممكن، وهؤلاء هم رجال الدولة، وفي مقدمة هؤلاء بعد النبي ﷺ أبو بكرٍ الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما، كما في الحديث: «اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ» حديث حسن عن حذيفة بن اليمان، أخرجه الترمذي وابن ماجه وأحمد وغيرهم. فبأي شيء نقتدي بهما بعده، سوى سياسة الحكم والرعاية، وهما ما عاشا بعده ﷺ إلا حكاماً وخلفاء.

 

﴿أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

الدكتور محمود عبد الهادي

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

نظام العار في المغرب استحل كل العار!

مناورات العار بأرض الإسلام لقتل أبناء الإسلام!

 

 

 

لقد عرّت غزة الذبيحة وفواجعها وأهوالها وإبادة أهلها الحقيقة السياسية المُرَّة التي نحياها لقرن من الزمن في كون بلاد المسلمين مستعمرة، وأن الاستعمار جاثم على هذه البلاد من خلال تلك الأغلال الفكرية والثقافية والسياسية والاقتصادية والعسكرية التي أوثقنا وكبلنا بها الغرب الكافر المستعمر.

 

والذي استجد اليوم مع الإفلاس المدوي للحضارة والثقافة الغربية أمام استعادة الإسلام حيويته المبدئية وتحديه القاهر للمنظومات الحضارية والثقافية الوضعية والغربية تحديدا، مصحوبا بالفشل السياسي الشنيع للغرب في تحويل المسلمين إلى كفرة معلمنين من درجة ثانية خاضعين وتابعين للغرب حضاريا وثقافيا، هو ما جعل الغرب يخوض هذه الحرب الصليبية الصهيونية السافرة في مواجهة الإسلام وأمته، وهو ما يفسر هذه الوحشية الدامية والهمجية السادية في مواجهة الغرب الصليبي الصهيوني للحالة الإسلامية، وهذا المستوى الأقصى من الهمجية والوحشية الغربية، فالصراع الحضاري بين الإسلام والغرب بلغ طوره الأخير والنهائي، ما فرض على الغرب استخدام كل أدواته الاستعمارية في حربه الحضارية مع الإسلام وهو يعيش كابوس فنائه الحضاري وانبعاث الإسلام، ما اضطره لحرق كل أوراقه المحلية عملاء الداخل خونة الدار، فهذا الطور النهائي من الصراع الحضاري حطم كل تلك الحواجز والفواصل المصطنعة بين الدولة الوطنية والمستعمَرة الوظيفية وتكشفت حقيقة المستعمَرة واختفى زيف الدولة بالكلية، واختفى الحاكم وصرنا وجها لوجه مع عميل الاستعمار الموظف لإنفاذ مشاريع الاستعمار وإنجاز المهمة الاستعمارية وتحقيق غاية الاستعمار في الغلبة والسيطرة والهيمنة، فالوضع الاستعماري اليوم في طور التعفن والتحلل والفناء، ومعه تجاوزنا حالة خيانة الحاكم والحكم إلى عميل للاستعمار من طينة الاستعمار، عداوته للإسلام وأمته من عداوة الغرب الكافر المستعمر، فنحن أمام حالة عدو مندس في كيان الأمة نصبه الغرب الكافر المستعمر حاكما غصبا عنها وهو عدو لها ولمصالحها، وغزة الذبيحة اليوم وإبادتها عرت الغطاء عن حقيقة المستعمرة وعميل الاستعمار، وصرنا ندرك أننا في حالة حرب حضارية مع عدو داخلي وآخر خارجي وحربنا على جبهتين.

 

فهذه الهمجية والوحشية الصليبية الصهيونية لحرب غزة الحضارية الدامية اليوم، وهذا الاصطدام السافر الفاجر لعملاء الاستعمار حكام حارات الاستعمار مع الأمة وقضاياها ومصالحها، يفرضه عجز الغرب وقهره أمام تحدي الإسلام الحضاري والسياسي وحالة الاحتضار التي يعيشها المشروع الغربي، فعملاء الاستعمار هم عدو الداخل وسياستهم فرع عن الأصل الاستعماري الغربي الكافر وهم في عداء تام مع الإسلام وأمته ومصالحه، ولا تفهم سياساتهم إلا في ضوء السياسة الاستعمارية الغربية والحرب الحضارية الصليبية فهم خدامها وموظفوها وأدواتها وشق فيها.

 

وعملاء حارات الاستعمار هم اليوم مدفع وقنبلة غربية شديدة التدمير والفتك في الحرب الحضارية الصليبية الصهيونية الطاحنة بين الإسلام والغرب الكافر، وساحتها الدامية اليوم هي غزة الذبيحة وفواجعها وأهوالها، عطفا على الشام والمكيدة الكبرى التي تدار بأرضها عبر ثورة مضادة مكتملة الأركان لاستعادة المستعمرة واستئناف الوظيفة الاستعمارية عبر عملاء وخونة جدد. فعملاء حارات الاستعمار جزء من معسكر الغرب الصليبي الصهيوني وظيفتهم التصدي لمشروع الإسلام الحضاري وتفجير الأمة الإسلامية من داخلها وتحطيم قواها وتفتيت طاقاتها وشق صفها وتمزيق جمعها وكسر الهمة وتثبيط العزم، وسياساتهم تنطق بعمالتهم وعدائهم للإسلام وأمته وقضاياه ومصالحه وأهدافه وغايته.

هو زمن العار زمن خونة الدار، أنظمة ضاربة في الخيانة موغلة في العمالة، ويكأن خيانتها وعارها وفسادها وإفلاسها وضلالها وبغيها ألقاب لملوكها وأمرائها ورؤسائها ومشايخها، أضحت معهم الخيانة سياسة ومنهجا. وفي المغرب نظام سليل من عرق الخيانة يتفانى ويتباهى في خدمة الاستعمار وخيانة الإسلام العظيم وأمته، وهو مصر على مناقضة أهل المغرب المسلمين المهمومين والمحزونين بإبادة ومحرقة أبنائهم ونسائهم وشيوخهم وإخوانهم بغزة الذبيحة، وفي تواطؤه مع يهود اجتهد نظام الضرار بالمغرب في اعتناق الخيانة ديناً، وانغمس كليا في مستنقع الغرب وانخرط في حربه الصليبية ضد الإسلام العظيم وأمته وصيره الغرب مدرسة في ذلك، وها هو في خزي خيانته ينخرط في حرب الصهاينة وإبادتهم لأهل غزة وفلسطين. ولقد صير هذا النظام الآثم الفاجر أرض الإسلام بالمغرب الأرض التي انطلق منها الفتح الإسلامي لأوروبا (فتح الأندلس)، ساحة لمناورات جيوش الغرب الكافر وميدان تدريب لعساكره واختبار لأسلحته، لتمكينه من خوض الحروب الصليبية الصهيونية الفعلية ضد المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها!

 

وها هي رأس الشر والإرهاب أمريكا اتخذت من أرض المغرب محطة وقاعدة لمناوراتها الدورية لإسناد استعمارها لأرض الإسلام وبلاد أفريقيا، ثم في خزي خيانة هذا النظام ووظيفته الاستعمارية أردف مع الغرب الصليبي كلبه كيان المغضوب عليهم، فلقد تناسلت الاتفاقيات العسكرية والأمنية والاقتصادية الخائنة مع الكيان.

 

واليوم وإبادة غزة قائمة لا تنتهي ولا تنقضي وأهوالها امتلأت وفاضت وفتتت الأكباد، تواطأ نظام الضرار بالمغرب مع الكيان وأضحى قاعدة إسناده وإمداده وشريكا فعليا في مذبحة غزة؛ سفن محملة بالسلاح والعتاد والمعدات العسكرية ترسو بموانئ المغرب في طريقها للكيان، رقم قياسي من المعاملات التجارية لإسناد الكيان في حرب إبادته لغزة. ثم ها هو اليوم في خيانته الكافرة الفاجرة قد صير أرض الإسلام بالمغرب ميدان تدريب واختبار لعساكر وأسلحة ومعدات العدو الصليبي الصهيوني، في تدريب عملي واستئناس ميداني بجغرافية البلاد الإسلامية وأفريقيا لتمكين يهود من خوض حربه وإنجاز إبادته في حق المسلمين والمقهورين أهل الأرض. وفي عاره استحل نظام العار كل عار واستقبل لواء غولاني السفاح قاتل أطفال غزة وحارق أكباد نساء المسلمين، استقبلهم للمشاركة في مناورات العار (مناورات الأسد الأفريقي الأمريكية التي انطلقت في المغرب في 12 أيار/مايو 2025) وقد أكدت مشاركته صحيفة هآرتس العبرية، وكان صنيعه نكاية بأهل المغرب المسلمين وحرقا لقلوب إخوانهم في فلسطين.

 

فقد شارك فيها لواء غولاني، الذي يعتبر من أكثر وحدات يهود العسكرية وحشية وهمجية، وله سجل أسود في التعامل مع أهل فلسطين منذ اغتصابها، وتدريبه اليوم على أرض المغرب هو لإعادة تأهيله ليستأنف إجرامه، ومما رشح وتم تداوله هو تمارين وتدريب ميدانية لجيش يهود على اقتحام أنفاق كأنفاق غزة!

 

حقيق ما كان حكام العار إلا صهاينة الدار وألد أعدائها، وما تجرأ علينا كيان يهود الحقير إلا بعد أن أيقن أن في الدار عميلا متصهينا، فهذا الكيان الجبان صاروخ واحد يفزعه وملايين من جرذانه يهرعون لجحورهم بباطن الأرض ليختبئوا وحالة الفزع والهلع تعمه. يقول يائير غولان زعيم حزب الديمقراطيين: المرة تلو الأخرى، "ملايين الإسرائيليين في الملاجئ، المخطوفون يحتضرون في غزة، نظام التعليم ينهار، غلاء المعيشة يُحطّم العائلات، وجنود الاحتياط ينهارون تحت العبء. هذا أكبر من قدرة نتنياهو، وأكبر من قدرة الحكومة".

 

فهذا الكيان الحقير هو الكذبة الكبرى في تاريخ البشر وفي تاريخ الدول وفي تاريخ السياسة وفي تاريخ الاستراتيجيات، فهو لم يكن شيئا ولم يصر شيئا ولن يصير شيئا، كذبة دولة فليس له من الدولة إلا القرار السياسي الغربي في جعل شتات يهود فوق ما اغتصب من مقدسات المسلمين دولة، والغاية من إعلانهم دولة مع انتفاء مقومات الدولة هو لتركيزهم وإيهامهم أن لهم سلطانا ودولة، وهو كذبة استراتيجية وجيوستراتيجية كبرى، فكيف له أن يحيا وينمو ويستمر فوق أرض مباركة مغصوبة محاصرة ببحر من أمة لا تسكت ولا تستكين ولا تلين في طلب حقها المقدس المغصوب وإن طال الزمن.

 

هذا الكيان الحقير كذبة استراتيجية كبرى، شرذمة من شتات المغضوب عليهم من أصقاع الأرض يجلبون لأقدس أرض المسلمين، ويهود لا يتجاوزون بضعة ملايين. فبمجرد تغيير المعادلة السياسية الشاذة القائمة اليوم في البلاد الإسلامية، سيجرف ذلك المحيط الهادر من صناديد المسلمين كل هذه القذارة.

 

كيان يهود هو كذبة جيوستراتيجية كبرى، فكيف له أن يحل معضلته الجيوستراتيجية في مساحة هي خناقه القاتل، فالمعركة الأولى الحقيقية ضده تعني فناءه، فطوله وعرضه بمستوى مساحة مدينة ما يعني دكه في ساعات وليس أيام وشهور!

 

هذا الكيان هو الكذبة الكبرى شعبا ومجتمعا، شتات بشر تنخرهم ذلتهم وصغارهم وجبنهم وتنازع نفسياتهم الخبيثة المريضة في طلب الشر، ما يجعل منهم في شتاتهم كشعب وتفككهم كمجتمع كذبة شعب وكذبة مجتمع!

 

فهذا الكيان الكذبة يستفيد من حقيقة الحالة الاستثنائية الشاذة لهذه الأمة بعد أن فقدت كيانها الاستراتيجي والجيوستراتيجي الجامع المانع؛ دولتها وخلافة نبوتها، ومزقها الغرب لكيانات وظيفية وأوكل بهذه الكيانات حمايته، فهو كذبة لولا الثقب الأسود الجيوستراتيجي الذي تعانيه الأمة الإسلامية لما كان له أن يكون.

 

لا يلفتنكم كيان المغضوب عليهم الحقير عن حقيق قضيتكم، فهو الكذبة السياسية والاستراتيجية والجيوستراتيجية الكبرى التي يعمل الغرب وحكام الخيانة والعار تصديرها للناس لتصديقها، فالكيان يبقى كيان قوم ضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله، قوم لو كان للجبن نسل لكانوا هم أبناءه، لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر. ولكن القضية كل القضية هي في قائد معركتكم المفقود وجيوشكم المكبلة وبلادكم المستعمرة، وما كان قائد معركتكم وملحمتكم ومنجز وعيد ربكم في المغضوب عليهم، إلا إمامكم الجنة وخليفتكم الراشد، فالقضية كل القضية هي في هدم أنظمة العار وإقامة خلافة إسلامكم العظيم ونصب وبيعة خليفتكم، فهي أولويتكم لاستئصال كيان يهود، فهي السابقة وليست اللاحقة، فهي فرض الفروض والواجب الذي لا تتم الواجبات كلها إلا به، ففيها وبها عظيم جهادكم وتحريك جيوشكم.

 

فغزة الذبيحة اليوم تستصرخنا لاستئصال كيان المغضوب عليهم وليس للرد على جرائمه، وحسم المعركة مع الصليبيين الغربيين وجروهم الحقير، والأمر متوقف على جيشنا العقائدي ونداء الجهاد من قائد جيوشنا خليفة رسول الله ﷺ في تحكيم شرع الله وحفظ أمة نبيه ﷺ وقهر أعدائها من بعده.

 

عَنْ نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما: عن النبي ﷺ قال: «لَتُقَاتِلُنَّ الْيَهُودَ فَلَتَقْتُلُنَّهُمْ، حَتَّى يَقُولَ الْحَجَرُ: يَا مُسْلِمُ، هَذَا يَهُودِيٌّ فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ».

 

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مناجي محمد

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

أغاظكم أن تروا الأمة تعظم شعائر الله؟!

 

 

في الوقت الذي تعظم فيه الأمة شعائر الله طمعا في أن يصدق عليها قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾، فتتجمع من أقطار الأرض ملبية نداء الله بالحج، ﴿وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ﴾ رغم الفاقة والضعف، رغم القيود والحدود، رغم الصعاب والآهات، إلا أنها تلبي نداء ربها مستبشرة راضية بحكم الله وشرعه، لتصدح الحناجر تكبيرا وتهليلا، وتسمع الدنيا كلها، لبيك اللهم لبيك...

 

في الوقت نفسه نرى كيف أن الحكام يستميتون في محاربة شعائر الله ولا يطيقون رؤية الأمة تعظم الله وشعائره، متذرعين بكل الذرائع الشيطانية التي لا تستر حقدهم وكرههم للإسلام.

 

فهذا ملك المغرب محمد السادس المجرم، الذي طبع مع الاحتلال، يدعو أهل المغرب إلى عدم ذبح الأضاحي في عيد الأضحى المقبل متذرعا بانخفاض أعداد المواشي في البلاد بنسبة 38% عن الأعوام السابقة، ثم يتبع ذلك بأوامر إلى قوات الأمن والشرطة لملاحقة الناس في بيوتهم للتفتيش عن الأضاحي لمصادرتها ومنعهم من التضحية بها! وقد سبقه في قراره الآثم هذا روسيا وإسبانيا وفرنسا وبلجيكا، التي تضيق على المسلمين ذبح الأضاحي بذرائع وقوانين وتعجيزات. وهذه ليست المرة الأولى التي يحارب فيها ملوك المغرب هذه الشعيرة، فقد ألغاها من قبل الحسن الثاني ثلاث مرات في الأعوام 1963 و1981 و1996.

 

والمدقق في الموقف لا يجد ما يفسر هذا القرار إلا مقت هؤلاء رؤية الناس تعظم شعائر ربها رغم كل جهودهم المتواصلة لتغريب الشعوب وسلخها عن دينها.

 

فمسألة حرص المسلمين على تعظيم شعائر الله، مسألة تؤرق حكام المسلمين وتزعجهم إلى أبعد الحدود، وهم يحاربونها بكل السبل ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا. لذا تراهم يحرصون على تفريق المسلمين في يوم صومهم ويوم عيدهم لأنهم لا يطيقون أن يروا أمة المليارين تكبر الله وتعظم دينه في يوم واحد، فيرعبهم مشهد الإحساس بوحدة الأمة وتعظيمها لدين ربها. وتراهم يحرصون على جعل الحج عبادة فردية وشاقة، وبأعداد قليلة لا تساوي عشر معشار من يرغبون في تأديتها، ويضعون الحج في سياق رحلة دينية شاقة بلا دلالة على وحدة الأمة ووحدة دينها، لتبقى فارغة من أي دلالة سياسية تهدد عروشهم أو تقرب الأمة من ساعة المواجهة معهم.

 

فهؤلاء الحكام عداؤهم لدين الله وسعيهم لنقضه عروة عروة لم يعد خافيا على عاقل، وقد تجسد على أيديهم حديث رسول الله ﷺ القائل: «لَيُنْقَضَنَّ عُرَى الْإِسْلَامِ عُرْوَةً عُرْوَةً، فَكُلَّمَا انْتَقَضَتْ عُرْوَةٌ تَشَبَّثَ النَّاسُ بِالَّتِي تَلِيهَا، وَأَوَّلُهُنَّ نَقْضًا الْحُكْمُ وَآخِرُهُنَّ الصَّلَاةُ».

 

فإلى متى يا أمة الإسلام سنترك حكامنا يحاربون ديننا، ويحرموننا من عبادة الله وتعظيم دينه وشعائره؟! ألم يئن الأوان لنضع حدا لإفسادهم وحكمهم الجبري؛ لنعيد الإسلام إلى الحياة، ديناً ومنه دولة، فنعبد الله ونكبره ونعظمه كما يحب ويرضى في دولة خلافة راشدة على منهاج النبوة؟! بلى والله قد آن.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

المهندس باهر صالح

عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

من باكستان إلى الشام...

هل انتصرنا على بشار أم استبدلنا به نُسخاً عنه؟!

 

 

كنا في باكستان نتابع أخبار الثورة المباركة التي اندلعت في الشام منذ أكثر من ثلاث عشرة سنة، وقد استبشرنا بقدوم الخير وبزوغ فجر الخلافة منها، آملين أن تحمل كل الخير، خصوصاً حين هبَّت الأمة في الشام تهتف: "ما لنا غيرك يا الله"، و"هي لله... هي لله"، و"الأمة تريد خلافة إسلامية"، ولما للشام من مكانة في قلوبنا، لمدح النبي ﷺ لها في العديد من الأحاديث ومنها قوله ﷺ: «عَلَيْكُمْ بِالشَّامِ، فَإِنَّهَا صَفْوَةُ بِلَادِ اللهِ يَسْكُنُهَا خِيرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ» رواه الطبراني، وحين تحررت مدن بأكملها من قبضة طاغية الشام بشار، ظننّا أن النصر قد حل، وأن ساعة إقامة الخلافة على منهاج النبوة التي بشّر بها رسول الله ﷺ قد أزفت، وأن الدولة التي تحكم بالقرآن والسنة باتت على الأبواب. لكن خيبة الأمل كانت بحجم التضحيات، وجاء الخذلان بعد نحو ستة أشهر من دخول الثوار دمشق مهلّلين مكبّرين، وجاء الخذلان ممن كان يُرجى منهم البناء على الأنقاض، لا الاستسلام لها!

 

كنا نتطلع إلى أن يقيم الثوار، بعد إسقاط حكم البعث المجرم، دولة ترضي الله، ترفع راية رسول الله ﷺ، وتعتمد القرآن والسنة دستوراً ومنهجاً؛ الدولة التي ضحّى الناس جميعاً - لا نقول على مدار ثلاث عشرة سنة فقط، بل منذ أن جثم النظام البعثي على صدورهم لأكثر من خمسة عقود - ضحوا من داخل سوريا ومن المجاهدين الذين هبّوا لنصرة إخوانهم من شتى بقاع الأرض، لا أن يُعاد تدوير المنظومة العلمانية ذاتها التي ثار الناس عليها، ولكن هذه المرة بلباس جديد ولغة مخادعة!

 

فبدل أن يُعلنوا بوضوح أنهم يعملون لإقامة حكم الإسلام، لا يخشون في الله لومة لائم، كما عهدناهم في سنين الجهاد والقتال، وكما كانوا يصرحون بذلك، رأينا قادة الفصائل والكيانات السياسية في المناطق المحررة يسارعون لبناء جسور مع أنظمة مجرمة لا تقلّ سوءاً عن نظام بشار، فتواصلوا مع النظام التركي الخائن، الذي لم يتردد في بيع حلب، ثم خان إدلب مراراً، وتعاون مع روسيا وإيران تحت مظلة أستانة وسوتشي!

 

ثم رأينا الأيادي تمتد إلى الولايات المتحدة عبر زيارات رسمية وتنسيق سياسي، بل رأينا ممثلين عنهم يشاركون في مؤتمرات تُعقد برعاية دولية، ويصدرون بيانات تشيد بالشرعية الدولية وهيئاتها! ولم يبقَ مجرمٌ في الأرض ولا طاغية إلا وتمت زيارته وتقديم كامل الولاء له، ولم يبقَ طاغية من حكام العرب، الذين اكتوى أهل الشام بنار طغيانهم وتآمرهم وأموالهم القذرة، إلا وتمّت زيارته ودعوته لتدنيس الأرض المباركة الشام، وآخرهم من قدّموا الجزية لترامب عن يدٍ وهم صاغرون بآلاف المليارات، ومنّوا على أهل الشام بسبعة!

 

ولم يقف خذلان النظام ومَن دار في فلكه عند حدود الشام، بل بلغ من الانحطاط أن يصمت على جرائم كيان يهود في غزة والضفة، بل يتغاضى عن غاراته المتكررة على الأراضي السورية نفسها، وكأنّ عزة المجاهد لم تكن يوماً تعنيه!

 

والأسوأ من ذلك، أن أصواتاً بدأت تتعالى من داخل النظام وأجهزته تدعو للتطبيع مع كيان يهود، تارة باسم "الواقعية السياسية"، وتارة بحجة "استعادة الجولان بالمفاوضات"، بل والدخول في مشاريع خيانة كـ"السلام الإبراهيمي"، التي تسعى أمريكا لفرضها على المنطقة، وجعل كيان يهود جزءاً من نسيج الشرق الأوسط الجديد!

 

فأيّ نظام هذا الذي لا يغار على أعراض المسلمين ودمائهم وأرضهم؟! وأيّ شرعية تبقى له بعد أن باع دينه وقضيته وارتدّ عن ثوابته الشرعية التي طالما استقطب المخلصين لها وضحّوا بأرواحهم في سبيل تحقيقها؟! وأين القصاص الذي كانت الثكالى والحرائر من أخواتنا في الشام ينتظرنه، بعد أن اكتوين بنار فقدان فلذات الأكباد، وترمّلت منهن النساء، ويُتّم الأطفال، وانتهكت الأعراض؟! أين القصاص ممن أجرموا بحقّهن؟! والله تعالى يقول: ﴿وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُوراً﴾ ويقول سبحانه: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾.

 

أما الدستور، فبدل أن يكون كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، صاروا يتنافسون على تقديم مسودات تشبه دساتير الغرب العلمانية، بل ويشاركون في مسرحيات كتابة دستور جديد تحت وصاية الأمم المتحدة، وكأن الثورة لم تقم لتسقط نظام الطاغوت، بل لتستبدل به نظاما طاغوتيا آخر بوجوه جديدة! وأيّ نصرٍ هذا الذي يجعل دماء الشهداء مجرد ورقة تفاوض؟! وأي حكم رشيد هذا الذي يُدار من غرف مخابرات الدول الكبرى، في تركيا وأمريكا؟! ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾.

 

إن الأمة لم تضحِّ وتقدّم الغالي والنفيس ليُعاد إنتاج نظام بشار بصورة ملوّنة، بلِحى أو دون لحى! وإن دماء الأطفال في الغوطة، والمهجّرين من داريا، والمجاهدين في إدلب، ما زالت تصرخ: أين الدولة التي وعدتمونا بها؟! إن الأمة ما زالت تتطلع إلى المخلصين، الثابتين على المبدأ، الذين لم يبيعوا دينهم ولا دماء أمتهم، الذين يرفضون الاستسلام للواقع الدولي الفاسد، ويؤمنون أن الخلاص الحقيقي لا يكون إلا بإقامة دولة الإسلام؛ الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة.

 

أيها المخلصون في الشام: إن مسار الثورة قد انحرف إلى وادٍ سحيق، ولا بد من تصحيحه قبل فوات الأوان، ولات حين مندم. ولا بد من قيادة واعية مخلصة، لا تخضع إلا لله، ولا تأخذ توجيهها إلا من شرعه، ولا ترضى بالدنيّة في دينها، ولا تتنازل عن هدفها في إقامة حكم الإسلام وإسقاط أنظمة الكفر جميعاً، لا التفاوض معها أو الاستقواء بها. فدونكم حزب التحرير الرائد الذي لا يكذب أهله، اعملوا معه وأعطوه نصرتكم، واستبدلوه بالقيادة الحالية التي فشلت في تحقيق ما يرضي الله ورسوله والمؤمنين، ويكافئ حجم التضحيات التي قدمتموها. ولا يجب تقف الثورة عند أعتاب أمريكا وعملائها، فهي بحق لم تنتهِ بعد، وقد طالت مدّة استراحة المحارب، وآن أوان إعادة الثورة إلى مسارها... فانفروا أيها الصادقون، واعلموا أن الله ناصر من ينصره، وأن العاقبة للمتقين.

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

بلال المهاجر – ولاية باكستان

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

اغتنموا عشر ذي الحجة

فإن فيها خيراً عظيماً وفرصة لنصرة الدين

 

 

عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله ﷺ قال: «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ». قَالُوا: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ قَالَ: «وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، ثُمَّ لَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ» رواه البخاري.

 

فهذه الأيام العشر من أعظم مواسم الطاعات، وهي فرصة عظيمة لنجدد العهد مع الله، ونرفع الهمة في العمل الصالح، لا سيما في قضايا الأمة المصيرية.

 

ومن أعظم الأعمال الصالحة في زماننا هذا هو العمل لإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، فهي وحدها التي تعيد فرض الجهاد إلى ميدانه، وتحرر الأرض المباركة، وتنصر المستضعفين.

 

لقد بات واضحاً أن الأنظمة الحاكمة في بلادنا اليوم تُعطل الجهاد، وتُجهض الانتفاضات، وتُجهز على كل تحرك جاد لنصرة الإسلام، وتُبقي كيان يهود آمناً مستقراً.

 

فيا أبناء الأمة: في أعظم أيام الدنيا، اجعلوا أعظم همكم هو نصرة دين الله، واستغلال هذه الأيام للعمل الدعوي والسياسي الجاد لإسقاط هذه الأنظمة العميلة، وتحقيق وعد الله سبحانه بإقامة الخلافة.

 

فما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام، فاجعلوا أعظم أعمالكم فيها هو السعي لإعلاء كلمة الله بإقامة دولته.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

خليفة عبد الله – ولاية اليمن

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

موت النخوة!

 

بين جاهلية العرب قديماً بنخوتها، وجاهلية حديثة تجافي النخوة يعيشها المسلمون.

 

تمرّ الأيّام سراعاً، ويحلّ العيد تلو العيد، ونحن في وادٍ، وغزّة الجريحة في وادٍ آخر. وبينما يمارس الاحتلال أفظع الجرائم بحقّ إخوتنا هناك، تبدو الأمّة وكأنّها قد اعتادت منظر الدماء والأشلاء والدمار، فلم تعد هذه المشاهد تهزّ وجدانها، وغاب عن ساحتها أيّ ردّ يعكس نخوتها، وكأنّ قول الشاعر أصبح واقعاً نعيشه:

 

من يَهُن يسهلِ الهوانُ عليه *** ما لجرحٍ بميتٍ إيلامُ

 

ربّما تتوارى الشعوب خوفاً أو قهراً، في الوقت الذي خرجت فيه جموع من أحرار الغرب تعبّر عن رفضها لما يحدث في غزّة من إبادة.

 

وفيما تمطر غزّة بأشدّ أنواع القنابل فتكاً، يسقط المئات يومياً شهداء وجرحى، غاب ماء الحياء عن وجوه حكام الذل والعار، وهم يتابعون مشاهد المجازر على الشاشات، دون أن يرف لهم جفن، في وقتٍ ينشغل فيه كثير من المسلمين بتجهيز لوازم العيد من ملبس ومأكل، بينما أهل غزّة يقضون عيدهم تحت نار القصف، خاوية بطونهم، يبحثون عن أشلاء أحبّتهم وسط الركام.

 

لقد غابت النخوة، وغيّب الوهن ملامح الرجولة، وتوارى ماء الحياء عن وجوه من كان الأجدر بهم أن ينتصروا لقضايا الأمّة. فصرخة امرأة مسنّة تستغيث على أنقاض بيتها باتت لا تجد صدى، كأنّها تصرخ في وادٍ سحيق لا يسمع فيه صوت، وتردّد معها حرائر المسلمين في غزة، وفي السودان، واليمن، وليبيا، و... و... صرخة واحدة: وا معتصماه! لكنها في زمن الرويبضات، لا تبلغ الآذان ولا تلامس نخوة المعتصم!

 

في زمن الخلافة، حين دوّت صرخة امرأة في عمّورية، حرّكت جيوش المسلمين، فقام المعتصم، وجهّز جيشاً كان في مقدّمته، وأعاد كرامة المرأة المسلمة. أما اليوم، فقد أصبحت تلك الصرخات مجرد أصوات تُخنق خلف شاشات الصمت، وتُغتال في ممرّات الخذلان.

 

صرخات نساء المسلمين تختلط بتكبيرات العيد، ولسان حالهن يقول: أغيثونا! أوقفوا دعمكم لأمريكا عدوّتنا وعدوّة ديننا. لا تكونوا شركاء في دمنا!

 

ما بالنا نرى الأمّة قلوبها مرتعشة، والوهن قد سكن أرواحها؟ هذا العيد يطرق الأبواب، وسؤال يتردّد في كل قلب: أين النخوة ممّا يحدث في غزة؟ هل ضلّت طريقها؟ هل غرقت في بحار الذلّ؟ هل انجرفت في ظلمات العجز؟

 

ها هم الحكام يعودون مرة بعد أخرى إلى بيع قضايا الأمة بثمن بقائهم على عروشهم، ولو على حساب كرامتهم. وما فعله حكام الخليج، وعلى رأسهم ابن سلمان خير دليل؛ إذ يحمل أموال المسلمين إلى أعتى طاغية في العالم، ليعود بها إلى بلاده مزهواً، كأنّه يقول نحن أولى بأموالكم منكم!

 

أموال المسلمين تستنزف وتُستثمر في بورصات واشنطن، تُقدَّم قرابين لبقاء هؤلاء الرويبضات في الحكم. لقد طفح الكيل، واشتدت الكروب، وما عاد الصمت يجدي في زمن لا يتّسع للزيف ولا يحتمل التجميل.

 

لقد سقطت الشعارات المزيّفة على أعتاب جامعة الدول العربية، وأضحى "البيت العربي" أضيق من أن يحتضن قضيّة واحدة مثل فلسطين.

 

والمأساة الكبرى في هذا الصمت الذي يرى ولا يسمع، يشاهد ولا يتحرّك.

 

فلسطين، يا وجع الأمّة، تسكنين قلب كل مسلم صادق، لا تزالين مهد الصراع والألم، أرضاً مغتصبة، وصرخة ثكالى ومظلومين، يتردّد صداها في التاريخ.

 

لقد ضاعت فلسطين حين ضاعت دولة الإسلام، وتاه عزّ الأمّة حين نُحّي الإسلام عن الساحة، فأصبحنا بلا هويّة.

 

غزّة... الألم يسكن كل قلب، والوجع يُكتب في كل عين، ومع ذلك، يغضّ العالم طرفه عن مأساتك. المتخاذلون عن نجدتك في سبات عميق، وقلوبهم خواء.

 

لكن، في زحمة هذا المشهد القاتم، تلوح بشائر وعي، تتلمّس طريق الخلاص من واقع فاسد، خلاص لا يكون إلا بالعودة الصادقة إلى دين الله، إلى مجد الأمّة الذي لا يُستعاد إلا بما صلح به أولها.

 

وقد بان زيف الحكام المتسلّطين على رقاب الأمّة، شركاء الغرب في تآمره على الإسلام. وإنّ الرائد الذي لا يكذب أهله يدعوكم للعمل الجاد من أجل إقامة شرع الله، من خلال دولة الإسلام التي تحفظ الحقوق وتصون الأرواح. ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ﴾.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مؤنس حميد – ولاية العراق

رابط هذا التعليق
شارك

  • 2 weeks later...

بسم الله الرحمن الرحيم

سبب سلبية الأمة الإسلامية تجاه ما يحصل لها من إذلال واستخذاء

 

 

في زمننا، زمن الحكم الجبري، كثرت البلايا والبلاءات على المسلمين، ابتداء من القدس التي دنستها أقدام إخوان الخنازير الذين قتلوا أهلها تقتيلا، وصولا إلى دناءة وخسة أنذال انبطحوا تحت الكافر المستعمر يبتغون رضاه؛ فذاك يعطيهم آلاف المليارات من أموال المسلمين، وآخر يغلق المسجد تكريما له، وثالث ينشئ له تمثالا، وكلٌّ يعبد سيده بطريقته، ويسخّرون المسلمين قرابين لذاك الرضا، دون أي حراك فعلي وغضبة تجاه هذا الذل والاستخذاء. وما ذاك إلا لضعف الشخصية الإسلامية في نفوسنا لغياب العقلية الإسلامية الصافية والنفسية الإسلامية المرهفة.

 

ومن ثم فقد وجب علينا نحن المسلمين أن نبحث في كيفية تقوية شخصيتنا الإسلامية، تلك الشخصية التي صنعها عليه الصلاة والسلام في صحابته، فجعلت بلالاً تحت حر الشمس ورمال الصحراء يردد "أحد أحد"، وأعطت لآل ياسر وعدا ربانياً «اصْبِرُوا آلَ يَاسِرٍ، مَوْعِدُكُمُ الْجَنَّةُ» بصمودهم وعدم حيدهم عن الحق أمام اضطهاد كفار قريش...

 

إن الشخصية حسب تعريفها الصحيح، هي الكيفية التي يجري عليها عقل الأشياء، والكيفية التي يجري بحسبها إشباع الحاجات العضوية والغرائز. فهي مكونة من عقلية ونفسية. ولتقوية العقلية الإسلامية لا بد من التفقه في الدين، وذلك عبر قراءة كتب الفقه والتدبر في القرآن والاستزادة من معالم السنة، وأيضا عبر حضور جلسات العلم، فقد قال ﷺ: «مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْراً يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ». وإنه لمن واجب كل مسلم أن يعمل على تقوية هذه العقلية الإسلامية؛ لأنه بحسبها سيسير في هذه الحياة ويتخذ قراراته.

 

ونأتي الآن إلى الشق الثاني، ألا وهو النفسية، فهي تقوى بتقوية الصلة بالله. وتقوية الصلة بالله تتحقق عبر تذكر ما وعد الله أثناء القيام بالعبادات، والتقرب إليه سبحانه بالإكثار من قراءة القرآن وتدبره، والقيام بالنوافل من صيام وصلوات ودعاء. قال تعالى في الحديث القدسي: «مَنْ عَادَى لِي وَلِيّاً فَقَدْ بَارَزَنِي بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِمِثْلِ أَدَاءِ مَا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَلَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَلَئِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنْ دَعَانِي لَأُجِيبَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَ بِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ فِي شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي فِي قَبْضِ نَفْسِ عَبْدِي الْمُؤْمِنِ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ، وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ».

 

كما تقوى النفسية بالأعمال التي يحبها الله، وبقراءة سيرة النبي ﷺ وحياة صحابته الكرام، وكيف كانوا يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، وشوقهم للقاء الرحمن بالاندفاع إلى الجهاد، وعدم الركون إلى الدنيا والزهد فيها، فاستحقوا بذلك مدح الله لهم وغفرانه لذنوبهم، وتبشير بعضهم بالجنة.

 

وإن الإنسان إذا تكونت لديه الشخصية الإسلامية، أبغضت إليه المعاصي وحببت إليه الطاعات، وذلك من علامات قبول الله للعبد. ومن علامات الضلالة أن تلذذ له المعصية فيغرق فيها ويزداد إثما. والمسلم الذي يقوي هذه النفسية يصبح قادرا على أن يصر على رأيه ويثبت على قراره مهما لاقى من تنكيل أو إغراء. ولنا في يوسف عليه السلام عبرة إذ اختار السجن على الفاحشة، وصبر على البلاء رغم طول المدة، موقنا أن له رباً لن يضيعه، فكان الجزاء أن رد الله إليه أهله وجعله عزيز مصر.

 

فصاحب النفسية القوية يسير في هذه الدنيا لا يخشى أحدا إلا الله تعالى، ليقينه أن لا أحد سينفعه أو يضره أو يعجل أجله أو ينقص من رزقه إلا بما كتبه الله له، قال ﷺ: «وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ».

 

وإن المسلم إذا تكونت لديه هذه الشخصية الإسلامية، ثبت على معالي الأمور بل ارتقى من علي إلى أعلى. وفي هذه الحالة يكافأ في الآخرة بسعيه لها، ويكون حليف محراب وفي الوقت نفسه بطل جهاد، أسمى صفة من صفاته أنه عبد لله تعالى خالقه وبارئه. فإذا وجدت هذه الشخصيات في الأمة، قطعت يد الكافر التي تنخر في خصرها منذ عهود مضت، وخرجت من كل صوب لتخلع عملاء أذلاء، وتنفذ الأمر الذي ارتضاه الله لها، ألا وهو إقامة الخلافة الثانية على منهاج النبوة.

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

خديجة بن صالح

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

إيران... الثور الأسود الذي ينتظر الذبح بعد أن رأى ذبح الأبيض والأحمر

 

استنفرت الدولة الإيرانية إمكاناتها، فوظّفت اقتصادها وقواتها المسلحة وحرسها الثوري وفيلق القدس وحزبها في لبنان، منذ أكثر من أربع عشرة سنة، لإنقاذ عميل أمريكا بشار الأسد ونظامه من السقوط تحت أقدام الثورة السورية المباركة. لكنها لم تفكر يوماً في أن تُقيم لنفسها قواعد عسكرية تنصب فيها صواريخ أو تنشر طائرات لردع كيان يهود متى احتاج الأمر إلى تأديبه! وهذا لا يدل إلا على أن إيران دولة فاشلة، لا تملك رؤية سياسية أو استراتيجية، ولا تفكيراً في الردع، بل حتى في حماية نفسها أو مصالحها في المنطقة.

 

لقد ظلت إيران تتفرج على كيان يهود وهو يثخن في أهل فلسطين، ولم تُحرّك ساكناً، ولم تُطلق فيلقها المسمى بـ"القدس" في وجه الاحتلال، ولم تأمر حزبها في لبنان بالتحرك لردع الكيان الغاصب. بل على العكس، كانت تقتل أهل سوريا وتنتهك أعراض المسلمين هناك، لضمان بقاء النظام النصيري العميل لأمريكا. وحين قررت أمريكا، عبر عميلها أردوغان، إزاحة بشار، وتسليم الحكم في سوريا إلى علماني جديد يلبس قناع "الثورة" ويتحدث بلغة مخادعة، اطمأنت إيران إلى أن النظام العلماني التابع لأمريكا باقٍ، فعادت قواتها إلى طهران، وكأن شيئاً لم يكن!

 

وخلال وجودها في سوريا، لم تحرّك إيران ساكناً تجاه اعتداءات كيان يهود المتكررة على الأراضي السورية واللبنانية، بل بقيت صامتة حتى دمّر الكيان قواعد حزبها في لبنان، واغتال قادته، وأحرق منصات صواريخه التي صدئت وهي في مكانها، ولم تُطلق على الكيان لنصرة غزة، بينما كانت أشلاء أطفال ونساء فلسطين تتطاير تحت قصف طائرات الاحتلال لمساجدهم وبيوتهم ومدارسهم.

 

وظل كيان يهود على مدى سنوات يهدد إيران ويستهدفها ويغتال قادتها، داخل إيران وخارجها، دون أن تجد إيران الجرأة على ردّ يُحفظ به ماء وجهها. فبعد عقود من بناء ترسانة عسكرية خلال حربها مع العراق، وتجربتها في قتل الأبرياء في سوريا، لم تتجاوز ردودها التصريحات الفارغة، بل كانت ردوداً باهتة شجّعت كيان يهود على الإعداد لضربات أشد وأكثر إيلاماً. وبالفعل، جاءت الضربة الموجعة، والتي تشبه الضربة ضد حزبها في لبنان، والتي قضت فيها على العديد من القادة العسكريين الإيرانيين، ولم تستعد إيران لصدها، ولم تبادر بضرب يهود قبل أن تُضرب، بل اكتفت بمسيرات الحوثيين وصواريخهم التي يسقطها الكيان قبل أن تصل إليه، في الأجواء السعودية أو الأردنية. وهكذا تحوّلت إيران إلى "ثور أسود"، يشاهد ذبح "الثور الأبيض" في فلسطين، و"الثور الأحمر" في لبنان، منتظراً دوره في الذبح بصمت وجبن!

 

فلا يمكن التعويل على النظام الإيراني في ردع الكيان المتمرد، فمهما كانت ردوده، فإنها لن ترتقي إلى الحدّ المطلوب؛ وهو القضاء على كيان يهود، واستئصال السرطان الذي تمدد في المنطقة، واستقر في الأرض المباركة فلسطين. فهذا الشرف لا يمكن أن يقوم به نظام لم يُعرف عنه سوى الخسة والنذالة أمام أمريكا ويهود، والشراسة والعداء تجاه الإسلام والمسلمين في العراق وسوريا وأفغانستان. إن شرف تحرير فلسطين واستئصال كيان يهود باقٍ في انتظار الأمة الإسلامية، يوم تقيم الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فتقود الجيوش لقتال يهود، اقتداءً بقول النبي ﷺ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ، حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ، يَا عَبْدَ اللهِ، هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي، فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ، إِلَّا الْغَرْقَدَ، فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ» (رواه مسلم)

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

بلال المهاجر – ولاية باكستان

رابط هذا التعليق
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

قافلة الصمود إلى غزة

مبادرة إنسانية أم أداة صراع جيوسياسي؟

 

مواقف الدول العربية خيانة مكشوفة

 

لم تعد مواقف الأنظمة العربية تجاه غزة تخفى على أحد، بل أصبحت مكشوفة في خيانتها وتماهيها مع أجندة يهود، بل إن بعضها، وعلى رأسها النظام المصري بقيادة السيسي، تصرّف وكأنه حارس للبوابة الجنوبية لكيان يهود.

 

فقد ظل معبر رفح مغلقاً في وجه الجرحى والغذاء، بينما تُفتح معابر يهود العسكرية لبعض الإغاثة الشكلية، التي لا تكسر الحصار.

 

كما أوقف النظام المصري وفتّش معظم قوافل الإغاثة، واشترط موافقة أمنية من كيان يهود على دخول أي شاحنة أو طاقم طبي، بحسب تقرير الغارديان في 27 تشرين الأول/أكتوبر 2023.

 

هذا الموقف ينسجم مع ما كشفته ميدل إيست آي من أن القاهرة قدّمت معلومات استخباراتية حساسة ليهود خلال المعركة على غزة، ضمن اتفاقات التنسيق الأمني.

 

قافلة الصمود: منطلقات إنسانية أم رسائل سياسية؟

 

قافلة الصمود، التي انطلقت من الأردن وتونس والجزائر ودول أوروبية عدة، حملت شعاراً إنسانياً نبيلاً، لكنه اصطدم بجدار السياسة الإقليمية والتوازنات الدولية.

 

وعلى الرغم من وضوح النوايا لدى بعض المشاركين، إلا أن الظروف الجيوسياسية تشير إلى وجود توظيف سياسي محتمل من جانب بعض الدوائر الأوروبية.

 

أدلة على التوظيف الأوروبي:

 

1- توقيت القافلة جاء متزامناً مع ضغط أوروبي على واشنطن بسبب موقفها في أوكرانيا، كما عبّر عنه الرئيس الفرنسي ماكرون في مناسبات عدة، مؤكداً أن أوروبا يجب أن "تتحرر من التبعية لسياسات أمريكا الخارجية".

 

2- دعم لوجستي غير مباشر من أطراف أوروبية سمحت بانطلاق هذه القوافل، بينما كانت في السابق تُمنع أو يُحاصر منظموها بتهم "دعم الإرهاب" أو العلاقات مع حماس، ما يثير التساؤلات حول التغيّر المفاجئ في اللهجة والمواقف.

 

3- وفقاً لتقرير صادر عن المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في آذار/مارس 2024، فإن بعض الحكومات الأوروبية "تبحث عن سبل لكسر الاحتكار الأمريكي للمشهد السياسي في الشرق الأوسط عبر أدوات إنسانية مثل قوافل الإغاثة والبعثات الشعبية".

 

هل كانت النتيجة محسومة مسبقاً؟

 

منذ لحظة الإعلان عن القافلة، كان مصيرها واضحاً لكل من يعرف طبيعة النظام المصري؛ فالسيسي لن يسمح بخرق تنسيقه الأمني مع كيان يهود تحت أي ظرف.

 

وقد جاء منع القافلة ضمن خطة احتواء للرأي العام وضمان ألا تتحول هذه المبادرة إلى فضيحة إقليمية تكشف هشاشة الحصار.

 

بل إن بعض المشاركين في القافلة، من نشطاء جزائريين وأردنيين، صرحوا بعد إيقافهم عند الحدود: "كنا نعلم أن الطريق مغلق، لكننا أردنا أن نفضح تواطؤ الأنظمة".

 

الرؤية الشرعية: لا نجاة للأمة إلا بسلطان الإسلام

 

ما نراه اليوم ليس مجرد تضييق على قوافل، ولا مجرد خيانة من أنظمة، بل هو نتيجة غياب الكيان الجامع للمسلمين الذي يتصدى لهؤلاء الخونة، ويحمي الأمة ويحرر مسراها.

 

إن الحل الشرعي والوحيد يتمثل في إقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، التي:

 

توحد المسلمين تحت إمام واحد.

 

تحرك الجيوش لتحرير فلسطين لا لمنع الإغاثة عنها.

 

تعيد الاعتبار للكرامة الإسلامية والسيادة السياسية.

 

تقطع يد الغرب الكافر وهيمنته، سواء أكانت أمريكية أو أوروبية.

 

قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾، وقال سبحانه: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾، ويقول النبي ﷺ: «إِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ» (رواه البخاري ومسلم).

 

إن استثمار معاناة أهل غزة في الصراعات الجيوسياسية بين أمريكا وأوروبا هو سقوط أخلاقي وإنساني، أما تمكين أنظمة مثل السيسي لحصار غزة فهو خيانة دينية وسياسية.

 

ولن تتوقف هذه المهزلة إلا بإزالة هذه الأنظمة العميلة جميعها، وإقامة حكم الإسلام في دولة الخلافة على منهاج النبوة التي لا تتاجر بدماء أهل غزة، بل تحمل لواء التحرير وتجمع الأمة تحت راية واحدة، هي راية العقاب؛ راية لا إله إلا الله محمد رسول الله.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

بهاء الحسيني – ولاية العراق

رابط هذا التعليق
شارك

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

زوار
اضف رد علي هذا الموضوع....

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

جاري التحميل
×
×
  • اضف...